ذکرى رحيل سماحة آية الله الزعيم الشيخ علي أبي عبد الكريم الخنيزي (قدس سره)

ــ مولده ونشأته ــ

ولد سنة ١٢٨٥ هــ في أسرة متدينة ودخل الكتّاب كما هي العادة آنذاك فتعلم الكتابة وحفظ القرآن الكريم وبعد أن أنهى الكتّاب زاول التجارة وعمره دون العشرين سنة ولكن هذه الحياة لم ترق له فشاء الله أن يحضر مجلسًا ضم بعض العلماء وكانوا يتباحثون حول مسألة في التقليد فكانت هذه إثارة وباعثًا له لأن يسعى في طلب العلم.

ــ دراسته ــ

في عام 1308 هــ حيث كان عمره ٢٣ سنة عزم على التوجه الى النجف الأشرف للدراسة فسافر وفرَّغَ نفسه للدراسة  فانكبَّ بكل طاقته على طلب العلم مجهدًا نفسه أشد الجهد وربما وصلت أوقات الدرس والتدريس عنده إلى عشرة أبحاث في اليوم بين درس وتدريس وقد قال عنه عمه الإمام الشيخ علي أبو الحسن: (حينما ذهبتُ الى النجف للدراسة رأيتُ إبن أخي مجدًا في الإشتغال غاية ما يطاق للبشر ).

أكمل مرحلة المقدمات والسطوح في ست سنوات
وبعد إنهاء المتون  تهيأ لحضور بحث الخارج فحضر في الفقه عند

1_ آية الله السيد محمد كاظم اليزدي [ صاحب العروة]
2_ آية الله الشيخ محمود ذهب
3_ آية الله شيخ الشريعة الأصفهاني
4_ آية الله السيد أبو تراب الخونساري

وفي الأصول عند

1_ آية الله الشيخ محمد كاظم الخراساني [ صاحب الكفاية ]
2_ آية الله الشيخ محمد طه نجف

وأُجيزَ بالإجتهاد وكانت أول إجازة من السيد أبو تراب الخونساري سنة 1322 هــ أي بعد 14 سنة من بداية دراسته وفي نفس السنة أُجيزَ من الشيخ محمد طه نجف وفي السنة التي تلتها أُجيزَ من شيخ الشريعة الأصفهاني والسيد كاظم اليزدي والشيخ محمود ذهب
ونكتفي بذكر إجازة صاحب العروة للإختصار وهي هذه

((( بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي رفع مراتب العلماء وحباهم بمواريث الرسل والأنبياء واختارهم لدينه أدلاء أمناء والصلاة على سيدنا محمد وآله الأوصياء وبعد
فأُنهي لإخواننا المؤمنين المتمسكين بشريعة سيد المرسلين وفقهم الله لما فيه الصلاح في الدارين والفوز بالنشأتين أن جناب العالم العلامة والفاضل الفهامة شمس سماء الهداية وبدر أفق الدراية الثقة الورع التقي الشيخ شيخ علي نجل الأجل الأكمل الصفي جناب الحاج حسن علي الخنيزي القطيفي أوضح الله بفضله مسالك الإرشاد والهداية وكشف بأنوار علومه غياهب الجهل والغواية ممن أطلق عنان العناية لإرتقاء درجات العلماء العارفين وبلوغ مراتب الفضلاء المحققين وجدَّ في تحصيل العلوم وأبدى دقائق المنطوق والمفهوم فهذَّبَ مداركها وأوضح مسالكها واضطلع على مكنون سرائرها وأحكمَ قواعدها ودلائلها فاستنتج منها فروعها ومسائلها بقوة قدسيةٍ ولطيفةٍ ربانيةٍ وفهمٍ وقادٍ سليمٍ وذوقٍ رائق مستقيم فهو مجتهد في الأحكام والراد عليه كالراد على الله وعلى رسوله والأئمة الكرام عليه وعليهم الصلاة والسلام نسأل الله أن ينفع به المؤمنين ويقطع به دابر المفسدين إنه أرحم الراحمين والرجاء منه أن يسلك جادة الإحتياط وأن لا ينسانا من الدعاء
تحريرًا  ٢٠ ج٢ سنة ١٣٢٣ هـ عام الثالث والعشرين وثلاثمائة وألف
الأحقر محمد كاظم الطباطبائي )))

ــ تلاميذه ــ

نذكر منهم
١_ آية الله الشيخ علي الجشي
2_ الشيخ منصور المرهون
٣_ الشيخ منصور الزاير
4_ الشيخ محمد حسين آل عبد الجبار
٥_ الشيخ محمد صالح البريكي
6_ الشيخ منصور آل سيف

ــ مؤلفاته ــ

١_ (شرح النظام) لم يكمله
٢_ (إسفار الناظرين في شرح تبصرة المتعلمين) شرح إستدلالي وصل فيه إلى قدر الكر بأشبار مستوي الخلقة
3_ (شرح نجاة العباد) للشيخ محمد حسن صاحب الجواهر
4_ (رسالة في الشكوك)
5_ (تبصرة الناسكين)

ــ نموذج من عبادته ــ

يُنقل عن الشيخ ميرزا حسن البريكي أنه يقول: رافقتُ الشيخ أبا عبد الكريم في دعوة إلى الجش أيام الشتاء وبينما نحن نائمون في آخر الليل إذا بي أسمع حركة خفيفة فاستيقظت من نومي وإذا بالشيخ أبي عبد الكريم يتوضئ حيث الهواء البارد ثم صفَّ قدميه قائمًا لصلاة الليل ولم ينتبه له غيري.

ــ نموذج من صبره وحبه
لأهل البيت عليهم السلام ــ

تُوفيَ ولدُهُ وكان حينها في قرية ( العوامية ) فذهب له من يخبره فتقبل الخبر برحابة صدر وتوجه للمقبرة وفي الطريق لَقِيَ رجلين من البدو فطلبا من الشيخ الحكم في قضية بينهما فنزل الشيخ من حماره وفرش عبائته واستمع لأقوالهما وأطالا في الأخذ والرد وكان مع الشيخ عبده فغضب العبد وقال: ألا تعلمان أن الشيخ ذاهب للصلاة على إبنه !؟ فاعتذرا  لعدم علمهما
فقال الشيخ: لا بأس أكملا ولم يقم حتى أنهى الخلاف
وبعد أن وصل المقبرة

وأُجريتْ مراسمُ الدفن
قال له السيد حسين العالم: لا حاجة أن أوصيكم بالصبر فأنتم ممن يُعلمون الناس الصبر
فأجابه الشيخ: هل هذه مصيبة ؟ المصيبة مصيبة أبي عبد الله الحسين عليه السلام الذي وقف على مصرع إبنه علي الأكبر وهو مبضع بالسيوف والرماح أما ولدي فقد وقفتُ عليه وليس به طعنة أو ضربة
فقال له السيد: أنت تسلينا ياشيخ لا العكس

ـــ في القضاء ـــ

كان بعض أهل السنة
يترافعون عنده فضلًا عن الشيعة لِما يجدون عنده من عدل وإنصاف وكان الناس يتخوفون من الحلف عنده حتى أنه يُروى عن البدو  قولهم:[ لا تحلف الحلف عند الخنيزي يكسر الظهر ! ] ويُروى أنه ذات يوم همَّ أحد المتخاصمين بالقسم على أمر فسمع للسقف صوتًا يُريد أن ينهدَّ وفي مرَّة حلف أحدهم كذبًا فمات بعد إسبوع بعد سقوطه من أحد البيوت

ــ فائدة في الحفظ ــ

نقل سماحة المقدس الشيخ فرج العمران رحمه الله في كتابه الأزهار عن الشيخ علي أبي عبد الكريم
بسندٍ فيه ثلاث وسائط أنه
قال: مَنْ أراد أن يحفظ ما يريد

فليتحفظ في آخر ساعة من ساعات الليل

ــ وفاته ــ

توفي الشيخ قدس سره في ليلة الثلاثاء الثالث من شهر صفر المظفر من عام 1362هـ في البحرين وكان قد قصدها مستشفيًا من مرض ألم به ، فتُوفي فيها ونُقلَ جثمانه إلى القطيف ،  و دفن في مقبرة الخباگة .

رحم الله من قرأَ له وللعلماء الماضين و جميع المؤمنين والمؤمنات الفاتحة

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top