حدث في مثل هذا اليوم (14 ذي الحجة)

حدث في مثل هذا اليوم (14 ذي الحجة)

قيل: وفي ليلة هذا اليوم من سنة 10 ـ أو سنة 8 من البعثة ـ حدث انشقاق القمر. وقد تقدم أنه حدث بتاريخ 14/ 10 من السنة المذكورة، فراجع.

***

وفي هذا اليوم من سنة 317 هـ دخل القرامطة مكة بزعامة أبي طاهر القرمطي، فقتلوا من الناس خلقاً كثيراً ـ ومنهم أبو سعيد البردعي شيخ الحنفية ـ واعتدوا على الكعبة المكرمة، وأخذوا أستاراها وبابها، وأخذوا الحجر الأسود، وفعلوا ما لا يرضي الله ورسوله. وقد تقدم أن دخول القرامطة إلى مكة بتاريخ 8/ 12/ 317 هـ، والله أعلم.

***

وفي اليوم الرابع عشر من هذا الشهر من سنة 356 هجرية توفي أبوالفرج علي بن الحسين الأموي الأصفهاني صاحب كتاب (الأغاني) ببغداد. وهو أصفهاني الأصل، بغدادي المنشأ، وكان من أعيان الأدباء والمؤلّفين، ومن أكابر العلماء المتميزين. وقد وقع الاتفاق على أن كتابه (الأغاني) لم يعمل في بابه مثله، يقال: إنه جمعه في خمسين سنة، وحمله إلى سيف الدولة بن حمدان، فأعطاه ألف دينار واعتذر إليه. ويحكى عن الصاحب بن عباد (رحمه الله) أنه كان في أسفاره وتنقلاته يستصحب حمل ثلاثين جملاً من كتب الأدب ليطالعها، فلما وصل إليه كتاب الأغاني لم يكن بعد ذلك يستصحب سواه استغناءً به عنها. وكان المترجم له منقطعاً إلى الوزير المهلبي الحسن بن محمد بن هارون المهلبي وزير معز الدولة بن بويه الديلمي، ومن شعره فيه:

ولما انتجعنا لائذين بظله *** أعان وما عنَّى ومنَّ وما منّا
وردنا عليه مقترين فَرَاشَنا *** ورُدنا نداه مجدبين فأخصبنا

قالوا: ومات في سنة موته ـ وهي سنة 356 هجرية ـ عالمان كبيران، وثلاثة ملوك كبار:

فالعالمان: أبو الفرج المذكور ـ توفي 14/ 12/ 356 هـ ـ صاحب الترجمة، وأبو علي القالي إسماعيل بن القاسم البغدادي، المتوفى 7 /5/ 356 هـ.

والملوك الثلاثة: سيف الدولة الحمداني ـ المتوفى 25 /2/ 356 هـ ـ ومعز الدولة بن بويه الديلمي ـ المتوفى يوم الاثنين 17 /4/ 356 هـ ـ وكافور الأخشيدي ـ المتوفى يوم الثلاثاء 20/ 5/ 356 هـ ـ وقد تقدم الكلام عليهم في أيام وفياتهم. رحمهم الله برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

***

في اليوم الرابع عشر من شهر ذي الحجة الحرام من سنة 516 من الهجرة توفي أبوالحسن علي بن أبي زيد محمد بن علي الفصيحي النحوي الشيعي الاسترابادي الذي قدم بغداد واستوطنها، ودرّس النحو وغيره في مدرستها النظامية، وانتفع به خلق كثير. ثم علم عنه أنه يتشيع، فعزل، وأقاموا مقامه أبا منصور الجواليقي المتوفى سنة 539 هجرية. وكان لغوياً نحوياً بارعاً في فنون الأدب، وكان إمام جماعة المقتضي العباسي، وهو الخليفة الواحد والثلاثون من خلفاء بني العباس المتوفى في شهر ربيع الأول سنة 555 هجرية. قال صاحب (الكنى والألقاب): وكان الجواليقي إمامياً أيضاً، وكان من فضلاء تلامذته كمال الدين بن الأنباري ـ المتقدم ذكره بيوم وفاته 10/ 12/ 528 ـ والزمخشري ـ المتقدم ذكره بيوم وفاته 8/ 12/ 538 هجرية ـ رحم الله الجميع برحمته.

***

وفيه من سنة 529 هجرية قتل دبيس بن صدقة بن منصور بن دبيس بن علي الأسدي صاحب الحلة. وكان دبيس في خدمة السلطان مسعود السلجوقي، وكان معهم الخليفة التاسع والعشرون من خلفاء بني العباس المسترشد بالله بن المستظهر بالله العباسي، فهجم عليه قوم في خيمته فقتلوه بالمراغة من بلاد أذربيجان ـ كما تقدم ذلك بتاريخ 16 /11/ 529 هجرية ـ قيل وكان ذلك بإيعاز من السلطان مسعود، ثم خشي أن يتهم بقتله فاتّهم دبيساً بقتله، ودسَّ عليه من قتله بالتاريخ المذكور ـ 14 /12/ 529 هجرية ـ وقال: إنما فعلت ذلك انتقاماً للخليفة:

وعند الله تجتمع الخصوم

وقد تقدم ذكر جده دبيس بن علي بتاريخ 10/ 10/ 474 هجرية.

***

وفي هذا اليوم من سنة 1324 هجرية توفي بمكة المكرمة ـ أو بالقرب منها ـ الخطيب الكبير، والشاعر الشهير، والعالم النحرير السيد علي بن أبي القاسم بن فرج الله الموسوي الشهير بالترك. ولد بالنجف الأشرف سنة 1285 فعمره يوم وفاته (39) سنة فقط. وكان قد تدرب في الخطابة المنبرية على يد الشيخ محمد علي الجابري المتوفى […]، وجلب انتباه الناس إليه أنه كان يقرأ باللغات الثلاث: بالعربية والفارسية والتركية؛ ولذلك فقد استطاع أن يقيم في طهران سنتين في عهد الشاه مظفر الدين القاجاري معظماً مبجلاً عند كافة الطبقات، وحتى عند الشاه نفسه؛ فقد حظي عنده، وقدمه على مجموعة من الخطباء.

ثم قفل راجعاً إلى بلده الأول النجف الأشرف. وفي عام وفاته ـ وهو عام 1324 هجرية ـ سافر إلى الحج، وبعد قضاء مناسكه، وبعد توجهه من منى إلى مكة المكرمة توفي بمرض الهيضة الذي انتشر في ذلك العام. ومن مؤلفاته مجموعة شعرية من الشعر الممتاز تقع في ثلاثة أجزاء لمجموعة من الشعراء من مدائح ومراثي أهل البيت (عليهم السلام). ومن شعره ـ رحمه الله ـ في ذلك قصيدته المشهورة التي استنهض فيها الإمام الحجة المنتظر#، وقال فيها:

نهضاً فقد نسيت لؤي شعارها *** فأزل بسيفك عن لؤي عارَها
هدأت على حَسَك الردى موتورة *** فانهض فديتك طالباً أوتارَها
لاصبر يابن العسكري فشرعة الـ *** ـهادي النبي استنصرت أنصارَها
هدمت قواعدها وطاح منارها *** فأقم بسيفك ذي الفقار منارَها([1])

إلى آخر القصيدة المذكورة في كتاب (أدب الطف) للسيد جواد شبر. رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

__________________

([1]) أدب الطف 8: 186.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top