حدث في مثل هذا اليوم ( 29 شوال)

حدث في مثل هذا اليوم ( 29 شوال)

وفي هذا اليوم بدأ فرعون وبمشورة من وزرائه بجمع السحرة لمناظرة النبي موسى (عليه السلام)، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ([1]).

وسيأتي أنه (عليه السلام) تغلب على السحرة في اليوم الرابع، أو السابع من شهر ذي الحجة الحرام.

***

وفيه من سنة 453 هجرية توفي نصر الدولة أحمد بن مروان الكردي الحميدي صاحب ديار بكر وميافارقين، وهي قاعدة ديار بكر بين الجزيرة وأرمينياء (تركيا)، وسميت قديماً مدينة الشهداء. تملك بعد مقتل أخيه منصور سنة 401 هـ، واستمر في الملك إلى سنة 451 أو سنة 453 هجرية. وكان مسعوداً، عالي الهمة، حازماً عادلاً محافظاً على الطاعات، مع إقباله على الله، وكانت له 360 جارية. استوزر أبا القاسم المغربي الأديب مرتين، واستوزر فخر الدولة بن جهير. ومات بميافارقين بالتاريخ المذكور. رحمه الله برحمته.

***

وفي هذا اليوم 29/ 10 من سنة 1205 هجرية توفي بكربلاء المقدسة آية الله العظمى الشيخ الوحيد المجدد، محمد باقر بن محمد أكمل البهبهاني، صاحب المصنفات العلمية الكثيرة، والمؤلفات الأخلاقية الشهيرة، ركن الطائفة الشيعية وعمادها، وأورع نسّاكها وعبادها. وقد أرخ عام مولده سنة 1118 هجرية السيد حسين ابن السيد رضا الحسيني، فقال في منظومة رجاله المشهورة المسماة بـ(نخبة المقال):

والبهبهاني معلم البشر *** مجدد المذهب في الثاني عشرْ
أزاح كل شبهة وريبِ
*** فبان للميلاد (كنه الغيبِ)

وأرخ وفاته بعض شعراء ذلك العصر فقال:

جفون لا تجف من الدموعِ ***ولم تعلق بها سنة الهجوعِ
لرزء شب في
الأحشاء ناراً *** توقَّد بين أحشاء الضلوعِ
يكلفني الخلي له عزاءً *** وما أنا للعزاء بمستطيعِ
قضى من كان للإسلام سوراً *** فهدِّم جانب السور المنيعِ
وشيخ الكل مرجعهم جميعاً *** إليه في الأصول وفي الفروعِ
خلت منه ربوع العلم حتى *** بكته عين هاتيك الربوعِ
بكاه كل تلميذ وحبر *** من العلماء ذي شرف رفيعِ
بكوا أستاذهم طراً فأرخ
*** وقل (قد فاز أستاذ الجميع)

وإذا كان مولده كما تقدم سنة 1118، ووفاته كما تقدم 29 /10/ 1205 هجرية؛ فعمره 87 سنة. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم 29/ 10 من سنة 1327 هجرية توفي بكربلاء المقدسة السيد هاشم ابن السيد محمد علي القزويني الحائري الذي تخرج على يد صاحب الجواهر فقهاً، وعلى يد الشيخ الأنصاري أصولاً. ثم عاد إلى كربلاء، وتصدى للتدريس، وكان على جانب كبير من الزهد والورع والتقوى، فكانت له رئاسة ووجاهة في كربلا. وكان يقيم الجماعة في مشهد أبي الفضل العباس (عليه السلام). وقد دفن إلى جنب ابن عمه السيد إبراهيم صاحب (الضوابط) في بعض حُجر الصحن الشريف. رحمه الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

***

في هذا اليوم وهو اليوم ـ التاسع والعشرون من شهر شوال ـ سنة 1359 هجرية توفي العلّامة الكبير والخطيب الشهير السيد صالح ابن السيد حسين الحلي الحسيني عن عمر يناهز السبعين. قال صاحب كتاب (أدب الطف): كان أشهر خطباء المنبر الحسيني بالعراق في زمانه وأكثرهم إلماماً بما يحتاج له المنبر من مادة علمية وتاريخية وأخلاقية وغير ذلك، حتى بلغ منه أنه قرأ الليالي العشر من المحرم كلها في الحديث عن أبي الفضل العباس (عليه السلام).

وفي الثورة العراقية سنة 1920م كان صوته (رحمه الله) من أعلى الأصوات في تحريض القبائل، حتى قبض عليه الإنكليز في بعقوبة، وأبعدوه إلى البصرة، ثم إلى المحمرة، فآواه الشيخ خزعل، وأحسن إليه. واستمر في صراعه مع اللادينين الذين يتسترون باسم التهذيب والتنظيم، ولكنهم ـ وياللأسف ـ نجحوا في ترويجهم عليه بأنه يسب العلماء، فانقسمت كلمة رجال الدين فيه، وصاروا بين مناصر له ومحارب، وبذلك ضعفت قوته، ولازم بيته بالكوفة إلى أن توفي بها بالتاريخ المذكور 29/ 10/ 1359 هجرية، فحمل على الرؤوس تعظيماً له إلى أن دفن بوادي السلام، فرثاه العلماء والشعراء، وأبنه الخطباء. وكان ممن رثاه العلّامة الجليل الشيخ عبد المهدي مطر بقصيدة قال فيها:

بكتك الخطابة والمنبرُ *** وناح لك الطرس والمزبرُ
وفيك انطوت صفحة للبيان *** بغير لسانك لا تنشرُ

وقد جمع ديوان شعره بعد وفاته، فكان منه قصيدة في رثاء أبي الفضل العباس (عليه السلام) قال فيها:

للشوس عباس يريهم وجهه *** والوفد ينظر باسما محتاجها
باب الحوائج ما دعته مروعة *** في حاجة إلّا ويقضي حاجها
بأبي أبو الفضل الذي من فضله الـ *** ـسامي تعلمت الورى منهاجها
قطعوا يديه وطالما من كفه *** ديم الدماء قد أمطرت ثجاجها

إلى آخر القصيدة، ومنه قصيدة قالها في رثاء علي الأكبر (عليه السلام) قال فيها:

يا نيراً فيه تجلى ظلمة الغسقِ *** قد غاله الخسف حتى انقضى مدا
ونبعة للمعالي طاب مغرسها *** رقت وراقت بضافي العز لا الوحي؟؟
حر الظُّبا والظما والشمس أظمأها *** وجادها النبل دون الوابل الغدقِ
يابن الشهيد الذي ترجى شفاعته *** وشبه أحمد في خلق وفي خلقِ
أشبهت فاطمة عمراً وحيدرة *** شجاعة ورسول الله في نطقِ

إلى آخر القصيدة التي ذكر شيئاً منها ومن سابقتها السيد جواد شبر في كتابه (أدب الطف). رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

***

وفيه ـ أو في الذي بعده ـ من سنة 1388 هجرية توفي بالأحساء العالم الفاضل الشيخ عبدالرحيم ابن الشيخ حسن ابن الشيخ محمد ابن الشيخ أحمد الممتن الأحسائي الجبيلي؛ نسبة إلى الجبيل بلدة من بلدان الأحساء. وهو شقيق العلّامة الشيخ عبد الكريم الممتن المتوفى بتاريخ 12 /7/ 1375 هجرية، وأحد تلامذته. رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

***

في ليلة هذا اليوم من سنة 1427 هجرية ـ وكانت ليلة الثلاثاء ـ توفي بمستشفى طهران آية الله العظمى الشيخ الميرزا جواد التبريزي، العالم الكبير، والمرجع الشيعي الشهير عن عمر يزيد على الثمانين. وقد أجلّت مواراته ليوم الأربعاء من أجل تجمع المشيعين من البلدان البعيدة، وشيع ضحى يوم الأربعاء 30/ 10/ 1427 هجرية بالتشييع الباهر الرهيب، ودفن في مشهد السيدة الطاهرة فاطمة المعصومة بنت الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام). وطالما كان يمشي من بيته إلى هذا المشهد المقدس حافي القدمين؛ تقديساً له وتعظيماً، وإنما يعرف الفضلَ لأهلِ الفضلِ أهلُ الفضلِ. تغمده الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته. وقد أبنه آية الله السيد منير الخباز القطيفي في شعره ونثره بما هو أهل له، وكان من ذلك قوله:

فم الزهراء في شجن ينادي *** فقدت الدين في فقد الجوادِ
قضى فهوى الولاء بكل أفق *** وغاب فجف ينبوع الرشادِ
لقد عجنت بأضلعه ضلوعي *** ورفرف في مشاعره فؤادي
وفاضت في محاجره عيوني *** وأشرق في يراعته مدادي
وضلعي كان يكسر كل حين *** فيجبره ببارعة الجهادِ
وعاد اليوم ينزف مستغيثاً *** يضج ومالجرح من ضمادِ
وكان يد الحسين وحين أهوى *** تلقته النصول بلا أيادِ
وتيَّمه الشعار فراح يمشي *** حزيناً حافيَ القدمين بادِ
لتشمخ راية الزهراء شمساً *** وتولد كربلاء بكل نادِ
جواد بالمعارف والمعاني *** وبحر بالعطاء بلا نفادِ
وسلطان الفقاهة حين أغفى *** تلاشت بين أدراج الرمادِ
فاقفرت الأصول بلا جواد *** وأظلمت المسائل دون هادِ
ولفَّ عمادها العالي بقبر *** وهل تبقى الحصون بلا عمادِ
لقد عشقت لقاء الخلد بدراً *** فسار وحيدر الكرار حادِ
وأهدته الكريمة بنت موسى *** جوار ضريحها في خير وادِ
وحين ثوى فأرخ (في علوٍ *** توارى العلم في قبر الجوادِ)
وحين ثوى به أرخ (عليم *** توارى الفقه في قبر الجوادِ)

  1427 هجرية

_______________

([1]) الشعراء: 41 ـ 42.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top