حدث في مثل هذا اليوم ( 21 شعبان )

حدث في مثل هذا اليوم ( 21 شعبان )

في هذا اليوم نزل نوح عليه السلام من السفينة، قال تعالى: ﴿قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ([1])، وقد تقدم أنه ركب السفينة بتاريخ 1/ 7 وإنه بقي فيها خمسين يوماً. وهذا القول متناسق مع ذلك القول. أما أين كان نزول نوح (عليه السلام) منها، فالقرأن الكريم ذاكر أنها رست على الجودي، قال تعالى: ﴿وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ([2]). والجودي: جبل معروف قرب الموصل. وقال بعضهم: إنه جبل في حدود الشام، أو شمال العراق، أو قرب آمد، وقال بعضهم: إنه جبل بين الموصل وجزيرة ابن عمر، قال صاحب (الأمثل): ولا يبعد أن تكون جميعها بمعنى واحد؛ فالموصل، والجزيرة، وآمد جميعها في الجزء الشمالي من العراق([3]).

وفي الجزء السابع من كتاب (التكامل في الإسلام) للدكتور أحمد أمين المتوفى بتاريخ 2 / 2 / 1390 هجرية أن جماعة من علماء السوفيت المختصين بالتنقيب عن الآثار القديمة نقبوا بهذه المنطقة سنة 1951م، فعثروا على قطع متناثره من أخشاب قديمة متحجرة، ثم حصلوا على خشبة على شكل مستطيل طولها 14 عقداً، وعرضها 10 عقود، سبَّبت دهشتهم واستغرابهم؛ حيث إنها لم تتغير كغيرها، وشاهدوا عليها كلمات منقوشة بحروف غير معروفة عندهم، وبعد أن استجلبوا لها العلماء المختصين بمعرفة اللغات القديمة، عرفوا أن تلك الكلمات منقوشة على ذلك اللوح باللغة السامانية التي هي لغة نوح (عليه السلام)، وأن نوحاً كان قد وضع هذا اللوح في سفينته للتبرك، ولحفظ السفينة من الغرق بسبب تلك الأسماء التي نقشت عليها، وهي «يا إلهي ويا معيني، برحمتك وكرمك ساعدني، ولأجل هذه النفوس المقدسة محمد، إيليا، فاطمة، شبر، شبير الذين هم جميعهم عظماء ومكرمون، العالم قائم لأجلهم ساعدني، لأجل أسمائهم أنت فقط تستطيع أن توجهني نحو الطريق المستقيم».

قال وأخيراً بقي هؤلاء العلماء في دهشة كبرى أمام عظمة هذه الأسماء الخمسة، ومنزلة أصحابها عند الله، حيث توسّل بها نوح النبي عليه السلام. واللغز الأهم الذي لم يستطع تفسيره أي واحد منهم هو عدم تفسخ هذه اللوحة، وعدم تغيرها رغم مرور آلاف السنين. وهذه اللوحة موجودة الآن في متحف الآثار القديمة في موسكو. اللهم صلِّ وسلم على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين.

***

وفي هذا اليوم من سنة 506 هجرية ولد المؤرخ والنسابة أبوسعيد عبد الكريم بن محمد السمعاني المروزي الشافعي صاحب كتاب (الأنساب)، وغيره من الكتب النافعة. وقد تقدم أن وفاته بتاريخ 1 / 3 / 562؛ فعمره 56 سنة. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم 21 / 8 من سنة 548 هجرية توفي بدمشق الشام أبوعبد الله محمد بن نصر بن القيسراني الشاعر المشهور. كان من الشعراء المجيدين، ومن الأدباء المتفننين. ومن شعره في مدح الخطيب بن هاشم لما تولى خطابة حلب قوله:

شرح المنبر صدرا *** لتلقيك رحيبا
أترى ضم خطيبا *** منك أم ضُمّخ طيبا([4])

قال ابن خلكان: وهذا الجناس في غاية الحسن، وقيل: إنه لغيره([5]). قال: كان هو وأحمد بن منير العاملي الطرابلسي المتوفى أيضاً في سنة 548 هجرية شاعري الشام في ذلك العصر، وجرت بينهما وقائع ومجاريات، وملح ونوادر. وكان ابن منير ينسب إلى التحامل على بعض الصحابة، ويميل إلى التشيع، فكتب إليه القيسراني وقد بلغه أنه هجاه:

يابن منير هجوت مني *** خيراً أفاد الورى صوابه
ولن يضيق بذاك صدري *** فإن لي اُسوة الصحابه([6])

وكان عمره يوم وفاته 70 سنة، فقد كان مولده سنة 478 هجرية، وقد دفن بمقبرة باب الفراديس، رحمه الله برحمته. والقيسراني نسبة إلى قيسران: بليدة بالشام على ساحل البحر.

***

وفيه من سنة 1204 هجرية توفي العلّامة الجليل، والفهامة الكبير السيد صادق ابن السيد علي الأعرجي النجفي المعروف بالفحَّام. ينتهي نسبه الشريف إلى عبد الله الأعرج بن الحسين الأصغر بن علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام). وقبره في النجف في محلة المشراق مزار متبرك به، وحق له أن يكون كذلك؛ فإن من تلامذته في الأدب العلمين العالمين السيد مهدياً بحر العلوم المتوفى سنة 1212 هجرية، والشيخ جعفراً كاشف الغطاء المتوفى 22 / 7 / 1227 هجرية، وكانا يقبلان يديه بعد رياستهما وفاءً لحق التعليم. وله مؤلفات كثيرة، وأشعاره أنيقة، ومنها قوله وهو في طريقه إلى زيارة الإمامين العسكريين بسامراء:

أنخها فقد وافت بك الغاية القصوى *** وألقت يديها في مرابع من تهوى
أتت بك تفري مهمهاً بعد مهمهٍ ***  يظلّ بأيديها بساط الفلا يطوى
يحركها الشوق الملحّ فتغتدي *** تشن على جيش الفلا غارة شعوا
يعللها الحادي بجزوى ورامة *** وما هيجتها رامة لا ولا حزوى
ولكنها حنت إلى سر من رأى فـ *** ـجائت كما شاء الهوى تسرع الخطوا
إلى روضة ساحاتها تنبت الرضا و *** تثمر للجانين أغصانها العفوا
إلى حضرة القدس التي عرصاتها بـ *** ـحور هدى منها عطاش الورى تروى
فزرها ذليلاً خاضعاً متوسّلاً *** بها مظهراً لله ثم لها الشكوى
لتبلغ في الدنيا مرامك كله *** وتأويك في الأخرى إلى جنة المأوى
عليها سلام الله ما مر ذكرها *** وذلك منشور مدى الدهر لا يطوى([7])

رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفيه من سنة 1334 هجرية توفي بالقطيف الحاج علي الصفار والد العلّامة الجليل الشيخ رضي الصفار المتوفى بتاريخ 5 / 2 / 1374 هجرية كما تقدم. رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم 21 شعبان من سنة 1411 هجرية أصدر آية الله العظمى السيد أبوالقاسم الخوئي رحمه الله بياناً يعلن فيه عن تشكيل لجنة عليا لإدارة شؤون العراق والإشراف على مسيرة الانتفاضة الشعبية الشعبانية المباركة، ودعا الشعب للالتفاف حولها والامتثال لأوامرها بدلاً من الحكومة الصدامية الخبيثة. وكان على رأس هذه اللجنة سماحة آية الله السيد محي الدين الغريفي الذي توفي في شهر رمضان سنة 1412 على أثر عملية جراحية أجريت له على عين النظام الصدامي البغيض، وذلك بعد أن فشلت الانتفاضة الشعبانية المذكورة، وأصدر صدام أوامره بإعدام جميع أعضاء تلك اللجنة التي أمر المقدس الخوئي بتشكيلها. ولله الأمر من قبل ومن بعد وهو اللطيف الخبير.

_______________

([1]) هود: 48.

([2]) هود: 44.

([3]) الأمثل في تفسير القرآن المنزّل 6: 549.

([4]) وفيات الأعيان 4: 459، تاريخ الإسلام 37: 336.

([5]) وفيات الأعيان 4: 459.

([6]) وفيات الأعيان 4: 458.

([7]) أعيان الشيعة 7: 363.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top