حدث في مثل هذا اليوم (21 ربيع الثاني)

حدث في مثل هذا اليوم (21 ربيع الثاني)

في هذا اليوم من سنة 927 هجرية توفي الخليفة الرابع عشر من خلفاء بني العباس بمصر المستمسك بالله، وبويع بعده ولده المتوكل على الله. قال القرماني في كتابه (أخبار الدول وآثار الاُول): وكان المستمسك خير بني العباس الموجودين ديناً وفلاحاً، وقد مكث في الخلافة مدة طويلة حتى كبر سنه وضعف نظره. رحمه الله برحمته.

***

وهذا اليوم وهو اليوم الواحد والعشرون من ربيع الثاني سنة 1374 هجرية توفي ببغداد الحاج عبدالحسين الأزري من شعراء العراق اللامعين. له ديوان شعر يصور فيه أفكار جيل كامل. وكان مولده ببغداد سنة 1298؛ فعمره يوم وفاته 76 سنة. أصدر عدة جرائد؛ فأصدر جريدة (الروضة) سنة 1327 هـ، وأصدر جريدة (مصباح الشرق) سنة 1328، ثم أصدر مجلة (المصباح) في سنة 1329، ثم أصدر مجلة (الإصلاح) في سنة 1343 هجرية. وكل هذه الجرائد لم يكتب لها طول البقاء، فما أسرع أن توقفها السلطة؛ لما فيها وما فيها:

وكل لبيب بالإشارة يفهمُ

وأما شعره، فله ديوان شعر يصور فيه أفكار جيل كامل بكل نزعاته تصويراً غاية في البراعة. ومن روائع شعره قصيدته الهمزية في الحجاب التي عارض بها قصيدة معروف الرصافي، فقال فيها (رحمه الله):

أكريمة الزوراء لا يذهب بك الـ *** ـنهج المخالف بيئة الزوراءِ
أو يخدعنك شاعر بخياله *** إن الخيال مطية الشعراءِ
حصروا علاجك بالسفور وما دروا *** أن الذي حصروه عين الداءِ
أولم يروا أن الفتاة بطبعها *** كالماء لم يحفظ بغير إناءِ
من يكفل الفتيان بعد ظهورها *** مما يجيش بخاطر السفهاءِ
ومن الذي ينهى الفتى بشبابه *** عن خدع كل خريدة حسناءِ
ليس الحجاب بمانع تهذيبها *** فالعلم لم يرفع على الأزياءِ
أولم يسغْ تعليمهن بدون أن *** يملأن بالأطراف عين الرائي
ويجلن ما بين الرجال سوافراً *** بتجاذب الأرداف والأثداءِ
فكأنما التهذيب ليس بممكن *** إلا إذا برزت بدون غطاءِ
وكأنما الإصلاح عز بناؤه *** ما لم يشيد مسرح بنساءِ
إن المسارح لا تديرشؤونها *** من كلفت برعاية الأبناءِ
نص الكتاب على الحجاب ولم يبح *** للمسلمين تبرج العذراءِ
ماذا يريبك من حجاب ساتر *** جيد المهاة وطلعة الذلفاءِ
ما في الحجاب سوى الحياء فهل من الـ *** ـتهذيب أن يهتكن ستر حياءِ([1])

والقصيدة طويلة، وقد أخذنا بمقدار الحاجة. ومن روائع شعره قصيدته الحسينية اللامية التي قال فيها:

عش في زمانك ما استطعت نبيلا *** واترك حديثك للرواة جميلا
وبعزك استرخص حياتك إنه *** أغلى وإلا غادرتك ذليلا
تعطي الحياة قيادها لك كلّما *** صيرتها للمكرمات ذلولا
كالخيل إن عرفتك من فرسانها *** جعلتك تعتقد اللجام فضولا
العز مقياس الحياة وضل من *** قد عد مقياس الحياة الطولا
قل كيف عاش ولا تقل كم عاش من *** جعل الحياة إلى علاه سبيلا
لاغرو إن طوت المنية ماجداً *** كثرت محاسنه وعاش قليلا
ما كان للأحرار إلا قدوة *** بطل توسد في الطفوف قتيلا
بعثته أسفار الحقائق آية *** لا تقبل التفسير والتأويلا
لا زال يقرؤها الزمان معظماً *** من شأنها ويزيدها ترتيلا
دوّى صداها في المسامع زاجراً *** من علّ ضيماً واستكان خمولا
أفديك معتصماً بسيفك لم تجد *** إلاه في حفظ الذمار كفيلا
خشيت أمية أن تزعزع عرشها *** والعرش لولاك استقام طويلا
من أين تأمن منك أرؤس معشر *** حسبتك سيفاً فوقها مسلولا
طبعتك أهداف النبي وذربت *** يدها شباتك وانتضتك صقيلا
فإذا خطبت رأوك عنه معبرا *** واذا انتميت رأوك منه سليلا
أوقمت عن بيت النبوة معرباً *** وجدوا به لك منشأ ومقيلا
قطعوا الطريق لذا عليك وألبوا *** من كلّ فجّ عصبة وقبيلا
وهناك آل الأمر أما سُلة *** أو ذِلة فأبيت إلا الأولى
ومشيت مشية مطمئن عندما *** أزمعت عن هذي الحياة رحيلا
تستقبل البيض الصفاح كأنها *** وفد يؤمل من نداك منيلا
فكأن موقفك الأبي رسالة *** وبها كأنك قد بعثت رسولا
نهج الاُباة على هداك ولم تزل *** لهم مثالاً في الحياة نبيلا
وتعشّق الاحرار سنتك التي *** لم تُبقِ عذراً للشجا مقبولا([2])

إلى آخر القصيدة المذكورة في كتاب (أدب الطفّ) للسيد جواد شبر، رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

ولما نفته الدولة التركية إلى مدينة «قيصرية» في الأناضول، وبقي في منفاه سنتين تقريباً، أعرب هناك عن حنينه إلى وطنه بغداد بقصائد عديدة قال في إحداها:

إذا ذكرتك يا بغداد أرقني *** ذكرى حبيب بروحي كنت أفديه
تركته ساعة التوديع في ولهٍ *** لم يدرِ كيف عن الأنظار يخفيه

رحمه الله برحمته وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم 21/ 4/ من سنة 1428 هجرية، الموافق يوم الثلاثاء توفي صاحب السمو الملكي، الشاعر الشهير، والأديب الكبير، الأمير عبدالله الفيصل آل سعود، الذي من شعره في المناجاة:

وهبت لنا الدنيا وذلّلتها لنا *** فلأن لنا صخر وأخصب فدفدُ

إلى أن قال:

إلهي ما يوماً عصيتك مرة *** وكنت بعصياني إلى العمد أقصدُ
دعوتك يا ربي لتغفر زلّتي *** وما أكثر الزلات حين تعددُ

رحمه الله برحمته وأسكنه فسيح جنته.

___________________

([1]) أعيان الشيعة 7: 422.

([2]) أدب الطف 10: 78 ـ 79.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top