حدث في مثل هذا اليوم (13 محرم الحرام)

حدث في مثل هذا اليوم (13 محرم الحرام)

قيل: في الثالث عشر من المحرّم عرض يوسف الصديق (عليه السلام) للبيع بسوق مصر، فاشتراه العزيز وجاء به إلى منزله فرحاً به، قال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ([1]). قيل: وكان له من العمر حينئذٍ سبع سنين

***

في اليوم الثالث عشر من المحرم سنة 61 من الهجرة وارى بنو أسد جسد الحسين (عليه السلام) وأجساد من معه من الشهداء. وقد روي في (عيون الأخبار) وفي كتاب (البحار) أن زين العابدين (عليه السلام) حضر معهم لمواراة والده (عليه السلام).

***

وفيه من سنة 61 هجرية أرسل ابن زياد عبد الملك بن أبي الحارث السلمي إلى والي المدينة عمرو بن سعيد الأشدق يبشره بقتل الحسين (عليه السلام)، فأقبل حتى دخل على عمرو بن سعيد بالمدينة، فقال له: ما وراءك؟ قال: ما يسرّ الأمير، قُتِلَ الحسين. فقال: اخرج فنادِ بقتله. قال: فلمّا فعلت ذلك لم أسمع واعية قط مثل واعية بني هاشم في دورهم على الحسين (عليه السلام)، ثم رجعت إلى عمرو بن سعيد، فلمّا رآني تبسّم ضاحكاً وتمثل بقول عمرو بن معد يكرب الزبيدي:

عجّت نساء بني زياد عجةً *** كعجيج نسوتنا غداة الأرنبِ

ثم قال: هذه واعية بواعية عثمان. ثم صعد المنبر وأعلم الناس بقتل الحسين (عليه السلام)، ودعا ليزيد، ونزل([2]). فـ ﴿إنَّا لِله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾([3]) ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ([4]).

***

وفي هذا اليوم 1/ 13 من سنة 334 هجرية توفي بالمهدية من أرض المغرب الملك الثاني من ملوك الدولة العبيدية الفاطمية، أبو القاسم محمد، ويسمّى نزار أيضاً ابن عبيد الله المهدي. وفي زمانه خرج عليهم أبو يزيد مخلد بن كنداد الخارجي، وتغلّب على جميع البلدان التي بيده، حتى لم تبقَ له إلّا المهدية، وقد حاصرها الخارجي. ومات الملك نزار وهو محاصر من قبل الخارجي، فتولّى مقاومته بعده ولده المنصور، المتوفى بتاريخ 30/ 10 سنة 141 هجرية، وهو الملك الثالث من الملوك العبيدين، فتغلب على الخارجي وأسره وقتله. وسيأتي الكلام عنه، رحم الله المؤمنين برحمته.

***

وفي هذا اليوم من سنة 341 هجرية توفي ببغداد أبو علي إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الصفّار الذي عاش نحو 93 سنة؛ فقد كان مولده سنة 248 هجرية، وكان ثقة، عالماً بالنحو والغريب، أخذ عن أبي العباس المبرّد وصحبه، ومن شعره قوله:

ألا إنّني أعطي صفاء مودّتي *** لمن لا يرى يوماً عليّ له فضلا
وأستعمل الإنصاف في الناس كلّهم *** فلا أصل الجافي ولا أقطع الخِلّا
وأخضع لله الذي هو خالقي *** ولن أعطي المخلوق من نفسي الذلاّ([5])

رحمه الله برحمته.

***

وفيه من سنة 574 هجرية توفيت ببغداد السيدة شهدة بنت نصر بن أحمد بن فرج الدينوري، وقد نافت على التسعين أو على المئة. وكانت أعجوبة في علم الرواية والدراية، وقد أُخذ عنها كثير من العلماء، واعترفوا باجتهادها. رحم الله الجميع برحمته.

***

وفيه من سنة 1342 هجرية توفّي بالبحرين الحجّة الكبير، والعلامة النحرير الشيخ جعفر ابن الشيخ محمد آل أبي المكارم، ودفن مع الشيخ ميثم البحراني المتوفّى 3 /5/ 879 هجرية، ومع الشيخ أحمد آل طعّان المتوفّى 1 /10/ 1315 هجرية، فاُقيمت له الفاتحة، وناحت عليه النوائح، ورثاه الشعراء وأبّنه العلماء، وبكاه الصالحون، وحزن من أجل فقده المؤمنون. وكان عمره يوم موته (رحمه الله) (61) سنة، وقد رثاه كثير من الشعراء، وأبّنه الكثير من العلماء والأدباء.

و كان ممّن رثاه الخطيب الشهير الحاج مهدي بن محمد أجيل الجارودي القطيفي (رحمه الله)، فقال في مرثيته:

فاض دمعي لشيخنا ذي الوفاءِ *** مظهر الحق قدوة الفقهاءِ
قم نعزِّ لأحمد وعلي *** أخويه بعالم العلماءِ
صابنا اليتم بعده حرّ قلبي *** لربيب الوفا أبي الضعفاءِ
فلنسلِّ نفوسنا بعلي *** بعده صاحب الهدى والبهاءِ
فهو من بعد جعفرٍ والعلـ *** ـم وربّ الندى وربّ الحياءِ

وقد ترجم له كتاب (شعراء القطيف) وذكر مولده بتاريخ 15/ 5/ 1281 هـ رحمه الله برحمته وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي يوم الاثنين الثالث عشر من هذا الشهر سنة 1343 هجرية توفي العالم الفاضل الشيخ محمد بن علي بن عبد الله بن نصـر الله آل أبي السعود القطيفي (رحمه الله).

***

وفيه من سنة 1424 هجرية توفّي الخطيب الكبير، والشاعر العبقري الشهير، شقيق المؤلّف واُستاذه الحاجّ الملا عبد العظيم ابن الشيخ منصورالمرهون. وقد حزنت اُم الحمام وغيرها من بلدان القطيف لفقده، وقد قلت فيه راثياً ومؤرّخاً:

أخي لئن غادرتنا راحلاً  *** عنّا فقد عدت لربّ كريمْ
فنم هنيئاً لا تخف عثرة *** فقد تلقاك غفور رحيمْ
وإنّ أهل البيت تلقاهُمُ *** كلّهم منك صديقاً حميمْ
فليس مثل الآل من يترك الخـ *** ـادم إلاّ في نعيم مقيمْ
لكنّ في أنفسنا لوعة *** من فقدك المؤلم يابن الكريمْ
أبلغ سلامي لأبي يا أخي *** ثم لاُمي فهما في النعيمْ
وأنت فيه هكذا ظننا *** فكلكم لله قلب سليمْ
وإنّك السابق من بيننا *** فليتني أنا وأنت المقيمْ
ياخادم المنبر قد جاءنا *** تاريخكم (منبر عبد العظيمْ)

  (1424هجرية)

وقد ترجم له كتاب (شعراء القطيف)([6])، وأثنى عليه بما هو أهله، ورثاه الشاعر الكبير، والأديب الشهير عباس مهدي الخزّام، المتوفّى بتاريخ 25/ 6/ 1428 هجرية، فقال:

من بعد فقدك لا القطيف قطيفُ *** أبداً ولا النخل الوريف وريفُ
فالخط يا عبد العظيم كئيبةٌ *** والنور فوق جبينها مخسوفُ
خرجت إليك بجمعها وجموعها *** تبكي عليك ودمعها مذروفُ
وتزاحمت من حول نعشك عكفاً *** فكأنها حول الحسين تطوفُ
وتكدرت اُم الحمام وأهلها *** وبكاك نحرير بها وحصيفُ
نعي ابن مرهون على أسماعنا *** نعي أليم في النفوس عنيفُ
عجباً لنجم قد ذوى من اُفقنا *** وطوت سناه من القطيف سجوفُ
غاب الذي ملأ القطيف أشعةً *** من نوره وخطيبها المعروفُ
ذهب الربيع وغاب عن أزهاره *** ذاك الهزار ولحنه المعزوفُ
أفهكذا تمضي ولست بطاعنٍ *** وربيع عمرك ما عراه خريفُ
من للخطابة يا قطيف عقيبهُ *** وخطيبنا بيد الردى مخطوفُ

ومن شعره رحمه الله قصيدته في مولد الإمام المهدي (عليه السلام):

في ليلة النصف من شعبان بشرانا *** بمولد الحجّة المهدي مولانا
جئنا وتغمرنا البشرى لنحفل بالـ *** ـيوم الأغر وعين الله ترعانا
غصّت بنا قاعة الحفل الوسيعة إذ *** جئنا كهولاً وأشياخاً وشبّانا
في موجة شملتنا بالسرور وبالـ *** أفراح والاُنس أقصانا وأدنانا
فلا القريض بنوعيه يفي أبداً *** بواجب الحفل مهما كان رنَّانا
إنّي مقرّ بتقصيري فلست أفي *** ببعض حقّ ولو صيّرت حسّانا
تاريخ مولده نور لشيعته *** يا ليلة في الليالي فضلها بانا
قد قال بعض ولكنّا نفنده *** إذ ليس يملك فيما قال برهانا
لقد تغيب في السرداب قائمهم *** حكاية لفقت زوراً وبهتانا
وكيف يخرج في عصر يكون به  *** غزو الفضاء على الإنسان قد هانا
واستخدم العلم في أغراضه عجباً *** في الحرب والسلم أشكالاً وألوانا
قنابل وصواريخ موجهة *** والطائرات تدوّي فوق أجوانا
والأرض تملؤها القوات قاذفة *** فيها القنابل إشعاعاً ونيرانا
فقلت كفوا فلا الأقمار مانعة *** ولا الصواريخ لما الوقت قد حانا
إرادة الله أقوى من إرادتكم *** هو القدير وما قد شاءه كانا
لابدّ أن يتحدّى من بقوته *** يحارب الحق إسراراً وإعلاناً
فيملأ الأرض قسطاً بعدما ملئت *** في طول غيبته ظلماً وعدوانا
منادياً بالذي نادى الرسول به *** فيه سعادة دنيانا واُخرانا
دعوا التفرّق والتفريق واتحدوا *** كونوا جميعاً أخلاء وإخوانا
قولوا إلى الناس حسناً واخلصوا عملاً *** فسوف تجزون بالإحسان إحسانا
تصادقوا واصدقوا فالصدق مفخرةٌ *** تورّعوا واتقوا فالوقت قد حانا
فمن يكن ذاكراً لله يذكره *** وإننا إن نسينا الله ينسانا
وفي الختام ختام الشعر أوله *** في ليلة النصف من شعبان بشرانا
بمولد الحجّة المهدي سيدنا *** فبشروا وابشروا إذ جاء مولانا([7])

رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

وسيأتي ذكره& بتاريخ 23/ 2/ 1324 هجرية بمناسبة ذكرى الأربعين.

____________________

([1]) يوسف: 21.

([2]) الإرشاد (المفيد) 2: 123، تاريخ الطبري 4: 357.

([3]) البقرة: 156.

([4]) الشعراء: 227.

([5]) تاريخ بغداد 6: 300، الوافي بالوفيات 9: 123.

([6]) شعراء القطيف: 501 / 85.

([7]) حروف وقواف: 38.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top