حدث في مثل هذا اليوم ( 3 ربيع الأوّل)

حدث في مثل هذا اليوم ( 3 ربيع الأوّل)

وفيه من سنة 64 هجرية ضربت الكعبة بكيزان النفط، ثم ضربت بالأحجار النارية بأمر الحصين بن نمير الذي تولى قيادة جيش واقعة الحرة بعد هلاك قائده الأول مسرف بن عقبة المري الذي هلك بقديد بعد منصرفة من واقعة الحرة متوجهاً إلى مكة المكرمة لحرب عبد الله بن الزبير. فلما أشرف على الهلاك بقديد أوصى بالقيادة إلى الحصين بن نمير، فجاء بالجيش بعد هلاك قائده، حتى إذا وصل إلى مكة نصب المجانيق والعرادات على مكة وعلى المسجد الحرام بصورة خاصة من الجبال والفجاج، وضرب الكعبة بحجارة النار وكيزان النفط، حتى اشتعلت النار في أستارها، واحترقت جدرانها، ووقعت حينئذٍ صاعقة، فأحرقت من أصحاب المجانيق نحو اثني عشر رجلاً.

قال المسعودي: وكان ذلك يوم السبت لثلاثِ ليالٍ خلون من ربيع الأول قبل هلاك يزيد بأحد عشر يوماً([1]).

وقد سبق بتاريخ 1/ 3 أن حجراً منها أصاب المسوّر بن مخزمة الزهري وهو يصلي في حجر إسماعيل فقتله. وبموجب ذلك فإن الكعبة ضربت بالأحجار قبل اليوم 3/ 3؛ لأن وفاة المسور بن مخرمة بتاريخ 1/ 3 كما تقدم، وإنما في اليوم الثالث اشتدت عملية الضرب حتى حصل ما حصل، وفي ذلك يقول أبو وجزة المدني:

ابن نمير بئس ما تولّى *** قد أحرق المقام والمصلَّى([2])

وما زال الأمر مستمراً حتى هلك يزيد في اليوم (14 /3/ 64) كما سيأتي، فهادن الجيش عبد الله بن الزبير، وانصرفوا عنه.

***

في اليوم الثالث من شهر ربيع الأول سنة 83 هجرية نزل الحجاج بأصحابه في دير الجماجم لحرب ابن الأشعث وأصحابه، وتنازل الفريقان، ودامت الحرب بينهما نحواً من مئة يوم وقعت فيها أربع وثمانون وقعة؛ منها ثلاث وثمانون على الحجاج، والرابعة والثمانون له. وكانت بتاريخ 14/ 6/ 82 هجرية، فانهزم فيها ابن الأشعث، وقتل كثير من أصحابه.

***

وفيه أو في الثالث عشر منه سنة 449 هـ توفي بالمعرة الفيلسوف الكبير، والشاعر الشهير أبو العلاء المعري. واسمه أحمد بن عبد الله بن سليمان وكان وحيد عصره في الذكاء والفطنة، والعلم والمعرفة، حكي عنه أنه لما سمع عن فضائل الشريف المرتضى علم الهدى (رحمه الله) ذهب لزيارته، ولما دخل المجلس جعل يخطو ويدنو إلى السيد فوطئ على رِجْل رَجُل من الحاضرين. لأنه كان مكفوفاً، فقال ذلك الرجل: من هذا الكلب؟ قال: الكلب من لا يعرف للكلب سبعين اسماً.

فلما سمع الشريف ذلك منه أدناه وامتحنه فوجده وحيد عصره وأعجوبة دهره.

وقد قيل: إن المعري سئل بعد ذلك عن الشريف المرتضى فقال عنه:

يا سائلي عنه لما جئت أسأله *** ألا هو الرجل العاري من العارِ
لو جئته لرأيت الناس في رجل *** والدهر في ساعة والأرض في دارِ

ومن شعره في أهل البيت (عليهم السلام) قوله:

وعلى الأرض من دماء الشهيديـ *** ـن علي ونجله شاهدانِ
فهما في أواخر الليل فجرا *** ن وفي أولياته شفقانِ
ثبتا في قميصه ليجيء الـ *** ـحشر مستعدياً إلى الرحمنِ

وإذا كان مولده على ما قاله ابن خلكان (رحمه الله) 27 / 3 / 363، ووفاته 3/ 3/ 449 هجرية فعمره 86. وقيل عنه: إنه لم يأكل اللحم ولم يتزوج، وأوصى أن يكتب على قبره هذا البيت:

هذا جناه أبي علـ *** ـي وما جنيت على أحد([3])

ولعلّنا نتكلم عن شيء من أموره بتاريخ مولده 27 / رحمه الله برحمته وأسكنه فسيح جنته.

وسيأتي أنه ولد بتاريخ 27 / 3/ 449هـ.

***

وفيه من سنة 1399 هجرية وصل الإمام الخميني (رحمه الله) إلى طهران بعد أن أبعد عن إيران أكثر من خمس عشرة سنة، وبعودته إلى إيران قادماً من باريس تأسست الجمهورية الإسلامية بإيران. فسبحان من يؤتي الملك من يشاء، وينزعه ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير.

***

وفي هذا اليوم 3/ 3 من سنة 1429 هجرية توفي الأديب الكبير أبو قطيف الشيخ عبد الرسول ابن الشيخ علي الجشي المتوفى بتاريخ 15 / 5 / 1376 هجرية. وسيأتي الكلام عنه (رحمه الله) بتاريخ مولده 20 / 6 / 1342 هجرية الذي كتبته عنه قبل وفاته بأكثر من عامين. ومهما نسينا أو تناسينا لهذا الفقيد الغالي من فضائله التي تتمتع بها شخصيته الفذة فإننا لا نستطيع أن ننسى وطنيته المتأصلة في أعماقه (رحمه الله). وأول ما يواجهنا في حديثنا عن وطنيته هذان الاسمان اللذان اختارهما لولديه فأسمى ابنه قطيفاً، واسمى ابنته يمامة التي خاطبها في بعض قصائده فقال:

طوفي يمامة بالجز *** يرة حلوة الأنغام نشوى
طيري يمامة لليما *** مة فالذرا للطير مأوى

وقد تحدث عن دخول الإسلام إلى وطنه القطيف، وعن دخول وطنه القطيف في الاسلام في بعض قصائده فقال:

يا ضفاف الخط كم من شرف *** حزته وازددت منه منحا
أنت بادرت إلى الإسلام في *** زمن عقل قريش ما صحا

وهو هنا يشير إلى قصة إسلام عبد القيس حكام القطيف في زمان ظهور الإسلام والتي يرويها المؤرخون بقولهم: لما بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) رحمة للعالمين، وأسس في المدينة المنورة دولة العدل النبوي الشريف، بدأ بمراسلة من حول المدينة يدعوهم إلى الإسلام، فبعث العلاء بن الحضرمي برسالة إلى المنذر بن ساوى من بني عبد القيس يدعوه إلى الإسلام. ولم ينتظر المنذر كثيراً بعد أن قرأ رسالة رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليه، بل أسلم ودعا قومه إلى الإسلام فأسلموا.

وفي السنة التالية وفد جماعة من بني عبد القيس على النبي (صلى الله عليه وآله)، وفيهم المنذر بن ساوى، والجارود العبدي، فسألهم النبي (صلى الله عليه وآله): «ممن القوم؟». فقالوا: من ربيعة. فقال: «مرحباً بقوم غير خزايا ولا نادمين»([4]).

قال العسقلاني في كتاب فتح الباري: كانت لعبد القيس وفادتان على النبي (صلى الله عليه وآله)، وإنه قال لأصحابه «سيطلع عليكم ركب من هنا هم خير أهل المشرق». فكان أن طلع عليهم وفد عبد القيس. والثانية كانت في عام الوفود، وهو العام التاسع من الهجرة النبوية الشريفة.

نقل النميري في تاريخ المدينة المنورة أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال للأنصار؟ «يا معشر الأنصار أكرموا إخوانكم فانهم أشباهكم في الإسلام أشبه شيء بكم شعاراً وأبشاراً، أسلموا طائعين غير مكرهين ولا موتورين. إذ أبى قوم أن يسلموا حتى قتلوا».

رحم الله الفقيد برحمته وأسكنه فسيح جنته.

***

في هذا اليوم 3 /3/ 1433هـ الموافق يوم الجمعة توفي بالقطيف الخطيب الكبير الشيخ عبد الرسول بن عبد الكاظم بن محمد البصاري، فشيع بالتشييع الباهر، وبكته المنابر والمحاجر. وقد أرخ وفاته الأستاذ محمد رسول الزاير حفظه الله فقال:

ها هو المنبر الشريف بحزن *** عاد يقضي مساءه ونهاره
غاب عنه حليفه فالحسينيات *** ثكلى قد ودعت أخباره
فنعي والنعي أرخت (عالٍ *** قد توفي عبد الرسول البصاره)

وقد ووري الثرى بمقبرة بلده تاروت بالقرب من قبر المقدس الحجة الشيخ عبد الله المعتوق المتوفى بتاريخ 1 / 5/ 1362هـ. رحم الله الجميع برحمته وأسكنهم فسيح جنته.

_____________

([1]) مروج الذهب 1: 379.

([2]) المصدر نفسه.

([3]) أعيان الشيعة 8: 217.

([4]) البداية والنهاية 5: 56.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top