حدث في مثل هذا اليوم (28 ذي الحجة)
في اليوم الثامن والعشرين ـ أو الذي قبله ـ من هذا الشهر سنة 62 هجرية حدثت بالمدينة المنورة الواقعة المشؤومة المسماة بواقعة الحرة. قالوا: وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أخبر عن هذه الواقعة، فقال: «يقتل بهذه الحرة خيار أمتي بعد أصحابي»([1]).
فقتل من أهل المدينة نحو عشرة آلاف منهم سبعمئة من حملة القرآن، وأبيحت المدينة ثلاثة أيام، فانتهبت الأموال، وافتضت الأبكار، حتى قيل: إنه حملت ألف امرأة من غير زوج؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾.
***
في هذا اليوم من سنة 334 توفي ببغداد جعفر بن يونس الشبلي. وقد يذكر بعنوان دلف بن حجور الشبلي، ولكن الأول هو المكتوب على قبره، كما ذكر ابن خلكان وصاحب (مجالس المؤمنين)، مع أن بينها تنافياً في جهة اعتقاده ومذهبه؛ فابن خلكان ناصّ على أنه كان سنياً مالكياً، والثاني يدّعي أنه كان شيعياً، ولكنه غلب عليه التصوّف. وفي رجال المحدث النيسابوري أنه كان يهنّي العلوية يوم عيد الغدير ـ 18/ 12 ـ قيل: وكان أبوه وخاله من المقربين عند الملوك العباسيين، وإنه كان من رؤساء دنباوند التي هي من رساتيق الري. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
وقيل عنه: إنه كان يبالغ في تعظيم الشرع المطهر، وإنه إذا دخل شهر رمضان جد في الطاعات، ويقول: هذا شهر عظمه ربي، فأنا أولى بتعظيمه. وقيل عنه: إنه له نوادر وأشعار وحكايات، ومما سمع منه أنه كان ينشد:
ليس تخلوا جوارحي منك وقتاً *** هي مشغولة بحمل هواكا
ليس يجري على لساني شيء *** علم الله ذا سوى ذكراكا
وتمثلت حيث كنت بعين *** فهي إن غبت أوحضرت تراكا
وحكى الخطيب في تاريخه قال: قال أبوالحسن التميمي: دخلت عليه في داره ـ يوماً ـ وهو يقول:
على بعدك لا يصبـ *** ر من عادته القربُ
ولا يقوى على هجر *** ك من تيّمه الحبُّ
فان لم ترك العين *** فقد يبصرك القلبُ
رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
***
وفي هذا اليوم من سنة 940 هجرية توفي السيد الصدر الكبير، الأمير نعمة الله الحلي. وكان من جملة السادات والعلماء، وله فضائل وكمالات، ومهارة بالعلوم المتعلقة بالاجتهاد، حتى ظُن أنه من المجتهدين، ولكن بعض العلماء لم يشهد له بذلك ـ وإن كان هو يرى نفسه أنه مجتهد ـ وله حدة دهن، وفهم وذكاء، وفطرة عالية بحيث تغلّب بذلك على كل من ناظره وباحثه من العلماء. وقد أنبرى لمخاصمة الكركي الشيخ علي بن عبد العالي ـ المتوفى بتاريخ 18 /12/ 940 هجرية ـ أيضاً وحاول عقد مجلس لمناظرته في مسألة صلاة الجمعة التي يرى الكركي صحتها في زمان الغيبة مع وجود المجتهد الجامع لشرائط الفتوى، ولكن لم يتهيأ له ذلك. ووقع له في شأن الكركي شيء غير ذلك أيضاً حتى نفاه شاه إيران من أجل ذلك، فنزل إلى العراق إلى أن توفي بالتاريخ المذكور. رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.
***
وفيه من سنة 1306 هـ توفي الفقيه الأصولي الكبير، الشيخ إبراهيم بن محمد بن ناصر الغرَّاوي. وكان شاعراً لبيباً، وله إلمام بالعلوم الغريبة من الكيمياء والجفر والطلسمات. رحمه الله برحمته.
***
وفيه ـ وكان يوم الخميس ـ من سنة 1348 هجرية ولد مؤلف هذا الكتاب، أقل إخوانه المؤمنين عملاً، وأكثرهم زللاً عبد الحميد المرهون. أخبرته بذلك والدته المرحومة فاطمة ـ المتوفاة بتاريخ 14 /9/ 1410 هجرية ـ بنت المرحوم الحاج الملا حسن ابن الحاج مسلَّم المرهون ـ المتوفى بتاريخ 12 /2/ 1365 هـ ـ رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.
***
وفي هذا اليوم من سنة 1364 هجرية توفي بمدينة سيهات الشخصية الكبيرة، الحاج منصور الشافعي، صاحب المجلس العامر، والذكر الفاخر ـ تغمده الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته ـ وقد كان على صداقة ومودة مع المقدس الشيخ جعفر ابن الشيخ محمد أبي المكارم العوامي المتوفى بالبحرين بتاريخ ليلة الاثنين ـ 13 /1/ 1342 هجرية ـ وهو الذي قدم مسألة الشيخ المذكور إلى المقدس الشيخ منصور بن عبد الله آل سيف التاروتي ـ المتوفى بتاريخ 22 /12/ 1362 هجرية ـ بخصوص تقليد الأموات. وقد أجاب عليها الشيخ منصور ـ رحمه الله ـ بجواب طويل ذكره المقدس الشيخ فرج العمران ـ المتوفى بتاريخ 22 /3/ 1398 هجرية ـ في كتاب (الأزهار)([2]) ثم علق عليها في الجزء الحادي عشر من كتاب (الأزهار)([3]) أيضاً. رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.
***
وفي هذا اليوم ـ 28/ 12 ـ من سنة 1377 هجرية ـ والموافق تقريباً 18 /7/ 1958 م ـ خرج رئيس وزراء الدولة الملكية العراقية (نوري السعيد) متنكراً بعباءة نسائية محاولاً الهرب بعد يومين من قيام ثورة تموز بالعراق، فعرفه بعض أهل بغداد، فقتلوه، وسحبوه. فسبحان مقلّب الحول والأحوال، ولا يتغير له حال.
***
وفي هذا اليوم ـ 28/ 12 ـ من سنة 1381 هجرية توفي العلامة الجليل الشيخ محمد علي نعمة المشطوب الذي ولد في 28 /9/ 1299 هجرية في جبع من جبل عامل لبنان، ونشأ يتيماً. وحين شب قدم النبطية، ودرس بعض كتب السطوح في مدرسة السيد حسن يوسف، ثم رحل إلى النجف، وأقام فيها (21) سنة يدرس على يد الأساتذة العظام، كالشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، والسيد محمد كاظم اليزدي، والخراساني، وغيرهم. ثم رجع إلى جبل عامل، فسكن قرية حبوش ـ بطلب من أهلها ـ واستمر فيها نحواً من أربعين سنة قضاها في الهداية والإرشاد، وفض الخصومات بعفّة واستقامة وورع. ومن شعره في مدح أميرالمؤمنين (عليه السلام) قوله في قصيدة له:
رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
إذا الدهر أبدى عن نواجذ نابِهِ *** وخفت الردى يسقيك أكؤس صابِهِ
فآوِ إلى حامي الجوار وغابِهِ *** ألا فاعقل الآمال عند رحابِهِ
ففي بابه الأسمى محط الركائبِ
إذا رمت فوزا بالجنان فوالِهِ *** وقف عنده يا سعد وقفة والِهِ
فذاك علي لم تخب في سؤالِهِ *** فمن جاء يوماً طالباً لنوالِهِ
وجدوى يديه نال أسنى الرغائِبِ
له منزل فوق السماكين سؤددا *** غداة علا مجداً وفضلاً ومحتدا
وما مثله في الناس بالجود والندى *** فيا طالب المعروف والفضل والهدى
فذاك علي الطهر من آل غالب([4])
____________________
([2]) الأزهار الأرجية م3، ج9: 609 ـ 618.
Related posts
Leave a Comment
You must be logged in to post a comment.