حدث في مثل هذا اليوم (15ربيع الأول)

حدث في مثل هذا اليوم (15ربيع الأول)

جاء في كتاب (حوادث الأيام والشهور) أنَّ في اليوم الخامس عشر من شهر ربيع الأول حصل فرار أهل الكهف، وكانوا في زمان ملك جبار قيل: إن اسمه دقيانوس، وكان يدعو أهل مملكته إلى عبادة الأصنام، فمن لم يجبه قتله، وكان أهل الكهف قوماً مؤمنين يعبدون الله جل وعلا، وكانوا قد اهتدوا بفطرتهم السليمة إلى أن مجتمعهم على ضلال في عبادة تلك الأصنام، فرفضوا أن يعبدوها. وقيل: إنهم اهتدوا إلى الإيمان بسبب دعوة أحد حواريي عيسى بن مريم (عليه السلام) الذي جاء إلى بلدهم بعد رفع المسيح (عليه السلام)، وجعل يعمل في حمام خارج البلد (أفسوس). وحاول المترفون أن يتسببوا في قتلهم أو يفتنوهم عن دينهم، فلمّا اشتدت عليهم السبل، وضاقت عليهم الطرق، وأراد الملك قتلهم، خرجوا من بلدة أفسوس بعلة الصيد أو غير ذلك، وآووا إلى الكهف وناموا فيه، فضرب الله على آذانهم في الكهف سنين عددا ولبثوا في كهفهم ثلاثمئة سنين شمسية وازدادوا تسعاً قمرية.

وقد تقدم أن انتباههم بعد هذه المدة الطويلة كان بتاريخ 23/ 1.

***

وفيه من سنة 1 هجرية أسس النبي (صلى الله عليه وآله) مسجد قبا الذي فيه نزل قوله تعالى ﴿لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ([1]). وقد ورد في فضله أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد تحوله من قبا إلى المدينة كان يأتي مسجد قبا يوم السبت ماشياً تارة وراكباً أخرى، فيصلي فيه، وأنه (صلى الله عليه وآله) قال: «من توضأ فاسبغ الوضوء، ثم جاء مسجد قبا فصلى فيه كان له أجر عمره»، رزقنا الله الوصول والقبول.

***

وفيه من سنة 148 هجرية توفي سليمان بن مهران الأعمش الكوفي، وعده بعضهم من أصحاب الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام). روى ابن خلكان أن هشام بن عبد الملك بن مروان كتب إليه أن اكتب لي مناقب عثمان ومساوئ علي (عليه السلام)، فكتب إليه: أما بعد يا أميرالمؤمنين، فلو كانت لعثمان مناقب أهل الأرض ما نفعتك، ولو كانت لعلي (عليه السلام) مساوئ أهل الأرض ما ضرتك؛ فعليك بخويصة نفسك والسلام([2]).

وسيأتي أن وفاته يوم 25/ 3 قالوا، وكان لطيف الخلق مزّاحاً، وذكروا له من ذلك أنه مرض فعاده جماعة من أصحابه، وأطالوا الجلوس عنده، فأخذ وسادته وقام ثم قال: قوموا؛ فقد شفا الله مريضكم. رحمه الله برحمته وأسكنه فسيح جنته.

***

وفيه من سنة 174 هجرية توفي قاضي مصر عبد الله بن لهيعة الحضرمي قاضي الديار المصرية ومحدثها وعالمها، قالوا: وكان أول قاضٍ حضر لنظر الهلال في شهر رمضان، واستمر القضاة عليه إلى الآن. رحمه الله برحمته.

***

وفيه من سنة 323 هجرية توفي بالمهدية بأفريقيا أول الملوك العبيديين أبو محمد عبيد الله المهدي بن محمد الحبيب بن جعفر بن محمد بن إسماعيل ابن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام). فالذي ينسب ملوك الدولة الفاطمية إليه يسميهم العبيديّين، والذي ينسبهم إلى إسماعيل بن الإمام جعفر يسميهم الإسماعيليين، ولا سيما وهم ممن يقول بإمامة إسماعيل (رحمه الله)، والذي يرفع نسبهم إلى ما قبل إسماعيل يسميهم الفاطميين.

وقد تقدم الكلام عن بدء ظهور دولتهم بتاريخ 15/ 2/ 296 هجرية كما سيأتي الكلام عن دخولهم مصر بتاريخ 8/ 9/ 362 هجرية إن شاء الله. ولما توفي عبيد الله المهدي قام بالأمر بعده ولده أبو القاسم محمد القائم بأمر الله، واستمرت دولتهم من سنة 296 إلى سنة 567 هجرية أي271 سنة.

وبما أنهم شيعة إسماعيليون فالمؤذنون ينادون في زمانهم: حي على خير العمل، والخطباء في المساجد يفتتحون كلامهم بالصلاة على محمد المصطفى وعلي المرتضى وفاطمة البتول والحسن والحسين سبطي الرسول (صلى الله عليه وآله)، وبنوا المساجد ومعاهد العلوم والحسينيات، وجعلوا اليوم الثامن عشر من ذي الحجة ـ وهو يوم الغدير ـ يوم عيد تهتز فيه بالاحتفالات جوانب القاهرة فرحاً وسروراً، وأقاموا شعائر الحزن في يوم العاشر من المحرم، وعطلوا الأسواق، وجعل الناس يطوفون بالأزقة والأسواق وينشدون وينوحون، ويأتون مشهد السيدة نفيسة وأم كلثوم وهم نائحون باكون.

وأمعن الفاطميون في إحياء هذه الشعائر وما ماثلها من شعائر الشيعة حتى أصبحت جزءاً من حياة الناس، ولولا سياسة الضغط والتنكيل التي اتبعها صلاح الدين الأيوبي لكان لمذهب الشيعة في مصر شأن إلى هذا اليوم، رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم 15 ربيع الأول من سنة 1294 هجرية ولد بطهران الشيخ محمد بن عبد الوهاب القزويني، وتوفي سنة 1368؛ فعمره يوم وفاته 72 سنة. درس على يد والده حتى وفاته سنة 1306 هجرية، ثم درس على غيره من الأعلام. وكان له أخ أصغر منه أسمه أحمد، كان قد نقل من قبل بعض الشركات إلى لندن فرأى في لندن مجموعة ضخمة من المخطوطات العربية والفارسية، وكان يعرف مدى تشوق أخيه إلى الاطلاع على مثل هذه المخطوطات، فدعاه أخوه إلى زيارة لندن ليطلّع على تلك النفائس. وكان حينئذٍ في السادسة والعشرين من عمره، فأجاب دعوة أخيه، وسافر إلى لندن، وطال ذلك السفر إلى 36 سنة؛ وذلك لأن إغراء تلك الكتب النفيسة القيمة، وتوفرها في مكان واحد، وسهولة تناول تلك النسخ العزيزة النادرة، وكذلك تعرّفه على البروفسور «أدوارد» الذي كان مفتوناً بحب إيران، ومن المتخصصين في تاريخها وآدابها بدّلت بالتدريج عزمه من السفر الموقت إلى إقامة دامت (36) سنة يتنقل فيها بين لندن وباريس.

وقد وفق خلال إقامته بباريس إلى طبع الجزء الأول من تاريخ (الجويني) جهانكشاي، وتحضير الجزء الثاني منه للطبع، وإلى نشر رسالة في ترجمة (أبي الفتوح الرازي) صاحب التفسير الفارسي المعروف الذي قال عنه صاحب (الكنى والألقاب): إنه قدوة المفسرين، وترجمان كلام الله المبين، صاحب كتاب (روض الجنان في تفسير القرآن) الذي هو حاوٍ لكل ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين، ينتفع منه الفقيه والمفسّر والمؤرّخ والواعظ، وغيرهم. وكان (رحمه الله) من أجل بيوتات العلم، وينتهي نسبه الشريف إلى نافع بن بديل بن ورقاء الخزاعي… قال رحمه الله: ولا أعلم تاريخ وفاته إلّا إنه من مشايخ ابن شهر آشوب المتوفى 22/ 8/ 588، وقبره (رحمه الله) بالري في صحن حمزة بن موسى بن جعفر (عليه السلام) في جوار السيد عبد العظيم الحسني([3]).

ووفق المترجم إلى نشر شيء من وفيات المعاصرين تشتمل على تعريف موجز لمن ينشر عن وفياتهم من أعلام العالم الإسلام المعاصرين له أو قبله بقليل ممن رآهم أو سمع عنهم. وقد كان ينشر هذه الوفيات في مجلة (يادكار)، وما طبع منها يمتد إلى حرف العين فقط، ولو وصلت إلى نهاية الحروف الهجائية لكانت من أفضل مؤلفات المترجم، ومن المراجع النافعة لدارسي تاريخ ايران في القرن الحالي. وأما الكتب التي صححها ونشرها بمساعدة سواه أو التي أعدها للطبع فهي كثيرة، وقد شاء الله له بعد 36 سنة أن يعود إلى وطنه، وأن يقضي فيه بقية حياته، فعاد إلى طهران وما زال مشغولاً كسابق عهده بالمطالعة والتحقيق إلى حين وفاته سنة 1368، كما تقدم. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم 15/ 3/ 1385 هجرية الموافق تقريباً 15/ 7/ 1965 التقطت أولَ صورة لكوكب المريخ من قبل مركبةُ الفضاء الأمريكية مارينز 4، وأرسلتها، للأرض، فسبحان من علم الإنسان ما لم يعلم.

________________

([1]) التوبة: 108.

([2]) وفيات الأعيان 2: 403/ 271.

([3]) الكنى والألقاب 1: 136.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top