حدث في مثل هذا اليوم (14 صفر)

حدث في مثل هذا اليوم (14 صفر)

في اليوم الرابع عشر من شهر صفر سنة 127 هجرية بويع آخر الملوك الأمويين بالشام مروان الحمار، وبقي في الخلافة خمس سنين وشهرين وعشرة أيام، وبقتله انتهت دولة الأمويين. وسيأتي الكلام على ذلك إن شاء الله بتاريخ 21/ 12/ 133، فسبحان من لا يزول ملكه.

***

وفيه من سنة 446 هجرية توفي أبو طاهر إبراهيم بن محمد العلوي الذي ينتهي نسبه إلى الحسين بن زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام). ويلقب الحسين بن زيد ذا الدمعة، وإنما لقب بذلك؛ لبكائه في تهجده. وكان ورعاً عابداً ناسكاً. رحمه الله برحمته وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم من سنة 632 هجرية توفي بحلب القاضي بهاء الدين يوسف بن رافع ابن تميم بن عتبة الأسدي المعروف بابن شداد. وكان مؤرخاً من كبار القضاة، ولد بالموصول بتاريخ 10/ 9/ 539 هجرية؛ فعمره يوم وفاته 97 سنة. وتفقه بالموصل، ثم ببغداد، وسافر إلى حلب، وحدّث بها وبدمشق ومصر وغيرها، وفي الأخير تولى قضاء حلب من سنة 591 وإلى أن مات بها بالتاريخ المذكور 14/ 2/ 632 هجرية. ومن كتبه كتاب (المحاسن اليوسفية) في سيرة السلطان صلاح الدين الأيوبي المتوفى بتاريخ 27/ 2/ 589 هجرية، وكتاب (دلائل الأحكام) في الحديث، وكتاب (ملجأ الحكام عند التباس الأحكام) في القضاء، وكتاب (فضل الجهاد)، وكتاب (الموجز الباهر) في الفروع، وغيرها من الكتب. وقد عُمّر حتى صار كفرخ الطائر من الضعف، فجعل ينشد لنفسه:

من يتمنَّ العمر فليدَّرعْ *** صبراً على فقد أحبّائِهِ
ومن يعمَّرْ يرَ في نفسه
*** ما يتمناه لأعدائِهِ

رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفيه من سنة 656 هجرية قتل ببغداد آخر الملوك العباسيين بالعراق، وهو الخليفة السابع والثلاثون المستعصم بن المستنصر العباسي، قتله وأولاده وأهله هولاكو ملك التتار الذي دخل بغداد في اليوم العاشر من المحرم من السنة المذكورة كما تقدم في يوم 10/ 1. وبقتله انتهت الدولة العباسية في العراق بعد أن بقيت خمسمئة وثلاثاً وعشرين سنة. وفي ذلك يقول بعض الشعراء:

خلت المنابر والأسرّة منهُمُ *** فعليهُمُ حتى المماتِ سلامُ([1])

قالوا: وفي شهر رجب من سنة 659 هجرية أقيمت دولتهم الثانية بمصر، وبقيت مئتين وخمساً وخمسين سنة ونصفاً، وعدد ملوكهم خمسة عشر ملكاً، ثم انتهت إلى غير عودة، فسبحان من لا يزول ملكه، ولا ينتهي سلطانه.

***

وفي هذا اليوم 14 من شهر صفر سنة 999 هجرية توفي بالدكن من بلاد الهند السيد أبو المكارم بدر الدين السيد حسن النقيب بن نور الدين السيد علي النقيب بن الحسن بن علي بن شدقم الحسيني العلوي المدني الحسيني، وقد نقل إلى المدينة ودفن بالبقيع. وكان مولده بالمدينة سنة 942 هجرية؛ فعمره يوم وفاته 57 سنة فقط.

وقد قيل عنه: إنه كان سيداً جليلاً، فاضلاً عالماً، فقيهاً محدثاً، مؤرخاً، مؤلفاً مصنفاً. وهو المعروف بابن شدقم. قرأ على أبيه، وكان من مشاهير أكابر العلماء، وأخذ عن غيره أيضاً، إلى أن رقى أعلى درجات الكمال مع تقوى وعفاف، وصيانة وزهد، وورع وعبادة، وأخلاق عالية. طلبه السلطان حسين نظامشاه من ملوك الهند، واستقبله بالحفاوة والإكرام، ثم زوجه اُخته فتحشاه المنذورة له من والده. فلما مات السلطان حسين نظامشاه عاد المترجم بأولاده واُمهم وجدّتهم بيبي آمنة إلى المدينة، وماتت زوجته فتحشاه بالمدينة، فعاد بأم زوجته وعائلته إلى الهند؛ لأنه لم يطب له المقام بالمدينة. وقد عبر عن ذلك بقوله:

وليس غريب من نأى عن دياره *** إذا كان ذا مال وينسب للفضلِ
وإني غريب بين سكان طيبة *** وإن كنت ذا علم ومال وفي أهلي
فليس ذهاب الروح يوماً منيةً *** ولكن ذهاب الروح في عدم الشكلِ([2])

وبقي هناك إلى أن مات بالتاريخ المذكور 14/ 2/ 999. رحمه الله برحمته.

***

وفي هذا اليوم 14/ 2/من سنة 1289 هجرية توفي بالنجف الأشرف العالم الجليل الشيخ مهدي ابن الشيخ علي ابن الشيخ جعفر كاشف الغطاء النجفي. قال صاحب كتاب (الأعيان): كان عالماً فقهياً، أصولياً مجتهداً، شاعراً أديباً، انتهت إليه رئاسة الطائفة الشيعية الجعفرية، وقام مقام آبائه أحسن قيام. وكان قوي الحافظة. وقد اشتهر أمره وقلّد في الأطراف، وحملت إليه الأموال. ومن آثاره مدرستان كبيرتان: إحداهما في النجف، والثانية في كربلاء([3]). ومن تلامذته السيد محمد كاظم اليزدي صاحب كتاب (العروة الوثقى) المتوفى بتاريخ 1337. ومن شعره بيتان مدح بهما عبد الباقي أفندي العمري المتوفى بتاريخ 30/ 5/ 1278 هجرية عندما جاء النجف ونزل ضيفاً على أخيه الشيخ محمد كاشف الغطاء:

قل لمن ينظم القريض مجيداً *** أنت عبد لعبد عبد الباقي
إنه أشعر الأنام جميعاً
*** في نواحي الشام أو في العراقِ

ولما مات رثته الشعراء، وبكته العلماء، وأبنته الاُدباء. ومن ذلك قصيدة للشيخ جواد محيي الدين المتوفى بتاريخ 4/ 10/ 1322 قال فيها:

علام بنو العليا تطأطئ هامها *** أهل فقدت بالرغم منها إمامها
نعم غالها صرف المنون بفادح *** عراها فأشجى شيخها وغلامها
لقد هدمت كف الردى كهف عزها *** وأوهت مبانيها وهدت دعامها
وجذّت لها الويلات عرنين أنفها
*** برغم معاليها وجبت سنامها([4])

ومن ذلك قصيدة للشيخ أحمد قفطان المتوفى سنة 1293 قال فيها:

سهم رمى كبد الهدى فأصابا *** مذ قيل مهدي الخليقة غابا
نبا به صك النعيّ مسامعي *** فأصمها حيث النعيُّ أهابا
مذ غيبوه به عيانا قلت في
*** تاريخه (المهدي صدقاً غابا)([5])

رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

***

في ليلة هذا اليوم 14 من شهر صفر من سنة 1314 هجرية توفي بمدينة مشهد العالم الجليل الشيخ محمد تقي البجنوردي؛ نسبة إلى بجنورد بلدة من بلدان خراسان. قال عنه الأمين في (الأعيان): إنه عالم كبير، وفقيه شهير، صالح عابد ثقة، علم من أعلام الدين، وإمام من أيمة المسلمين، له مقامات عالية في الورع والتقوى وعدم مخالطة الحكام وأهل الدنيا، كبير في قلوب أهل الدين، لم يجتمع خلف أحد من أيمة الجماعة ما يجتمع خلفه. وقد كتب عنه صاحب كتاب (تاريخ علماء خراسان) كثيراً من مقامات التقوى والورع ([6]). وله خلف صالح. رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم من سنة 1365 هجرية توفي الرجل الفاضل، الوجيه الكامل، الحاج محمد تقي ابن العلامة الشيخ علي ابن الشيخ سليمان البحراني القديحي، المولود سنة 1309 هجرية؛ فعمره يوم وفاته 56 سنة فقط. ومن شعره& في مدح كتاب (حياة الحيوان للدّميري) المتوفى بتاريخ 3/ 5/ 808 هجرية:

هذا كتاب معتبرْ *** فيه علوم ودررْ
يعجب كل من نظرْ *** فيه وأمعن الفِكَرْ
فقل لمن أحزنه *** همّ وغمّ وسهرْ
أو بعض رؤيا هائل *** ففيه تأويل بهرْ
عليك خذ وانظر لما *** صنّف فيه وسطرْ
واحمد إلهك الذي *** قدرته تعيي القدرْ
وصلِّ بعد ذا على *** محمد خير البشرْ
وآله خير الورى *** وصحبه الغرّ الخيَرْ

وله مقطوعة أخرى قالها في التوسل بالمعصومين (عليهم السلام)؛ بسبب مرض أصابه، وهي:

أسألك الشفا سريعاً سيدي *** كما شفي أيوب من ذاك المرضْ
بخمسة وتسعة جعلتهم *** وسائلي إليك في كل غرضْ
محمد وآله الغرّ الألى *** حبهم على الأنام مفترضْ
يا رب أرجوك رجاءً بهُمُ
*** تزيل عني كل داء وعرضْ

رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي كتاب (الأنوار العلوية) عن كتاب (الروضة)([7]) و(فضائل شاذان)([8]) أن في يوم الاثنين لأربع عشر ليلة خلت من صفر سنة […] هـ جاء قوم من أطراف الشام إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) بالكوفة، ومعهم بنت عذراء يتهمونها بالحمل، فاستنطقها الإمام، فحلفت أنها لم تعمل الخيانة، وجيء ببعض القوابل فشهدن أنها بكر. فطلب الإمام قطعة ثلج، فلم توجد بالكوفة، فمد (عليه السلام) يده من على منبر الكوفة، ثم أعادها وإذا فيها قطعة من الثلج، فأمر النساء القوابل أن يضعن تلك القطعة في الطشت، وأن تجلس البنت عليها، فلما فعلن ذلك نزلت منها علقة كبيرة، وفرج الله عن الجارية ببركة مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام)([9]).

______________________

([1]) تاريخ مدينة دمشق 68: 218، الوافي بالوفيات 15: 68.

([2]) أعيان الشيعة 5: 179.

([3]) أعيان الشيعة 10: 154.

([4]) أعيان الشيعة 4: 278، 15410.

([5]) أعيان الشيعة 2: 496، وثقل البنين الأوّلين فقط، 10: 154.

([6]) أعيان الشيعة 9: 192.

([7]) الروضة في فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) (شاذان): 182ـ185.

([8]) الفضائل (شاذان): 156ـ157.

([9]) الأنوار العلوية: 111، ولم تذكر السنة في المصادر الثلاثة.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top