حدث في مثل هذا اليوم (13 ربيع الثاني)
قال صاحب كتاب (وقايع الشهور والأيام) أن فاطمة الزهراء÷ توفيت ليلة الأحد بثلاث عشر ليلة خلت من ربيع الآخر سنة 11 من الهجرة.
أقول: وهذا القول موافق لما روي أنها عاشت بعد أبيها خمس وأربعين يوماً (صلوات الله وسلامه عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها).
***
قال المسعودي في مروج الذهب: بويع أبو العباس السفاح عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من ربيع الآخر سنة 132هـ. وقد تقدم أنه بويع بتاريخ 13/ 3.
أقول: فكانت هذه الليلة هي أول ليالي دولة بني العباس التي دامت 524 سنة؛ لأن نهايتها بالعراق سنة 656هـ.
ثم قامت لهم دولة ثانية بمصر من تاريخ 659 إلى تاريخ 922. ثم انتهت دولتهم في الدنيا. وكان عدد ملوك الدولة الأُولى: 37، وعدد ملوك الدولة الثانية: 15. فسبحان من لا يزول ملكه ولا ينتهي سلطانه. سبحان مغير الحول والأحوال ولا يتغير له حال.
***
وفيه من سنة 210هـ ظفر المأمون بعمه إبراهيم بن المهدي العباسي المغني المتوفى بتاريخ 7 /9/ 224هـ كما سيأتي إن شاء الله، والذي بايعه بنو العباس ببغداد خلفاً من المأمون الذي سخطوا عليه وبايعوا عمه هذا بدلاً منه عندما جعل الرضا (عليه السلام) ولي عهده. فلما سم الرضا ونزل إلى بغداد، وعلم بقدومه القواد الذين كانوا مع إبراهيم تركوه، فلما رأى ذلك اختفى وظل مختفياً ببغداد يتنقل من دار إلى دار من تاريخ 17ذي الحجة سنة 203 هـ إلى أن ظفروا به في زي امرأة بهذا اليوم 13 /4/ 210، فعفا عنه المأمون، فمدحه إبراهيم بقصيدة قال فيها:
رد الحياة علي بعد ذهابها *** ورع الإمام القادر المتواضعِ
أحياك من ولاّك أطول مدة *** ورمى عدوك في الوتين القاطعِ([1])
***
وفيه من سنة 218 هجرية توفي عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري البصري نزيل مصر صاحب كتاب السسيرة النبوية المعروفة بـ(سيرة ابن هشام)، جمعها من السير والمغازي لابن اسحاق المتوفى سنة 151 هجرية، ورثاه ابن نباتة فقال:
سقى بن هشام في الثرى نوء رحمة *** يجر على مثواه ذيل غما
سأروي له من سيرة المدح مسندا *** فما زلت أروي سيرة ابن هشام
وابن هشام هذا غير ابن هشام النحوي صاحب الكتب النحوية، والذي سيأتي الكلام عليه في يوم وفاته 5 / 11/ 761 هجرية. رحم الله الجميع برحمته.
***
وفي هذا اليوم من سنة 312 هجرية قتل ابن الفرات علي بن محمد بن موسى ابن الحسن بن الفرات وزير الخليفة الثامن عشر من خلفاء بني العباس المقتدر بالله العباسي المتوفى 27 /10/ 320 هجرية. وقد قبض عليه في الوزارة ثلاث مرات:
فالمرة الأولى تولى الوزارة لثمانٍ خلون من شهر ربيع الأول سنة 296 هـ، وقبض عليه لأربع خلون من ذي الحجة سنة 299.
ثم عاد إلى الوزارة لثمانٍ خلون من ذي الحجة سنة 304، وقبض عليه لثمانٍ بقين من جمادى الأولى سنة 306.
ثم أعيد إلى الوزارة لسبع بقين من ربيع الآخر سنة 311 هـ، ثم قبض عليه وقتل بالتاريخ المذكور 13 /4/ 312 هجرية.
قال صاحب كتاب (الكنى والألقاب): ويحكى له فضائل وأخلاق حسنة، وكان يجري الرزق على نحو خمسة آلاف بيت من بيوت العلم والدين والفقر، أكثرهم مئة دينار وأقلهم خمسة، وما بين ذلك([2]).
وكان له ولد يدعى محسن بن علي، وكان هو الغالب على الاُمور في وزارة أبيه، فقتل هو وولده في التاريخ المذكور 13 /4/ 312. وفي هذا تصديق لقول من قال: «صاحب السلطان كراكب الأسد»([3]). وفي (الأعيان) أن بني الفرات كلهم شيعة([4])، رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.
***
وفيه من سنة 573 هجرية توفي ببغداد الشيخ صدقة بن الحسين الحداد أبو الفرج الحنبلي الذي قال عنه صاحب كتاب (معجم المؤلفين): إنه أصولي متكلم، أديب كاتب شاعر مؤرخ. من مؤلفاته (تاريخ على السنين) جعله ذيلاً لتاريخ شيخه ابن الزعفراني. وله أيضا مصنفات في الأصول([5]). رحمه الله برحمته.
***
وفيه من سنة 619 هجرية توفي عز الدين أبو القاسم نصر بن عقيل بن نصر الإربلي الذي تولى التدريس مكان عمه أبي العباس الخضر بن نصر بن عقيل الإربلي المتوفى 14 /6 كما سيأتي إن شاء الله.
ثم سخط عليه مظفر الدين ملك أربل وأخرجه منها فانتقل إلى الموصل، فكتب إليه أبو الدر ياقوت الرومي المتوفى 12 /5/ 622 هجرية كما سيأتي إن شاء الله:
أيابن عقيل لا تخف سطوة العدا *** وإن أظهرت ما أضمرت من عنادها
وأقصتك يوماً عن بلادك فتية *** رأت فيك فضلاً لم يكن في بلادها
كذا عادة الغربان تكره أن ترى *** بياض البزاة الشهب دون سوادها([6])
أشار بذلك إلى الجماعة الذين سعوا به إلى أن غيروا خاطر الملك عليه، وكان ذلك في سنة اثنتين أو ثلاث وستمئة، وسكن في رباط ابن الشهرزوري ظاهر الموصل، وقرر له صاحب الموصل راتباً. ولم يزل هكذا إلى أن توفي 13/ 4 /619 هجرية، وعمره 65 سنة؛ لأن مولده سنة 534 هجرية. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
***
وفيه من سنة 676 هجرية توفي شيخ الفقهاء، ورئيس العلماء، المحقق أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحلي الذي كان حاله في الفضل والعلم والتحقيق والتدقيق والفصاحة والبلاغة والشعر والأدب والإنشاء وجميع الفضائل والمحاسن أشهر من أن يذكر. له تصانيف حسنه محققة مقررة محررة عذبة، منها (شرايع الإسلام) الذي تدور عليه حلقات الدرس والتدريس من زمانه إلى اليوم، وأمثاله من الكتب العلمية النافعة. وله تلاميذ فضلاء وفقهاء منهم الشيخ شمس الدين محفوظ بن وشاح الحلي الذي قال في أستاذه المذكور:
قلبي وشخصك مقرونان في قرن *** عند انتباهي وعند النوم يغشاني
حللت فيه محل الروح في جسدي *** فأنت ذكريَ في سري وإعلاني
لولا المخافة من كره ومن ملل *** لطال نحوك تردادي وإتياني
ياجعفر بن سعيد يا إمام هدىً *** يا واحد الدهر يا من ما له ثانِ
فأنت سيد أهل الفضل كلهم *** لم يختلف أبداً في فضلك اثنانِ([7])
ولا يخفى أنه اسم والده حسن، فتسمية هذا الشيخ له باسم سعيد إما لأن له اسماً ثانياً يسمى به وهو اسم سعيد، أو لأنه وصفه بالسعد لسعادته بهذا الولد الطيب. وقيل: وفاته (رحمه الله) في 23/ 4، وقيل في13/ 6، أو في 23/ 6، والله سبحانه وتعالى أعلم بحقائق الاُمور، رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
***
وفي هذا اليوم من سنة 1284 هجرية توفي السيد عبد الرحمن الآلوسي الذي هو مفخرة من مفاخر العلم والأدب، وواعظ شهير قضى أكثر عمره في التدريس والإرشاد، وكان درسه ووعظه في جامع الشيخ صندل بالكرخ ببغداد. وكان علماً بالفقه والتفسير والحديث، أخذ العلم عن أخيه الأكبر العلّامة النحرير أبي الثناء السيد محمود شهاب الدين الآلوسي. ولما مات وقد قارب الستين رثاه جملة من الأدباء منهم محمد سعيد النجفي، فقد أنشد فيه قصيدة غرّاء، وألقاها في مجلس العزاء منها:
إن أم العلوم تنعى ولكن *** باسم عبد الرحمن كان نعاها
علم من بني لوي لوته *** حادثات الردى فشلت يداها
كان للناس مقتدى وإماماً *** من ترى بعد فقده مقتداها
ندبته مدارس العلم شجواً *** حيث مات الندب الذي أحياها
ومن شعر السيد عبد الرحمن في مراثي الحسين قوله في يوم العاشر من المحرم سنة 1280هـ:
هو الطف فاجعل فضة الطف مسجدا *** وصغ لك فولاذ الغرام مهندا
ورد منهل الأحزان صرفاً وكررن *** حديثاً لجيران الطفوف مجددا
وما القلب إلا مضغة جد بقطعها *** ودعها فداء السبط روحي له الفدا
أترضى حياة بعدما مات سيد *** غدا جده المختار للناس سيّدا
أترضى اكتحال الجفن بعد مصابه *** وجفن التقى والدين قد بات أرمدا([8])
إلى آخر القصيدة المذكورة في كتاب (أدب الطف) للسيد جواد شبر، رحم الله الجميع برحمته.
***
وفي هذا اليوم من سنة 1408 هجرية توفي بالمدينة المنورة الخطيب الشهير، والأديب الكبير، السيد محمد حسن الشخص النجفي الأحسائي من أهالي مدينة القارة الأحسائية؛ فقد وافاه الأجل في أيام زيارته لأجداده الطاهرين بالمدينة المنورة، ودفن في جوارهم بجنة البقيع. وقد أنشأت قصيدة في أربعينيته التأبينية، ألا وهي:
هكذا المجد من ذرا أعوادهْ *** سار قصداً إلى حمى أجدادهْ
وانطوى بينهم حفيداً حبيبا *** ومُنى الجد ملتقى أحفادهْ
عانقوه إذ عاينوه عظيماً *** منطوٍ كله على أمجادهْ
خدم المنبر العظيم زماناً *** واهتدى فارتقى إلى أبعادهْ
منبر الرشد والهداية كم كا *** ن ينير القلوب من روَّادهْ
كم هدى أنفساً وأحيا قلوباً *** بسنا وعظه ومن إرشادهْ
فعليه تبكي المنابر حزناً *** إذ قضى عاكفاً على أورادهْ
كيف لا يملك الخطابة فحل *** من علي نبعٌ ومن أولادهْ
نظرة الطاهرين من آل طه *** في محياه والتقى من زادهْ
هنّئوهم وهنئوه بلقيا *** هم فلقيا الأطهار من أعيادهْ
لا تنوحوا على العظيم فما ما *** ت وإن غاب شخصه عن بلادهْ
لم يمت من بعدّ بعض مزايا *** ه تذوب القلوب من حسَّادهْ
فهو حي بما حوى من مزايا *** بعضها سابق ضحى ميلادهْ
نبعة من محمد وعلي *** وعظيم برشده وسدادهْ
عمّه باقر العلوم وزير *** لحكيم سما على أندادهْ
مجده منه طارف وتليد *** فهو في المجد في صميم فؤادهْ
فالى منبر الحسين عزاء *** بكريم قد كان من أطودهْ
وإلى جنة البقيع هناءْ *** وإلى الحوض فهو من ذوادهْ
فهنيئاً إذا لقيت حسيناً *** وكساك الجميل من أبرادهْ
وإليكم يا آل طه عزاء *** وإلينا فنحن من أولادهْ
وإلى كل من يحب المعالي *** فهُمُ أهل حبه وودادهْ
وقد أشرت بقولي:
عمه باقر العلوم وزير *** لحكيم سما أنداده
إلى عمه حجة الاسلام السيد باقر بن السيد علي الشخص المتوفّى 9 /9/ 1382هجرية؛ فقد كان بمنزلة الوزير للمرجع الديني الأعلى الإمام السيد محسن الطباطبائي الحكيم المتوفى بتاريخ27 /3/ 1390 هجرية، تغمد الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.
***
وفي هذا اليوم وهو يوم السبت الموافق 13 /4/ 1429 هجرية استلم سماحة العلامة الشيخ سعيد عبد الله محمد المدلوح من أهالي مدينة سيهات القطيف منصب القضاء بدائرة الأوقاف والمواريث بالقطيف خلفاً للقاضي المعزول الشيخ محمد العبيدان الذي اُعفي من عمله بتاريخ 7/ 4/ 1429، كما تقدم. ونسأل الله أن يجعل العلامة المذكور الشيخ سعيداً المدلوح خير خلف لخير سلف؛ إنه سميع مجيب. وقد توفي الشيخ سعيد المذكور في 3/ 4/ 1435 هـ، وقيل: إن مولده في سنة 1361 هـ، فيكون عمره الشريف (74) سنة، تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنته.
_____________________
([1]) تاريخ الطبري 7: 177.
Related posts
Leave a Comment
You must be logged in to post a comment.