حدث في مثل هذا اليوم (11 جمادى الآخرة)

حدث في مثل هذا اليوم (11 جمادى الآخرة)

وفي هذا اليوم أي لعشر خلون من جمادى الآخرة الموافق يوم الخميس من سنة 199 خرج بالكوفة محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن السبط (عليه السلام) يدعو إلى الرضا من آل محمد (صلى الله عليه وآله)، وإلى العمل بكتاب الله وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهو الذي يقال له ابن طباطبا. وكان القائم بأمره في الحروب وتدبيرها، وقيادة الجيش أبا السرايا السري بن منصور، ولكن محمد بن إبراهيم لم يلبث أن مرض فمات، ودفن بالكوفة. ومدة خروجه قرابة شهر فقط، وكان من أكمل الناس وأعلمهم وأشجعهم، وقيل: كان موته بالسم وله من العمر 26 سنة فقط.

ولما مات ابن طباطبا وذلك بتاريخ يوم الخميس لليلة خلت من رجب سنة 199 هـ أقام أبو السرايا مكانه غلاماً أمرد حدثاً يقال له محمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام)، وكان أبوالسرايا هو الذي يدبر الأمور إلى أن قتله الحسن بن سهل أمير بغداد من قبل المأمون سنة 200 هـ. رحم الله الجميع برحمته.

***

في هذا اليوم من سنة 398 هجرية توفي بهراة من أفغانستان الشاعر الإمام أحمد بن الحسين الملقب ببديع الزمان الهمداني. فاضل جليل، له مقامات، بل هو مبدع المقامات، ونسج الحريري المتوفى سنة 516 هجرية على منواله، وزاد في زخرفتها. وكان بديع الزمان معجزة همدان، وأعجوبة من أعاجيب الزمان، كان تنشد عنده القصيدة الطويلة فيحفظها كلها لا يخرم منها حرفاً واحداً، وينظر في الكتاب الذي لم يره من قبل فيحفظ ما قرأه منه. وكان يترجم ما يقترح عليه من الأبيات الفارسية المشتملة على المعاني الغريبة بالأبيات العربية فيجمع فيها بين الإبداع والإسراع، وربما يكتب الكتاب المقترح عليه، فيبدأ بآخر سطر منه، ثم بالسطر الذي قبل الآخر، ثم بالسطر الذي قبله، وهكذا حتى ينهي الكتاب.

وحكي أنه مات بالسكتة، فعجل دفنه، فأفاق في قبره وجعل يصرخ، فسمع صوته، فلما نبشوا قبره وجدوه قد قبض بيده على لحيته ومات. ومن شعره (رحمه الله):

يقولون لي لا تحب الوصي *** فقلت الثرى بفم الكاذبِ
أحب النبي وأهل النبي *** وأختص آل أبي طالبِ
وأعطي الصحابة حق الولاء *** وأجري على السنن الواجب
فإن كان نصباً ولاء الجميع *** فإني كما زعموا ناصبي
وإن كان رفضاً ولاء الوصي *** فلا يبرح الرفض من جانبي
أعز النبي وأصحابه *** فما المرء إلا مع الصاحبِ([1])

وسيأتي أنه ولد في 13/ 6/ 358؛ فعمره لا يزيد عن الأربعين سنة. رحمه الله برحمته.

***

وفي هذا اليوم وكان يوم الثلاثاء 11/ 6/ من سنة 466 هجرية أسلم الطبيب الكبير يحيى بن عيسى بن جزلة النصراني، وصنف رسالة في الرد على النصارى، وبيَّن عوار مذاهبهم، ومدح فيها الإسلام، وأقام الحجة على أنه دين الحق، وذكر فيها ما قرأه في التوراة والإنجيل من ظهور النبي (صلى الله عليه وآله)، وأنه النبي المبعوث في آخر الزمان، وأن اليهود والنصارى أخفوا ذلك ولم يظهروه للناس. وصنف عدة كتب نافعة في الطب منها كتاب (تقويم الأبدان)، وكتاب (منهاج البيان فيما يستعمله الإنسان)، وكتاب (الإشارة في تلخيص العبارة)، وله رسالة في مدح الطب وموافقته للشرع، والرد على من طعن عليه، وغير ذلك من الكتب. وقد وقف كل كتبه قبل وفاته، وجعلها في مشهد الإمام أبي حنيفة ببغداد، وتوفي في أواخر شعبان سنة 493 هجرية. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم 11/ 6 أو في اليوم الثاني والعشرين سنة 547 هجرية توفي بهمدان أبوالفتح غياث الدين مسعود بن محمد بن ملك شاه السلجوقي. قال ابن خلكان: وكان سلطاناً عادلاً، لين الجانب، كبير النفس([2]). وكان مع لين جانبه ما ناواه أحد إلا ظفر به. وقال القرماني: إن وفاته كانت بتاريخ 3 /6/ 547، ولما توفي بهمدان حمل إلى أصفهان ودفن بها، وكانت مدة ولايته 19 سنة، وتولى بعده ابن أخيه ملك شاه بن محمود السلجوقي. رحم الله الجميع برحمته.

***

في هذا اليوم من سنة 1374 هجرية توفي بالقطيف الشيخ الفاضل، والخطيب الكامل الشيخ محمد صالح البريكي، وصلى عليه الحجة الشيخ علي الجشي المتوفى 15 /5/ 1376، ودفن في مقبرة الحباكة الشرقية بجنب قبر الإمام الخنيزي المتوفى 21/ 11/ 1263. وقد قيلت في تأبينه عدة قصائد وكلمات، ومنها قصيدة للشاعر الشهير، والأديب الكبير الأستاذ حسن ابن المقدس الشيخ فرج العمران المتوفى بتاريخ 22/ 3/ 1398 هـ، وكان من تلك القصيدة الرنانة قوله (رحمه الله):

كل يوم لنا مصاب جديدُ *** يتداعى فيه عماد وطيدُ
حق للخط وهي ثكلى نراها *** في غدير من الدموع تميدُ
أيها الدهر قف رويدك حسب الـ *** ـخط حزناً هذا الأسى المشهودُ
أيها الدهر ويك حسبك هذا *** فهو من خيرة الرجال عميدُ
عالم فاضل خطيب قدير *** عبقري فذ جواد مجيدُ
فهو في الروضة التي زهرها الحـ *** ـكمة والعلم بلبل غريدُ
يا أبا الألمعي عبدالحميد الـ *** ـشهم من في كل الفعال حميدُ
قد حملنا فوق الأكف سريراً *** أنت فيه يا للأسى ممدودُ
ومشينا خلف السرير حيارى *** إذ دهانا خطب عظيم شديدُ
ووضعناك في الصعيد ولكن *** بك قد طاول السماء الصعيدُ
عش هنيئاً فوق الأرائك في الخلـ *** ـد ففيها إليك قصر مشيدُ([3])

إلى آخر القصيدة المذكورة في كتاب الأزهار الأرجية. ورثاه الشاعر الكبير أحمد سلمان الكوفي المتوفى بتاريخ 4 /8/ 1420 هجرية، وهي موجودة بديوانه. رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

___________________________

([1]) المناقب (الخوارزمي): 79، ولم ينقل البيت الأخير، أعيان الشيعة 2: 580.

([2]) وفيات الأعيان 5: 201.

([3]) الأزهار الأرجية م6، ج15: 422 ـ 423.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top