حدث في مثل هذا اليوم (10 جمادى الآخرة)
وجاء في بعض التقاويم أن في هذا اليوم 10/ 6/ 8 من الهجرة استشهد جعفر الطيار وصاحباه زيد بن حارثة وعبدالله بن رواحة بمؤتة من أرض الأردن فكان يوم حزن وكآبة على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل البيت بصورة خاصة، وعلى جميع المسلمين بصورة عامة، فإنا لله وإنا إليه راجعون. اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تضلّنا بعدهم.
***
وفي التقويم القطري أن في هذا اليوم 10/ 6/ 36 أو الذي بعده سنة: 36هـ صارت واقعة الجمل في البصرة. وفي كتاب (قول على قول)([1]) أن الزبير بن العوام كان قد خرج يوم الجمل يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة 36 هجرية على فرس له يقال له ذا الخمار يريد الرجوع إلى المدينة، فلحقه عمرو بن جرموز في وادي السباع، فأغفى الزبير قليلاً، فطعنه ابن جرموز فقتله، ثم حمل رأسه وسيفه إلى علي (عليه السلام)، فبشره علي بالنار، فقال ابن جرموز: نقتل أعداءكم، وتبشروننا بالنار([2])؟ وقد رثته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل فقالت:
غدر ابن جرموز بفارس بهمة *** يوم اللقاء وكان غير معردِ
يا عمرو لو نبهته لوجدته *** لا طائشاً رعش اللسان ولا اليدِ([3])
وفيه أيضاً قتل طلحة بن عبيد الله التيمي، أصابه سهم غرب ـ أي لا يعرف راميه ـ في حلقه فقتله، وقيل: إن مروان بن الحكم هو الذي رماه بذلك السهم فقتله انتقاماً منه؛ لكونه من قتلة عثمان.
***
قيل: وفيه من سنة 73 هجرية قتل بمكة المكرمة عبد الله بن الزبير (رحمه الله)، وقيل: إنه قتل في الثالث عشر منه، وقيل: إنه في الخامس عشر منه، والله اعلم.
***
وفيه أو في الذي بعده ـ وكان يوم الأحد ـ سنة 122 هجرية قدم الحكم بن أبي الأبيض القيسي إلى مصر برأس زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام)، فنصب في الجامع، فسرقه أهل مصر ودفنوه، فهو صاحب المشهد الذي بين مصر وبركة قارون بالقرب من جامع ابن طولون. وقيل: دفنوه في مسجد محرس الحضني رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
***
وفي ليلة هذا اليوم وكانت ليلة جمعة سنة 358 هجرية توفي أبو الفتح عبيد الله بن أحمد بن محمد النحوي المعروف بـ«جخجخ» الذي قالوا عنه: إنه كان ثقة صحيح الكتاب. رحمه الله برحمته.
***
قيل: وفيه أو في الرابع عشر منه من سنة 550 هجرية توفي الغزالي أبو حامد حجة الإسلام محمد بن محمد الغزالي الطوسي، الفقيه الشافعي الذي لم يكن في الطائفة الشافعية في آخر عصره مثله، وكتبه معروفة، ومن أشهرها كتاب (البسيط)، و(الوسيط)، و(الوجيز)، و(الخلاصة)، و(إلجام العوام) في علم الكلام، و(التبر المسبوك في نصيحة الملوك)، وكتاب (إحياء العلوم) وغيرها من الكتب النافعة التي قيل في عددها: إنها نحو مئتي مصنف. والغزَّالي ـ بالتشديد ـ نسبة إلى أن أباه كان غزَّالاً، وبالتخفيف نسبة إلى غزالة، وهي قرية من قرى طوس.
وقد عابوا عليه أنه خرج في كتابه (إحياء العلوم) عن قانون الفقه إلى مذاهب الصوفية، وأشهر من عابه في ذلك ابن الجوزي المتوفى بتاريخ سنة 597 هجرية في كتاب (تلبيس إبليس)، وغيره من كتبه، رحم الله الجميع برحمته.
وكانت وفاة الغزالي بالطابران من أرض طوس. وقد رثاه الأبيوردي الشاعر بقصيدة فائية قال فيها:
مضى وأعظم مفقود فجعت به *** من لا نظير له في الناس يخلفه([4])
ولعل الأبيوردي هذا غير محمد بن أحمد الأُبيوردي الأموي؛ لأنه توفي قبل الغزالي، فوفاته سنة 507 هجرية، ووفاة الغزالي سنة 550 هجرية. رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.
***
في هذا اليوم من سنة 640 هجرية توفي الخليفة السادس والثلاثون من خلفاء بني العباس ببغداد، وهو المستنصر بالله، واسمه منصور بن جعفر العباسي الذي بنى المدرسة المستنصرية ببغداد على الجانب الشرقي من نهر دجلة، والتي قيل عنها: إنها ما بنيت مدرسة على وجه الأرض في زمانها أحسن منها، ورتب فيها المدرسين على المذاهب الأربعة. وكان صاحب همة عالية وسيرة حسنة. رحم الله المؤمنين برحمته.
***
وفي هذا اليوم من سنة 1299 هجرية ظهرت كرامة عظيمة في سرداب سامراء المسمَّى مجازاً بـ«الغيبة»، وذلك أن رجلاً أخرس اسمه آقا محمد مهدي من أهالي «برمه» التجأ إلى سامراء متوسلاً بالإمام المهدي#، ولزمه أحد خدَّام ذلك السرداب، وجعل يدعو الله له ويتوسل بالإمام المهدي بأن يطلق لسانه، فانطلق لسانه بإذن الله وببركة الإمام المهدي#، فاحتفل الناس في الصحن الشريف بأمر الإمام السيد الميرزا حسن الشيرازي، وكان حينئذٍ مقيماً بسامراء، وألقيت في ذلك الاحتفال المشرق عدة من الكلمات والقصائد. وكان من الشعراء والأدباء الحاضرين حينئذٍ بسامراء الشيخ الملا عباس الزنوزي البغدادي المتوفى سنة 1313 هجرية، فأنشأ في هذه الكرامة قصيدة قال فيها:
وفي عامها جئت والزائرين *** إلى بلدة سرمن قد رآها
رأيت من الصين فيها فتى *** وكان سمي إمام هداها
وقد قيد السقم منه الكلام *** وأطلق من مقلتيه دماها
إلى آخر القصيدة التي لم نظفر منها إلّا بهذه الأبيات الثلاثة([5]).
ومنهم السيد حيدر الحلي المتوفى بتاريخ 9 /3/ 1304 هجرية، فنظم فيها قصيدته الغراء التي هنأ في آخرها علامة الزمن السيد الميرزا حسن الشيرازي المتوفى بتاريخ 24 /8/ 1312 (رحمه الله)، فقال فيها:
كذا يظهر المعجز الباهرُ *** فيعرفه البر والفاجرُ
ويروي الكرامة مأثورة *** يبلغها الغائب الحاضرُ
يقر لقوم بها ناظر *** ويقذى لقوم بها ناظرُ
فقلب لها ترحاً واقع *** وقلب بها فرحاً طائرُ
أجل طرف فكرك يا مستدل *** وأنجد بطرفك يا غائرُ
تصفح مأثر آل الرسول *** وحسبك ما نشر الناشرُ
ودونكه نبأً صادقاً *** لقلب العدو هو الباقرُ
فمن صاحب الأمر أمس استبان *** لنا معجز أمره باهرُ
بموضع غيبته قد ألم *** أخو علة داؤها ظاهرُ
رمى فمه باعتقال اللسـ *** ـان رام هو الزمن الغادرُ
فأقبل ملتمساً للشفاء *** لدى من هو الغائب الحاضرُ
ولقنه القول مستأجر *** عن القصد من أمره جائرُ
فبيناه في تعب ناصب *** ومن ضجره فكره حائرُ
إذ انحل من ذلك الاعتقال *** وبارحة ذلك الضائرُ
فراح لمولاه في الحامدين *** وهو لآلائه ذاكرُ
لعمري لقد مسحت داءه *** يد كل حي لها شاكرُ
يد لم تزل رحمة للعباد *** كذلك أنشأها الفاطرُ
فهذي الكرامة لا ما غدا *** يلفقه الفاسق الفاجرُ
أدم ذكرها يا لسان الزمان *** وفي نشرها فمك العاطرُ
وهنِّ بها «سرمرّا» ومن *** به ربعها آهل عامرُ
هو السيد الحسن المجتبى *** خضم الندى غيثه الهامرُ
عليم تربى بحجر الهدى **** ونسج التقى برده الطاهرُ
هو البحر لكن طما بالعلوم *** على أنه بالندى زاخرُ
لقد جل قدراً فلا ناظم *** ينال علاه ولا ناثرُ
كذا فلتكن عترة الأنبياء *** وإلا فما الفخر يا فاخرُ([6])
رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.
_______________________
([3]) المستدرك على الصحيحين 3: 368.
([5]) بحار الأنوار 53: 266، وقد نقلها كاملة، وهي من تسعة عشر بيتاً.
Related posts
Leave a Comment
You must be logged in to post a comment.