حدث في مثل هذا اليوم (1 ذي القعدة)

حدث في مثل هذا اليوم (1 ذي القعدة)

اليوم الأول منه هو أول الأيام الأربعين التي واعد الله فيها موسى (عليه السلام)، قال تعالى: ﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ([1]).

وقال تعالى: ﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً([2]).

قالوا: والفرق بين الآيتين أن الآية الاُولى ذكرت الموعد بكامله (أربعين ليلة)، والآية الثانية ذكرت الموعد بما فيه من البداء، فقد أخفى الله على نبيه موسى (عليه السلام) أنه يريد منها أربعين ليلة، وواعده بثلاثين ليلة فقط، ثم بدا له أنّه يريد منه أربعين ليلة، فأمره أن يتم الثلاثين بعشر. ولعله أراد من ذلك ـ جل وعلا ـ أن يختبر بني إسرائيل بما لو غاب عنهم موسى (عليه السلام) أكثر من الثلاثين التي وعدهم بغيبته عنهم فيها، فهل يثبتون على دينهم، ويقولون بالبداء الذي معناه ﴿يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ﴾، أم ينقلبون فيها على أعقابهم؟ فحصل منهم ما حصل من عبادة العجل مما دل على أنهم ليسوا أقوياء في دينهم إلّا من قلّ منهم من أتباع هارون (عليه السلام).

***

وفي اليوم الأول من شهر ذي القعدة سنة 4 من الهجرة وصل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعه ألف وخمسمئة من أصحابه إلى بدر الصغرى ـ وتسمى بدر الموعد ـ وذلك لأن أبا سفيان عند انصرافه من واقعة أحد نادى بالمسلمين: الموعد بيننا وبينكم بدر في العام القابل. فلما دنى الموعد، كره ابا سفيان الخروج، وأراد أن يصد النبي (صلى الله عليه وآله) عن الخروج أيضاً، فأرسل نعيم بن مسعود الأشجعي ـ وهو يومئذٍ لا يزال مشركاً ـ ليخذّل النبي (صلى الله عليه وآله) وأصحابه عن الخروج إلى الموعد، وجعل له على ذلك عشرين ناقة.

فجاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، وأخبره بأن اباسفيان قد ألّب جيشاً كثيراً، و أعد من العدة والسلاح ما لا مزيد عليه، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): «والذي نفسي بيده لأخرجن وإن لم يخرج معي أحد». وذلك قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ([3]).

وهو من باب استعمال لفظ الجماعة للمفرد؛ إذ إن المقصود بالناس نعيم بن مسعود. وأمثال ذلك في القرآن كثير، فخرج (صلى الله عليه وآله) في ألف وخمسمئة من أصحابه حتى وافوا بدراً في الليلة الأولى من شهر ذي القعدة سنة 4 من الهجرة، وكانوا قد أخذوا بضائع وتجارات لعلمهم أن العرب تقيم ببدر أسواقاً في كل حول من هلال ذي القعدة الى اليوم الثامن، فباعوا بضائعهم، وربحوا ضعف أثمانها، وانصرفوا رابحين. وقد سمع الناس بخروجهم، وذلك قوله تعالى: ﴿فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ([4]).

ولما أخفق أبو سفيان في تخذيل النبي (صلى الله عليه وآله) عن الخروج إلى أرض الموعد، لم يجد بداً من الخروج، فخرج في ألفين من أصحابه قريش، ولكنه لم يحبس على الوصول إلى بدرٍ خوفاً من أن تنشب الحرب بينه وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فسار بهم يوماً وليلة؛ ليتسامع الناس بخروجه، ثم رجع بهم من مر الظهران.

***

وفي ليلته من سنة 5 من الهجرة تزوج النبي (صلى الله عليه وآله) بابنة عمته زينب بنت جحش مطلقة زيد بن حارثة بأمر من الله؛ وذلك لإبطال سنة الجاهلية التي فرضوها على أنفسهم بأن من ادّعى بنوّة إنسان ما، فإنه لا يجوز له أن يتزوج زوجته من بعده. وقد بين الله ذلك في كتابه، فقال تعالى: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا([5]).

وأما ما قاله أعداء الإسلام من أن النبي (صلى الله عليه وآله) عشقها، فتنازل له زيد عنها، فهذا أمر لا أصل له، وستكتب شهادتهم ويُسألون.

***

وفيه ـ أي في اليوم الأول من ذي القعدة ـ سنة 6 من الهجرة خرج النبي| للعمرة المفردة بسبب الرؤيا التي رآها في منامه، وهي أنه (صلى الله عليه وآله) وجماعة من أصحابه يدخلون مكة معتمرين آمنين محلّقين رؤوسهم ومقصرين لا يخافون، فندب أصحابه إلى الخروج إلى العمرة بناء على رؤياه (صلى الله عليه وآله)؛ فإن رؤيا الأنبياء حقّ. فخرج معه من أصحابه نحو ألف وأربعمئة، فلما قربوا من مكة صدتهم قريش عن دخولها، فبقوا أياماً بمكان يقال له الحديبية ولذلك سميت غزوة الحديبية ـ وبعد أن أشرف الأمر على الحرب اصطلحوا على شروط منها أن يتراجع النبي (صلى الله عليه وآله) وأصحابه عن دخول مكة في هذا العام، ويأتي في العام القادم، وله أن يقيم بدلاً من اليوم الواحد ثلاثة أيام.

فشق على كثير من أصحابه أن يرضى بذلك، ولكنه (صلى الله عليه وآله) لم يكترث بهم، ورضي بذلك، وحصل تصالح بينهم وبين قريش على تلك الشروط المقررة التي حصل بها الخير الكثير للإسلام والمسلمين، وجاء النبي (صلى الله عليه وآله) بمن أحب من أصحابه في العام القادم، واعتمروا آمنين. وفي ذلك نزل قوله تعالى: ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيباً﴾([6]).

ومعنى ذلك أنه جل وعلا علم ما لم تعلموا من المصالح المترتبة على الصلح؛ من حقن الدماء وغير ذلك فجعل من دون دخولكم في هذا العام إلى مكة ﴿فَتْحاً قَرِيباً﴾. والفتح هنا اسم جنس؛ لأنه أكثر من واحد:

فالفتح الأول: هو الصلح الذي ترتبت عليه أمور كثيرة وكلها في صالح الإسلام والمسلمين.

والفتح الثاني: عمرتهم في السنة القادمة بأمن وسلام.

والفتح الثالث: كثرة دخول الناس في الإسلام ببركة الصلح.

الفتح الرابع: فتح مكة الذي حصل كنتيجة للصلح.

إلى غير ذلك من الاُمور. وقد روي أن الخليفة عمر لما سمع هذه الآية الكريمة سأل رسول الله (صلى الله عليه وآله): عن صلح الحديببية، أهو فتح يا رسول الله؟ فقال (صلى الله عليه وآله): «هو أعظم الفتح».

***

وفي كتاب (تقويم الشيعة) أن في هذا اليوم 1/ 11 من سنة 40 هـ توفي الأشعث بن قيس الكندي. وذلك بناءً على ما ذكره المؤرخون من أنه  مات بعد وفاة أمير المؤمنين (عليه السلام) بأربعين يوماً. قال ابن الأثير: إنه وفد على النبي (صلى الله عليه وآله) في وفد كندة، وكانوا ستين رجلاً فاسلموا، ثم ارتد بعضهم بعد موت النبي (صلى الله عليه وآله). وكان الأشعث ممن ارتد، فسيَّر لهم الخليفة أبو بكر سرية من المسلمين، فأخذوا الأشعث أسيراً، فلما أُحضر بين يدي الخليفة قال له: استبقني لحربك، وزوجني اختك.

فأطلقه أبو بكر، وزوجه أخته ـ وهي أم ولده محمد بن الأشعث ـ ثم سكن الكوفة، وشهد مع أمير المؤمنين (عليه السلام) صفين، وكان ممن ألزم الإمام (عليه السلام) بقبول التحكيم. قال ابن أبي الحديد: إن كل فساد حصل في خلافة علي (عليه السلام)، وكل اضطراب حصل فيها فأصله الأشعث بن قيس. وقال بعضهم: إنه كان في أيام علي (عليه السلام) كعبد الله بن اُبي في أيام الرسول (صلى الله عليه وآله). وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال «إن الأشعث شرك في دم الإمام علي (عليه السلام)، وابنته جعيدة سمت الإمام الحسن (عليه السلام)، وابنه محمد شرك في دم الحسين (عليه السلام)».

***

وفيه من سنة 72 هـ ـ أو ثلاث وسبعين هـ ـ احتل الحجاج ـ في أثناء محاصرته لابن الزبير بمكة احتل ـ جبل أبي قبيس، ونصب عليه المنجنيقات لضرب الكعبة، وكتب إلى عبد الملك ابن مروان بذلك، فلما وصل الكتاب إليه  كبر، وكبر من معه في القصر، واتصل التكبير بمن في جامع دمشق فكبروا، واتصل ذلك بأهل الأسواق فكبروا. ثم سألوا عن الخبر، فقيل لهم أن الحجاج حاصر ابن الزبير بمكة، وظفر بأبي قبيس. فقالوا: لا نرضى حتى يحمل الينا أبا قبيس مكبلاً بالحديد، وعلى رأسه برنس على جمل يمرّ به في الأسواق الترابي الملعون([7]).

قال المسعودي (رحمه الله): واستمر حصار الحجاج لابن الزبير مدة خمسين يوماً.

أقول: وإذا كان الحصار قد انتهى بقتله ـ كما هو المعلوم عند أهل التاريخ ـ فسيكون قتله بتاريخ 20/ 12/ 72 هجرية؛ فقد تقدم أنه بدأت محاصرته 1/ 10 وقيل: بعد ستة أشهر وسبعة عشر يوماً؛ وبحسب ذلك يكون قتله بتاريخ 17/ 4/ 73 هجرية. وقيل: إنه قتل يوم الثلاثاء لأربع عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة 73 هـ، والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

وفي اليوم الأول أيضا من سنة 125توفي والد الملوك العباسيين علي بن عبد الله بن العباس (رضي الله عنه) وقد تقدم أنه ولد في ليلة يوم 19 /9/ 40 هجرية، وأنه توفي في سجن هشام بالبلقاء سنة 118هـ، والله سبحانه وتعالى أعلم. والبلقاء في هذا الزمان: محافظة من المملكة الأردنية. رحمه الله برحمته.

***

وفيه من سنة 177 توفي بالكوفة شريك بن عبد الله بن الحارث النخعي الكوفي، فقيه، عالم بالحديث، اشتهر بقوة ذكائه وسرعة بديهته، استقضاه المنصور العباسي على الكوفة ثم عزله وأعاده المهدي، ولما تولى الهادي عزله عن القضاء، وبقي معزولاً حتى مات بالكوفة (رحمه الله).

***

وفيه من سنة 178هجرية تقريباً ـ وقيل: سنة 173هـ ـ ولدت السيدة المعصومة فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام)، وأما قول من قال: إن مولدها سنة 183، فهو اشتباه محض؛ لأنه لا يمكن أن يكون مولدها بعد سجن أبيها بنحو أربع سنين؛ لأن أباها أُخذ الى السجن كما في المجالس السنية وغيرها في 20/ 10/ 179 هجرية، وما زال في السجن إلى أن توفى بتاريخ 25 /7/ 183. فهذا أمر غير مقبول، ولعله اشتباه وتصحيف من سنة 178 إلى سنة 183هجرية أو غير ذلك ـ والله أعلم ـ.

وقد روى أنها شقيقة الإمام موسى الرضا (عليه السلام)، وأن الإمام الصادق (عليه السلام) أخبر عنها، وقال: «إن لله حرماً وهو مكة، وإن للرسول (صلى الله عليه وآله حرماً وهو المدينة، وإن لأمير المؤمنين حرماً وهو الكوفة، وإن لنا حرماً وهو بلدة قم. وستدفن فيها امرأة من أولادي تسمى فاطمة، من زارها وجبت له الجنة».

قال الحسن بن محمد القمي في كتابه (تاريخ قم): أخبرني مشايخ قم عن آبائهم أنّه لما أشخص المأمون الرضا (عليه السلام) من المدينة إلى مرو في سنة 200من الهجرة، شق فراقه على أخته المعصومة، فخرجت قاصدة إليه في سنة 201 من الهجرة، فلما وصلت إلى ساوة ـ وهي مدينة ومقاطعة في شمال غربي إيران خرّبها المغول سنة 1220م ـ مرضت، وقيل: إنها دُس لها السم على يد بعض أعوان المأمون وبأمر منه، فلما أحست بذلك سألت: «كم بيننا وبين قم؟». قالوا: عشرة فراسخ. فقالت: «احملوني إليها».

فحملوها إليها، فلما قربت منها ووصل خبرها إلى أهلها، خرجوا لاستقبالها، وتقدمهم موسى بن الخزرج بن سعد الاشعري، فلما وصل إليها أخذ بزمام  ناقتها، وجرها إلى منزله بتاريخ 23/3 /201. وكانت في داره سبعة عشر يوماً، ثم توفيت ـ رحمها الله ـ بتاريخ 10 /4/ 201. فأمر موسى بتغسيلها وتكفينها، وصلى عليها ودفنها في أرض كانت له، وهي الآن روضتها المقدسة، وبنى عليها سقيفة من البواري، الى أن بنت عليها القبة زينب بنت الإمام محمد الجواد (عليه السلام).

وقد تقدم أن وصولها إلى قم بتاريخ 23 /3/ 201، أو سنة 203 هـ، وأن وفاتها بتاريخ 10/ 4 سنة 201 أو 203هـ والله سبحانه أعلم.

وقد أنشأ في مدحها وذكرى مولدها الاستاذ الفاضل الشيخ الملّا حسين ابن الحاج عبد الحميد آل إسماعيل القطيفي المولود بتاريخ 29/ 7 /1390هـ ـ متع الله المؤمنين ببقائه ـ قصيدة قال فيها:

ولدت فاطم فعم السرورُ *** وتراءى من السماوات نورُ
ولدت فاطم ففاح عبيرٌ *** وتغنّت على الغصون الطيورُ
ولدت فاطم فهنوا النبيا *** والبتول الزهرا وهنوا عليا
وحسينا رمز الهدى والزكيا *** فهي نجم به تحيط البدورُ
ولدت فاطم فهنوا الأئمه *** فبميلادها انجلت كل ظلمه
فهي نور من الإله ورحمه *** وهي للمؤمنين نعم النصيرُ
ولدت فاطم وجبريل أقبلْ *** بالتهاني لآل طه المبجلْ
فاز من باسمها دعا وتوسلْ *** فكراماتها حكتها العصورُ
ولدت فاطم فأشرق بدرُ *** وعلى بيت تكتم فاح عطرُ
فهي من أهدها من العلم بحرُ *** وهي سر للمصطفى مستورُ
هي للمؤمنين كهف حصينُ *** يلتجي الملتجي ويأوي الحزينُ
وهي نور من الإله مبينُ *** فرح المصطفى لها والأميرُ
كم مريض بفاطم قد توسلْ *** في شفاه بجاهها الله يسألْ
ولما يبتغي من الله يحصلْ *** لعلاها أهل المعالي تسيرُ
يوم ميلادها الملائك طرا *** سجدت للإله حمداً وشكرا
مذبدا وجهها المنور بدرا
*** أقبل الصبح بالضيا يستنيرُ

وللشيخ الملا حسين ابن الحاج عبد الحميد آل إسماعيل القطيفي المولود بتاريخ[…]:

باسمه تعالى

مولود المعصومة (سلام الله عليها)

فاطمة بنت الإمام الكاظم *** حفيدة للسادة الأعاظمِ
قد جاءنا عن آلها الهداةِ *** قبل قدومها إلى الحياةِ
بأنها السيدة الشريفه *** والمرأة التقية العفيفه
وما حباها الله من فضائلِ *** سادت بها حتى على الأوائلِ
قد حملتها أطهر النساءِ *** أم البنين نجمة السماءِ
ولم تجد من حملها مصاعبا *** كلا ولم تجد بها متاعبا
بل وجدت في حملها السعاده *** من أول الحمل إلى الولاده
حتى أتت إلى تمام حملها *** واستقبل المولود جل أهلها
وعمت الفرحة فيما بينهم *** وهي كدرّة تشع وسطهم
ترعرعت في منزل الإمامه *** فانتهلت من منهل الكرامه
أحاطها الوالد بالعنايه *** فاكتسبت من منبع الهدايه
ثم أحاطها الرضا بالعلم *** واكتسبت منه صفات الحلم
فأصبحت عالمة نقيه *** طائعة لربها مرضيه
تقضي سواد الليل في العباده *** وهي لأمر ربها منقاده
وفي النهار هي خير صائمه *** وللكتاب هي خير خاتمه
قد عرفت بين الملا بالعابده *** وهي عن اللذات كانت زاهده
تبث أحكام النبي الهادي *** حتى يعم الخير في البلادِ
روت حديث أهل بيت العصمه *** لأنها بقولهم ملمّه
تميزت بأنها لم تروِ *** إلّاً حديثا عن ثقاة مروي([8])
واحتلت المكانة الكبيره *** عند فقيه الملة المنيره
إذ إنّه ما إن يصل إلى اسمها *** يستغنِ عمّن بعدها بعلمها([9])
وسميت كريمة للآلِ *** لما لها من المقام العالي
مقدامة بين الملا قد عرفت *** لأنها لكل منكر نفت
وأنها العالمة المحدثه *** تنزهت عن الأمور المحدثه
ورغّب الأئمة الأطهارُ *** في حبها لأنها منارُ
واخبروا بأن من يزورُها *** تلقاه في يوم الجزاء حورُها([10])
وأصبح ضريحها بقمّ *** مأوى لأتباع النبي الأمي

بل ملجأ لشيعة الكرارِ *** مما يصيبها من الأخطارِ
ألا ترى أقطاب أهل المعرفه *** إلى ضريح فاطم ملتهفه
تغدو إليه كل صبح ومسا *** فازعة إليه من كل أسى
وهي كما جاء عن الأطهارِ *** عشّ لآل المصطفى الأبرارِ
بل جاءنا عن صادق الأقوالِ *** بأن قم حرم للآلِ([11])
يا رب هب لي منك صدق ودِّها *** وود أحمد النبي جدِّها
وارزقني يا رب وصول قبرِها *** حتى أقوم عندها ببرِّها
لكي أنال من حبيبة النبي *** شفاعة إلى العلا تجوز بي
يا رب فارحمني بحق فاطمه *** ولا تذقني من لهيب الحاطمه
فإنها حبيبة الرسولِ *** وأمها فاطمة البتولِ
والمرتضى حيدرة الكرارِ *** والحسنين أفضل الأبرارِ
والتسعة الأبرار من آل علي *** ومن بهم كل الهموم تنجلي
صلِّ عليهم يا إلهي كلهم *** ونجني يوم اللقا بحقهم

إبراهيم عبد الله الدبوس

1/ 11/ 1422

***

وفيه من سنة 595هجرية توفي ببغداد الخليفة الثالث والثلاثون من ملوك بني العباس: المستضيء بأمر الله أبو محمد الحسن بن المستنجد بالله. وقد قالوا عنه: إنه رد المظالم، وأظهر من العدل ما لم يره الناس من قبل. وكان ذا حلم وأناة، وخطب له بالديار المصرية واليمن بعد أن انقطعت الخطبة لبني العباس في هاتين البلدتين من زمن المطيع بالله المتوفى سنة 364هجرية. ولما مات تولى بعده ولده الناصر لدين الله الذي تقدم ذكره في اليوم الثلاثين من شهر رمضان المبارك. رحمه الله برحمته.

***

وفي يوم 23 /7/ 1952م وهو الموافق تقريبا لهذا اليوم 1/ 11/ 1371 هجرية أطيح بالنظام الملكي في مصر، وطرد منها الملك فاروق آخر الملوك المصريين بعد أن ملك نحو (16) سنة، وتسلم محمد نجيب رئاسة الجمهورية لسنوات قليلة، ثم أبعده جمال عبد الناصر، وتولى السلطة بدلاً منه. فسبحان من لا يزول ملكه . وقد تقدم أن ذلك حصل بتاريخ 6 /10/ 1372هجرية، والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

وفيه من سنة 1392 توفي بتركيا ملك الأردن طلال بن عبد الله بن الحسين الهاشمي. ويعد الملك طلال من أبرز المناضلين العرب ضد الإنجليز في العصر الحديث؛ ولذلك عزل بدعوى المرض، وأبعد الى تركيا، وأقام فيها أكثر من عشرين عاماً إلى أن توفي بالتاريخ المذكور (رحمه الله).

***

وفي هذا اليوم 1/ 11 الموافق يوم الجمعة سنة 1397هجرية توفي بكربلاء المقدسة العلّامة الخطيب الشيخ أحمد ابن الحاج مهدي السويكت القطيفي من بلدة الدبيبية. وله مؤلفات نافعة، وكتب مفيدة، منها (نور الطريق وميزان التحقيق)، وهو كتاب استدلالي استدل فيه بأحاديث أهل البيت (عليهم السلام) على جميع ما جاء في أبواب الفقه من الطهارات إلى الديات. وقد احتوى الكتاب على (9008) حديث. قال (رحمه الله): وقد ابتدأت في كتابته يوم الجمعة 15 /1/ 1357هـ، وحصل الفراغ من نقله إلى البياض يوم الأحد 9 /8/ 1358هـ، واثبت في آخره بيتاً من الشعر قال فيه:

هذا كتابي يا فتى إذ تسل *** خطي وتأليفي وتجليدي

رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم 1/ 11/ 1427هجرية ـ الموافق يوم الخميس ـ توفي بأُم الحمام القطيف الخطيب الحاج الملا علي بن حسن آل قيصوم عن عمر قدره (87) سنة؛ فقد قال عنه صاحب كتاب (شعراء القطيف): إنه ولد سنة 1340 هجرية، وقد كان خطيباً وشاعراً وأديباً مع ما هو عليه من الورع والتقوى. وكان يمتلك مكتبة جيدة؛ لأنه كان مولعاً باقتناء الكتب، عارفاً بها مع كونه مكفوف البصر منذ صغر سنة. تغمده الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

____________________

([1]) البقرة: 51.

([2]) الأعراف: 142.

([3]) آل عمران: 173.

([4]) آل عمران: 174.

([5]) الأحزاب: 37.

([6]) الفتح: 27.

([7]) شرح نهج البلاغة 20: 144.

([8]) ذكر أئمة الحديث أنها كانت لا تروي إلا عن ثقة. السطور المنظومة في مولد المعصومة:  59.

([9]) نقل عن بعض الفقهاء أنه إذا وصل في الرواية إلى فاطمة المعصومة لا يسأل عن الرواة بعدها؛ لأنها لا تنقل إلّا عن ثقة.

([10]) روي عن الإمام الرضا (عليه السلام) أنّه قال عنها: «من زارها فله الجنة». وروي عن الإمام الجواد (عليه السلام) أنه قال: «من زار قبر عمتي بقم فله الجنة». كامل الزيارات ـ للشيخ بن قولوية، المطبعة الرضوية ـ النجف الأشرف ـ سنة 1356هـ ـ ص 324.

([11]) وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «إن لله حرماً وهو مكة، ولرسوله حرماً وهو المدينة، ولأمير المؤمنين حرماً وهو الكوفة، ولنا حرماً وهو قم، وستدفن فيه امرأة من ولدي تسمى فاطمة، من زارها وجبت له الجنة». بحار الأنوار للعلامة المجلسي ـ ج 48 ـ ص 317. وبأهل البيت بيروت ـ 1410ـ 1989.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top