السيدة المعصومة

السيدة المعصومة

السيدة المعصومة

ولادتها: في المدينة المنورة في الأول من ذي القعدة، سنة 173. وهي سليلة العترة النبوية المحمدية الزاكية، فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر ( ع) لقبت بفاطمة المعصومة، وتوفيت ودفنت في قم المقدسة سنة 201،
وورد في زيارتها: بعد السلام على آبائها …(السلام عليكِ عرف الله بيننا وبينكم في الجنة وحشرنا في زمرتكم، وأوردنا حوض نبيكم وسقانا بكأس جدكم من يد علي بن أبي طالب صلوات الله عليكم، أسأل الله أن يرينا فيكم السرور والفرج، وأن يجمعنا وإياكم في زمرة جدكم محمد (ص) وأن لايسلبنا معرفتكم إنه ولي قدير).

نفحات

روي عن الإمام الصادق (سلام الله عليه) أنه قال: «إن لله حرماً وهو مكة، وإن للرسولﷺ حرماً وهو المدينة، وإن لأمير المؤمنين (سلام الله عليه) حرماً وهو الكوفة، وإن لنا حرماً وهو بلدة قم. وستُدفن فيها إمرأة من أولادي تسمى فاطمة، فمن زارها وجبت له الجنة». البحار ج 60 ص 216.
وعن الإمام الصادق (ع): (سيأتي زمان تكون بلدة قم وأهلها حجة على أهل الخلائق، وذلك في زمان غيبة قائمنا إلى ظهوره، ولو لا ذلك لساخت الأرض بأهلها) بحار الأنوار 75/213. قال الشاعر:

إذا ما ألمت بك النائبات *** وعضت عليك بأنيابها
فلذ بكريمة أخت الرضا *** وحط الرحال بأعتابها
وثق إن دعوت الإله بها *** أتيت المدينة من بابها

نهنئكم بالمولد الشريف للسيدة فاطمة المعصومة (ع)، السيدة الطاهرة، قديسة آل محمد، الرمز الديني النوراني المقدس، المتوهج بنفحات أنوار الولاية المحمدية العلوية الربانية، المعصومة التي عصمت نفسها الطاهرة بورعها وتقواها وتهجدها لله رب العالمين. وأقول:

فاطم ذرة الهدى بنت موسى *** وأخوها الإمام شرف طوسا
هي فيض وقد حوت ناموسا *** من أراد الإله يهوى ضياها

فكانت بما اتّصفت به ممّا استحقّته عن قيامها بطاعاتها وتبتّلها وانقطاعها، ذلك الصرحَ الإلهيَّ المقدّسَ الذي تشدّ إليه الرحال من كلّ فجّ عميق، بلهفة وانسيابية وشوق؛ فالقلوب والهة إليها، والأفئدة عطشى لمعينها، والنفوس تهوى عطر الجنة الذي تستافه في روضها، وهي بهذا تعيد لزوّارها صورة جدّتها الزهراء (ع) ورعاً وشجاعة ومظلومية وغربة ومقصدا.
فإلى سر الأنس بأنوار آل محمدﷺ، وإلى فيض معينهم الزكي النقي الطاهر الذي تفيّأ ظلال العرش الأقدس، إلى الكهف الذي أضحى ملجأ الفارين إلى الله تعالى بآثامهم وذنوبهم، وملاذ الهاربين إليه سبحانه من خطاياهم وحُوبهم، وقِرى الراغبين بفيض كرمهم وجودهم.
إنها المحبة التي ليس لها حدود، حين تنطلق من مشاعرَ ملؤها الود والعشق والانجذاب الروحي، فلا ترتوي إلا بالنظر إلى ذلك الحرم القدسي المشعّ بأنوار الله وذكره، والمليء بطيب محمدي مضمخ بأنفاس السكارى الذين ثملوا بكأس روية من فيض نفحات أنوار الولاية والقداسة.
ولا لوم؛ فليس للعشق دواء إلّا بلقاء المعشوق، وإظهار المشاعر نحوه وبين يديه.
وها نحن هذا اليوم نعلن لساحة قدسها وقدس آبائها الكرام، كم أن قلوبنا تتلهّف إلى استنفاح أنوار ذلك الحرم الإلهي الطاهر المقدس، الذي عنت له الملوك برقابها، وطأطأت له العظماء هاماتها، وانحنى له العلماء والفقهاء الذين علموا بعرفانهم أن الإنسان إذا أراد أن يركّز حبّ الله تعالى في قلبه، فعليه بالاختلاف إلى مواطن أحبّائه، والتردّد إلى رياض أودّائه؛ لينير فكره، ويروي ظمأ قلبه، وهيام مشاعره بذكر الله وحمده وشكره، والثناء عليه في أقدس البقاع، وهي بيوت الله تعالى، ومهبط رحماته، وأنوار أوليائه.
إن حرم السيدة المعصومة الطاهرة في عش آل محمدﷺ في قم المقدسة هو أحد تلك البيوت، وهو العش الذي يمثّل قطب رحى العرفان للمريدين، ومحور فيوضات الاُنس للعاشقين، ومركز تحلية القلوب بالوجد الإلهي للطالبين الذين خلدهم التاريخ الزاخر بهذه الأنوار في صفحاته البيضاء، ولا زال كذلك. وهذا هو الشرف الذي ليس كمثله شرف، والمقام العلي الذي لاتطاله الأيدي، وإنما هو مقام سامٍ عزّ على غير العقول التي عرفته، والقلوب التي عشقته: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾.
فسلامي دائماً وأبداً على المقام الزاخر الطاهر، الذي احتضن فلذة قلب إمامنا باب الحوائج موسى بن جعفر (ع)، في طريق السير إلى الله، والإخلاص في عبادته.
وسلام على معصومة العلم والفضل والحسب والنسب، أم الفضائل والكرامات، المشهودة الطاهرة المقدسة.
وسلام على حلقات العلوم، وعلى القلوب المنشغلة حول قبرها بذكر الله وعبادته، حتى ارتقت بأنفاس أنوارها إلى سمات العارفين والمتهجّدين.
وسلام على أعلام الأمة الذين عاشوا جوارها ينهلون من معين آل محمدﷺ، حتى وصلوا إلى المنازل العالية، ونالوا الدرجات الرفيعة، وحازوا الملكات القدسية، ولم يفارقوها حتى بعد مماتهم، بل جاوروها بجثامينهم الطاهرة الزاكيات.
وسلام على المؤمنين الذين أقبلوا ومدوا أيديهم بالسلام على أخت الرضا من آل محمدﷺ وهم يبتهلون وينادون: يافاطمة اشفعي لنا عند الله، يافاطمة اشفعي لنا بالجنة.
ونحن إذ نشاركهم بأهازيج المديح والفرحة من القلوب الوالهة، نسجل أسماءنا في ديوانها بمشاركتهم تلك الفرحة بأنفاس الود والمحبة والولاء، وما ذلك إلا تخليداً وتعبيراً عما نكنّه لها في قلوبنا الولائية العاشقة، ولكل ما هو لمحمد وآل محمدﷺ:

وإذا أتيتت الريَّ فانحُ مقامَها *** تلقَ الشفاعة تحت سرّ قبابِها
واضرب هنالك منزلاً لك عندها *** لتنال أجراً من فيوض سحابِها
مصطفى آل مرهون

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top