حدث في مثل هذا اليوم ( 22 شعبان )

حدث في مثل هذا اليوم ( 22 شعبان )

قيل: في هذا اليوم كان هلاك نمرود، وقد تقدم أنه بتاريخ 28 / 4. والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

وفيه من سنة 588 هجرية توفي بحلب الشيخ الأجل، قطب المحدثين محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني، فخر الشيعة، ومروّج الشريعة. وفيه يقول الشاعر:

هو البحر لابل دون ما علمه البحرُ *** هو البدر لابل دون طلعته البدرُ
هو النجم لا بل دونه النجم رتبة *** هو الدرّ لا بل دون منطقه الدرُّ
هو العالم المشهور في الدهر والذي *** به بين أرباب النهى افتخر الدهرُ
هو الكامل الأوصاف في العلم والتقى *** فطاب به في كل ما ذكر الذكرُ
محاسنه جلت عن الحصر وازدهى *** بأوصافه نظم القصائد والنثرُ([1])

كان وحيد عصره، وإمام دهره، أحسن الجمع والتأليف، وغلب عليه علم القرآن والحديث، وهو صاحب كتاب (المناقب). وعظ على المنبر أيام المقتضي العباسي الخليفة الواحد والثلاثين من خلفاء بني العباس ببغداد المتوفى في شهر ربيع الأول سنة 555 هجرية، فأعجبه وخلع عليه. وكان بهي المنظر، حسن الوجه والشيبة، صدوق اللهجة، مليح المحاورة، واسع العلم، كثير الخشوع والعبادة والتهجد، لا يكون إلا على وضوء، أثنى عليه الكثير من علماء السنة ومؤلفيهم. عاش مئة سنة إلا عشرة أشهر، ودفن خارج حلب على جبل جوشن عند مشهد السقط. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم 22 من شهر شعبان سنة 1314 هجرية توفي بالنجف الأشرف في حياة أبيه الشيخ حسن ابن الشيخ صالح ابن الشيخ مهدي ابن الشيخ جعفر كاشف الغطاء، وعمره يومئذ 34 أو 35 سنة، ولم يعقب. وكان عالما فاضلاً مشهوراً بالعلم والفضل، ورعاً تقياً ثقة، حسن الأخلاق، جيد التقرير. وكان واستاذه المجدد السيد الميرزا حسن الشيرازي المتوفى بتاريخ 24 / 8 / 1312 هجرية (رحمه الله) ينوّه به، قال الأمين في (الأعيان): وقرأت عليه مع جماعة مدة في عوائد النراقي، فرأيت من فضله، وحسن تقريره، ومكارم أخلاقه شيئاً كثيراً… فلما مات رثاه كثير من الشعراء كالسيد ابراهيم الطباطبائي والسيد جعفر الحلي والشيخ محمد السماوي وغيرهم، ورثيته فقلت:

أي المدامع لما غبت ما سفحا *** وأي قلب عليك اليوم ما قرحا
لا يألف الطرف إلا السهد بعدك والـ *** ـفؤاد أقسم ألا يألف الفرحا
هل يعلم الدهر من أردت مخالبه *** ومن نحا بسهام الغدر حين نحا

إلى آخر القصيدة. ومن قصيدة السيد إبراهيم الطباطبائي قوله:

لم يبقَ في الدهر شيء بعد ذا حسن *** قد أزمع الحسن والإحسان والحسنُ
لا دَرَّ در زمان قد أساء بما *** قد نال من حسن يا قُبّح الزمنُ

إلى آخر القصيدة. ومن قصيدة السيد جعفر الحلي قوله:

أصات ناعيك لكن بالشجا شرقا *** بحيث لولا لسان الدمع ما نطقا
فلم يدع سامعاً إلا وعبرته *** بصدره اعتلجت حتى بها اختنقا
آه عليك فما في الدهر من حسن *** سواك حتى كأن الحسن ما خلقا([2])

إلى آخر القصيدة. رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

***

وفيه من سنة 1352 هجرية توفي بالنجف الأشرف الشيخ الأجل الشيخ محمد جواد البلاغي، بطل العلم والعمل الصالح، صاحب كتاب (الرحلة المدرسية) في ثلاثة أجزاء، باحث فيها الأديان على أصولها المسلَّمة عند منتحليها، عرف منها تضلعه في العلوم، وسعة اطّلاعه عليها، وإحاطته بها، طبعت باللغة العربية، وترجمت إلى اللغة الفارسية. وله كتاب (الهدى إلى دين المصطفى) جزآن رد فيه شبهات المسيحية على الإسلام، فكسب بذلك أهمية كبرى في العالم الإسلامي، وله (البلاغ المبين) جمع فيه أجوبته على المسائل الواردة عليه من البلدان المختلفة في الديانات، ولو طبع هذا الكتاب لكان أكبر هدية إلى العالم الإسلامي.

وكان (رحمه الله) ضعيفاً ناحل الجسم، تفانت قواه في خدمة الإسلام، وأكب في آخر عمره على كتاب تفسير للقرآن الكريم، ولكن وياللأسف لم يمهله الأجل المحتوم، فتوفي بالتاريخ المذكور 22 / 8 / 1352 هجرية عن عمر قارب 72. أما شعره، فهو في غاية الجزالة والرقة، ومنه قصيدته في مولد الإمام الحسين عليه السلام:

شعبان كم نعمت عين الهدى فيه *** لولا المحرم يأتي في دواهيه
قد أشرق الدين من أنوار ثالثه *** لولا تغشاه عاشور بداجيه
وارتاح للسبط قلب المصطفى فرحاً *** لو لم يرعه بذكر الطف ناعيه
قرت به عين خير الرسل ثم بكت *** فهل نهنيه فيه أو نعزيه
إن تبتهج فاطم في يوم مولده *** فليلة الطف أمست من بواكيه
أو ينتعش قلبها من نور طلعته *** فقد أديل بقاني الدمع جاريه
فقلبها لم تطل فيه مسرّته *** حتى تنازع تبريح الجوى فيه([3])

إلى آخر القصيدة المذكورة بكتاب (أدب الطف) للسيد جواد شبر. رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

___________________

([1]) الكنى والألقاب 1: 332.

([2]) أعيان الشيعة 5: 123 ـ 124.

([3]) أعيان الشيعة 4: 256، أدب الطف 9: 147.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top