حدث في مثل هذا اليوم ( 14 شوال)
وفي عصر هذا اليوم من سنة 3 من الهجرة ـ وكان يوم جمعة ـ خرج النبي (صلى الله عليه وآله) من المدينة إلى أحد لمقابلة قريش الذين جاؤوا لحربه، وكان معه (صلى الله عليه وآله) ألف رجل، فلما عسعس الليل رجع عبد الله بن أبيّ رئيس المنافقين في ثلاثمئة رجل، وبقي النبي| في سبعمئة فقط.
***
في ليلة هذا اليوم 14/ 10 أو ليلة يوم 14/ 12 سنة 8 من البعثة النبوية وقع حادث شق القمر الذي نوَّه به القرأن الكريم فقال: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ﴾([1]). وسبب ذلك أن قريشاً قالوا له (صلى الله عليه وآله): يا محمد، إن كنت نبياً فائتنا بمعجزة تشهد لك بذلك. فسألهم: «ماذا تريدون من الآيات؟». فقالوا: شق لنا القمر شقّين. قيل: وإنما قالوا له ذلك؛ لأن بعض علماء اليهود قال لهم: إن السحر إنما يعمل في الأرض، وأما في السماء فإنه لا يستطيع أن يعمل، شيئاً فاسألوه آية سماوية؛ فإنه إن كان ساحراً لا يستطيع أن يعمل شيئاً.
فلما سألوه شق القمر، سأل ربه، وأشار إلى القمر بأصبعه فانشق نصفين.
قال ابن مسعود: أشهد بالله لقد شاهدت جبل حراء بين نصفي القمر. ثم سألوه أن يرجعه إلى حالته الأولى، فأشارإليه فعاد، فقالت قريش: إن محمداً سحر أعيننا، فأرانا أن القمر قد أنشق وهو لم ينشق. فقال بعضهم: إن كان محمد قد سحر أعيننا، فإنه لا يستطيع أن يسحر أعين جميع الناس، فانتظروا المسافرين واسألوهم عن ذلك.
فانتظروا حتى إذا اقدم المسافرون سألوهم عن ذلك، فشهدوا أنهم رأوا ذلك في نفس تلك الليلة، وفي نفس ذلك الوقت، فقالوا: ﴿سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ﴾([2]).
وقد شاهد الناس من طريق الإنترنت أن رئيس الحزب الإسلامي البريطاني داود موسى بيتكوك يتحدث عن قصة إسلامه فيقول: أهداني أحد الطلاب المسلمين ترجمة للقرأن الكريم، فشكرته عليها، وأخذتها إلى البيت، وحين فتحت هذه الترجمة كانت أول سورة أشاهدها هي: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ﴾([3])، فقلت لنفسي: وهل يعقل هذا الكلام؟ وهل يمكن للقمر أن ينشق ثم يلتحم؟ وأي قوة تستطيع عمل ذلك؟ فصدتني هذه الآية عن مواصلة القراءة لترجمة القرأن، ولكن الله سبحانه كان يعلم مدى إخلاصي في البحث عن الحقيقة، فأجلسني ربي أمام التلفاز البريطاني يوماً، وكان هناك حوار يدور بين معلق بريطاني وثلاثة من علماء الفضاء الأمريكيين، وكان هذا المعلق يعاتب أولئك العلماء الثلاثة على الإنفاق الكثير على رحلات الفضاء في الوقت الذي تمتلئ فيه الأرض بمشكلات الجوع والفقر والمرض والتخلف، فلو كان هذا المال ينفق على عمران الأرض ونفع أهلها لكان أجدى وأنفع. وجعل أولئك العلماء الثلاثة يدافعون عن وجهة نظرهم، ويقولون: إن هذه التقنية تطبَّق في نواحي كثيرة من الحياة؛ حيث إنها تطبق في الطب والصناعة والزراعة وغير ذلك، فهذا المال ليس مالاً مهدراً.
وفي خلال هذا الحوار جاء ذكر رحلة إنزال الإنسان على سطح القمر باعتبار أنها أكثر رحلات الفضاء كلفة مالية، فقد كلفت أكثر من مئة ألف مليون دولار، فصرخ المعلق البريطاني وقال: وأي سفه أكبر من هذا، تنفقون مئة ألف ميليون دولار لكي تضعوا العلم الأمريكي على سطح القمر؟ فقالوا: ليس الهدف هو وضع العلم الأمريكي على سطح القمر، ولكننا أردنا أن ندرس التركيب الداخلي للقمر، فوجدنا حقيقة لو أنفقنا أضعاف هذا المال من أجل إقناع الناس بها ما صدَّقنا أحد. فقال لهم المعلق: وما هذه الحقيقة؟ قالوا: وجدنا أن هذا القمر قد انشق في يوم من الأيام ثم التحم. قال لهم: وكيف عرفتم ذلك؟ قالوا: وجدنا فيه حزاماً من الصخور قد نزلت من سطحه إلى جوفه، فسألنا علماء الأرض وعلماء الجيولوجيا، فقالوا جميعاً: لا يمكن أن يحصل هذا إلّا إذا كان هذا القمر قد انشق ثم التحم.
يقول داود موس بيتكوك رئيس الحزب الإسلامي البريطاني: فقفزت من الكرسي الذي أجلس عليه وقلت: معجزة تحدث لمحمد| قبل ألف وأربعمئة سنة يسخّر الله سبحانه لها الأمريكان، فينفقون عليها مئة ألف مليون دولار؛ ليثبتوها للمسلمين ولغيرهم من الناس لابد أن يكون هذا الدين حقاً. وعدت إلى المصحف وتلوت سورة القمر، وكانت مدخلي لقبول الإسلام. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
***
وفيه من سنة 86 هجرية توفي عبد الملك بن مروان. قال الثعالبي: وكان عبد الملك يقول: ولدت في رمضان، وفطمت في رمضان، وختمت القرآن في رمضان، وجاءتني الخلافة في رمضان، وأخشى أن أموت في رمضان. فلما انتهى رمضان ودخل شوال وأمن من الموت، مات في رابع عشر شوال سنة 86، وله من العمر 63، سنة ومدة خلافته منها إحدى وعشرون سنة، وخمسة عشر يوماً. وتولى بعده ولده الوليد بن عبد الملك بن مروان.
***
وفي هذا اليوم من سنة 1087 هجرية توفي السيد النجيب، السيد معتوق بن شهاب الموسوي. وهو من أمراء الحويزة، صاحب الشعر الكثير الطيب، وقد اعتنى ولده بشعره، فجمعه ورتبه وطبعه. ومن شعره قصيدته المشهورة في مرثية الإمام الحسين (عليه السلام)، والتي مطلعها:
هل المحرم فاستهل مكبرا *** وانثر به درر الدموع على الثرى
وانظر بغرّته الهلال إذا انجلى *** مسترجعاً متفجعاً متفكرا
واقطع ثمار الحزن من عرجونه *** وانحر بخنجره بمقلتك الكرى
وأنس العقيق واُنس جيران النقا *** واذكر لنا خبر الطفوف وماجرى
قتل الحسين فيا لها من نكبة *** أضحى لها الإسلام منهدم الذرا
ويل لقاتله أيدري أنه *** عادى النبي وصنوه أم ما درى([4])
الى آخر القصيدة المذكور في كتاب أدب الطف للسيد جواد شبر. رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.
***
وفي هذا اليوم 14 من شهر شوال سنة 1114هجرية ولد شيخ الاسلام، ولي الله بن عبد الرحيم بن وجيه الدين العمري الدهلوي الهندي الذي خاض في بحار المذاهب الأربعة وأصول فقههم خوضاً بليغاً، ونظر في الأحاديث التي هي متمسكاتهم في الأحكام، وارتضى منها طريق الفقهاء المحدثين، فكان كما قالوا عنه:
العالم الفاضل النحرير أفضل من *** بث العلوم فأروى كل ظمآنِ([5])
وقد توقى سنة 1176 هجرية، فكان عمره (62) فقط وقد تقدم وذكر ولده الشيخ عبد العزيز بتاريخ وفاته 7/ 10 سنة 1239 وأنه صاحب التحفة الإثنا عشرية التي تصدى للرد عليها كثير من علماء الشيعة الإمامية رحمهم الله برحمته.
***
وفيه من سنة 1323 هـ توفي بالنجف الأشرف العلّامة الكبير، والمجتهد الشهير، الشيخ محمد طه نجف، صاحب المؤلفات الكثيرة في الفقه والأصول، وأشهرها (إتقان المقال في علم الرجال). وقد دفن في الصحن العلوي الشريف إلى جنب استاذه الشيخ الأنصاري (رحمه الله). وجاء في كتاب (قصص وخواطر) للشيخ عبد العظيم البحراني عن السيد جعفر بحر العلوم قال: كنت جالساً في مجلس آية الله السيد علي بحر العلوم صاحب كتاب (برهان الفقه)، فدخل علينا مروّض ـ ويسمَّى عرَّافاً أيضاً ـ من مسلمي الهند، وعرَّف نفسه لسماحة السيد، وبعد أن استقر به المجلس أخبر عن نفسه أنه عرَّاف، وأن في استطاعته أن يخبرهم عن كل ما يسألون عنه، فطرحت عليه عدة أسئلة من الحاضرين، فكان يجيب عنها بالصواب وفق حسابات رياضية كان يحررها في ورقة.
وحينئذٍ أقبل عليه سماحة السيد فقال له: أخبرني عن الإمام المنتظر في أي مكان هو الآن؟ فبدأ العرَّاف يبحث عن الجواب من خلال حساباته الرياضية، وأبطأ في الجواب، فقال له السيد: لعله تعسر عليك الجواب؟ فقال: كلا، ولكني أفكر: من هو الشيخ محمد طه نجف؟ وكان لا يعرفه، فقالو له: إنه أحد مرا جع التقليد المعروفين عندنا في النجف الاشرف، فقال: إن الذي تسألون عنه هو الآن عند هذا الشيخ.
وعند ذلك قام سماحة السيد ومن معه وتوجه الى بيت الشيخ المذكور رغبة في أن يجتمعوا بالإمام (عليه السلام)، فلمّا صاروا بالقرب من بيته التقوا بإنسان يرتدي العباءة والكوفية والعقال، له هيبه ووقار، وكأنه من رؤساء العشائر. ولما دخلوا على الشيخ وجدوه جالساً وحده يبكي، ولما سألوه عن سبب بكائه قال: إنكم تعرفون ما أنا فيه من رجوع الكثير من الناس إلىَّ في مسائلهم واستفتائهم، وخصوماتهم، والتصرف بالحقوق بما أراه مناسباً، وقد بدأت أفكر في ذلك، وأخاطب نفسي: هل أنا مرضي عند الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) في ذلك أم لا؟ وقد توسلت إلى الله بمولاي أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يتيح لي ما يعرفني به موقفي.
فرأيته ليلة في المنام يخبرني أن ما أطلبه سيحصل لي على يد ولده الامام المنتظر (عليه السلام)، وقبل مجيئكم خلا المجلس من المراجعين، وذهب الخادم ليهيّئ بعض لوازم البيت، وبعد أن أردت القيام من المجلس دخل علي رجل كأنه من سادات العشائر العراقية، وبدأ يسألني عن بعض المسائل، ويشكل على أجوبتي لها بالإشكالات العلمية. وفي الأخير ضرب بيده على كتفي وقال: «أنت مرضي عندنا». وخرج وأنا متعجّب من إشكالاته ومن كلمته، ولم تنكشف غفلتي إلّا بعد أن بعد عن مجلسي؛ فأنا أبكي لعدم انتباهي لمعرفته. فقال له السيد بحر العلوم: شيخنا، ولهذا جئناك، وقد رأينا الرجل الذي ذكرته وأخبره بقصة المروض الهندي، وعرفه به. وقد كان مولد المترجم (رحمه الله) بالنجف سنة 1241، وقد قيل في تاريخ ولادته (رحمه الله):
حظى المهدي فينا ***بسعود وافتخارْ
إذ أتى طه فأرخ *** (كوكب الفضل أنار)([6])
1241
وعلى هذا يكون عمره يوم وفاته 82 سنة. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تضلَّنا بعدهم.
____________
([5]) خلاصة عبقات الأنوار 1: 167، نفحات الأزهار 1: 164.
Related posts
Leave a Comment
You must be logged in to post a comment.