حدث في مثل هذا اليوم (23 ربيع الأول)

حدث في مثل هذا اليوم (23 ربيع الأول)

قال صاحب كتاب (إعلام الورى)، وصاحب كتاب (بحار الأنوار) (رحمه الله): في هذا اليوم 23/من شهر ربيع الأول سنة 201 هجرية نزلت السيدة فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) واُخت الإمام الرضا (عليه السلام) بلدة قم قادمة من المدينة من أجل الاجتماع بأخيها الرضا (عليه السلام)، وقد توفيت بقم بعد وصولها إليها بسبعة عشر يوماً. قالوا: وقد جاء في أصحّ الروايات أنها لما وصلت ساوة مرضت، فسألت: «كم بيننا وبين قم في المسافة؟». فقالوا: عشـرة فراسخ. فقالت: «أحملوني إليها». فحملوها إلى قم، ولما قربت منها استقبلها أهلها يتقدمهم موسى بن الخزرج بن سعد الأشعري، فأخذ بزمام ناقتها وجرّها إلى منزله، فكانت في داره 17 يوماً، ثم توفيت([1]). وعلى هذا القول يكون يوم وفاتها 10 ربيع الثاني سنة 201 هجرية، وسيأتي الكلام عن ذلك.

وقيل: إن سبب وفاتها بقم أنها لما توجهت إلى أخيها الرضا بمرو ووصلت إلى قم سمعت بموت أخيها الرضا (عليه السلام)، فتوفيت بسبب ذلك. وبموجب ذلك تكون وفاتها سنة 203 هجرية، وهي سنة موت أخيها الرضا (عليه السلام) وذلك بتاريخ 17/شهر صفر، والله سبحانه وتعالى أعلم بحقائق الأمور.

***

وفي هذا اليوم 23 / 3/من سنة 367 هجرية توفي بمدينة قرطبة أبو بكر محمد بن عمر المعروف بابن القوطية؛ نسبة إلى جدة أبيه التي غلب اسمها على ذريتها، فعرفوا بها. وكان من أعلم أهل زمانه باللغة العربية، حافظاً للحديث والفقه، والنوادر والأخبار والأشعار، وطال عمره فسمع الناس منه طبقة بعد طبقة. ومما يروى عنه أبا بكر يحيى بن هذيل الشاعر التميمي توجه يوماً إلى ضيعة له بسفح جبل قرطبة، وهي من بقاع الأرض الطيبة المونقة فلقي أبا بكر ابن القوطية المذكور صادراً عن ضيعة له هناك، فاستبشر به التميمي وقال له على البديهة مداعباً له:

من أين أقبلت يا من لا شبيه له *** ومن هو الشمس والدنيا له فلكُ

فتبسم ابن القوطية وأجابه قائلاً:

من منزل يعجب النساك خلوته *** وفيه ستر على الفُتّاك إن فتكوا

فقبل يده، ودعا له، وافترقا([2])، رحم الله الجميع برحمته.

***

في هذا اليوم 23 /3/ 512 هجرية توفي الخليفة الثامن والعشرون من خلفاء بني العباس ببغداد المستظهر بالله أحمد بن عبد الله المقتدي بأمر الله العباسي، وله من العمر إحدى وخمسون سنة. ومدة خلافته منها خمس وعشرون سنة، وفي أيام خلافته سنة 492 هجرية أخذ الافرنج بيت المقدس بعد حصار دام نحو 45 يوماً، وقتل الإفرنج من المسلمين ما يقارب سبعين ألفاً، منهم جماعة من العلماء والصالحين.

وما زال بيت المقدس بأيدي الصليبيين إلى سنة 583، فاسترده صلاح الدين الأيوبي وكثيراً من البلدان الشامية، بعد تسعين سنة من أخذهم له.

ولما مات المستظهر بالله تملك بعده ولده المسترشد بالله، فسبحان من تفرد بالعزّ والبقاء، وقهر عباده بالموت والفناء.

***

وفي هذا اليوم من سنة 1181 هجرية توفي بالقطيف العالم النحرير، والواعظ الكبير، والشاعر الشهير، الشيخ حسن الدمستاني البحراني الذي كان مع ما هو عليه من الفضل والفضيلة يعيش على نتاج مزرعته التي يعمل فيها بيده، وينزح دلاءها بنفسه. وقد اشتهر عنه (رحمه الله) أنه وردت في زمانه مسائل من علماء أصفهان إلى علماء البحرين ليجيبوا عنها، فلما وصلت إلى حاكم البحرين الموظف من قبل ملوك إيران حينئذٍ أرسل بعض رجاله إلى بعض العلماء ليجيبوا على تلك المسائل، ومنهم الشيخ المذكور. فلما وصل رجل الدولة إلى بلاده دمستان وسأل عنه أتى به بعضهم إلى ذلك الشيخ في مزرعته، فلما وجده رجل الدولة يسقي بالدلاء، وعليه ثياب خلقة، وعنده صبية تروس عليه، ظن أن الرجل الذي جاء به إليه يسخر منه، فضربه وشتمه.

فلما سمع الشيخ ورأى أقبل إليهم وسألهم: لماذا حصل الضرب والشتم؟ فاخبروه، فقال الشيخ: صدق الرجل، وأنا الذي تريدون، فماذا عندكم؟ فأخبروه أنهم يريدون أجوبة هذه المسائل، فأخذها فنظر فيها، ثم أمر تلك الصبية أن تأتيه بالدواة والقلم، فكتب الجواب بحضرتهم من غير مراجعة.

وقد هاجر هذا الشيخ الزاهد والحبر العابد بسببٍ ما إلى القطيف، ومازال بها إلى أن توفي (رحمه الله)، ودفن بها في مقبرة الحبّاكة الغربية خلف الركن الغربي الجنوبي من مسجدها المسمى بمسجد العابدات، وقبره بها مشهور. وله مدائح ومراثٍ كثيرة لأهل البيت (عليهم السلام)، ومنها ملحمته المشهورة، ألا وهي:

أحرم الحجاج عن لذاتهم بعض الشهورْ *** وأنا المحرم عن لذاته كل الدهورْ
كيف لا أحرم دأباً ناحراً هدي السرورْ
***  وأنا في مشعر الحزن على رزء الحسينْ

طبع له كتاب: (انتخاب الجيد من تنبيهات السيد) في مجال علم الرجال، وقد وضع فيه المؤلف مقدمة بين فيها تفاصيل مشروعه فيما كتبه السيد هاشم ابن السيد سليمان الحسيني البحراني التوبلي تحت عنوان: (التنبيهات) عدد صفحاته 637، نشر شركة دار المصطفى (صلى الله عليه وآله) لإحياء التراث 1428هـ. كما طبع له سابقاً ديوان (نيل الأماني)

رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم من سنة 1410 هـ توفي الشيخ الميرزا جواد الطهراني، ودفن في مقبرة جنة الرضا (عليه السلام) بمشهد. وكان إذا خرج إلى جبهات الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية يحمل معه كفنه، ويوصي رفقاءه أن يكفنوه بهذا الكفن، وأن يدفنوه أينما مات أو أينما وقع شهيداً إن كتبت له الشهادة، وألّا ينقلوه إلى مكان آخر، وألّا يؤخّروا دفنه من وقت إلى وقت. رحمه الله برحمته.

***

وفيه من سنة 1417 هجرية توفي الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري. وقد تقدم أنه ولد بتاريخ 17 /3/ 1317 هجرية، فيكون عمره يوم وفاته 100سنة وستة أيام. ومن شعره (رحمه الله) قصيدته العينية المشهوره في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام)، ومنها قوله:

فداءً لمثواك من مضجع *** تنوَّر بالأبلج الأروعِ
بأعبق من نفحات الجنا *** ن روحاً ومن مسكها أضوعِ
ورعياً ليومك يوم الطفوف *** وسقياً لأرضك من مصرعِ
وحزناً عليك بحبس النفوس *** على نهجك النيّر المهيعِ
وصوناً لمجدك من أن يُنالَ *** بما أنت تأباه من مبدعِ
فيا أيها الوتر في الخالديـ *** ـن فذّاً إلى الأن لم يشفعِ
ويا عظة الطامحين الفطام *** للاهين عن غدهم قنّعِ
تعاليت من مفزع للحتوف *** وبورك قبرك من مفزعِ
تلوذ الدهور فمن سجّد *** على جانبيه ومن ركّعِ
شممت ثراك فهب النسيم *** نسيم الكرامة من بلقعِ
وعفّرت خدي بحيث استرا *** ح خد تفرّى ولم يضرعِ
وحيث سنابك خيل الطغا *** ة جالت عليه ولم يخشعِ
وخلت وقد طارت الذكريات *** بروحي إلى عالم أرفعِ
وطفت بقبرك طوف الخيال *** بصومعة الملهم المبدعِ
كأن يداً من وراء الضريـ *** ـح حمراء مبتورة الأصبعِ
تمد إلى عالم بالخنو *** ع والضيم ذي شرق مترعِ
لتبدل منه جديب الضمير *** بآخر معشوشب ممرعِ
وتدفع هذي النفوس الصغا *** ر خوفاً إلى حرم أمنعِ
فيابن البتول وحسبي بها *** ضماناً على كل ما أدّعي
ويابن التي لم يضع مثلها *** كمثلك حملاً ولم ترضعِ
ويابن البطين بلا بِطنة *** ويابن الفتى الحاسر الأنزعِ
ويا غُصن هاشمِ لم ينفتح *** بأزهر منك ولم يفرعِ
ويا واصلاً من نشيد الخلود *** ختام القصيدة بالمطلعِ
تمثّلت يومك في خاطري *** ورددت صوتك في مسمعي
ومحصت أمرك لم أرتهب *** بنقل الرواة ولم أخدعِ
وجدتك في صورة لم أرع *** بأعظم منها ولا أروعِ
وماذا أروّع من أن يكو *** ن لحمك وقفاً على المبضعِ
وأن تطعم الموت خير البنين *** من الأكهلين إلى الرضّعِ
وخير بني الأم من هاشم *** وخير بني الأب من تبَّعِ
فقدّست ُ ذكراك لم أنتحل *** ثياب التقاة ولم أدّعِ
وآمنت إيمان من لا يرى *** سوى العقل في الشكّ من مرجعِ
بأن الإباء ووحي السماء *** وفيض النبوةّ من منبعِ
تجمع في جوهر خالص *** تنزّه عن عرض المطمعِ

وقد ألقى الشاعر المترجم قصيدته هذه في الحفل الذي أقيم لذكرى استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء المقدسة في يوم 26/تشرين الثاني عام 1947م، والموافق 13 /1/ 1367 هجري. ونشرت في جريدة الرأي العام العدد 229 بتاريخ 30/تشرين الثاني من العام المذكور: 1947م.

وكتبوا خمسة عشر بيتاً منها بالذهب على الباب الرئيس الذي يؤدي إلى الرواق الحسيني الطاهر، رحم الله الشاعر برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

___________

([1]) بحار الأنوار 48: 290/ 9.

([2]) وفيات الأعيان 4: 369.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top