حدث في مثل هذا اليوم (4 شعبان)
في هذا اليوم المبارك من سنة 26 أو سنة 27 هجرية وُلد بالمدينة المنورة قمر بني هاشم أبو الفضل العباس بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) من أمّه الطاهرة أُمّ البنين الكلابية. وللمؤلّف (سامحه الله) قصيدة في مدحه وذكرى مولده (عليه السلام)، قال فيها:
مولدُ الفضلِ في أبي الفضل جاءا *** فاستحالَ الظلام منه ضياءا
إلى آخر القصيدة المطبوعة في كتابه (من سيرة الحسين (عليه السلام)) فراجع([1]).
***
وفي ليلة هذا اليوم من سنة 60 هجرية وصل الحسين (عليه السلام) إلى مكة المكرمة قادماً من مدينة جدة (صلى الله عليه وآله) التي فارقها ليلة 28 / 7، وهذا يدل على أنّ الحسين (عليه السلام) كان يسير بظعينته ليلاً ونهاراً؛ لأن الإبل لا تقطع ما بين الحرمين إلّا في أكثر من عشرة أيام على السير المتعارف وقد قطعه الحسين (عليه السلام) في ستة أيام؛ لأنّ خروجه من المدينة بتأريخ 28 / 7، وهذا ممّا يؤيّد ما قاله من أنّه (عليه السلام) خاف أن يلحقه الطلب من الأمويين، وصدق الشاعر حيث يقول:
خرجَ الحسينُ من المدينةِ خائفاً *** كخروجِ موسى خائفاً يتكتَّمُ
لكنّ موسى لم يكن بعيالهِ *** فمصيبةُ السبطِ المعظَّمِ أَعْظَمُ([2])
***
وفيه من سنة 440 هجرية تُوفّي أبو سعيد وأبو الخير فضل الله، كان نادرة عصره وعزيز مصره، له رباعيات بالفارسية وله شعر كثير بالعربية، ومنه قوله:
يا مَن حاجتي وروحي بيدَيْكَ *** أعرضتُ عن الغيرِ وأقبلتُ إليكَ
مالي عملٌ صالحٌ أستظهرُ بِهِ *** قد جئتُكَ راجياً تَوكَّلْتُ عليكَ([3])
قال صاحب الكنى والألقاب: حكي أنّ هذا الشعر رقية للأرضة، يُكتب على الموضع الذي يُخاف عليه منها. رحمه الله برحمته([4]).
***
وفي هذا اليوم ـ 4 / 8 ـ من سنة 454 هجرية تُوفّي بـ(ـالقيروان) مدينة في تونس المعز بن باديس بن المنصور الحميري الصنهاجي صاحب أفريقية وما والاها من بلاد المغرب.
قال ابن خلكان: وكان ملكاً جليلاً، عالي الهمّة، محباً لأهل العلم، كثير العطاء… وقد مدحه الشعراء وانتجعه الأدباء، فكانت حضرته محطّ آمال بني الآمال، ومن محاسنه أنّه حسم الخلاف بين الناس في المذاهب([5]).
ومما يُحكى عنه أنّه أُهديت إليه يوماً إترجّة ذات أصابع، وكان عنده جماعة من الشعراء، فأمرهم أن يقولوا فيها شيئاً من الشعر، فقال فيها الحسن بن رشيد القيرواني المتوفّى بتأريخ سنة 456 أو سنة 463 هجرية:
أترجّة سبطة الأطراف ناعمةٌ *** تلقى العيونَ بحسنٍ غيرِ منحوسِ
كأنّما بسطتْ كفّاً لخالقها *** تدعو بطول بقاءٍ لابن باديسِ([6])
فاستحسن ذلك منه وفضَّله على غيره ممّن حضره.
كان عمره يوم وفاته 56؛ فقد كانت ولادته بالمنصورية من أعمال أفريقية بتأريخ: 5 /5/ 398 هجرية، ومدّة خلافته منها 48 سنة؛ فقد بويع بالخلافة بعد موت أبيه بتأريخ: 30 /11/ 406 وعمره حينئذٍ 8 سنين، ولم تطل مدّة أحد من أهل بيته في الولاية كمدّته. رحم الله الجميع برحمته.
***
وفيه من سنة 583 هجرية ـ وكان يوم جمعة ـ صلّى المسلمون ومعهم صلاح الدين الأيوبي صلاة الجمعة لأوّل مرّة في بيت المقدس بعد أن مرت عليه 91 سنة تحت أيدي الصليبيين. وكان إمامَ الصلاة محيي الدين أبو المعالي بن زكي الدين الفقيه الدمشقي الشافعي المتوفّى سنة 598 هجرية. ولمّا أذّن المؤذّن لصلاة الجمعة كادت القلوب تطير من الفرح، وصعد محيي الدين المنبر فكان أوّل ما قال: ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾([7])، ثمّ قرأ تحميدات القرآن كلّها، ثمّ قال: الحمد لله معزّ الإسلام بنصره ومذلّ الشرك بقهره ومصرف الأمور بأمره ومزيد النعم بشكره. ثمّ استمر في خطبته البليغة التي ذكر فيها شرف بيت المقدس وما ورد فيه من الفضائل والترغيبات وما فيه من الدلائل والأمارات، فمَن أراد الإطلاع عليها فليراجع (الكامل)([8]) لابن الأثير. وقد تقدّم أنّ تحرير بيت المقدس من أيدي الصليبيين حصل بتأريخ: 27/ 7/ 583 هجرية، وهو الآن تحت أيديهم، ونسأل الله أن يعيده على المسلمين ويطهّره من رجس الصهاينة والصليبيين إنّه مجيب دعوة المضطرين، وصلّى الله وسلّم على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
***
وفيه من سنة 694 هجرية تشرّف السلطان غازان خان ابن السلطان محمود المغولي باعتناق الإسلام وجعله ديانة للدولة المغولية، وسمّى نفسه محمداً تيمّناً باسم الرسول (صلى الله عليه وآله)، وبسبب إسلامه أسلم أكثر من مائة ألف من أتباعه، وأنعم على علماء الإسلام بجزيل الإنعام وأمر بتخريب بيوت النيران وتكسير الأصنام، وأنشأ المؤسسات الخيرية في (تبريز)، وشجّع رشيد الدين على تأليف كتاب (جامع التواريخ)، وتُوفّي غازان بنواحي الري سنة 703 هجرية، وكانت مدّة ملكه ثمان سنين وعشرة أشهر، وقيل في نسبه: إنّه غازان بن أرغون بن أبغا ابن هولاكو بن تولي خان بن جنكيز خان، كما قيل عنه إنّه الملك الثامن من ملوك المغول، ولمّا تُوفّي بالتأريخ المذكور سنة 703 هجرية تولّى أخوه خدا بنده بن أرغون المتوفّى 17 / 9 / 716 هـ والذي تشيع على يد العلّامة الحلّي المتوفّى بتأريخ 11 / 1 / 726 هجرية. رحم الله الجميع برحمته وأسكنهم فسيح جنّته.
***
وفي هذا اليوم من شهر شعبان ـ وقيل: من شهر رمضان ـ سنة 1333هـ تُوفّي بكربلاء الشيخ الجليل سماحة الشيخ محمد صالح ابن الشيخ أحمد آل طعّان البحريني القطيفي القديحي، الذي كان مولده بتاريخ 1281هجرية؛ وبموجب هذا التأريخ يكون عمره يوم وفاته 52سنة فقط. وتوفّي أبوه بتأريخ1/ 10/ 1315، وقد قال عنه صاحب كتاب (شعراء القطيف): إنّ موته قد أحدث فراغاً كان يشغله بعد أبيه المتوفّى بالبحرين بتأريخ: 1 / 10 / 1315 هجرية([9]).
وللمترجم مآثر وآثار أدبية ومؤلّفات نافعة، منها كتاب (درايع الآمال فيما يخصّ السنّة من الأعمال)، وكتاب (الدرّة الثمينة في أعمال مكة والمدينة)، ومن آثاره ديوانه الذي جاء أكثره على طريقة التخميس للأصل المنسوب لغيره كتخاميسه لبعض قصائد السيد حيدر الحلّي المتوفّى بتأريخ: 9 / 3 / 1304هـ. ومن تخاميسه (رحمه الله) لبعض أبيات القصائد للسيّد المذكور قوله:
رقى للشهادة في رفرفِ *** وماستْ إليهِ بلا مطرفِ
وحنَّتْ إلى الوصلِ في معطفِ *** (جلَتْها له البيضُ في مُوقِفِ
به أثكل السمر خرصانها)
فجاءتْ على الجِدِّ دونَ المُزاحْ *** ولا من مناص ولا من براحْ
وألْوتْ عليه مواضي الصفاحْ *** (فبات بها تحتَ ليلِ الكفاحْ
طَروب النقيبة جذلانها)
فأمسى بها فوقَ تلك البطاحْ *** ونالتْ بما ليس بالمُسْتباحْ
وصار النثار هناك النياحْ *** (وأصبح مُشْتَجَرَاً للرماحْ
تحلِّي الدِّما مِنْهُ مُرّانها)
فلمّا رأتْ منه أزكى الصفات *** أماطتْ عليه رداءَ المَمَات
وأَلْقَتْهُ ظام على المرهفات *** (عفيراً متى عاينتْهُ الكُمَاة
يَخْتَطِفُ الرُّعْبُ أَلْوانَها)
فيا عَجَبُ الدَّهرُ مِنْ شَكّلِهِ *** صريعاً على التّربِ مِنْ فعلِهِ
يردُّ أعاديهِ عَنْ قَتْلِهِ *** (فما أجْلتِ الحربُ عن مثلِهِ
صريعاً يُجبِّنُ شجعانَها)
وقد ذكر صاحب كتاب (شعراء القطيف)([10]) بعض شعره. رحمه الله برحمته وأسكنه فسيح جنّته.
***
وفي هذا اليوم ـ 4 / 8 ـ من سنة 1420 هجرية تُوفّي بالقطيف الحاج أحمد بن سلمان الكوفي القطيفي الشاعر الشهير والأديب الكبير، وقد كان مولده (رحمه الله) بتأريخ: جمادي الأولى من سنة 1324 هجرية؛ فعمره يوم وفاته (رحمه الله) (96) سنة، وقد ترجم له كاتب (شعراء القطيف)([11]) وأثنى عليه بما هو أهله وذكر بعض قصائده، كما ترجم له المقدس كاتب (الأزهار الأرجية)([12]) وذكر بعض قصائده، ومن قصائده المذكورة المشهورة قصيدته الحكمية المسمّاة (الأضداد)، والتي قال فيها:
إقرَ الطبيعة تلقَ في صفَحَاتِها *** غِيَراً تدل على الحكيمِ المُبّدِعِ
ولو استوتْ في حُسْنها أو قُبْحِها *** ما لِلْمَذمّة والثنا مِنْ موضِعِ
الحُسْنُ لولا القبح لم يُرَ عاشقاً *** فيها يهيمُ على الجمالِ المُبْدِعِ
والطِّيْبُ لَولا النِّتْنُ لم تكُ قيمةُ *** مبذولةٌ لأريجةِ المتضوّعِ
لو لم تكن نِعَمٌ وبُؤس في الورى *** لم يشكر المُسْدِي النعيمَ الممرعِ
لولا الممات مع التناسلِ في الورى *** ضاقتْ بهم سبلُ الفضاءِ الأوْسَعِ
لولا الغباوة والبلاهة لم يكن *** متجلّياً فيها ذكاءُ الألمَعِي
والعلمُ لولا الجهلُ لم يَسْطَعْ سَنَاً *** كالبدرِ لولا الليلُ لم يَتَشَعْشَعِ
لو لم يكن فيها لسانٌ أَلْكَنٌ *** ما نَوَّهَتْ باسم الخطيبِ المُصْقِعِ
وديوانه الذي جُمعت فيه بعض أشعاره دليل على قدرته الأدبية. رحمه الله برحمته وأسكنه فسيح جنّته.
________________
([2]) المجالس الفاخرة في مصائب العترة الطاهرة: 184، ولم يذكر البيت الثاني.
([5]) وفيات الأعيان 5: 233 ـ 234.
([8]) الكامل في التاريخ 9: 184.
([9]) شعراء القطيف 1: 223.
([10]) شعراء القطيف 1: 223 ـ 225.
([11]) شعراء القطيف 2: 415.
([12]) لم نعثر على ترجمته، نعم ذكر بعض قصائده. انظر الأزهار الأرجية م3، ج8: 317، وم5، ج 13: 523.
Related posts
Leave a Comment
You must be logged in to post a comment.