سجودٌ في مصلَّى المَوت

سجودٌ في مصلَّى المَوت

سجودٌ في مصلَّى المَوت

ثاوٍ ..
تُحَدِّقُ في الآفاقِ عَيناهُ
تَكادُ تُخبِرُ عَمّا كانَ أخفاهُ

يَمشي
ويُسمِعُ من نَجواهُ .. هَمهَمةً
كأنّما تَقرَأُ التَوديعَ .. نَجواهُ

ماذا أراعَ ” عليَّ المُرتَضَى ” ..
سَحَرًا
ولمْ يجِدْ لَذّةَ الغافِينَ .. جَفناهُ

وأيُّ رُؤيًا رَآها ..
فاستَوَى فَزِعًا
وكيفَ يَفزَعُ من تَخشاهُ أَعداهُ

وكيفً يرهَبُ من مَوتٍ
وصارِمُهُ
ما انفكَّ يَقطُرُ في الأهوالِ .. حَدّاهُ

مُزلزِلٌ كَرُّهُ ..
في كلِّ نازِلةٍ
وغيرُهُ في غِمارِ الحَربِ .. أشباهُ

سَلْ عنهُ بَدرًا ..
وسلْ أمُّ الرَدَى .. أُحُدًا
وقد تَزلزلَ جيشُ الحقِّ .. لولاهُ

سَنَّ البطولاتِ
بل في عَضبِهِ انتسبَتْ
وما رأتْ من يُخيفُ المَوتَ إلّا هُو

وعادَ يَنعَى الى الآفاقِ
نَفسَ هُدًى
والكونُ يَنشُجُ حُزنًا .. وااااا عَلِيّاهُ !

وهَمَّ يَفتَحُ بابَ الدارِ
يومَ سَرَى
فانَحَلَّ مِئزَرُهُ .. واعُظْمَ بَلواهُ

فَشَدَّهُ
وهْوَ يَتلُو آيَ مَصرَعِهِ
كَمن يَرَى مُوقِنًا ما سَوفَ يَلقاهُ

مُوَدِّعًا
تَقرأُ الأنحاءُ في فَمِهِ
حُزنَ الصلاةِ .. ويُشجِي الليلَ مَسراهُ

ومُذْ أحسَّ بهِ المَثكُولُ ..
مَسجِدُهُ
يكادُ من لوعةٍ يبكي .. وينعاهُ

وحِينَ أذّنَ ..
أشجَى كلَّ ناحِيةٍ
فَضَجَّ كلُّ مَكانٍ .. وا إماماهُ

لن يَسمعَ الناسُ ..
– بعدَ اليومِ – قاطِبةً
صَوتَ الوصِيِّ .. وقد حانتْ مَناياهُ

وراحَ يَخطُرُ بينَ الناسِ ..
يّوقِظُهُمْ
يَمُدُّ باللُّطفِ وهْوَ اللطفُ .. يُمناهُ

هُناكَ ..
كانَ عَدوُّ اللهِ مُنكَفِئًا
فعادَ يُخبِرُ عمّا كانَ أخفاهُ

وكانَ مِحرابُهُ
يَنعاهُ في وَجَلٍ
وكانَ يكمُنُ خلفَ الغَدرِ .. أعداهُ

حتَى إذا ما أقامَ الفَرضَ
وهْو بهِ
وخَرَّ تسجُدُ لِلرحمنِ أعضاهُ

أهوَى عليهِ عَدُوُّ اللهِ
مُنتَقِمًا
فَشقَّ رأسَ الهُدى غَدرًا وأرداهُ

وراحَ جِبريلُ ينعَى
قتلَ سيِّدِهِ
والأرضُ تهتزُّ حزنًا .. واعليّاهُ

حسين بن ملّا حسن آل جامع
شهادة أمير المؤمنين علي(ع)
١٩ من شهر رمضان الحزين ١٤٤٣ ه

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top