خطبة الجمعة 4/11/1433هـ- لا يزول قدم عبد يوم القيامة بين يدي الله عز وجل، حتى يسأل عن أربع خصال
الحمد لله رب العالمين، ديان يوم الدين، خالق الخلائق أجمعين، به نتوكل ونستعين، فهو خير ناصر ومعين، العافي عن المذنبين، قابل توبة التائبين، ونصلي ونسلم على سيد الخلق أجمعين، حبيب قلوب العالمين، نبينا محمد وآله الطاهرين.
أيا من عاش في الدنيا قليلا * وأفنى العمر في قيل وقال
وأتعب نفسه فيما سيفنى * وجمع من حرام أو حلال
هب الدنيا تقاد إليك عفوا * أليس مصير ذالك للزوال
روى الإمام محمد الباقر (ع) عن جده رسول الله (ص) قال: (لا يزول قدم عبد يوم القيامة بين يدي الله عز وجل، حتى يسأل عن أربع خصال، عن عمره في ما أفناه، وعن جسده في ما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفي ما أنفقه، وعن حبنا وولايتنا أهل البيت)
والرواية تتحدث عن نقطة مهمة في حياة الإنسان، وهي إنه مسؤل عن امواله أين أنفقها، يقول الأخلاقيون: وذالك باعتبار أن المال له جانبان:
الجانب الأول جانب المخاطر. ويتجلى ذلك
أولا: في أن المال يجر إلى معصية الله بالانشغال بالشهوات والملذات الدنيوية.
ثانيا: الانشغال بالمباحات وربما وقع في الشبهات، ولتحقيق الربح ربما وقع في معصية الكذب والأخلاق المذمومة.
ثالثا: ربما ألهاه المال عن ذكر الله، وكل ما شغل عن ذكر الله فهو خسران، قال عيسى بن مريم (ع): (في المال ثلاث آفات، أن يأخذه من غير حله. فقيل: إن أخذه من حله؟ قال: يضعه في غير حقه. فقيل: إن وضعه في حقه؟ فقال: يشغله إصلاحه عن الله)
أبو العتاهية والرشيد
حكي أن الرشيد زخرف مجالسه، وبالغ فيها وصنع طعاما كثيرا، ثم وجه إلى أبي العتاهية فأتاه، فقال له: صف لنا ما نحن فيه من نعيم هذه الدنيا، فقال له في الحال:
عش ما بدا لك سالما * في ظل شاهقة القصور
فقال أحسنت. ثم ماذا؟ فقال:
يسعى إليك بما اشتهيت * لدى الرواح وفي البكور
فقال: حسن. ثم ماذا؟ فقال:
وإذا النفوس تقعقعت * في ضيق حشرجة الصدور
فهناك تعلم موقنا * ما أنت إلا في غرور
فبكى الرشيد، فقال له الفضل بن يحيى: بعث إليك الخليفة تسره فأحزنته؟ فقال الرشيد: دعه فإنه رآنا في غفلة وعمى، فكره أن يزيدنا.
قال الشاعر:
جمعت مالا ففكر هل جمعت له * يا جامع المال أياما تفرقه
المال عندك مخزون لوارثه * ما المال مالك إلا حين تنفقه
إرفه بعيش فتى يغدو على ثقة * إن الذي قسم الأرزاق يرزقه
فالعرض منه مصون لا يدنسه * والوجه منه جديد ليس يخلقه
قال الرشيد يوما لأبي العتاهية: عظني. فقال: آمن، فقال أنت آمن، فأنشأ يقول:
لا تأمن الموت في طرف ولا نفس * وإن تستر بالأبواب والحرس
واعلم بأن سهام الموت نافدة * في كل مدرع منها ومترس
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها * إن السفينة لا تجري على اليبس
وأما جانب الفوائد
أولا: ألإنفاق عل النفس في عبادة الله تعالى.
ثانيا: ما يصرفه على الناس في جانب الصدقة، فإنها تطفيء غضب الرب.
والمروة. كالضيافة والإطعام.
ووقاية العرض لدفع الأشرار. قال النبي (ص): (ما وقى المرء به عرضه فهو صدقة).
والخدمة الشخصية. فيما اطر إليه الإنسان من شؤونه.
ثالثا: النفقات العامة. كدعم المشاريع الخيرية، والمرابطين في سبيل الله تعالى، ومساعدة المحتاجين. وشكر الله سعيكم في كل ما قدمتم وتقدمون. قال الشاعر:
قدم لنفسك خيرا * وأنت مالك مالك
من قبل تصبح فردا * ولون حالك حالك
فأنت لا شك تدري * أي المسالك سالك
إما لجنة عدن * أو في المهالك هالك
ولن يبقى للإنسان إلا الذكر الجميل، اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها.
أيها الأخوة. في هذه الأيام المباركة ندعوكم من هذا اليوم إطلاق مشروع دعم الحاج، وهو من خير الأعمال فلا تقصروا في تموينه وتقويمه، جزاكم الله خير الجزاء، كما ننوه إلى انه كل عام بعد الشهر الكريم، سنجمع التبرعات لهذا المشروع، فجودوا بالخير لأنكم من أهله، وفقكم الله لكل خير. والحمد لله رب العالمين.
Related posts
Leave a Comment
You must be logged in to post a comment.