حدث في مثل هذا اليوم (6 محرم الحرام)
قيل: وفي هذا اليوم أهلك الله بلعم بن باعورا الذي أشارت إليه الآية الكريمة: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إلى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾([1]).
***
وفيه ليلة هذا اليوم 6 /1/ 61 هجرية أو في الليلة العاشرة من المحرّم ـ على المشهور ـ استأذن حبيب بن مظاهر الأسدي من الحسين (عليه السلام) لأن يذهب إلى بني أسد بالغاضرية، فيدعوهم إلى نصرته، فأذن له. فأقبل إليهم حبيب، وقال لهم: إني قد أتيتكم بخير ما أتى به وافد الى قومه، أتيتكم أدعوكم الى نصرة ابن بنت نبيكم. فوثب إليه رجل منهم، يقال له عبد الله بن بشر، فقال: أنا أول من يجيب، ثم تبادر إليه رجال من الحي، حتى بلغ عددهم نحو تسعين رجلاً، وأقبلوا يريدون الحسين (عليه السلام)، فانسل رجل من الحي وأخبر ابن سعد بذلك، فأرسل اليهم ابن سعد الأزرق الشبامي في أربعمئة رجل، فحالوا بينهم وبين الوصول إلى الحسين (عليه السلام).
هكذا جاء في كتاب (تقويم الشيعة) نقلاً عن (البحار)([2]).
ولكن المذكور في بعض السير أنّ حبيب بن مظاهر لم يصل الى الحسين (عليه السلام) إلّا في عصر يوم الثامن من المحرم، وأن دعوته لبني أسد في الليلة العاشرة من المحرم، والله أعلم.
***
وفي كتاب (تقويم الشيعة) نقلاً عن البحار([3]) وغيره([4]): أنّ في ليلة هذا اليوم اجتمع الحسين (عليه السلام) بعمر بن سعد، فقال له: «يا بن سعد، أتقاتلني وأنا ابن من قد علمت؟ فدع هؤلاء القوم وكن معي؛ فهو خير لك في دينك ودنياك»، فقال: أخاف أن تهدم داري، فقال: «أنا أخلف عليك خيراً منها»، فقال: أخاف أن تؤخذ ضيعتي، فقال: أنا أخلف عليك خيراً منها، فقال: لي عيال، وأخاف عليهم. فسكت عنه الحسين (عليه السلام). فقام ابن سعد وانصرف، والحسين (عليه السلام) يتبعه نظره ويقول: «ما لك قتلك الله على فراشك عاجلاً، ولا غفر الله لك يوم حشرك، والله إني لأرجو ألّا تأكل من بُرّ العراق إلّا يسيراً. فقال ابن سعد: في الشعير كفاية عن البرّ، مستهزئاً بكلام الحسين (عليه السلام).
وقد ذكر بعض أهل السير هذه المقابلة في الليلة العاشرة من المحرم، والله أعلم. وقد استجاب الله دعاء الحسين (عليه السلام) فيه، فقتله المختار (رحمه الله) بتاريخ 9 /3/ 66 هجرية، كما سيأتي إن شاء الله.
***
في اليوم السادس من شهر المحرّم الحرام سنة 406 من الهجرة، وقيل: في اليوم الحادي عشر منه من السنة المذكورة توفّي السيد الجليل، والعالم النبيل، السيد الرضيّ، جامع (نهج البلاغة)، بُكْرَة يوم الأحد، وهو ابن سبع وأربعين سنة. «فقامت عليه نوادب الأدب، وفقدت عين الفضل قرّتها، وجبهة الدهر غرّتها. وبكاه الأفاضل مع الفضائل، ورثاه الأكارم مع المكارم»([5])، وحضره الوزير فخر الملك أبو غالب محمّد بن خلف وزير بهاء الدولة، وولده سلطان الدولة. وهو الذي صلّى على السيد الرضيّ؛ لأن أخاه السيد المرتضى لم يقدر على مشاهدة جنازته، ومضى لشدّة جزعه على أخيه إلى مشهد جدّه الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام).
وبعد أن شيّع الأعيان والأشراف وسائر الناس جنازة السيد الرضيّ (رحمه الله)، مضى الوزير أبو غالب فخر الملك المتوفّى سنة 407 إلى أخيه السيد المرتضى (رحمه الله) وألزمه بالرجوع إلى بيته، فرجع باكياً حزيناً ورثى أخاه فقال:
يا للرجال لفجعة جذمت يدي *** ووددت لو ذهبت عليَّ براسي
ما زلت أحذر وردها حتى أتت *** فحسوتها في بعض ما أنا حاسي
ومطلتها زمناً فلما صممت *** لم يثنِها مطلي وطول مكاسي
لله عمرك من قصير طاهر *** ولرب عمر طال بالأدناسِ([6])
ورثاه مهيار الديلمي المتوفّى 5 /6/ 428 هجرية، كما سيأتي إن شاء الله، ورثاه غيره وغيره. رحمه الله برحمته.
***
وفي هذا اليوم من سنة 572 هجرية توفّي بدمشق قاضي القضاة كمال الدين أبو الفضل محمّد بن عبدالله الشهرزوري، صاحب الفضائل الكثيرة والفواضل الخطيرة، والمفاخر المأثورة والمقامات المشكورة. وله نظم قليل على سبيل التظرّف والتطرّف. ومنه قصيدته التي خاطب فيها الإمام الحسين (رحمه الله):
عرِّج بمشهد كربلا *** وأنخ وعفّر بالصعيدْ
واقرَ التحية وادعُ يا *** ذا المجد والبيت المشيدْ([7])
إلى آخر القصيدة. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنّته.
***
وفي هذا اليوم من سنة 576 هجرية توفّي بالموصل رضيّ الدين يونس بن محمد الإربلي والد الشيخين عماد الدين أبي حامد محمّد بن رضي الدين الإربلي، وكمال الدين أبي الفتح موسى بن رضيّ الدين الإربلي والد شرف الدين أحمد بن موسى الإربلي. قال ابن خلّكان: «وقد خرج من بيتهم جماعة من الفضلاء، وانتفع بهم أهل تلك البلاد وغيرهم، وكانوا مقصودين من بلاد العرب والعجم وغيرها»([8]). رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.
***
وفي هذا اليوم 6 /1/ 912 هجرية، الموافق 29 /5/ 1506م توفّي الرحّالة (كريستوف كولومبس) مكتشف القارة الأمريكية.
***
وفي هذا اليوم من سنة 1319 هجرية توفّي السيد الجليل السيد إبراهيم ابن السيد حسين ابن السيد رضا ابن السيد بحر العلوم الطباطبائي المولود في النجف سنة 1248 هجرية. كان من أشهر شعراء عصره، ومن أعظم علماء دهره، وقد ورد مدحه على كثير من ألسنة شعراء عصره، كالسيد جعفر الخرسان، والشيخ محمد السماوي، والشيخ إبراهيم العاملي وغيرهم. ومن شعره المشهور في مراثي أهل البيت (عليهم السلام) وأنصارهم الكرام:
أحبيب أنت إلى الحسين حبيبُ *** إن لم ينط نسب فأنت حسيبُ
ومنه القصيدة المشهورة:
قطعت سهول يثرب والهضابا *** على شدنية تطوي الشعابا([9])
إلى غير ذلك من القصائد الغرّاء، رحمه الله برحمته.
***
وفي هذا اليوم سنة 1321 هجرية توفّي بالبحرين العالم الفاضل الشيخ سلمان ابن أحمد بن عبد الله المعاميري، وكان قد توفّي في نفس العام بتاريخ 7 /12/ 1321 هجرية سماحة الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد علي الستري، فرثاهما الخطيب الكبير السيد محمد صالح ابن السيد عدنان الموسوي، المتوفّى بتاريخ 30 /12/ 1427 هجرية:
مصاب على البحرين عمّ بإقحام *** لبدرين غابا في سعود وإعظامِ
هما سيّدا أهل القُرى وبني القرى *** ومن رفع الجبار قدرهما السامي
هما الشيخ سلمان بن أحمد بعده *** قضى الشيخ عبد الله في ذلك العامِ
رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.
***
وفي هذا اليوم السادس من شهر المحرم الحرام سنة 1341 هجرية توفّي السيد محمد تقي ابن السيّد محمد إبراهيم النقوي اللكهنوي، من أحفاد السيد دلدار علي النقوي المتوفى بتارخ 19 /7/ 1235، ولم يزد عمره على 48 سنة؛ فقد كان مولده سنة 1293 هجرية. وكان أكبر ولد أبيه، وكان فاضلاً، متتبعاً، يؤم الجماعات. له كتاب (ظهير اللاجئين وأمان الخائفين) في الأدعية المأثورة، وله رسالة في صلاة الجمعة، و(تفسير سورة الحمد) وكتاب في المواعظ، وغير ذلك من الكتب النافعة. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
***
وفي هذا اليوم 6 /1/ 1388 هجرية الموافق 4 /4/ 1968م اغتيل زعيم الزنوج في الولايات المتّحدة (مارتن لوثر كنغ). وكان قد منح جائزة نوبل للسلام لعام 1964 م، وقام بحملة سلمية مطالباً بمنح الزنوج حقوقهم.
***
في هذا اليوم السادس من شهر المحرّم الحرام سنة 1388 هجرية توفّي بالحويزة العلّامة الجليل الشيخ محمد طه الحويزي المولود سنة 1317 هجرية. فعمره يوم وفاته (71)، ودفن يوم الجمعة 7/ 1 في مقبرتهم التي اقتطعت من دارهم بمحلّة العمارة بالنجف الأشرف في تشييع باهر. وقد حفّت بنعشه الهيئة العلمية وهي تردّد هذه الأنشودة المفجعة:
يا فقيداً فجع الدين به *** واكتست أندية العلم الحِدادْ
رفعوا التقوى على جثمانه *** وطووا في النعش أعلام الرشادْ
ومن أشعاره & قصيدته الحسينية الهائية العصماء والتي أوّلها:
أثرها تخف بفرسانها *** تدكّ الربا فوق غيطانها([10])
وهي نحو خمسين بيتاً. ومن شعره في الحسين (عليه السلام) قوله:
خليليَّ هذي كربلاء وهذه *** قبور بني الزهراء فيها قفا نبكِ
هلَّما نذيب الدمع من ذائب الحشا *** ونسقي بها بوغاء هيلت على النسكِ
ألا فاذكرا ما حلّ فيها وما جرى *** على عصبة التوحيد من عصبة الشركِ([11])
ومن شعره قوله:
بآل أحمد أرجو نيل اُمنيتي *** بحيث لا مرتجى يرجى سوى الباري
هم عُدَّتي وعديدي والولاء لهم *** كنز به أفتدي نفسي من الباري
رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنّته.
***
وفي هذا اليوم 6 /1/ 1409 هـ، والموافق تقريباً لـ 19 /7/ 1988 م، اُعلن عن انتهاء الحرب العراقية الإيرانية بشكل نهائي بعد أن دامت ثماني سنوات متوالية.
_______________
([2]) بحار الأنوار 44: 386 ـ 387.
Related posts
Leave a Comment
You must be logged in to post a comment.