حدث في مثل هذا اليوم (6 جمادى الاُولى)

حدث في مثل هذا اليوم (6 جمادى الاُولى)

قال صاحب كتاب (وقايع الأيام والشهور): وفي هذا اليوم أطعم نبي الله أيوب (عليه السلام) أهل حوران سبعة أيام شكراً لما أنعم الله به عليه من العافية ورد العيال والمال، قال تعالى: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ([1]).

***

وفي هذا اليوم قاتل يوشع بن نون وصي موسى بن عمران (عليه السلام) الجبارين بالشام، ولئلا يحول الليل بينه وبين القضاء عليهم، فقد سأل ربه سبحانه أن يحبس عليه الشمس أو يردها عليه، فحبست أو ردت عليه بإذن الله، حتى فرغ من قتالهم. قال سبط ابن الجوزي المتوفى بتاريخ 19/ 12 / 654 هجرية في كتابه (تذكرة الخواص): وبعد تسليم رد الشمس ليوشع بن نون (عليه السلام) كما هو مسلم في الأخبار الصحيحة، فلا مناص من تسليم رد الشمس لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) لشهادة جملة من الأخبار عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «يكون في هذه الأمة كل ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة»([2]).

قال (رحمه الله): وقد ضعَّف حديث رد الشمس أقوام، وعدّه جده ابن الجوزي المتوفى سنة 597 هجرية من الموضوعات. والعجب من هذا وقد ثبت في الصحيح أن الشمس حبست، أو ردت ليوشع بن نون، ولا يخلو أن يكون ذلك إما معجزة لموسى (عليه السلام) أو ليوشع؛ فإن كانت لموسى (عليه السلام) فنبينا أفضل، وعلي أقرب إليه من يوشع إلى موسى (عليه السلام)، وإن كانت معجزة ليوشع (عليه السلام) فعلي أفضل منه؛ لأن أدنى أحواله أن يكون كواحد من علماء الأمة، وقد قال (صلى الله عليه وآله): «علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل». فعلم من ذلك أن حديث رد الشمس ثابت. وقد رواه الإمام أحمد بن حنبل، والطحاوي، وابن منده، وغيرهم. قال: وذكر أحمد في (الفضائل) بسنده عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «الصديقون ثلاثة: حزقيل مؤمن آل فرعون، وحبيب النجار مؤمن آل يس، وعلي بن أبي طالب، وهو أفضلهم»([3]). فدل ذلك على فضل علي على أنبياء بني إسرائيل.

وحديث رد الشمس هو ما روي عن أسماء بنت عميس قالت: كان رأس رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حجر علي (عليه السلام) وهو يوحى إليه، فلم يصلِّ علي، وقيل: إنه صلّى بالإيماء العصر حتى غربت الشمس أو كادت أن تغرب، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله) بعد أن مضى عنه الوحي: «هل صليت العصر يا علي؟». فقال: «لا». أو قال: إنه صلّاها بالإيماء، فقال (صلى الله عليه وآله): «اللهم إن كان علي في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس». قالت أسماء: فرأيتها طلعت بعد ما غربت، ووقفت على رؤس الجبال ([4]).

وقد ذكر الشعراء رد الشمس لأمير المؤمنين في أشعارهم منذ العصور القديمة، فمنهم شاعر النبي (صلى الله عليه وآله) حسان بن ثابت، فقد قال كما جاء في (أدب الطف).

يا قوم من مثل علي وقد *** ردت عليه الشمس من غائبِ
أخو رسول الله بل صهره *** والأخ لا يعدل بالصاحبِ([5])

ومنهم السيد الحميري المتوفى بتاريخ 179 هجرية، فإنه قال:

ردت عليه الشمس لما فاته *** وقت الصلاة وقد دنت للمغربِ
حتى تبلج نورها من وقتها *** للعصر ثم هوت هُويَّ الكوكبِ
وعليه قد ردت ببابل مرة *** اُخرى ولم تحبس لخلق معربِ
إلا ليوشع أوله ولردها  *** ولحبسها تأويل أمر معجبِ([6])

ومنهم الصاحب بن عباد المتوفى بتاريخ 4 /2/ 385، فإنه قال:

أعلى حب علي *** لامني القوم سفاها
ردت الشمس عليه *** بعدما غاب سناها([7])

ومنهم ابن أبي الحديد المتوفى سنة 655 هجرية، فإنه قال:

يا من له ردت ذُكاء ولم يفز *** بنظيرها من قبل إلا يوشع([8])

ومنهم عبد الباقي أفندي العمري المتوفى بتاريخ 30 /5/ 1278، فإنه قال:

وتضيق الأرقام عن خارقات *** لك يا من ردت إليه الذُّكاءُ([9])

ومنهم ومنهم، وسيأتي أنها ردت عليه في يوم العنصرة، وهو اليوم التاسع من شهر رمضان الذي ولد فيه يحيى بن زكريا (عليه السلام)، كما سيأتي حديث ردها عليه في بابل بتاريخ 15/ 10 إن شاء الله.

***

وفيه أي لستّ ليالٍ خلون من جمادي الأولى سنة 3 من الهجرة خرج النبي (صلى الله عليه وآله) إلى غزوة بحران ـ بفتح الباء وضمها ـ (موضع بناحية الفرع)، وذلك أنه (صلى الله عليه وآله) بلغه أن بها جمعاً كثيراً من بني سليم يريدون غزو المسلمين، فخرج في ثلاثمئة رجل من أصحابه حتى ورد بحران، فرآهم قد تفرقوا في مياههم، فرجع ولم يلقَ كيداً. وكانت مدة غيبته عشر ليالٍ، ويحتمل أن تكون هذه الغزوة لست ليالٍ خلون من جمادى الآخرة؛ لأنهم قالوا عنها: إنها على رأس سبعة وعشرين شهراً من الهجرة، وهجرته (صلى الله عليه وآله) في شهر ربيع الأول، والله سبحانه وتعالى أعلم بحقائق الاُمور.

***

وفيه من سنة 7 من الهجرة بدأت الحرب بمؤتة من أرض الأردن حيث استشهد القادة الثلاثة: جعفر الطيار، وزيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة وفي كتاب (الأزهار)([10]) أن شهادتهم في اليوم 8/ 5. ولا مانع من أن تكون الحرب بدأت في اليوم السادس، واستشهد القادة الثلاثة في اليوم الثامن حيث استمرت الحرب مدة ثلاثة أيام. وقيل بشهادتهم في 10/ 6.

ومن الجدير بالذكر ما روي أن عالماً من علماء اليهود جاء للنبي (صلى الله عليه وآله) بالمدينة يريد أن يطلب منه دليلاً على صدق نبوته، فوجده يجهز جيش مؤتة ويقول لأصحابه: «أميركم جعفر، فإن قتل فأميركم زيد بن حارثة، فإن قتل فأميركم عبدالله بن رواحة، فإن قتل فليختر المسلمون لهم أميراً منهم». فقال: يكفيني هذا، إن قتل هؤلاء الثلاثة فهو نبي. فلما قتلوا وعلم بذلك أسلم.

ولما سئل عن ذلك قال: لأن الأنبياء إذا قال أحدهم في شيء من الأشياء: إن كان هذا فهذا، أو إن كان كذا فكذا، فلابد أن يكون ذلك الشيء الذي قال به (صلى الله وسلم عليهم أجمعين).

وقد قيل: إن القائد الأول للجيش هو زيد بن حارثة، ولكن الذي يظهر من شعر كعب بن مالك الخزرجي المتوفى سنة 50 هـ أن جعفراً هو القائد الأول، فقد قال مالك:

هدت العيون ودمع عيني يهملُ *** سماً كما وكف الضباب المخضلُ
في ليلة وردت على همومها *** طوراً أحن وتارة أتململُ
واعتادني حزن فبت كأنني *** ببنات نعش والسماك موكلُ
وجداً على النفس الذين تتابعوا *** يوماً بمؤتة أسندوا لم ينقلوا
صلى الإله عليهُمُ من فتية *** وسقى عظامهُمُ الغمام المسبلُ
صبروا بمؤتة للإله نفوسهم *** عند الحمام حفيظة أن ينكلوا
إذ يهتدون بجعفر ولوائه *** قدام أولهم ونعم الأولُ
حتى تفرقت الصفوف وجعفر *** حيث التقى وعث الصفوف مجدلُ
فتغيّر القمر المنير لفقده *** والشمس قد كسفت وكادت تأفلُ([11])

***

قال الدكتور أحمد الشرباصي في كتابه المشهور (يسألونك): وفي اليوم السادس من جمادى الأولى ـ وكان يوم السبت ـ لسنة 359 هجرية بدأ جوهر الصقلي ـ وهو قائد جيش المعز لدين الله الفاطمي ـ في بناء جامع الأزهر الشريف، وظل البناء نحو سنة ونصف، وتم تشييده في 7 شهر رمضان سنة 361 هجرية.

وكان الغرض الأول من إنشاء الجامع الأزهر الشريف أن يكون مظهراً دينياً للفاطميين، وأن يكون مقراً لنشر الدعوة الشيعية، فبدؤوا فيه بدراسة الفقه الفاطمي على مذهب الشيعة، وظل الشأن كذلك خلال حكم الفاطميين لمصر. ولما انقرضت الدولة الفاطمية سنة 567 هجرية تحول الأزهر إلى جامعة إسلامية. وسيأتي أن الأزهر تم بناؤه بتاريخ 17/ 9.

***

في هذا اليوم 6 /5/ 1399 هجرية والموافق تقريباً 3 /4/ 1979 م تم تنفيذ حكم الإعدام برئيس وزراء الباكستان ذوالفقار علي بوتو رحمه الله.

___________________

([1]) الأنبياء: 83 ـ 84.

([2]) من لا يحضره الفقيه 1: 203/ 609، تفسير الآلوسي 20: 26.

([3]) المصدر غير موجود، انظر: الجامع الصغير 2: 115/ 5149، كنز العمّال 11: 601/ 32897.

([4]) الفقيه 1: 203 / 610.

([5]) أدب الطفّ 8: 294.

([6]) رسائل المرتضى 4: 82.

([7]) مناقب آل أبي طالب 2: 148.

([8]) الروضة المختارة (ابن أبي الحديد): 140.

([9]) الأنوار العلوية: 347.

([10]) الأزهار الأرجية م4، ج10: 158.

([11]) مقاتل الطالبيين: 9.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top