حدث في مثل هذا اليوم (4 رجب)

حدث في مثل هذا اليوم (4 رجب)

قاعدة: رابع هذا الشهر ـ وهو شهر رجب ـ هو غرّة شهر رمضان المبارك، وعيد الأضحى الميمون من كلّ عام، اللّهمّ بارك للمسلمين في أعيادهم وجميع مناسباتهم الدينية والدنيوية، إنّك رحيم كريم.

***

في هذا اليوم 4 / 7 / 348 هجرية تُوفّي بمصر أبو محمد عبد الله بن أحمد بن علي بن الحسن بن إبراهيم طباطبا بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن السبط (عليه السلام). كان طاهراً كريماً فاضلاً، وكان في زمان كافور الأخشيدي ملك مصر المتوفّى بتاريخ 20 / 5 / 357 هجرية ـ وكان أبو محمد عبد الله يهدي إلى كافور في كلّ يومين جامين من الحلوى ورغيفاً في منديل مختوم، فحسده بعض الأعيان على حسن علاقته بالملك كافور وعلى ما يكافئه به كافور عن تلك الهدية، فقال لكافور: الحلوى حسن فما لهذا الرغيف؟ إنه لا يحسن أن يقابلك به. فأرسل إليه كافور: يجريني الشريف في الحلوى على العادة، ويعفيني من الرغيف. فعلم الشريف أنّهم قد حسدوه على ذلك وقصدوا إبطاله، فركب إلى الملك كافور وقال له: أيّدك الله، إنّنا لم نرسل الرغيف إليك تطاولاً وتعاظماً، وإنّما هي صبيّة حسنية تعجنه وتخبزه بيدها، فنرسله إليك على سبيل التبرّك، فإذا كرهته قطعناه. فقال كافور: لا والله، لا تقطعه ولا يكون قوتي سواه، وزادت منزلته عنده([1]).

قال ابن خلكان: وكان الشريف حسن المعاملة، حسن المذهب، ويزور الأصدقاء ويقضي حقوقهم، وأغنى جماعة من الناس، فلمّا تُوفّي بالتاريخ المذكور 4 / 7 / 348 حضر جنازته من الخلْق ما لا يحصي عددهم إلّا الله، ودُفِنَ بـ«قرافة» مصر، وقبره معروف ومشهور بإجابة الدعاء([2]).

قال: وقد روي أنّ رجلاً من أهل مصر حجّ، وفاتته زيارة الرسول (صلى الله عليه وآله)، فضاق صدره لذلك، فرأى النبيَّ (صلى الله عليه وآله) في نومه يقول له: إذا فاتتك زيارتي فزر قبر عبد الله ابن أحمد بن طبا طبا([3]).

قال: وحكى بعض مَن له عليه إحسان أنّه وقف على قبرة، وأنشد عنده قائلاً:

وخلّفت الهمومَ على أناسٍ *** وقد كانوا بعيشِكَ في كَفَافِ

فرآه في نومه يقول له: قد سمعتُ ما قلتَ، وحيل بيني وبين المكافأة، ولكن صِرْ إلى مسجدي وصلِّ ركعتين وادْع بما شئتَ فإنّه يُستجاب لك([4]).

قال ابن خلكان: وطَبَاطَبَا ـ بفتح الطاءين المهملتين والباءين الموحّدتين ـ هو لقب جدّه إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن السبط (عليه السلام). وإنّما لُقّب بذلك لأنّ في لسانه لثغ، فكان يجعل القاف طاء، وطلب يوماً ثيابه، فقال له غلامه أجيئك بدرّاعة؟ فقال: لا، بل طبا طبا، يريد «بل قبا قبا». فبقيتْ هذه الكلمة لقباً له، واشتهر به بين الناس، ولقّبت بها ذرّيته، ومنهم أبو القاسم أحمد بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم طباطبا([5]). وكان نقيب الطالبيين بمصر، ومن أكابر رؤسائها. وله شعر مليح في الزهد والغزل وغير ذلك، ومنه قوله:

لله أيّام السررو كأنّما *** كانت لسرعة مَرِّهَا أحلاما
لو دام عيش رحمة لأخي هوىً *** لأقام لي ذاك السرور وداما
يا عيشنا المفقود خذْ من عمرنا *** عاماً ورُدّ من الصبا أيّاماً([6])

وقد توفّي ليلة الثلاثاء 25 / 8 / 345 هجرية، ودُفن بمقبرتهم خلف المصلّى الجديد بمصر، وعمره أربع وستون سنة. رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنّته.

***

وفي هذا اليوم من سنة 592 هجرية تُوفّي ابن المعلم نجم الدين محمد بن علي بن فارس الواسطي الذي سار شعرُه وانتشر ذكرُه. وقد تقدّم أنّه وُلد بتاريخ 17 / 6 سنة 501؛ وعلى هذا يكون عمره 91سنة. وكانت وفاته بقرية هُرث من أعمال نهر جعفر بينها وبين واسط نحو عشرة فراسخ، وكانت وطنه ومسكنه إلى أن تُوفّي بها. وحكي عنه أنّه قال: كنتُ ببغداد فاجتزتُ يوماً بموضع رأيتُ الناس مزدحمين فيه، فسألتُ بعضهم عن ذلك فقال: هذا ابن الجوزي الواعظ جالس يعظ الناس. فزاحمتُ وتقدّمتُ حتى شاهدتُه وسمعتُ كلامه وهو يعظ الناس حتى قال مستشهِداً على بعض إشاراته: ولقد أحسن ابن المعلم حيث يقول:

يزداد في مسمعي تكرار ذِكْرِكُمُ *** طيباً ويحسنُ في عيني تكرُّره

فعجبتُ من اتفاق حضوري واستشهاده بشعري، وهو والناس لا يعلمون بحضوري([7]). وتوفّي ابن الجوزي بتاريخ 12 / 9 / 597 هجرية كما سيأتي إن شاء الله. رحم الله الجميع برحمته.

***

في هذا اليوم سنة 1208 هجرية أُلغي الرقّ في فرنسا.

***

وفيه من سنة 1287 هجرية والموافق تقريباً 30 / 9 / 1870 م، ولد العالم الفرنسي الفيزيائي الشهير «جان بيران» الذي أوجد علم الالكترونيات، وحصل على جائزة نوبل في الفيزياء سنة 1926م، وتُوفّي في نيويورك سنة 1942م.

***

في هذا اليوم من سنة 1371 هجرية تُوفّي الإمام المصلح علم الأعلام وحجة الإسلام السيد محسن الأمين، صاحب كتاب (أعيان الشيعة) وغيره من الكتب المشهورة، وعمره 87 سنة. وقد قال عنه وعن نظيره المقدَّسِ الشيخ محمد عبده (رحمهما الله) قال عنهما الدكتور علي الوردي في كتابه (مهزلة العقل البشري): يعجبني من المصلحين في هذا العصر رجلان، هما الشيخ محمد عبدة بمصر والسيد محسن الأمين في الشام، فالشيخ محمد عبدة المتوفّى سنة 8 / 5 / 1323 هجرية قد نال في بدء دعوته الإصلاحية من الشتيمة قسطاً كبيراً، حتى اعتبروه (الدجال) الذي يظهر في آخر الزمان، ولكنّه الآن خالد لا يدانيه في مجده أرباب العمائم مجتمعين. وإنّي لا أزال أذكر تلك الضجّة التي أُثيرت حول الدعوة الإصلاحية التي قام بها السيد محسن الأمين قبل ربع قرن، ولكنّه صمد لها وقاومها باسلاً، فلم يلن ولم يتردّد. وقد مات السيد الأمين أخيراً، ولكن ذكراه لم تمت ولن تموت، وستبقى دهراً طويلاً حتى تهدم هاتيك السخافات التي شوهّت الدين، وجعلتْ منه أضحوكةً للضاحكين. وقد أرَّخَ عام موته الشيخ علي البازي (رحمه الله) فقال:

نعي لنا بالبرق كهفُ الحجى *** الحجةُ الجهبذُ والمحسنُ
في رجب الفرد قضى الفرد قل *** أرّخ (وغاب العالم المحسنُ)([8])

1371

وقد دُفن (رحمه الله) في غرفة عند باب المشهد الزينبي الشـريف الكائن موقعه في قريه «راوية» من غوطة دمشق الشام المشتهرة الآن باسم «قرية الست». وقد كتب على باب تلك الغرفة:

غرفةٌ ضمّت إمام المحسنين *** طاهر الأعراق من آل الأمينْ
آية الله ونبراس الهدى *** حجّة الإسلام والشرع المبينْ
أرضها مِسْكٌ وفي أجوائها *** قَبَس من نور ربّ العالمينْ
مَهبط الأملاك في أرجائها *** فادخلوها بسلامٍ خاشعينْ([9])

رحمه الله برحمته وأسكنه فسيح جنّته.

***

قال صاحب كتاب (أعلام الثقافة الإسلامية في البحرين): وفي هذا اليوم 4 / 7 / من سنة 1399 هجرية ـ وكان يوم الخميس ـ تُوفّي بالبحرين الشيخ إبراهيم بن ناصر المبارك الهجيري التوبلي البحراني. كان من أهالي الهجير في قرية توبل الشهيرة، وبها وُلد سنة 1326هـ، ثمّ انتقل إلى قرية عالي سنة 1349 هجرية، ومازال بها إلى أن وافاه الأجل. وكانت له شهرة واسعة في البحرين، وقد وصفه البحّاثة (التاجر) بأنّه العالم الكامل الفاضل الأديب الفقيه النبيه، وله مؤلّفات نافعة، وله رسالة فقهية سمّاها (عمود الدين)، ومن كتبه المفيدة كتاب (ماضي البحرين وحاضرها)، وله شعر جيّد، ومن شعره قوله:

عرفتُ دهري على وجه اليقين فلا *** أُوْليه عَتْباً ولا شيئاً من الأمَلِ
نهنه عليك فما تُجدي ملامته *** لا لا كذلك شأن الناكث الرَذِلِ
نُبِّئْتُ أنّ بني عمّي وآل أبي *** شنَّتْ علَيَّ مغار السيف والأسَلِ

وكان تشييعه في البحرين تشييعاً مهيباً رهيباً. رحمه الله برحمته وأسكنه فسيح جنّته.

***

وفي هذا اليوم ـ وكان يوم السبت الموافق 4 /7/ من سنة 1413هجرية توفّي بمدينة القديح ـ من بلدان القطيف ـ الرجل الفاضل الحاج أحمد ابن المرحوم الحاج محمد ابن العلّامة الشيح محمد صالح ابن العلامة الشيخ أحمد آل طعان. وقد أقامت أسرتُه الفاضلة ـ وفي طليعتهم نجلُه الفاضل الجليل الخطيب الشيخ عبد العظيم (حفظه الله) ـ ذكرى أربعينه ليلة الأربعاء 14 / 8 / 1413في حسينية آل الشيخ بالقديح، فاُلقيتْ فيها الكلمات والقصائد المجيدة، ومنها قصيدة للشاعرالكبير الحاج محمد ابن الحاج أحمد الناصر، قال فيها:

رأيتُك بين آل الشيخ بَدْراً *** تفيضُ لطافةً وتجلُّ قَدْرَا
وإنساناً تفرّدَ بالمزايا *** ومهما قد سما في الناس فَخْرَا
وسفراً خالداً في الخلق تبلى *** ويقرا فضله سَطْراً فَسَطْرَا
سليمُ القلب من دَنَسٍ وعيبٍ *** رحيب الصدر تلقى الناس بِشْرَا
نذرتَ إلى المعالي النفسَ حتّى *** وفيتَ فمَن يحيط عُلاك شِعْرَا

إلى آخر القصيدة المطبوعة بكتاب (أربعون الوالد) لولده الفاضل الشيخ عبد العظيم، الذي فيه وفي أخيه سماحة الشيخ محمد، وبقية الإخوة الصالحين نِعْمَ الخَلَف لخير السلف. رحم الله الماضين، وأيَّد الباقين.

________________

([1]) وفيات الأعيان 3: 81.

([2]) وفيات الأعيان 3: 82.

([3]) الوافي بالوفيات 17: 26.

([4]) وفيات الأعيان 3: 82.

([5]) وفيات الأعيان 1: 131.

([6]) وفيات الأعيان 1: 130.

([7]) وفيات الأعيان 5: 8.

([8]) أعيان الشيعة 10: 383.

([9]) أعيان الشيعة 2: 616.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top