حدث في مثل هذا اليوم (27 رجب)
في ليلة هذا اليوم المبارك 27 / 7 أُسري برسول الله (صلى الله عليه وآله) من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثمّ عُرج به من المسجد الأقصى إلى فوق سبع سماوات.
أمّا على قول مَن قال: إنّها ليلة مبعثه أيضاً، فلعلّهم أرادوا بذلك أنّها أول ليلة سُمع فيها النداء من قِبل السماء بأنّه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومازال يُسمع النداء ليلة بعد أخرى حتى جاء شهر رمضان المبارك، فرأى الملك وخوطب بالقرآن، وعلى هذا الرأي الذي جوَّزه السبحاني في كتابه (سيد المرسلين) يحصل الجمع بين القول بأنّ مبعثه أيضاً في 27 / 7 على ما جاء في بعض الروايات وبين ما جاء به القرآن في بعض الآيات، ومنها قوله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾([1]). وقوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾؛ لأنّ ليلة القدر من ليالي شهر رمضان، أو يكون المراد بنزول القرآن المذكور في شهر رمضان هو نزول القرآن بكامله على قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وحينئذٍ يجوز أن تكون ليلة 27 / 7 هي ليلة مبعثه، لأنّه لا منافات بين مبعثه في رجب وبين نزول القرآن على قلبه بكامله في شهر رمضان، والله سبحانه وتعالى أعلم.
قال البوصيري (رحمه الله) وشاركه المؤلف (سامحه الله):
يا خيرَ مَن يمّم العافون ساحته *** سعياً وفوق ظهورِ الأنيق الرسَّمِ
سريتَ من حرمٍ ليلاً إلى حرم *** كما سَرى البدرُ في داجٍ من الظُّلَمِ
ونلتَ منزلةً في القدْسِ عاليةً *** إذ أمَّك الأنبيا والرسْلُ في الحَرَمِ
قد قدّمتْكَ جميعُ الأنبياءِ بها *** والرسلِ تقديمَ مخدومٍ على خَدَمِ
وقال ربُّك سَلْهم هلْ جَعَلْتُ لهم *** مَن يعبدون سوى الرحمنِ ذي النِّعَمِ
فيا لها نعمةً كبرى ومكرمة *** عظماً سموت بها في الرسلِ والأُمَمِ
وبِتَّ ترقى إلى أنْ نِلْتَ منزلةً *** مِن قابَ قوسينِ لم تُدرَكْ وَلَمْ تُرَمِ
حتّى إذا لم تَدَعْ شَأْوَاً لمستَبَقٍ *** من الدنوِّ ولا مَرْقَى لمُسْتَنَمِ
خفظتَ كلَّ مقامٍ بالإضافةِ إذ *** نوديتَ بالرَّفْعِ مثلَ المفردِ العَلَمِ
اللّهمّ صلّ وسلّم على محمّد وآل محمّد الطيبين الطاهرين، اللّهمّ أعطه الدرجة والوسيلة، وابعثه مقاماً محموداً يغبطه به الأوّلون والآخرون.
***
وفي هذا اليوم من سنة 255 هجرية خُلع الملك الثالث عشر من ملوك بني العباس ببغداد واسمه محمد أو الزبير المعتز بالله بن المتوكلّ، عُزل من الخلافة بعد أنْ أمضى فيها أربع سنين وستة أشهر، ثمّ مات أو قُتل بعد عزله بستّة أيام ودُفن بسامراء وعمره أربع وعشرون سنة، فتكون وفاته في الثاني أو في الثالث من شعبان سنة 255 هجرية، وتولى بعده ابن عمّه محمد أو جعفر المهتدي بن هارون الواثق بن المعتصم العباسي (فسبحان مَن لا يزول ملكه).
***
وفي هذا اليوم من سنة 467 هـ وُلد العلّامة جار الله محمود بن عمر الزمخشري، وسيأتي أنّ وفاته بتأريخ: 8 / 12 سنة 538 هجرية. رحمه الله برحمته.
***
وفيه من سنة 582 هجرية ـ وكان يوم جمعة ـ استردّ المسلمون بيت المقدس بقيادة صلاح الدين الأيوبي المتوفّى بتأريخ: 27 / 1 / 589، فرُفعت الأعلام الإسلامية على أسوار بيت المقدس وصعد المسلمون إلى أعلى القبّة التي على الصخرة ليقلعوا الصليب المذهّب الذي جعله الصليبيون عليها، وحينئذٍ صاح الناس صيحةً واحدة المسلمون والإفرنج من داخل البلد ومن ظاهره، أمّا المسلمون فيكبّرون فَرَحَاً، وأمّا الإفرنج فيصيحون تفجُّعاً، فارتجّت الأرض لتلك الصيحة وكان ذلك اليوم يوماً مشهوداً، ومن الصدف الجميلة أنّ هذا الفتح المبين حصل في يوم الإسراء والمعراج لسيد المرسلين (صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين).
اللّهمّ أعد مثل هذا اليوم على المسلمين وطهّر بيت المقدس من رجس الصهاينة والصليبيين، إنّك أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.
***
وفيه من سنة 1142 هـ تُوفّي بصنعاء اليمن صلاح بن حسين بن يحيى الضعاني الشبامي اليمني المعروف بالأخفش لنحويّته؛ لأنّه فقيه نحوي، وهذا اللّقب يُطلق على كثير من النحويين، فأوّلهم أبو الخطاب عبد الحميد بن عبد المجيد الأخفش الأكبر.
2 ـ سعيد بن مسعدة المجاشعي الأخفش الأوسط المتوفّى سنة 215 هـ.
3 ـ علي بن سليمان الأخفش الأصغر المتوفّى سنة 315 هـ .
4 ـ هارون بن موسى الأخفش المتوفّى سنة 282 هـ .
5 ـ محمد سعيد الأخفش المتوفّى نحو سنة 1283 هـ .
6 ـ المترجم صلاح بن حسين الأخفش المتوفّى 27 / 7 / 1142 هـ .
قال صاحب كتاب (الكنى والألقاب): ويبلغ عدد الأخافش من النحاة إلى أحد عشر ومنهم أبو عبد الله أحمد بن عمران بن سلامة الألهاني الهمداني الأخفش، كان نحوياً لغوياً، أصله من الشام وتأدّب بالعراق، وله أشعار كثيرة في أهل البيت([2]) ومودته خالصة لهم (عليهم السلام)، تُوفّي قبل سنة 250هـ . رحمهم الله برحمته.
***
وفي هذا اليوم 27 / من شهر رجب الحرام سنة 1325 هجرية تُوفّي السيد محمد حسين ابن السيد بنده حسين ابن السيد محمد ابن السيد دلدار علي النقوي النصيرآبادي (رحمه الله).
وفق الله الأستاذ الكبير والشاعر الشهير لما فيه الخير والصلاح.
وُلد في المحرّم سنة 1267 هجرية؛ فعمره يوم وفاته (58) سنة فقط، قرأ على والده ثمّ سافر إلى المشاهد المشرّفة بالعراق وتتلمذ واستفاد ورجع إلى بلده سنة 1301، واشتغل بالتأليف والتصنيف والتعليم والتدريس حتى وافته المنية بالتأريخ المذكور: 27 / 7 / 1325 هجرية، وقد خلّف كثيراً من المؤلّفات، منها كتاب (قول الإسلام في قبول توبة المرتد)، وكتاب (الحديث الحسن في جواز التسامح في أدلّة السنن)، وكتاب (شرح زبدة الأصول) للشيخ البهائي المتوفّى بتأريخ: 12 / 10 / 1030 هجرية. رحم الله الجميع برحمته وأسكنهم فسيح جنّته.
***
قال صاحب كتاب (أعلام الثقافة الإسلامية): وفي هذا اليوم من سنة 1339 هجرية تُوفّي بالنجف الأشرف السيد رضا بن السيد علي الغريفي المولود بتأريخ: 18 / 12 / 1296 هجرية، والذي اتّجه إلى تحصيل العلوم الحوزوية في النجف الأشرف ثمّ امتهن مهنة الصياغة حتى سُمِّي بالصايغ، ولكنّه مع ذلك لم يترك اشتغاله بالعلوم النافعة وخاصّة علم الأنساب، حتى أصبح من المعروفين بذلك ولُقّب بالنسّابة، وقد كتب في ذلك كُتيّبات، منها كتاب (الأنساب المشجّرة)، وكتاب (شجرة النبوة)، وكتاب (الشجرة الطيبة)، وقد انتقل إلى جوار ربّه في يوم الإسراء والمعراج ولم يتجاوز الثالثة والأربعين من عمره. رحمه الله برحمته وأسكنه فسيح جنّته.
***
وفي هذا اليوم من سنة 1342 هجرية والموافق تقريباً 3 / 3 / 1924م، خُلع آخر السلاطين العثمانيين عبد المجيد الثاني سلطان تركيا وتحوّلت تركيا إلى جمهورية على رأسها مصطفى كمال الذي تسمَّى أتاتورك أي أبو الأتراك، ويقولون إنّه لمّا تولّى شَرَع في تحويل البلاد إلى دولة حديثة، فأنشأ المدارس وشيَّد المصانع ونقل العاصمة من مدينة القسطنطينية الشهيرة إلى أنقرة، وحوَّلها إلى مدينة حديثة المنظر وذات شوارع فسيحة، وأوجد إصلاحات في الحقل الديني والاجتماعي والثقافي وغير ذلك، وقد تُوفّي (أتا تورك) سنة 1938 م سنة 1356 هجرية. رحم الله المؤمنين برحمته.
***
وفي كتاب مفاتيح الجنان للحاج شيخ عباس القمّي طاب ثراه: أنّ ليلة 27 / 7 يسمّيها أهل النجف الأشرف ليلة المحيا، وقد روي عن ابن بطّوطة في رحلته أنّه مرّ بالنجف فرأى أهلها وكلّهم من الرافضة ـ على حد تعبيره ـ وأنّهم يسمّون هذه الليلة ليلة المحيا، ويأتون فيها بكلّ مقعد في العراق وغيرها، حتى أنّه قد يجتمع فيها الثلاثون والأربعون ونحو ذلك، فإذا كان بعد العشاء جعلوهم حول الضريح المقدّس وجعل الناس ينتظرون قيامهم وهم ما بين مصلٍّ وذاكرٍ وتالٍ ومتهجّدٍ، فإذا مضى من الليل نصفه أو ثلثاه أو نحو ذلك قام الجميع أصحّاء بدون سوء وهم يقولون: لا إله إلا الله، محمّد رسول الله|، علي ولي الله، قال ابن بطوطة: وهذا أمر مستفيض عندهم، سمعتُهُ من الثقاة ولم أحضر تلك الليلة، ولكنّي رأيتُ بمدرسة الضيَّاف ثلاثة من الرجال ـ أحدهم من أرض الروم، والثاني من أصبهان، والثالث من خراسان ـ وهم مقعدون، فاستخبرتهم عن حالهم، فأخبروني أنّهم لم يدركوا ليلة المحيا في هذا العام، وأنّهم ينتظرونها من العام القادم. والله سبحانه وتعالى أعلم بما ينتهي إليه حالهم.
***
وفي ليلة هذا اليوم 27 / 7 من سنة 1350 هجرية انعقد في مدينة القدس الشريفة مؤتمر إسلامي؛ لتدارس سبل التعاون في نشر الثقافة الإسلامية والدفاع عن البقاع المقدّسة وقضايا أخرى ذات علاقة بالأمة الإسلامية، وقد دُعي إلى هذا المؤتمر كبار علماء المسلمين بما فيهم العلّامة الكبير الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء المتوفّى بتأريخ: 18 /11/ 1383هجرية، وفي ذات ليلة من ليالي ذلك المؤتمر تقدّم إليه مفتي القدس الشيخ الحسيني ومفتي نابلس الشيخ محمد تفاحة ـ وكان من أكابر علماء فلسطين والمشرف على المسجد الأقصى ـ بأن يرتقي المنبر بعد صلاة المغرب، وكان عدد الحاضرين يُقدّر بنحو سبعين ألفاً، فصعد المنبر وارتجل خطبته التي افتتحها بقوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾([3]).
واسترسل في الحديث حول هذه الآية الشريفة ثم ربطه بالمواضيع التي من أجلها عُقد هذا المؤتمر، وبعد أن أنهى خطبته التي سحرت المستمعين بحلاوة عباراتها وعمق دلالاتها، طلب منه أكابرُ العلماء الموجودين أن يصلّي بهم جماعةً، فاستجاب لهم الشيخ واقتدتْ به الألوف من تلك الجموع الغفيرة، فكانت أوّل صلاة جماعة من نوعها. رحم الله الجميع برحمته وأسكنهم فسيح جنّته.
***
وفي هذا اليوم من سنة 1362 هجرية وُلد الفاضل الحاج شيخ عبد القادر بن الحجة الشيخ علي ابن الشيخ جعفر آل أبي المكارم حفظه الله، وهو صاحب المؤلّفات النافعة، ومنها كتاب (الصلوات في الإسلام)، و(الصيام في الإسلام)، وكتاب (حقوق الآباء والأرحام)، و(موسوعة المدائح النبوية)، وغيرها من الكتب النافعة، وقد مدحه الأستاذ أحمد محمد الجميّع بمقطوعة شعرية قال فيها:
فتىً قد حوى عِلْماً وحَزْماً ونائِلاً *** فمَن ذا يُداني شَأْوَهُ ويُزَاحِمُ
فأعْظِمْ بِهِ مِن سيِّدٍ ثمّ ماجِدٍ *** كريمُ خِصًال أنجبتْه الأكَارِمُ
حفظ الله وأبقاهُ، وسلّمه وكفاه.
***
وفي هذا اليوم من سنة 1369 هجرية تُوفّي بالقطيف العالم الفاضل الشيخ عبد الكريم نجل الحجة الإمام الشيخ علي الخنيزي المتوفّى بتأريخ: 3 / 2 / 1362 هجرية، ابن الوجيه الكبير المحسن الحاج حسن علي المتوفّى بتأريخ: 5 / 2 / 1329 هجرية، ابن الحاج حسن المتوفّى بالعراق بتأريخ: 20 / 2 / 1316 هجرية، ابن الحاج مهدي بن كاظم بن علي بن عبد الله بن مهدي آل الخنيزي. رحمهم الله برحمته وأسكنهم فسيح جنّته، وكان عمر المترجم& يوم وفاته (32) سنة فقط، فقد كان مولده بتأريخ: 2 / 10 / 1337 هجرية، فجدّد على الناس بموته مصيبتهم بأبيه الجليل، وبما أنّه وحيد أمّه الشريفة الجليلة فاطمة المتوفّاة بتأريخ: 27 / 7 / 1384 بنت العلّامة التقي الشيخ علي ابن العلّامة الورع الشيخ سليمان آل الإمام الكبير الشيخ مبارك القطيفي، فقد شق عليها فُقْده. رحم الله الجميع برحمته.
وقد خَلفَ الولد المبارك ميمون الطلعة الفاضل الشيخ زكي المولود بتأريخ: 11 /10/ 1367 هجرية، حفظه الله ورعاه من أمّه الشريفة العفيفة بنت المرحوم الحاج مهدي الجشي المتوفّى بتأريخ: 27 /8/ 1371 هجرية، ابن المقدس الحاج أحمد ابن العلّامة الجليل الشيخ محمد علي بن مسعود الجشي، وهذه الأسرة تماثل الطائفة الخنيزية في الشرف والغنى والعلم والصلاح. رحم الله الماضين وأيّد الباقين.
***
وفيه من سنة 1390 هجرية تُوفّي رئيس جمهورية مصر العربية جمال عبدالناصر.
***
وفي هذا اليوم 27 / 7 من سنة 1394 هجرية تُوفّي بالنجف الأشرف العالم العابد والفاضل الزاهد السيد عبد الله ابن السيد أحمد آل حجي من أهالي (التويثير) بالأحساء، فناحت عليه النوائح وأُقيمت عليه الفواتح، وقد رثيتُه بهذه القصيدة وألقيتُها في مجلس ذكرى أربعينه بحسينية بلدة التويثير، وكان منها:
نجفُ الإمامِ بقبرِهِ تتباها *** قد تمَّمَتْ بمقامِهِ عليَاهَا
غذَّتْه طفلاً بالعلوم ومذْ قضى *** حبَّاً له ضمَّتْه في أحشَاهَا
طَوُد التويثير العظيم إمامُها *** مِضْيافُها مِطْعامُها مَوْلاهَا
لم غادرته يدُ المنون أَمَا دَرتْ *** أنّ البلاد عليه طالَ بُكاهَا
أَوَ ما درتْ أنّ البلاد بأسْرِها *** ودَّتْ بأنّ ضريحَهُ مثواهَا
أَمْ يا تُرى اختارَ المنونُ فلمْ تكنْ *** تدعوهُ بلْ هو للقاءِ دعَاهَا
إنْ كان ظنُّ الألمعيِّ موفّقاً *** فهو اليقينُ بأنّه نَادَاهَا
أَمْ كيفَ تجترءُ المنونُ عليه هلْ *** جَهلتْ مقامَ اللهِ في أُمَنَاهَا
هل للمنونِ بأنْ تهدمَ شامِخَاً *** للعلمِ والعَلْيَا تَهْدُّ بَنَاهَا
هل لِلمنونِ بأنْ تقوّضَ خيمةَ *** التقوى وترمضَ بَعْدَها أَبْنَاهَا
هل للمنونِ بأنْ تحوَّلَ شَمْسَنَا *** من أُفْقِها فتغيبُ تحتَ ثَرَاهَا
إنّ الذي نبكيهِ ليس بواحدٍ *** في فَقْدِهِ ورزيَّةً نَنْسَاهَا
إنّ الذي نبكيْهِ شمسُ هدايةٍ *** كُنّا نؤمُّ الخيرَ تحتَ سَنَاهَا
إنْ كنتَ تجهلُهُ فسَلْ عنْهُ التُّقَى *** وسَلِ الصلاةَ فَقَدْ أَطَالَ بُكَاهَا
سَلْهَا ففيها قدْ أُصِيْبَ كجدِّهِ *** فبكتْ عليهِ وأَجْهَشَتْ بِبُكاهَا
لا تَعجبوا إنْ طاحَ في محرابهِ *** فوراثةُ الأبناءِ مِن آبَاهَا
إنّ الوراثةَ فيهِ من حامي الحمى *** في كلّ مكرمةٍ يَرُفُّ لِوَاهَا
في العلمِ والأخلاقِ أَمّا في التقى *** فلقدْ سَمَا منها إلى أَعْلاهَا
يا ناعياً جَاء البلادَ بِنَعْيِهِ *** باللهِ كيفَ أتيتَها تَنْعَاهَا
أَوَ ما عَلِمْتَ بأنّها في فَقْدِهِ *** فقدتْ عِمَادَ كيانِهَا وحُمَاهَا
للهِ والدُ حافظٍ مِن شُعْلةٍ *** للحقِّ قد خمدتْ وغَابَ ضِيَاها
من للتويثير الحبيبةِ إذْ مضى *** منصورُها وخَبَا سِراجُ سماها
مَن للمنابرِ بعد ناصرِها ومَن *** مولى الصلاةِ إذا مضى مَوْلاهَا
إلى آخر القصيدة التي تركنا بعضها خوفاً من الإطالة، وقد ذكرتُ فيها ما ذكر لي عنه(رحمه الله) أنّه وقع من صلاته بسبب الجلطة التي أصابتْه، وكانت بها نهاية حياته كما ذكرت في البيتين الأخيرين، وفاة ابن عمّه الخطيب الكبير السيد منصور الحاجي التويثيري أيضاً الذي وافته المنية بتأريخ: 19 / 9 / 1392 هجرية، وقد رثيتُه بقصيدةٍ سيأتي ذكر بعضها إن شاء الله عندما نمرّ بيوم وفاته. رحم الله الجميع برحمته وأسكنهم فسيح جنّته.
***
وفي هذا اليوم من سنة 1411 هجرية تُوفّي بالنجف الأشرف آية الله العظمى الممتحَن المبتلَى السيد يوسف ابن الإمام السيد محسن الطباطبائي الحكيم المولود في النجف سنة 1327 هجرية، وهو أكبر أنجال الإمام السيد محسن الحكيم الذين قتلهم وشرّدهم النظام البعثي البغيض برئاسة صدام حسين التكريتي، جزاه الله ما يستحقّ.
وقد نال السيد المذكور إجازة الاجتهاد في سنٍّ مبكّرةٍ من حياته، وأصبح من كبار أساتذة الفقه والأصول في الحوزة العلمية النجفية، وتخرّجت على يده كوكبة من أهل الفضل، وسجّل أبحاثه نفرٌ من تلامذته، وله الكثير من الآثار المخطوطة، وعاش آخر عمره تحت الضغوط البعثية وتحت الرقابات المشدّدة، حتى أنّه إذا خرج إلى الزيارة يَخاف الناس من السلام عليه، وما زال هكذا حتى انتقل إلى جوار ربّه، فأُقيمتْ له الفواتح في سوريا ولبنان وغيرها من الأقطار الشيعية ما عدا العراق التي تخشى المؤاخذة من الحكومة الصدامية البغيضة، التي انتهتْ بتأريخ 7 / 2 / 1424 هـ، وهو عام تأليف هذا الكتاب.
ومما رُثِي به السيد (رحمه الله) قصيدة للسيد السعيد الخبّاز الشريف القطيفي المولود في 24 / 2 / 1371 هـ. منها:
لِمَنِ المآتمُ في الشئام تُقام *** ولَمَا السواد وهذه الأَعْلامُ
فأتى الجوابُ بأنّ بدراً قَدْ هَوَى *** لا كالنجوم لأنّه الإسلامُ
هو عيلم علاّمةٌ فَهّامةٌ *** هو بحرُ فكرٍ ثاقبٍ ضُرْغَامُ
وَرِعٌ تقيٌّ زُهْدُه متسالَمٌ *** وعفافُ نفسٍ زانَها الإعْظَامُ
مَن كان في المجدِ الأثيلِ محلِّقاً *** ولَهُ فِعَالُ الصالحاتِ وُسَامُ
إلى آخر القصيدة التي نشرتْها مجلة (الموسم)([4]) في عددها العاشر. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
_____________
Related posts
Leave a Comment
You must be logged in to post a comment.