حدث في مثل هذا اليوم (24 ذي الحجة)

حدث في مثل هذا اليوم (24 ذي الحجة)

في اليوم الرابع والعشرين من هذا الشهر المبارك، نزلت توبة أبينا آدم (عليه السلام). وقد تقدم ذلك بتاريخ 3/ 12، والله أعلم.

***

وفي هذا اليوم المبارك من هذا الشهر المبارك من سنة أخرى تصدَّق أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بخاتمه على السائل ـ وهو راكع ـ فأنزل الله فيه: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ([1]). وعلى أثر ذلك قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لقد وجبت الولاية لابن عمي علي (عليه السلام)».

وأنشأ في ذلك حسان بن ثابت ـ رحمه الله ـ:

أبا حسن تفديك روحي ومهجتي *** وكلّ بطيء في الهدى ومسارعِ
فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعاً *** فدتك نفوس الناس يا خير راكعِ
بخاتمك الميمون يا خير سيد *** ويا خير شارٍ ثم يا خير بائعِ
فأنزل فيك الله خير ولاية
*** وبيّنها في محكمات الشرائعِ

***

وفيه من السنة المذكورة ـ وهي سنة تسع من الهجرة، كما تقدم ـ بتاريخ 20/ 12 خرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعلي وفاطمة وولديهما الحسن والحسين (عليهم السلام) إلى مباهلة نصارى نجران، وبذلك تمثلت النفس المذكورة في الآية الكريمة في علي (عليه السلام)، وتمثلت النساء المذكورة في الآية الكريمة في فاطمة، وتمثل الأبناء المذكورون في الآية الكريمة في الحسنين (عليهما السلام). ولما رأى أسقف نجران أولئك النفر قال لأصحابه: إني لأرى وجوهاً لو أقسم أحدهم على الله أن يزيل جبلا لأزاله؛ فصالحوا محمداً ولاتباهلوه؛ فتهلكوا. فجاؤوا إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وصالحوه على ما أراد منهم.

وروي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «لو باهلوني، لسال عليهم الوادي ناراً، ولاستأصل الله نجران حتى الطير في الهواء، ولما حال الحول على نصراني موجود على الأرض أبداً».

وقد روى المفيد([2]) في كتاب (الفصول) أن المأمون قال للرضا (عليه السلام) يوماً: أخبرني بأكبر فضيلة لعلي (عليه السلام) يدل عليها القرآن. فقال (عليه السلام): «فضيلة المباهلة؛ لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دعا للمباهلة والحسن والحسين فكانا أبناءه، ودعا فاطمة فكانت في هذا المقام نساءه، ودعا علياً (عليه السلام) فكان نفسه، وقد ثبت أنه ليس أحد من خلق الله أجل وأفضل من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فوجب أن لا يكون أحد أفضل من نفسه». فقال المأمون: ولم لا جاز أن يكون المراد بالنفس: هي نفسه في الحقيقة، فلا تكون لعلي هذه الفضيلة؟ فقال الرضا (عليه السلام): «لا يصح ذلك يا أمير المؤمنين؛ لأن الداعي إنما يكون داعياً لغيره، كما أن الآمر لابد أن يكون آمراً لغيره، ولا يصح أن يكون داعياً لنفسه في الحقيقة، كما لا يكون آمراً لها في الحقيقة. وإذ لم يدعُ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رجلاً للمباهلة غير علي (عليه السلام) فقد ثبت أنه نفسه التي عناها الله في كتابه»([3]). فقال المأمون: إذا ورد الجواب سقط السؤال.

***

قال المسعودي (رحمه الله): وفيه من سنة 232 هجرية توفي بسامراء الخليفة التاسع من خلفاء بني العباس هارون الواثق بن إبراهيم المعتصم. وقيل: إن اسم المعتصم محمد بن هارون الرشيد.

وفي كتاب (أخبار الدول) ـ للقرماني (رحمه الله) ـ أن وفاة الواثق كانت في رجب من السنة المذكورة، وكان الواثق قد تبع أباه على القول بخلق القرأن، وقد قتل أحمد بن نصر الخزاعي على مخالفته له في ذلك سنة 231 هجرية. وقد قيل: إنه ترك القول بخلق القرآن بسبب قصة لطيفة، ومناظرة ظريفة جرت بين القاضي ابن ابي داود، وبين رجل جيء به إليه مقيداً من السجن ـ وقد قيل: إن ذلك الرجل المقيد هو عبد الله بن محمد الأزدي المتوفى سنة […] وهو شيخ ابن أبي داود والكسائي، وغيرهما ـ وقد تركنا القصة؛ مخافة التطويل. فمن أرادها فليراجعها في (حياة الحيوان) للدميري، وفي (أخبار الدول) للقرماني. رحم الله الجميع برحمته.

***

وفي هذا اليوم من سنة 511 هجرية توفي بأصفهان السلطان محمد بن ملك شاه السلجوقي الذي يقول فيه القرماني في (أخبار الدول): إنه رجل السلجوقية الكامل، وفحلهم البازل، له الآثار الحميدة، والآراء السديدة، يغني الفقير، ويجبر الكسير، ويفك الأسير، وينصر الإسلام، ويكشف الظلام. مرض (رحمه الله) زماناً طويلاً، ثم توفي بالتاريخ المذكور ـ 24 /12 /511 هجرية ـ رحمه الله برحمته.

***

وفي هذا اليوم من سنة 1289 هجرية ـ الموافق 22 /2/ 1873 م ـ ولد الفيلسوف الباكستاني، والشاعر العالمي الدكتور محمد إقبال الذي كانت حياته حافلة بالصالحات. وقد فارق الحياة سنة 1357 هـ ـ بعد عمر مقداره (67) ـ ولكن سيبقى خالداً بعقيدته، وأعماله الجبارة، وخدماته لشعبه الباكستاني خاصة، وللمسلمين عامة. ومن شعره ـ رحمه الله ـ في السيدة الطاهرة فاطمة الزهرا (عليها السلام) قوله:

نسب المسيح بنى لمريم سيرة *** بقيت على طول المدى ذكراها
والمجد يشرق من ثلاث مطالع *** في مهد فاطمة فما أعلاها
هي بنت من هي زوج من هي أم من *** من ذا يداني في الفخار أباها
هي ومضة من نور عين المصطفى *** هادي الشعوب إذا تروم هداها
هو رحمة للعالمين وكعبة الـ *** ـآمال في الدنيا وفي اُخراها
من أيقظ الفطر النيام بروحه *** وكأنه بعد البلى أحياها
وأعاد تاريخ الحياة جديدة *** مثل العرائس في جديد حلاها
ولزوج فاطمة بسورة
﴿هل أتى*** تاج يفوق الشمس عند ضحاها([4])

ومن شعره في الحسين (عليه السلام) قوله (رحمه الله):

في الكعبة العليا وقصتها *** نبأ يفيض دما على الحَجَرِ
بدأت بإسماعيل عبرتها
*** ودم الحسين نهاية العبرِ

وقوله (رحمه الله):

ارفعوا الورد والشقائق إكليـ *** ـل ثناء على ضريح الشهيدِ
ذاك لون الدم الذي أنبت المجـ
*** ـد وروى به حياة الخلودِ

ومن شعره الجيد قوله (رحمه الله):

إذا الإيمان ضاع فلا أمان *** ولا دنيا لمن لم يُحيِ دينا
ومن رغب الحياة بغير دين *** فقد جعل الفناء لها قرينا

ولما دعي الإمام المصلح الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ـ المتوفى بتاريخ 18 /11/ 1373 هجرية ـ في الباكستان ومضى إلى هناك، زار قبر الدكتور المذكور ـ وذلك في 26 /5/ 1371 هـ ـ وارتجل عنده أبياتاً كان منها:

يا عارفاً جل قدراً في معارفه *** حيّاك منّيَ إكبار وإجلالُ
إن كان جسمك في هذا الضريح ثوى *** فالروح منك لها في الخلد إقبالُ
تحية لك من خل أتاك على *** بعد المزار بقول مثل ما قالوا
(لا خيل عندك تهديها ولامال
*** فليسعد النطق إن لم يسعد الحالُ)

رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم ـ 24 /12 ـ من سنة 1334 هجرية ـ توفي في قرية شحور ـ توفي العلامة السيد يوسف ابن السيد جواد آل شرف الدين الموسوي الشحوري العاملي عن ثلاث وسبعين سنة. وكان عالماً فاضلاً، تقياً نقياً، شهماً شاعراً، كريم الأخلاق، سخي اليد، تلوح عليه آثار النجابة والسيادة، ويشهد طيب فعله بشرف أصله. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي ليلة هذا اليوم ـ وكانت ليلة الخميس من سنة 1351 هجرية ـ توفي بالقطيف العلامة الجليل، الشيخ منصور بن محمد حسن الزاير، فبكته العباد، وحزنت من أجله البلاد، وأبنه الأدباء، ورثاه الشعراء، ومنهم الشاعر الكبير، الحاج أحمد سلمان الكوفي القطيفي ـ المتوفى بتاريخ 4 /8/ 1420 هجرية ـ فقال:

بهجة الخط غيبت في اللحودِ *** فلتسحَّ الدموع فوق الخدودِ
شيخ منصورٌ المقدس أشجى *** يومه كل غائب وشهيدِ
ومضى خلف نعشه المجد ينعى *** قلبُ ذُبْ لوعةً ويا عين جودي
مات من للصلاة كان مقيماً *** مات مؤتي الزكاة مقري الوفودِ
مات من بالأيتام كان عطوفا *** لهف نفسي على العطوف الودودِ
فلمن بعده المساكين تأتي *** هل لهم بعد موته من مفيدِ
قد قضت بعده المكارم لما *** أن قضى فالمعاش غير رغيدِ
عجباً كيف أسهم الموت أردت *** منبع العلم والتقى والجودِ
يالها فجعة على الدين حلت *** أحزنت كل سيد ومسودِ
يا فقيداً به المعزى هو الديـ *** ـن وأربابه أولو التوحيدِ
ها هُمُ عندنا جميعاً حضور
*** فهلموا نعزِّهم بالفقيدِ

وقد رثاه المرحوم خالد بن محمد الفرج، عبقري الشعر والأدب ـ المتوفى بتاريخ 28 /4/ 1374 هجرية ـ فقال في قصيدته الغراء:

مأتم الخط يوم مات أبوالأيـ *** ـتام فذ في وقعه كاليتيمِ
فيه منصورٌ المؤبن منصو *** راً يذيب الحشا وراء الجسومِ
يعد الناس بالنعيم وهم من
*** وعظه والأسى بحرِّ الحميمِ

وعنى بمنصور المؤبِّن للشيخ الفقيد: والد المؤلف سماحة الشيخ منصور المرهون ـ المتوفى بتاريخ 30 /7/ 1362 هجرية ـ كما تقدم. وكان الخطيب الأول في القطيف في ذلك الزمان. رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم ـ 24/ 12 ـ من سنة 1361 هجرية توفي بكربلاء المقدسة، الطبيب الماهر، السيد محمد حسن ابن الطبيب السيد مهدي الحكيم الشهرستاني الكربلائي. وهذه الأسرة أسرة علوية عريقة، حسينية؛ نسبها إلى الإمام الحسين (عليه السلام)، وهي غير أسرة الحكيم الحسنية الطباطبائية النجفية. وكان مولد هذا المترجم ليلة الجمعة 2 /2/ 1294 هجرية؛ فعمره يوم وفاته نحو من (66) سنة.

وهو حكيم بالمعنيين اللغوي والاصطلاحي، طبيب نطاسي على أسلوب الطب القديم: طريقة ابن سينا والرازي وأمثالهما، دقيق في فحوصه وعلاجاته ووصفاته الطبية، وطبيب على الشكل الحديث. وقد تتلمذ في الطب على يد والده الذي كان استاذ الكثير من الأطباء الذين زاولوا مهنة الطب بعده في مدينتي النجف وكربلاء وما جاورها. وكانت وفاته بكربلاء المقدسة أيضاً سنة 1318 هجرية. رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم من سنة 1418 هجرية اغتالت أتباع حكومة البعث الصدامية الخبيثة آية الله الشيخ مرتضى البروجردي بالنجف الأشرف. فإنا لله وإنا إليه راجعون، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾.

_____________________

([1]) المائدة: 55.

([2]) كذا في الأصل، والصواب أن كتاب الفصول المختارة للشيخ المفيد (رحمه الله).

([3]) الفصول المختارة: 38.

([4]) شرح إحقاق الحق 33: 391.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top