حدث في مثل هذا اليوم (2 محرم الحرام)
في اليوم الثاني من شهر المحرم خرج يوسف الصديق مع إخوته إلى المرعى، وساروا به، وقلب يعقوب معهم، وعينه تشيّعهم، حتى إذا غابوا من عينه أقبلوا على يوسف يوسعونه شتماً وضرباً، وبعد أن أرادوا قتله عدلوا بسبب عدم الرضا من بعضهم بالقتل: ﴿وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْـجُبِّ﴾([1]) فنزعوا عنه ثيابه إلّا قميصاً ترجّاهم أن يتركوه له؛ ليكون ستراً له إذا عاش، وكفناً له إذا مات، وألقوه في غيابة الجبّ العميقة المظلمة، قال تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ﴾([2]).
***
وفيه ـ وكان ذلك يوم الخميس ـ من سنة 61 هجرية نزل الحسين (عليه السلام) بأرض كربلاء، قال المقدّس الشيخ يوسف أبو ذيب الخطّي، المتوفى في حدود سنة 1200 من الهجرة (رحمه الله):
تالله لا أنسى الحسـ *** ـين وقد وقفن به الركائبْ
مستخبراً ما الأرض قا *** لوا كربلا يابن الأطايبْ
قال انزلوا فإذا الكتا *** ئب نحوه تتلو الكتائبْ ([3])
***
وفيه أو في الثامن والعشرين من سنة 220 هجرية وصل الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السلام) إلى بغداد، عندما أشخصه المعتصم العباسي إليها، فأقامه بها حتى توفّي في آخر شهر ذي القعدة من هذه السنة 220 هجرية مسموماً على يد زوجته اُم الفضل بنت المأمون، والله أعلم.
***
وفي هذا اليوم من سنة 437 هجرية توفي بقرطبة مكي بن حموش بن محمد بن مختار القيسي الأندلسي، قال عنه صاحب معجم المؤلفين: إنّه مقرئ مجوّد للقرآن، ومفسر عالم بعلوم العربية. ولد بالقيروان لسبع بقين من شعبان، وخرج منها إلى مكة، ثم ارتحل إلى الأندلس، وولي خطابة قرطبة إلى أن توفّي بها بالتاريخ المذكور 2 /1/ 437 هجرية. ومن تصانيفه: الهداية إلى بلوغ النهاية في معاني القرآن الكريم، وغير ذلك من المؤلفات الكثيرة النافعة (رحمه الله).
***
وفيه من سنة 447 هجرية توفّي أبو القاسم علي بن المحسن، صاحب السيد المرتضى وتلميذه، ولد بالبصرة سنة 365 هجرية، وتولى القضاء بالمدائن وغيرها. قال ابن كثير الشامي عنه: إنّه كان صدوقاً، محتاطاً، إلّا إنّه يميل إلى الاعتزال. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
***
وفيه من سنة 605 هجرية توفّي بالحلّة الزاهد، العابد، الشيخ ورّام بن أبي فراس النخعي، من أولاد مالك الأشتر، صاحب أميرالمؤمنين (عليه السلام)، وهو جدّ السيّد رضي الدين بن طاووس، الذي سيأتي ذكره بتاريخ 5/ 11لاُمه، وجدّ ابن إدريس، الذي سيأتي ذكره بتاريخ 18/ 10 لاُمه أيضاً. وقد كان غاية في الزهد والعبادة والورع والتقوى والتفاني في محبة أهل البيت (عليهم السلام)، كجدّه مالك الأشتر. وقد كان جدّ السيّدين لأمهما، وهو صاحب كتاب مجموعة ورّام، وكتاب (تنبيه الخواطر ونزهة النواظر). وروى الثقات أنّ ورّاماً هذا نقش أسماء الأئمة (عليهم السلام) على فصّ من عقيق، وأوصى أن يوضع في فمه عند دفنه. وقد أوصى سبطه الجليل السيّد رضي الدين بن طاووس المتوفّى بتاريخ 5 /11/ 664 هجرية بمثل ذلك، وقال: كان جدّي ورّام ممّن يُقتدى بفعله، رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.
***
وفيه من سنة 855 هجرية توفّي الخليفه العاشر من خلفاء بني العباس الذين ظهرت دولتهم بمصـر بعد زوال دولتهم ببغداد بثلاث سنين ونصف. فقد زالت دولتهم ببغداد على يد التتار بتاريخ 10 /1/ 656 هجرية كما سيأتي، ثم اُقيمت دولتهم بمصر في شهررجب سنة 659 هجرية وبقيت مئتين وخمساً وخمسين سنة ونصفاً. وكان عاشر ملوك الدولة العباسية بمصر هو هذا المستكفي بالله سليمان بن المستعين بالله، المتوفّى 2 /1/ 855 هجرية وله من العمر 63 سنة، ودفن بالمشهد النفيسي عند آبائه. وكانت مدّة خلافته عشر سنين، وبويع بعده أخوه القائم بأمر الله، رحم الله الجميع برحمته.
الدولة العباسية الاُولى
وخلفاء بني العباس هم كما يلي:
هذه أسماء خلفاء الدولة العباسية ببغداد، وتاريخ ابتداء دولة كلّ واحد منهم هو تاريخ وفاة السابق له، أو عزله عن الخلافة، كما حصل لبعضهم. وكانت نهاية دولتهم ببغداد بقتل المستعصم يوم الأربعاء 14 /2/ 656 هجرية. وقد جاء تاريخ نهايتها (خون)، قال الشاعر:
بنو العباس دولتهم *** دعتهم بالتقى خونوا
فخانوا عترة يبكي *** لهم بالدم ياسينُ
ولـمّا أنّها انقرضت *** أتى تاريخها (خونُ)([4])
وسبحان من لا يزول ملكه، ولا ينتهي سلطانه.
الدولة العباسية الثانية
ثم قامت دولتهم ـ العباسيين ـ الثانيه بمصـر ابتداءً من تاريخ سنة 659 إلى نهاية 13 /8/ 945 هجرية. وكان ابتداؤها بخلافة المستنصر بالله أحمد بن الظاهر بأمر الله، وكان غائباً عن بغداد عندما هجم عليها التتار وقتلوا الخليفه العباسي المستعصم بأمر الله بتاريخ 14/ 656 هجرية، فقدم إلى مصر، وأثبت نسبه فبايعوه خليفة عن السابقين من آبائه. وبعد أن بايعه الناس، واستتبّ له الأمر بمصر، توجه بجيشه إلى العراق ليستعيد مملكة آبائه، فلـمّا قدم العراق استقبله التتار بقوتهم الساحقة، فقتل جماعة من قومه وفقد هو ولم يعرفوا خبره. وكان ذلك بتاريخ 3 /1/ 660 هجرية، وكانت مدّة خلافته ستة أشهر.
وقام بعده الحاكم بأمر الله أحمد بن علي العبّاسي، وكان قد اختفى عندما أخذ التتار بغداد، ثم قدم حلب وبايعه أهلها، فلما فُقد المستنصـر بالتاريخ السابق 3 /1/ 660 هجرية كاتبه أهل مصر، فقدم إليهم بالقاهرة بتاريخ 16 /2/ 660 هجرية فبايعه الناس بها، ومازال حتى توفّي بتاريخ18 /5/ 701 هجرية، فقام بعده ولده المستكفي بالله سلمان بن الحاكم بأمر الله.
وفي سنة 736 هجرية وقع الخلاف بينه وبين السلطان المتصرّف في الاُمور بيبرس المصري البندقداري، فقبض عليه بيبرس واعتقله بالبرج ومنع الناس من الاجتماع معه ثم نفاه إلى قوس هو وعياله ورتب لهم من المال ما يكفيهم واستمروا بقوص إلى أن توفي بالبرج في شهر شعبان سنة 740 هجرية، وبايعوا بعده الواثق بالله إبراهيم بن المستمسك بالله، فكانت مدّة خلافته سنة وأياماً.
ثم تولّى بعده الحاكم بأمرالله أحمد بن المستكفي بالله، وما زال بالخلافة إلى أن توفّي بتاريخ سنة 4 /5/ 753 هجرية.
وقام بعده أخوه المعتضد بالله بن المستكفي بالله إلى أن توفّي بتاريخ 4 /5/ 763 هجرية.
وقام بعده ولده محمد المتوكّل على الله بن المعتضد بالله، وقد عزل عن الخلافة مرّتين ثم أعيد إليها، وما زال بها إلى أن توفّي في جمادى الآخرة سنة 808 هجرية (ثمانٍ وثمانمئة)؛ فكانت مدّة خلافته 45 سنة.
وقام بعده بالأمر ولده المستعين بالله بن المتوكّل على الله، وخلع عن الخلافة وبقي مخلوعاً إلى أن توفّي في جمادى الآخرة سنة 833 هجرية.
وقام بالأمر بعده أخوه داود المعتضد بالله بن المتوكّل على الله، وما زال إلى أن توفي بتاريخ 4 /3/ 845 هجرية.
وقام بالأمر بعده أخوه سليمان المستكفي بالله، ومازال في الخلافة إلى أن توفّي بتاريخ 20 /1/ 855 هجرية. ودفن بالمشهد النفيسي عند آبائه.
وقام بعده أخوه الحمزة القائم بأمر الله، ولكنه خلع بعد (42) يوماً، وبويع بعده أخوه المستنجد بالله يوسف بن المتوكّل على الله، واستمر بالخلافه إلى أن توفي بتاريخ 14 /1/ 884 هجرية.
وقام بالأمر بعدهُ ابن أخيه عبد العزيز المتوكّل على الله بن يعقوب بن المتوكّل على الله، وما زال إلى أن توفّي بتاريخ 30 /1/ 903هجرية.
وقام بعده ولده المستمسك بالله يعقوب بن عبد العزيز، وما زال إلى أن توفي بمصـر بتاريخ 20 /4/ 927 هجرية.
وقام بعده ولده المتوكّل على الله محمد بن يعقوب، وقد قبض عليه السلطان سليم خان العثماني وسجنه بالقسطنطينية، واستولى على الديار المصـرية سنة 922 هجرية، ثم أطلقه فعاد إلى مصـر، وسكن بها إلى أن توفي بتاريخ 12/أو 13 /8/ 945 هجرية.
وانتهت الدولة العباسية وقامت بدلاً منها الدولة العثمانية. قال القرماني في كتابه (أخبار الدول): وجميع خلفاء بني العباس البغداديين والمصريين كلّهم من أولاد أبي جعفر المنصور؛ لأنّ السفّاح لم يخلف من يقوم بالأُمور. وسبحان من لا يزول ملكه، ولا ينتهي سلطانه.
***
وفي ليلة هذا اليوم، وكانت ليلة جمعة من سنة 1251 هجريه توفّي الحبر الجليل، والراسخ في علمي الحديث والتنزيل، الذي لم يُرَ له في عبادته وزهده مثيل، الشيخ حسين نجف جدّ المرجع الأعلى في زمانه الشيخ محمد طه نجف، المتوفّى 14 /10/ 1323 هجرية، له كتب نافعه وشعر كثير، ومن شعره قصيدة مطلعها:
لعلي مناقب لا تضاهى *** لا نبي ولا وصي حواها
من ترى في الورى يضاهي علياً *** أيضاهى فتى به الله باهى
فضله الشمس للأنام تجلّت *** كل راءٍ بناضريه يراها
وهو نور الإله يهدي إليه *** فاسأل المهتدين عمّن هداها
وإذا قست في المعالي علياً *** بسواه رأيته في سماها
غير من كان نفسه ولهذا *** خصّه دون غيره بإخاها
رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
***
وفي هذا اليوم، أو في اليوم الذي قبله، وهو اليوم الأول من المحرم سنة 1298 هجرية كما تقدم، توفي بالحلّة السيّد الميرزا جعفر بن معز الدين المهدي بن الحسن الحسيني القزويني الذي قال عنه عارفوه: إنّه كان عالماً، فقيهاً، أصولياً، منشئاً، بليغاً، رئيساً، جليلاً، مهاباً، مطاعاً، لا سيما في بلدة الحلّة، فإنّه كان مسموع الكلمة عند حكّامها واُمرائها. ولـمّا هاجر أبوه إلى النجف استقل هو برئاستها ورئاسة أطرافها، فكان فيها مفزع الضعفاء، وموئل الفقراء، تأوي إلى داره الاُلوف من الضيوف في الحاضر والبادي، التي مرجعها لواء الحلّة؛ لأجل حوائجهم، وهو يقضيها لهم من الحكّام وولاة بغداد غير باخل بجاهه.
وكان ثبت الجنان، طلق اللسان، يتكلم باللغات الثلاث: العربية والتركية والفارسية. وله من المؤلفات: (التلويحات الغروية) في الاُصول، و(الإشراقات) في المنطق، وغيرهما، مع ما هو فيه من حسم الخصومات وقضاء حوائج الناس. وتوفّي في حياة أبيه وعمره (45) سنة فقط، وحمل نعشه على الأعناق من الحلّة إلى النجف الأشرف، وما مرّوا بنعشه بمكان إلّا استقبله أهله بالبكاء والعويل، وشاركوا في تشييعه.
ولـمّا ورد جثمانه للنجف الأشرف حصل له من الاستقبال ما لم يحصل مثله لعظيم قبله، ولـمّا وضع للصلاة عليه تقدّم والده ليؤم الناس في الصلاة عليه، فانصدعت قلوب الناس، وارتفعت أصواتهم بالبكاء والعويل، فتقدّم العالم الرباني الشيخ جعفر التستري الشوشتري المتوفّى 19 /2/ 1303هجرية، واستأذن من أبيه ليصلي عليه، فعسى أن يسكن بذلك هيجان الناس، فأذن له وصلى عليه وصلّى أبوه مأموماً، وفي ذلك يقول الشيخ حمادي نوح المتوفّى 23 /2/ 1325هجرية في مرثيته التي رثاه بها، فقال:
لولا الإمام صدوق النسك يقدمهم *** ســوى أبيك إماماً قط ما فتــروا
بجعفر الصادق الهادي اقتدت أُمم *** صلّت عليك وأملاك السما أُمروا
***
وفي هذا اليوم 2 /1/ 1426هجرية توفّي بالعراق الرادود المشهور، ياسين الحاج خضير الرميثي، الذي قرأ القصيدة الحسينية الصارخة التي صاغها الشاعر الشيخ عبد الرسول محيي الدين، والتي تحدى فيها الطاغوت، وقال فيها (رحمه الله):
يحسين ابضمايرنا *** صحنا بيك آمنّا
لا صيحة عواطف هاي *** ولا دعوى ومجرد راي
هذي من مبادئنا *** صحنا بيك آمنا
وقد قرأها الحاج ياسين المذكور عام 1979 م في الصحن الحسيني بكربلاء المقدسة، فرددتها وإلى الآن حناجر وقلوب الملايين من شيعة أهل البيت (عليهم السلام). وقد هاجرالمذكور من العراق مضطراً بعد مشاركته بالانتفاضة الشعبانية التي تحركت بتاريخ 21 /8 /1411 هجرية إلى مخيم فيحاء، بالمملكة السعودية، ثم من بعدها لمدينة (ديترويت) في أمريكا ثم عاد من بعد سقوط النظام الصدامي البغيض الذي سقط بتاريخ 7/ 2/ 1424 هجرية إلى العراق، وتوفّي به بالتاريخ المذكور 2 /1/ 1426 هجريه (رحمه الله).
_____________
Related posts
Leave a Comment
You must be logged in to post a comment.