حدث في مثل هذا اليوم (16 صفر)
وفي اليوم 16/ 2/ 204 دخل المأمون بغداد قادماً من مرو بمشورة من الإمام الرضا (عليه السلام) حيث قال له: «إن الناس يُظلمون من ورائك، ولا يجدون إلى الوصول إليك سبيلاً، وإني أرى لك أن تتحول إلى موضع آبائك وأجدادك، وتنظر في أمور المسلمين بنفسك، ولاتكلهم إلى غيرك؛ فإن الله عزّ وجلّ سائلك عما ولاك».
فلما عزم على النزول إلى بغداد خشي الفضل بن سهل ذو الرياستين أن يغلبه بنو العباس عليه إذا نزل إليهم، فقال: إني أرى أن تقيم هاهنا؛ فإن بني العباس ساخطون عليك؛ لقتل أخيك، وإخراج ولاية العهد عن بني أبيك. وإن هاهنا من المشايخ مَن خدم أباك وعرّفه الأمور، فاستشرهم. قال: ومن هم؟ فأشار عليه بالجلودي وابن عمران وابن يونس، وكانوا ممن امتنع من البيعة للإمام الرضا (عليه السلام)، فسجنهم المأمون لذلك. فلما أشار الفضل بمشاورتهم، أمر المأمون بإخراجهم، وأول من اُدخل عليه منهم ابن عمران، فلما رأى الرضا (عليه السلام) إلى جنب المأمون قال للمأمون: اُعيذك بالله يا أمير المؤمنين أن تُخرج هذا الأمر منكم، وتجعله في يد أعدائكم. فأمر به المأمون فضربت عنقه.
وأدخلوا ابن يونس، فلما رأى الرضا (عليه السلام) إلى جنب المأمون قال: إن هذا الذي إلى جانبك صنم يُعبد من دون الله. فأمر به فضربت عنقه.
وجيء بالجلودي، فلما رآه الإمام الرضا (عليه السلام) طلبه من المأمون حتى ولو بدر منه شيء؛ لأنه في أيام الرشيد عندما خرج محمد بن جعفر بالمدينة وجهه الرشيد لمقاومته والقضاء على حركته، وأمره إن ظفر به أن يضرب عنقه. وأن يغير على دور آل أبي طالب ويسلب نساءهم. ولا يدع على الواحدة منهن إلا ثوباً تستتر به. فلما أخمد الجلودي الحركة وجاء ليهجم على دور آل أبي طالب، وتسامع النساء بما يريد هرعن إلى بيت الإمام الرضا (عليه السلام)، واستجرن به، فوقف الإمام على باب بيته، فلما جاء الجلودي ليهجم البيت جعل الإمام الرضا (عليه السلام) يستعطفه، ويطلب منه أن يتنازل عن الهجوم على البيت كرامة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وقربة إلى الله، ووعده أن يأتيه بكل ما عليهن، ولا يدع على المرأة إلا ثوباً يسترها، كما أراد الرشيد.
وما زال يستعطفه ويحلف له أنه يفي بما وعده حتى رضي بذلك، ووفى له الإمام (عليه السلام) بما وعده، فلم يسمح للمرأة الهاشمية أن تدع عليها إلا ثوباً تستتر به.
ولذلك فإن الإمام الرضا (عليه السلام) طلبه من المأمون حتى ولو بدر منه شيء، ولكن الجلودي لما رأى الإمام الرضا (عليه السلام) قد انحنى على المأمون يكلمه ظن أنه يغريه على قتله فقال: يا أمير المؤمنين أسألك بالله وبخدمتي لأبيك ألّا تسمع فيَّ قول هذا. فقال المأمون للرضا (عليه السلام): أسمعت ما يقول؟ وأمر بضرب عنقه.
وأصر على النزول إلى بغداد، وفي طريقه إليها قتل الفضل بن سهل في حمام بسرخس بتاريخ 2/ 8/ 203 هجرية، وسم الإمام الرضا (عليه السلام) بسناباد. والأقرب والأنسب لاتفاق التاريخ أن تكون وفاة الإمام الرضا (عليه السلام) 21/ 9/ 203 كما في الرواية التي عليها عمل الإيرانيين. ثم واصل السير حتى وصل إلى بغداد بهذا التاريخ 16/ 2/ 204 هجرية. أما القول بوفاة الإمام الرضا (عليه السلام) بتاريخ 17/ 2/ 403 أو 30/ 2 فإنه لا يتناسب مع وصول المأمون إلى بغداد بهذا التاريخ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
***
وفي اليوم السادس عشر من الشهر المذكور سنة 660 هجرية بايع أهل مصر الخليفة الثاني من خلفاء بني العباس بمصر الحاكم بأمر الله الذي استدعوه من حلب بعد أن فقدوا الخليفة الأول بتاريخ 3/ 1 كما تقدم، وامتدّت أيامه إلى 41سنة، وتوفي ليلة الجمعة 18/ 5/ 701. وسيأتي الكلام عليه في محلّه إن شاء الله.
Related posts
Leave a Comment
You must be logged in to post a comment.