حدث في مثل هذا اليوم ( 13 شعبان )
وفي يوم الخميس 13 / 8 من سنة 467 هجرية تُوفّي الملك السادس والعشرون، أو السابع والعشرون من خلفاء بني العباس ببغداد عبد الله القائم بأمر الله العباسي، عن عمر ناهز السابعة والسبعين. وكانت مدّة خلافته منها 45 سنة، ولم يقم أحد من بني العباس في الخلافة قدر إقامته إلّا الملك الرابع والثلاثون أو الخامس والثلاثون منهم وهو الملك الناصر لدين الله الشيعي الإمامي، فإنّه أقام في الخلافة مدّة 47 سنة. رحم الله الجميع برحمته.
***
وفيه من سنة 473 هجرية تُوفّي بجرجان ملكها مؤيّد الدولة أبو منصور أخو عضد الدولة بن بويه الديلمي، وعمره 43 سنة، وتولّى بعده فخر الدولة.
***
وفيه ـ أو في الثالث والعشرين منه ـ سنة 492 هجرية استولى الصليبيون على بيت المقدس، وقتلوا من المسلمين ما يزيد على سبعين ألف، ومنهم جماعة كثير من أئمة المسلمين وعلمائهم وعُبّادهم وزُهّادهم ممّن فارق الأوطان، وجاور بذلك المكان. وقد غنم الصليبيون من القناديل والمتاع ما لا يحصى، وسَبَوا الحريم والأولاد، وفرّ مَن استطاع الفرار، وقدم بعضهم إلى بغداد في رمضان، وقاموا في الجامع يوم الجمعة فاستغاثوا وذكروا ما دهم المسلمين ببيت المقدس من قَتْل الرجال وسَبْي النساء والعيال، وبكوا وأبكوا. فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
وقد تقدّم أنّ صلاح الدين الأيوبي قد استردّه بتأريخ: 27 / 7 / 583 بعد أن مرّت عليه تحت أيدي الصليبيين (91) سنة، وهو الآن ومنذ أكثر من خمسين عاماً تحت أيدي الصليبيين، فنسأل الله أن يعيده إلى المسلمين.
***
وفي هذا اليوم 13 من شهر شعبان سنة 510 هجرية توفي أبو منصور محمد بن أحمد بن هارون بن أحمد خازن دار الكتب القديمة بالكرخ. قال الأمين في (الأعيان): قال ابن الجوزي: كان نحوياً أديباً فاضلاً فقيهاً شيعياً. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
***
وفيه من سنة 706 هجرية تُوفّي عماد الدين أبو جعفر وأبو الفضل محمد بن علي الشيباني الأديب الفاضل، الفقيه الشاعر، ويُعرف بابن الرفاعي. ومن أدبه الرفيع وشعره البديع أنّه خمّس لاميّة الطغرائي المتوفّى سنة 514 هـ المعروفة بـ(ـلامية العجم) التي أوّلها:
أصالةُ الرأي صانَتْنِي عن الخَطَلِ *** وحِلْيةُ الفَضْلِ زانَتْنِي لدى العَطَلِ([1])
خمّسها بمرثية للإمام الحسين (عليه السلام) فجاءت من أبدع المراثي الحسينية، وقال فيها:
أنا الحسينُ بجدّي الطُّهْرِ فِقْتُهُمُ *** والعدلَ والصدقَ والمعروفَ حزتُهُمُ
والدهرُ حربٌ لأمثالي وسِلْمُهُمُ *** (لعلّه إن بدا فضلي ونقصُهُمُ
لعينِهِ نامَ عنهمْ أو تنبّهَ لِيْ)
أبي عليُّ ونفسي جُلُّ شِميِتها *** كلّ المحامد مِن أبعاض قيمتِهِا
أضحتْ ترى القتلَ مِن أسنى سعادتِهَا *** (غالى بنفسي عرفاني بقيمتِهَا
فصنتها عن رخيصِ القُدْسِ مُبتَذَلِ)
فلا أطيعُ يزيداً في تكبّره *** إذْ ساءَ في ورده قُدْماً ومصدرِهِ
أنا ابن مَن ليس في الدنيا كمَفْخَرِهِ *** (وعادةُ النَّصْلِ أنْ يزهو بِجَوْهَرِهِ
وليس يَعْمَلُ إلاّ في يَدِ البَطَلِ)
خلافةُ اللهِ إرثي من أخي الحسنِ *** عن والدي ثمّ جدّي أنتُمُ بِمَنِ؟
يزيدُ يحكمُ في مالي وفي بَدَني *** (ما كنتُ أحسبُ أنْ يمتدّ بي زَمَنِي
حتى أرى دولةَ الأوباشِ والسَفَلِ)
لا خيرَ في العيشِ مَعْ قومٍ عقولهُمُ *** كدينِهمْ في البرايا ناقصٌ وَهَمُ
أنا ابن مَن عمّ خَلْقَ اللهِ فَضَلُهُمُ *** (تَقَدّمَتْنِي رجالٌ كان شَوْطُهُمُ
وراءَ خَطْوِي إذ أمشي على مِهَلِ)
نفوسُنا بالظُّبا والسُّمْرُ تُسْتَلَبُ *** نساؤنا كسبايا الرومِ تُنْتَهَبُ
فابكوا علينا دماً يا قومُ وانتحِبوا *** (وإنْ عِلانيَ مَن دوني فلا عَجَبُ
لي أسوةٌ بانحطاط الشمسِ عن زُحَلِ)
قل لابنِ سعدٍ لحاكَ اللهُ يا عُمَرُ *** قتلتَ قوماً بهم جبريلُ يَفْتَخِرُ
فصرتَ في شرِّ نارٍ كلُّها شَرَرٌ *** (يا وارداً سوء عيشٍ كلُّهُ كَدَرُ
أنفقت صفوك في أيامك الاُولِ)
أتسخط الله والمختار تغضبه *** بقتل أبنائه ظلماً وتحربه
والآل والمال تسبيه وتنهبه *** (فيما اعتراضك لج البحر تركبه
وأنت تكفيك منه مصة الوشلِ)
غادرت سبط رسول الله منجدلا *** طلبت ملكاً كساك الله ثوب بَلا
ولو قنعت لزاد الله فيك على *** (ملك القناعة لا يخشى عليه ولا
يحتاج فيه إلى الأنصار والخَوَلِ)
ويل لمن حارب ابن المصطفى ولها *** عن نصره وتعدى أمره ولها
وباع للدين بالدنيا وأبدلها *** (ترجو البقاء بدار لا بقاء لها
فهل سمعت بظل غير منتقلِ)
وهكذا أتى على جميع أبيات القصيدة بالتخاميس اللائقة بها، والمنسجمة معها. وصاحب القصيدة هو كما تقدم الحسين بن علي الطغرائي الشيعي الإمامي، وقد عمل هذه القصيدة سنة 505 هجرية ببغداد؛ ولذلك قال فيها:
فيم الإقامة بالزوراء لا سكني *** بها ولا ناقتي فيها ولا جملي
إن العلا حدثتني وهي صادقة *** فيما تحدث أن العز في النقلِ
لو كان في شرف المأوى بلوغ منىً *** لم تبرح الشمس يوماً دارة الحَمَلِ
وإنما رجل الدنيا وواحدها *** من لا يعوِّل في الدنيا على رجلِ([2])
وقتل السميري بسوق بغداد عند المدرسة النظامية، قيل: قتله عبد الطغرائي انتقاماً لمولاه يوم الثلاثاء 30 / 2 / 516 هجرية.
***
وفي هذا اليوم 13 / 8 / 743، أو في يوم 23 / 8 / 743 هجرية توفي شرف الدين الحسين بن محمد بن عبد الله الطيبي صاحب كتاب (شرح المشكاة)، وغيره من الكتب النافعة. وكان من أصحاب الحديث والتفسير والبلاغة، وكانت له ثروة طائلة من الإرث والتجارة، فأنفقها في وجوه الخير حتى افتقر في آخر عمره. وكان ملازماً لتعليم الطلبة والإنفاق على ذوي الحاجة منهم. وكان يقسّم وقته بين التفسير والحديث، فهو يعقد مجلسه للتفسير من البكرة إلى الظهر، ثم يعقد مجلسه لقراءة صحيح البخاري من الظهر إلى العصر.
وفي اليوم الأخير من حياته وهو يوم الثلاثاء 13 / 8 / 743 من الهجرة جلس للتفسير من الصبح إلى الظهر ثم توجه إلى مسجد عند بيته فصلى النافلة قاعداً، وجلس ينتظر الفريضة فقضى نحبه.
وقد خلف كتباً قيمة منها
1ـ كتاب التبيان في المعاني والبيان.
2ـ حاشية على تفسير الكشاف.
3ـ الخلاصة في معرفة الحديث.
4ـ شرح مشكاة المصابيح في الحديث.
وغير ذلك من الكتب المعتبرة. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
***
في هذا اليوم 13 من شهر شعبان سنة 1375 هجرية توفي بالبحرين حجة الإسلام الشيخ عبد الحسين بن القاسم بن هليّل الحلي العراقي المولود بالحلة سنة 1300 هجرية، والذي قطن البحرين من سنة 1354 هجرية وإلى أن توفي بالتاريخ المذكور 13 / 8 / 1375 هجرية. وقد تقدم أنه توفي بتاريخ 9 / 8. وكان مميزاً للقضاء في محاكمها الشرعية طيلة هذه المدة المذكورة، ولذلك قال فيه مؤبنه وراثيه السيد محسن الطالقاني:
ضاقت رحاب عراقي *** به ففر شجيّا
وفي سبيل إباه *** طوى الفيافيَ طيّا
بحر لبحرين وافى *** وثم أروى الظميّا
له عدة مؤلفات منها كتاب (النقد النزيه) في مجلدين، وقد انتقد فيه رسالة الإمام المصلح السيد محسن الأمين صاحب كتاب (الأعيان) المتوفى بتاريخ 4 / 7 / 1371 هجرية، وهي الرسالة المسماة (رسالة التنزيه لأعمال الشبيه) التي انتقد فيها الأمين بعض المظاهر الغريبة في المواكب الحسينية. كما أن له شعراً كثيراً، ومنه قصيدته بعنوان (الجامعة العربية وفلسطين) قال فيها (رحمه الله):
حي العروبة أنَّى كانت العرب *** فهم على البعد إخوان قد اقتربوا
قد وحدت لغة القرأن بينهُمُ *** أشدّ ما وحّد الأبناء فيه أبُ
وألفت بينهم آياته فغدوا *** بعد التباغض أحباباً قد اصطحبوا([3])
إلى آخر القصيدة. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
***
وفي هذا اليوم 13 شعبان من سنة 1421 هجرية توفي بالبحرين العلّامة الجليل الشيخ منصور ابن الشيخ محمد بن سلمان الستري البحراني. ذكروا عنه أنه من قضاة المحاكم الشرعية في البحرين وخطيب من خطباء المنبر الحسيني المشهورين وإمام في الجمعة والجماعة في منطقة «سترة»، وله فيها مدرسة دينية تعرف بالمدرسة المنصورية.
ولد في البحرين سنة 1337 هجرية، وفي مغبة الأحداث التي دارت في الأيام الأخيرة في البحرين، وقبل أن تنتهي بالمصالحة الوطنية سنة 2000 م تعرض رحمه الله لحادث اعتداء بالضرب وهو في مسجده بعد أداء فريضة الصلاة من قبل بعض النساء اللاتي سجن أبناؤهن في تلك الأحداث المرة؛ لاتهام الناس له بالتواطؤ مع حكومة البحرين. وكان الضرب مبرحاً، فدخل في غيبوبة نقل على أثرها إلى المستشفى، وبقي في غيبوبة مدة طويلة حتى توفي بالتاريخ المذكور 13 /8/ 1421 هـ. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
***
وفي هذا اليوم 13/ 8 من سنة [1412 هـ] هـ استشهد بجنوب لبنان رئيس حزب الله اللبناني السيد عباس الموسوي على يد الصهاينة. وقد قام بعده بالرئاسة للحزب المذكور السيد حسن نصر الله. رحم الله الماضين، وأيد الباقين.
__________________
Related posts
Leave a Comment
You must be logged in to post a comment.