حدث في مثل هذا اليوم (11 محرم الحرام)

حدث في مثل هذا اليوم (11 محرم الحرام)

في اليوم الحادي عشر من هذا الشهر سنة 61 هجرية ساروا بآل رسول الله (صلى الله عليه وآله) سبايا من كربلا إلى الكوفة، وقائل أهل البيت (عليهم السلام) يقول:

يا اُمة السوء لا سقياً لرَبْعكُمُ *** يا اُمة لم تراعي جدّنا فينا
تسيّرونا على الأقتاب حاسرة *** كأنّنا لم نشيّد فيكُمُ دينا

فـ ﴿إنَّا لِله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾.

***

وفي هذا اليوم من سنة 295 هجرية توفي أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر الترمذي، الفقيه الشافعي. قال ابن خلّكان: لم يكن في زمانه للفقهاء الشافعية أرأس منه، وكان ثقة، من أهل العلم والفضل والزهد في الدنيا([1]).

وروى عنه ابن خلّكان أنّه سُئل عن كيفية النزول المنسوب إلى الله الذي رووه في الحديث المنسوب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأنه جلّ وعلا ينزل إلى سماء الدنيا، كيف نزوله جلّ وعلا؟ وأيبقى فوقه علو؟ فأجاب: بأن النزول معقول، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة([2]).

توفّي وله من العمر (95) سنه؛ لأنّ مولده سنة مئتين، وقد اختلط في آخر عمره اختلاطاً عظيماً. رحمه الله برحمته.

***

وفيه من سنة 502 هجرية قتل بآمل ـ وهي مدينة بطبرستان ـ أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل الروياني، الفقيه الشافعي، وكان له الجاه العظيم، والحرمة الوافرة في تلك الديار. قال ابن خلّكان: وكان الوزير نظام الملك ـ الذي سيأتي ذكره بتاريخ 21/ 11 إن شاء الله ـ كثير التعظيم له؛ لكمال فضله، وقد صنّف الكتب الكثيرة في الاُصول والفقه، وروي عنه أنّه كان يقول: لو احترقت كتب الشافعي لأمليتها من خاطري([3]). رحمه الله برحمته.

***

وفي هذا اليوم 11 من شهر المحرم الحرام سنة 608 هجرية توفي بالمدائن تاج الدين أبو سعد الحسن بن محمد بن الحسن بن محمد بن حمدون بن أبي المعالي بن أبي سعد الكاتب الحمداني التغلبي، من نسل سيف الدولة بن حمدان. وكان مولده في صفر من سنة 547 هجرية، فعمره يوم وفاته 61 سنة فقط، ودفن بمقبرة الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام).

وكان من الأدباء والعلماء، وقال عنه صاحب كتاب (معجم الأدباء): إنّه كان طاهر الأخلاق، زكي النفس، عالي الهمة، حسن الصورة، مليح الشيبة، ضخم الجثة، طويل القامة، ظريف الشكل، وكان من المحبين للكتب واقتنائها، والمبالغين في تحصيلها وشرائها… فلمّا تقاعد به الدهر، وأبعد عن الولايات التي كان يتولاها، جعل يخرج الكتب ويبيعها وعيناه تهملان دموعاً كالمفارق لحبيبه. ولما قال له بعض أصدقائه: هون عليك، فإن الدهر دول، وقد يصحب الزمان ويساعد، فتستخلف ما هو أحسن منها، قال له: حسبك يا بني، وأنشد:

هب الدهر أرضاني وأعتب صرفه *** وأعقب بالحسنى وفكّ من الأسرِ
فمن لي بأيام الشباب التي مضت
*** ومن لي بما قد مر في البؤس من عمري([4])

رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفيه أو في العشرين منه، أو في الحادي والعشرين منه، من سنة 726 هجرية توفي جمال الدين، وآية الله في العالمين، الحسن بن يوسف بن علي بن المطهّر الحلي، الذي ذكروا أنّ مولده بتاريخ 29 /9/ 648 هجرية، وعلى هذا يكون عمره يوم وفاته 77 سنة. وقد بلغ عدد مؤلّفاته نحو خمسمئة كتاب، حتى إنّه لو وزعت مؤلفاته على أيام عمره لكان لكل يوم منها جزء، مع اشتغاله بالتدريس والتعليم، وكثرة الأسفار، والدخول على السلاطين والتحدّث معهم، ومع كثرة مناظراته (رحمه الله) مع الآخرين وسيأتي في تاريخ 17 / 9 أنّ تشيّع الجايتو خدابنده بسبب مناظرته (رحمه الله) للعلماء في الطلاق وغيره من أحكام المذاهب الإسلامية. ومن أجل هذه المناسبة كتب كتابه المشهور (منهاج الكرامة) الذي ردّ عليه شيخ الإسلام ابن تيمية المتوفى بتاريخ 00 /00/ 728 هجرية بكتابه (منهاج السنة) وأشبعه وشيعة أهل البيت (عليهم السلام) فيه من الشتم والتهكم، حتى إنّه سمّاه ابن المنجّس بدلاً من ابن المطهرّ. ومن الصدف أنهما اجتمعا في البيت الحرام فتذاكرا فأعجب ابن تيمية كلامه، فسأله ابن تيمية من تكون؟ وكان لم يره قبل ذلك، فقال: أنا الذي تسميه ابن المنجس، فخجل لذلك([5]). ولم يكن من الشيخ المقدّس إلّا أن كتب لابن تيمية:

لو كنت تعلم كل ما علم الورى *** طرّاً لصرت صديق كل العالمِ
لكن جهلت فقلت إنّ جميع من *** يهوى خلاف هواك ليس بعالمِ([6])

 وكفاه فخراً أنّ عهده يعتبر العهد الفاصل بين العهدين، عهد المتقدّمين وعهد المتأخرين من الفقهاء، وقد قيل عنه: إنه تشرف برؤية الإمام المغيب (عليه السلام) عدة مرّات، ومنها ما روي أنّه ذهب إلى زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) ليلة الجمعة، وبينما هو يسوق دابته إذ التقى بأعرابي، فجعل يتحدّث معه، ومن ذلك الحديث علم أنّه رجل فاضل، فصار يتحدث معه في المسائل العلمية، فرآه صاحب علم غزير، وفضيلة كبيرة، فجعل يسأله عن المشكلات العلمية العميقة مسألة بعد مسألة وهو يحلّها، حتى سأله عن مسألة فأجابه عنها بجواب أنكره الحلي (رحمه الله)، وقال: ليس عندنا آية أو رواية تدلّ على صحة هذا الجواب، فقال الرجل: بلى، يوجد في التهذيب حديث في السطر الفلاني، من الصفحة الفلانية، فإذا رجعت إلى النجف فراجع التهذيب تجد الحديث إن شاء الله.

فتعجّب العلامة، وجعل يفكر من هو هذا الشخص؟ وهل من الجائز أن يكون هو الإمام المنتظر (عليه السلام)؟ فسأله قائلاً: أيها الشيخ، هل تجوز رؤية الإمام المغيب في زمان الغيبة الكبرى؟ وسقطت العصا من يده، فانحنى عليها الرجل ورفعها إليه من الأرض، وقال: «كيف لا تجوز رؤيته وهو يناولك عصاك؟». فألقى بنفسه من على الدابة ليعتنقه فلم يجده.

ولما رجع راجع كتاب التهذيب، فوجد الحديث في السطر المعين، والصفحة المعينة، فكتب على حاشية الصفحة: هذا الحديث دلّني عليه صاحب الأمر عجّل الله فرجه.

وقد قيل بوفاة هذا العالم الجليل في العشرين أو في الواحد والعشرين من هذا الشهر. رحمه الله برحمته.

***

وفي هذا اليوم 11 /1/ 1067 هجرية، والموافق تقريباً 29 /10/ 1656 ميلادية ولد العالم الفلكي والرياضي الإنجليزي (أدمون هالي)، الذي ساهم بالكثير من الاكتشافات الفلكية. وقد سمّي مذنب هالي بهذا الاسم؛ نسبة إلى هذا العالم، فقد رصده عام 1682 ميلادية، وهو مذنب حركته دورية، ويظهر في كل (76) سنة مرّة واحدة. فسبحان الخلاق العليم.

***

وفي هذا اليوم من شهر المحرم الحرام من سنة 1295هجرية توفي بدمشق عبد السلام بن عبد الرحمن الشطّي، البغدادي الأصل، الدمشقي المولد والوفاة. كان ـ كما قال عنه صاحب كتاب (معجم المؤلفين)([7]) ـ أديباً شاعراً مؤلفاً، له ديوان شعر. ومن مؤلفاته: كتاب (تحفة أهل التوحيد والإيمان بأدعية ليلة النصف من شعبان)، وله مختصر كتاب (الفرج بعد الشدة)، وله وله. قيل: وكان حنبلي المذهب. رحمه الله برحمته.

***

وفي هذا اليوم 11 من شهر المحرم الحرام سنة 1355 هجرية توفي بالكاظمية السيد محمد ابن السيد محمد صادق الكاظمي الأصفهاني ابن السيد زين العابدين الخونساري، المولود بتاريخ 13 /8/ 1273 هجرية، فعمره يوم وفاته 78 سنة. قال عنه الأمين في (الأعيان): إنه صاحب اطّلاع واسع على الأخبار، وإحاطة بالتاريخ والأدب والرجال والآثار، له من المؤلفات (المجالس العامرة في آثار العترة الطاهرة)، وكتاب (السير والسلوك في معاشرة العلماء والملوك)، وله كتاب في أحوال الأئمة^، وله أشعار كثيرة بالعربية والفارسية([8]). رحمه الله برحمته.

____________________

([1]) وفيات الأعيان 4: 195.

([2]) المصدر نفسه.

([3]) وردت هذه العبارة في وفيات الأعيان 3: 198 عن أبي المحاسن الروياني وما في ترجمة المشار إليه من الوفيات قوله: وكتبَ الشافعي، بعد رؤيا رأى فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله).

([4]) عنه في أعيان الشيعة 5: 247.

([5]) الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة 2: 72.

([6]) انظر أعيان الشيعة 5: 398، والبيتان للعنتري، عيون الأنباء: 390.

([7]) معجم المؤلفين 5: 226.

([8]) أعيان الشيعة 9: 414.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top