حدث في مثل هذا اليوم (10 رجب)
وفي كتاب قصص الأنبياء لابن كثير أنّ نوح النبي (عليه السلام) ركب هو وأصحابه السفينة في اليوم العاشر من شهر رجب الحرام([1]). وقد تقدّم أنّه في اليوم الأول منه، والله سبحانه وتعالى أعلم.
***
في ليلة هذا اليوم من سنة 195 هجرية وُلد الإمام التاسع من أئمة أهل البيت الاثني عشر (عليهم السلام)، وهو الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السلام). وقيل في تاريخ مولده غير ذلك.
ولكن بعض الأدعية تدلّ على ولادته في رجب، ومن أشهرها الدعاء المنسوب لحفيده الإمام المنتظر#، وهو: «اللَّهمَّ إنّي أسألك بالمولودَين في رجب محمد بن علي الثاني، وابنه علي بن محمد المنتجب، وأتقرّب بهما إليك خيرُ القُرَب»([2]).
ولا شكّ أنّه عنى بمحمد بن علي الثاني الإمام الجواد (عليه السلام)؛ لأنّ محمد بن علي الأول من الأئمة هو الإمام الباقر (عليه السلام)، الذي تقدّم أنّه وُلد بتاريخ 1 / 7 / 56، والثاني هو الجواد (عليه السلام). وقد قال بعض أهل المعرفة: إنّ الإمام المنتظر (عليه السلام) إنّما خَصَّص جَدَّيه الأقربين الجواد والهادي (عليهما السلام) بذكرهما في دعائه هذا ولم يذكر جَدَّيه الأبعدين أمير المؤمنين والباقر (عليهما السلام)، مع أنّ ميلادهما في رجب؛ لأنّه أراد بذلك أن يثبّت قلوب المؤمنين على إمامة الجواد والهادي (عليهما السلام)؛ وذلك لأنّ الخصْم أراد أن يشوْش على إمامتهما بصغر سنّهما، فإنّ الجواد (عليه السلام) تولّى الإمامة وهو ابن ثماني سنين، وولده الهادي ابن سبع سنين، فأراد (عليه السلام)× بدعائه أن ينفي تلك المحاولة الفاشلة التي يرفضها العقل والشرع والتاريخ والعرف.
وقد جاءنا الزمان بما لا نحتاج بعده إلى غيره في إثبات مثل هذه الأمور، وسيأتي في هذا الكتاب بتاريخ 1 / 8 مولد الطفل المعجزة الإيراني، ويأتي أيضاً بتاريخ 16 / 10 الطفل المعجزة «كريستيان»، وغيرهما كثير وكثير وكثير ممّا فيه كفاية لإثبات مثل هذه الأمور. وقبل هذا وذاك، فإنّ الله سبحانه وتعالى يقول عن يحيى (عليه السلام): ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا﴾([3]) ويقول عن عيسى بن مريم أنّه قال وهو على صدْر أُمّه: ﴿إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا﴾([4]).
ولا يُشكّ من قرأ سيرة الإمامين الجواد والهادي (عليهما السلام) أنّهما إمامان فاضلان، وقد أنشأ المؤلّف ـ سامحه الله ـ مقطوعةً قال فيها:
إذا جاءنا الشهر الأصمّ المعظّم *** أتانا موالينا فصلّوا وسلّموا
ففي الليلة الأولى أتى الباقرُ الذي *** به بَقَرَ العلمَ العليمُ المعلّمُ
وفي الليلة الأخرى التي بعدها أتى *** إمام الهدى الهادي عليُّ المكرَّمُ
وفي عاشر الشهر الشريف أتى لنا *** جواد الرضا ذاك الجواد المعظَّمُ
فحيّاك ربّي يا جواد أئمّتي *** وبُورك شعر في مديحك يُنْظَمُ
وبورِك يومٌ جئتَ فيه إلى الدُّنى *** وبُورك شهرٌ أنت فيه المكرَّمُ
دعا بك مولانا وقال لنا اسألوا *** به وابنه والله يقضي ويَحْكُمُ
فنحن نناجي الله باسمك كلّما *** يعود لنا الشهرُ الأصبُّ المحرَّمُ
وثالث عشرِ الشهر جاء أبو الهدى *** عليٌّ أميرُ المؤمنين المقدَّمُ
أبو السيف والمحراب والعلم والتقى *** أبو الدين والدنيا عليُّ المعظَّمُ
وسابع والعشرين معراج أحمد *** إلى الملأ الأعلى فصلُّوا وسلِّمُوا
فللّه هذا الشهر من شهر رحمة *** تُصبّ على مَن فيه يدعو ويحرمُ
ولله هذا الشهر من شهر رحمه *** على مَن يزور الطاهرين ويعظمُ
فصوموا وزوروا الطاهرين ومكّة الـ *** ـعظيمة زوروها ولبُّوا وأحْرِمُوا
وطوفوا وفادوا بالدعاء الذي دعا *** به الحجة المهديْ فمولايَ أعلَمُ
وحبُّوا به الطهر الكرام فربكم *** بهم يكشف البلوى ويعطي ويَرْحَمُ
كما جادت قريحته (سامحه الله) بتخميس الأبيات الثلاثة التي مر ذكرها بتاريخ 1 / 7، وهو اليوم الأول من هذا الشهر، فقال:
إن شئتَ أن تستريح من تعبِ *** في يوم لا تستفيد من نسبِ
وشئتَ تنجو غداً من الكرب *** (زيارة الكاظمين في رجبِ
تُنقَذُ يوم اللقا من اللهبِ)
فإن أردْتَ المُنَى بدون عنا *** فزُرْ بشهر الحرام كاظمَنَا
ونجله فالحديث قال لنا *** (تعدِلُ حَجَّاً ووقفةً بمنى
وعمرةً كلّها بلا نَصَبِ)
وإنْ أردْتَ الخلاصَ من كَبَدٍ *** وردت نوراً في الروح والجسد
فزُرْ من القر ب أو من البعد *** (إي وأبي لا يخاف هول غدِ
مَن حازها في الزمان إي وأبي)
ولعلّ هذه الخصوصية التي أشار إليها المرحوم عبد الباقي أفندي العمري في هذه الأبيات الثلاثة([5]) من حيث مولد الإمام الجواد (عليه السلام) في اليوم (10) من الشهر، ووفاة الإمام الكاظم (عليه السلام) في اليوم (25) منه، ومن حيث حرمة الشهر الشريف.
***
وفي هذا اليوم 10 / 7 من سنة 366 هجرية وُلد الأمير المختار عز الملك محمد بن عبد الله المُسبِّحي، بضم الميم، وفتح السين، وكسـر الباء الموحدة، وفي آخره حاء مهملة. كانت فيه فضائل، ولديه معارف، وقد اتّصل بخدمة الحاكم بن العزيز العبيدي صاحب مصر، ونال منه سعادة، وله معه مجالس ومحاضرات. وجمع نحو ثلاثين مصنّفاً، منها التأريخ الكبير (أخبار مصر) الذي جمع فيه فأوعى حتى بلغ (13) ألف ورقة، وله كتاب (قصص الأنبياء) وغير ذلك.
وله أيضاً شعر حسن، فمنه قوله في مرثية أبيه المتوفَّى بتاريخ 9 / 8 / 400 هجرية وعمره (93) سنة، فرثاه بقصيدة قال فيها:
خَطْبٌ يَقِلّ له البكاء وينطوي *** عنه العزاء ويظهر المكتومُ
خطبٌ يُميتُ من الصدورِ قلوبَها *** أسفاً ويقعد تارةً ويُقِيمُ
يا مَن يلوم إذا رآني جازِعاً *** من طارق الحدثان فيمَ تلومُ
بأبي فُجِعْتُ فأيّ ثكْلٍ مثله *** ثَكْل الأبوّةِ في الشباب أَلِيْمُ([6])
ومن شعره قوله في مرثية زوجته:
ألا في سبيل الله قلبٌ تقطَّعا *** وفادحةٌ لم تُبْقِ للعين مَدْمَعا
أَصَبراً وقد حلّ الثرى من أوده([7]) *** فللَّه همٌّ ما أشدّ وأَوْجَعَا
فيا ليتني للموت قُدّمُتُ قبلها *** وإلاّ فليتَ الموتَ أذْهَبَنَا مَعَا([8])
وزاره يوماً أبو محمد عبيد الله بن أبي الجوع الأديب الكاتب المشهور المتوفّى سنة […]، ففرح بزيارته، فعمل هذه الأبيات وأنشدها إيّاه على البديهة:
حللتَ فأحللتَ قلبي السرورا *** وكاد لفرحته أنْ يَطِيْرَا
وأمطرَ علمُكَ سُحْبَ السماء *** ولولاكَ ما كان يوماً مَطِيْرَا
تضوَّع نشرك لمّا وردتَ *** وعاد الظلامُ ضياءً مُنِيْرَا([9])
رحم الله الجميع برحمته وأسكنهم فسيح جنّته.
***
وفيه من سنة 519 هجرية وُلد أبو الفتح محمد بن عبيد الله بن عبد الله الكاتب الشاعر المشهور المعروف بــابن التعاويذي. قال صاحب كتاب (الكنى والألقاب): أورده بعض علمائنا في رجال الشيعة([10]). وذكر عن صاحب كتاب (نسمة السحر) أنّه من كبار الشيعة، وذكر قصيدته في رثاء الإمام الحسين×([11])، ومنها قوله:
وقفتُ على الديار فما أصاختْ *** معالمها لمحزونٍ بكيِّ
أروّي تربها الصادي كأنّي *** نزحت الدمع فيها من ركيِّ
ولو أكرمت دمعك يا شؤوني *** بكيت على الإمام الفاطميِّ
على المقتول ظمآناً فجودي *** على الظمآن بالدمع الروِيِّ
على الحامي بأطرافِ العوالي *** حمى الإسلام والبطل الكمِيِّ
على أندى الأنام يداً ووجهاً *** وأرجحهم وقاراً في الندِيِّ
وخير العالمين أباً وأمّاً *** وأطهرهم ثرى عرق زَكِيِّ([12])
إلى آخر القصيدة، وسيأتي إن شاء الله أنّ وفاته بتاريخ 2 / 10 / 553 هجرية. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنّته.
***
في هذا اليوم ـ 10 / من شهر رجب الحرام ـ سنة 553 هجرية وُلد الخليفة الرابع والثلاثون من خلفاء بني العباس الناصر لدين الله أبو العباس أحمد بن المستضيء بأمر الله بن المستنجد بالله العباسي الشيعي، الذي كانت خلافته (46) سنة وعشرة أشهر وثمانية وعشرين يوماً؛ فهو أطول بني العباس خلافةً. وقد بسط فيها العدل، فأمر بإراقة الخمور، وكسر آلات الملاهي، وإبطال المكوس، فعمرت البلاد، وكثرت الأرزاق، وقصد الناس بغداد وتبرّكوا به.
وفي زمانه وعهده تُوفّي صلاح الدين الأيوبي بمصر 27 / 2 / 589 هجرية، وكان قد جعل ولي عهده ولده الأكبر علي بن صلاح الدين، وأخذ له العهد على أخويه أبي بكر وعثمان ابني صلاح الدين، فلمّا مات أبوهم وثبا على أخيهما علي واغتصبا منه المُلْك، فكتب إلى الملك الناصر المذكور بهذه الأبيات وهي مشهورة وذكرها عامة المؤرّخين، وهي:
مولاي إنّ أبا بكر وصاحبه *** عثمان قد غصبا بالسيف حق عليْ
وهو الذي كان قد ولاّه والدُه *** عليهما فاستقام الأمر حين وَلِيْ
فخالفاه وحلاّ عقد بيعته *** والأمر بينهما والنص فيه جَلِيْ
فانظر إلى حظ هذا الاسم كيف لقي *** من الأواخر ما لاقى من الإول
فأجابه الخليفة الناصر بقول الذي ذكره مَن ذَكَرَ الشعر الأوّل، فقال:
وافى كتابك يابن يوسف ناطقاً *** بالصدق يُخْبِر أنّ أصلَك طاهرُ
غصبوا عليّاً حقَّه إذ لم يكن *** بعد النبيّ له بيثربَ ناصرُ
فاصبِرْ فإنّ غداً عليه حسابهم *** وابْشِر فناصرك الإمام الناصرُ([13])
وقد كانت وفاة الملك الناصر في أول شوال سنة 622 هجرية وعمره نحو (70) سنة إلا شهراً واحداً. رحمه الله برحمته وأسكنه فسيح جنّته.
***
وفي هذا اليوم 10 / 7 من سنة 553 هجرية ولد أبو عبد الله محمد بن أبي المعز منصور بن جميل بن عبد الله الجبي نسبة إلى قرية تُعرف بـ«جبَّا» من نواحي هيت. وسيأتي إنّ شاء الله أن وفاته بتاريخ 15 / 8 / 616 هجرية. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنّته.
***
وفيه من سنة 1284 هجرية والموافق تقريباً 7 / 11 / 1867 م ولدت السيدة العبقرية البولونية «مدام كوري»، مكتشفةَ الراديوم، وهو مادّة مهمّة في معالجة الأورام السرطانية. وقد نالت على اكتشافها لهذه المادة جائزة نوبل للفيزياء، وتُوفّيت «مدام كوري» في 6 / 9 / 1934م، ولها من العمر نحو من 67.
***
وفي هذا اليوم من سنة 1354 هجرية تُوفّي بالنجف الأشرف الفقيه الكبير، والعالم الشهير، الشيخ أسد الله بن علي أكبر الزنجاني، ودُفن& في إحدى حجرات الصحن المرتضوي قرب باب الطوسي من الصحن الشريف. رحمه الله برحمته وأسكنه فسيح جنّته.
***
وفي هذا اليوم 10 /7/ 1379 هجرية والموافق تقريباً 9/ 1 /1960م افتتح الرئيس جمال عبد الناصر مشروع بناء السدّ العالي بمصر.
______________________
([1]) قصص الأنبياء (عليهم السلام) 1: 112، وانظر: الدرّ المنثور 3: 331، تفسير السمعاني 2: 430.
([2]) مصباح المتهجّد: 805، الإقبال بالأعمال الحسنة 3: 315، المصباح (الكفعمي): 530.
([7]) وفيات الأعيان 4: 378، الوافي بالوفيات 4: 9.
([8]) الصدر فيه خلل عروضي، وقد ورد كذلك في المصادر التي روته لنا.
([12]) انظر: الغدير 5: 392، أعيان الشيعة 9: 396.
([13]) سير أعلام النبلاء 21: 295 ـ 296، تاريخ الإسلام 45: 124، قال الذهبي فيه: قيل ـ ولم يصح ـ : إنه جرّد سبعين ألفاً لصنرته، فجاءه الخبر أن الأمر قد فات، فبطل التجريد. وفيات الأعيان 3: 420 ـ 421.
Related posts
Leave a Comment
You must be logged in to post a comment.