بمناسبة ذكرى ميلاد الإمام الباقر عليه السلام

بمناسبة ذكرى ميلاد الإمام الباقر عليه السلام

حسين آل إسماعيل

باقر الآل جاءنا بالتهاني *** فهو نور يضيء كل مكان

بكيان أكرم به من كيان *** فهو نور ما مثله قط نور

باقر الآل شع والبشر أقبل *** بالتهاني لخير هادٍ ومرسل

فاز مَنْ باسمه دعا وتوسل *** فعلى اسمه تدور العصور

باقر الآل حاز كل المزايا *** جده المصطفى كريم السجايا

وأبوه مَنْ فاق كل البرايا *** وهو للدين حارس ونصير

باقر الآل حاز فضلا ومجدا *** فهو خير الأنام أما وجدا

وأبا كان في العبادة فردا *** نعمة ساقها اللطيف الخبير

باقر الآل آية لا تضاهى *** ولعلم التفسير رمز علاها

ليس بدعا فسيد الرسل طه *** جده المصطفى البشير النذير

باقر الآل ساد في الناس حقا *** وهو ممن زُقَّ المعارف زقّا

وهو في العلم نال بُعْدًا وعُمقا *** وهو ممن عناهمُ التطهيرُ

باقر الآل بحر جود وحكمه *** مقصد للورى لكل ملمه

كم قضى حاجة وسد مهمه *** لجميع الأنام منجى وسور

باقر الآل في المعالي تجلى *** وبأخلاق جده قد تحلى

ولقد فاز مَنْ به قد تولى *** حبه واجب ونصر كبير

باقر الآل شع مثل الثريا *** هنؤوا فاطما وهنوا عليا

وحسينا رمز الإبا والزكيا *** وجدودا بها القضاء يدور

يوم ميلاده الملائك سُرَّت *** وبدا شكرها ولله خرَّتْ

وعلى جده المبارك صلتْ *** إذْ تجلى من نوره الديجورُ

يوم ميلاده الملائك طُرَّا *** سجدت للإله حمدًا وشكرا

مُذْ بدا وجهُه المنوِّرُ بدرا *** أقبل الصبح بالضيا يستنيرُ

الحديث حول شخصية الإمام الباقر× يكون في جانبين وهما ما يلي:

١) بِمَ وصف أبناء العامة شخصية الإمام الباقر×؟

2) ما هو دور الإمام الباقر في النصيحة للأمة؟

إنَّ شخصية الإمام الباقر× لم تكن فريدة من نوعها في رأي الشيعة فقط بل حتى عند كبار أبناء العامة وشخصياتهم كانوا يعتبرونه شخصية فريدة ومميزة، ولذلك فقد وصفوه بما يلي:

أ) كشف الإمام كنوز المعارف والعلوم: قال ابن حجر في كتابه الصواعق المحرقة ص٢٠١ متحدثاً عن شخصية الإمام الباقر×: «أبو جعفر الباقر سُمِّي بذلك من بقر الأرض أي شقها وأثار مُخبَّأتها ومكامنها فلذلك هو أظهر من مُخبآت كنوز المعارف وحقائق الأحكام والحكم واللطائف ما لا يخفى إلا على منطمس البصيرة أو فاسد الطوية والسريرة ومِن ثمَّ قيل فيه: هو باقر العلم وجامعه وشاهر علمه ورافعه عمرت أوقاته بطاعة الله وله من الرسوم في مقامات العارفين ما تكل عنه ألسنة الواصفين وله كلمات كثيرة في السلوك والمعارف لا تحتملها هذه العجالة».

ب) تصاغر العلماء وتواضعهم عند الإمام الباقر: قال سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص٣٣٧ إنَّ عبد الله بن عطاء قال عن شخصية الإمام الباقر×: «ما رأيتُ العلماء عند أحد أصغر منهم عند أبي جعفر الباقر محمد بن علي لتواضعهم له».

ج) أنَّ الإمام الباقر جمع بين العلم والعمل: قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ج٢ ص٤٠٢: «كان الباقر أحد مَنْ جمع بين العلم والعمل والسؤدد والشرف والثقة والرزانة وكان أهلا للخلافة».

وللإمام الباقر صلوات الله وسلامه عليه عدة أعمال قدَّمها للأمة منها ما يلي:

١) إسداء النصيحة لجميع المسلمين:  وقد أسدى النصيحة حتى لسلاطين بني مروان وبعدة أشكال وطرق وهي ما يلي:

أ) ينصحهم بإنصاف المظلوم ورد الظالم: روى ابن شهراشوب المازندراني في كتابه مناقب آل أبي طالب ج٣ ص٣٣٧ قال: دخل عمر بن عبد العزيز إلى المدينة وصاح مناديه: مَنْ كانت له مظلمة وظلامة فليحضر فأتاه أبو جعفر الباقر× فلما رآه استقبله وأقعده مقعده فقال×: «إنما الدنيا سوق من الأسواق يبتاع فيها الناس ما ينفعهم وما يضرهم وكم يوم ابتاعوا ما ضرهم فلم يصبحوا حتى أتاهم الموت فخرجوا من الدنيا ملومين لما لم يأخذوا ما ينفعهم للآخرة فاتقِ الله واجعل في نفسك اثنتين: انظر إلى ما تحب أن يكون معك إذا قدمت على ربك فقدمه بين يديك، وانظر إلى ما تكره أن يكون معك إذا قدمت على ربك فارمه وراءك ولا ترغبنَّ في سلعة بارت على مَنْ كان قبلك فأرجو أن تجوز عنك، وافتح الأبواب، وسهل الحجاب، وانصف المظلوم وردَّ الظالم».

عند ذلك دعا عمر بن عبد العزيز بدواة وبباض وكتب: «هذا ما ردَّ عمر بن عبد العزيز ظلامة محمد بن علي بن الحسين بن أبي طالب عليهم بفدك».

ب) ينصحهم بالعطف على المسلمين والرفق بهم: رُوِيَ في آمالي القالي ج٢ ص٣٠٨ قال: حينما وفد الإمام الباقر× إلى الشام في جملة الفقهاء بأمر عمر بن عبد العزيز دخل أبو جعفر الباقر× على عمر بن عبد العزيز فقال له عمر: اوصني يا أبا جعفر فقال×: «أوصيك أن تتخذ صغير المسلمين ولدا، وأوسطهم أخا، وكبيرهم أبا، فارحم ولدك، وصل أخاك، وبر أباك، وإذا صنعت معروفا فربِّه».

ج) ينصحهم بما يخلصهم من المعضلات: روى البيهقي في كتاب المحاسن والأضداد ج١ ص٣١ قال: «أراد عبد الملك بن مروان أن يستبدل العملة اليومية المتداولة في بلاد المسلمين بعملة أخرى، فهدد ملك الروم إن استبدل العملة أن ينقش على الدراهم والدنانير شتم النبي محمد، فتحيَّر عبد الملك بن مروان فإن تراجع عن موقفه ضعف موقف الدولة، وإن لم يتراجع فسوف ينفذ ملك الروم تهديده فأشار عليه شخص اسمه روح بن زنباع أن يرسل لأبي جعفر الباقر× ويستقدمه إلى الشام. فقدم الإمام الباقر× إلى الشام وأشار على عبد الملك بن مروان بإصدار عملة إسلامية بيَّن له أوزانها وما يكتب فيها وطلب منه أن يلزم المسلمين باستعمالها وترك العملة الرومية، فعمل عبد الملك بنصيحة الإمام الباقر× ثم تراجع ملك الروم عن تهديده وقال: إنما أردت أن أغيظه».

يتبع…

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top