حدث في مثل هذا اليوم (4 شوال)
وباليوم الرابع من شهر شوال تبدأ الأيام الستة المستحب صومها من كل سنة، والتي روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال في صومها: «من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر»([1]).
وفسَّر بعضهم هذا الحديث بأنه يعني أن (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) فصوم رمضان بعشرة أشهر والأيام الستة بشهرين، فكأن صائم رمضان وهذه الستة الأيام قد صام السنة بكاملها([2]). وفق الله المؤمنين لصالح الأعمال.
***
في اليوم الرابع من شوال سنة 8 من الهجرة بعد فتح مكة بخمسة عشر يوماً خرج النبي (صلى الله عليه وآله) إلى حنين، وعلى الأقرب أن المعركة حصلت بحنين في اليوم السابع منه. وسيأتي الكلام على ذلك إن شاء الله.
***
وفيه من سنة 247 هجرية قتل الخليفة العاشر من خلفاء بني العباس جعفر المتوكل بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد، وله من العمر 41 سنة، وقتل معه وزيره الفتح بن خاقان التركي. وفي ذلك يقول الحسين بن الضحاك الخليع:
إن اللياليَ لم تحسن إلى أحد *** إلا أساءت إليه بعد إحسانِ
أما رأيت خطوب الدهر ما فعلت *** بالهاشمي وبالفتح بن خاقانِ([3])
قال الدميري في كتاب (حياة الحيوان): وكان المتوكل يبغض علياً (عليه السلام) وينتقصه، فذكر علياً يوماً، وغض منه، فتعكّر وجه ابنه المنتصر، فشتمه المتوكل وأنشد مواجهاً له:
غار الفتى لابن عمه *** رأس الفتى في حِرِ امه
فحقد عليه المنتصر، وأغراه ذلك على قتله؛ لما كان يغلو في بغض علي (عليه السلام)، ويكثر من الوقيعة فيه والاستخفاف به، فبينما المتوكل في قصره يشرب مع ندمائه، وقد سكر، إذ دخل بغا التركي الصغير، وأمر الندماء بالانصراف، فانصرفوا، ولم يبقَ عنده إلّا الفتح بن خاقان، فإذا الغلمان الذين عيَّنهم المنتصر لقتل أبيه قد دخلوا وبأيديهم السيوف مصلتة، فهجموا عليه، فصرخ الفتح بن خاقان: ويلكم أميرالمؤمنين، ورمى بنفسه عليه، فقتلوهما جميعاً، وخرجوا إلى المنتصر فسلموا عليه بالخلافة. وكان قتله مع وزيره في الليلة الرابعة من شوال سنة 247، وكان الإمام الهادي (عليه السلام) قد أشار إلى ذلك في يوم عيد الفطر كما تقدم، فكان الأمر كما قال (عليه السلام). و بما أن المنتصر (رحمه الله) كان على غير طريقة أبيه مع العلويين فقد مدحه شاعره أبو عبادة البحتري المتوفى سنة 284 هـ، فقال:
رددت المظالم واسترجعت *** يداك الحقوق لمن قد قُهرْ
وآل أبي طالب بعدما *** أذيع بسربهم فانذعرْ
ونالت أدانيهُمُ جفوة *** تكاد السماء لها تنفطرْ
وصلت شوابك أرحامهم *** وقد أوشك الحبل أن ينبترْ
فقربت من حظهم ما نأى *** وصفيت من شربهم ما كدرْ
بقيت إمام الهدى للهدى *** تجدد من نهجه ما دثرْ([4])
***
وفيه أو في الرابع عشر من سنة 573 هجرية توفي القطب الراوندي سعيد بن هبة الله بن الحسن، العالم المتبحر، الفقيه المحدث، المفسر المحقق، الثقة الجليل، صاحب كتاب (الخرائج والجرائح)، و(قصص الأنبياء) و(لب اللباب) و(شرح النهج) وغيرها من الكتب النافعة. وقد دفن بالقرب من الحضرة الفاطمية ببلدة قم المقدسة، وقبره معروف هناك. رحمه الله برحمته.
وقد ترجم له المقدس الأميني (رحمه الله) في كتاب الغدير([5]). قال صاحب كتاب (الكنى والألقاب)([6]): ولا يخفى أنه غير سعيد بن هبة الله بن محمد بن الحسين الفاضل المشتهر في العلوم الحكمية؛ فإنه كان من الأطباء المتميزين في صناعة الطب، وكان يتولى مداواة المرضى في البيمارستان العضدي، وله كتاب (المغني في الطب) صنفَّه للمقتدي العباسي الخليفة السابع والعشرين من بني العباس. وله أيضاً كتاب (خلق الإنسان) توفي (رحمه الله) سنة 495 هجرية.
***
وفيه من سنة 1365 هجرية وقّعت اليابان وثيقة الاستسلام بدون قيد أو شرط، وبعده بثلاثة أيام رفع العلم الأمريكي فوق طوكيو عاصمة اليابان، وانتهت بذلك رسمياً الحرب العالمية الثانية بعد ست سنوات؛ فقد كان اندلاعها في 18 رجب سنة 1358 هجرية، وقد خسرت فيها البشرية نحو (17) مليون جندي، وأضعاف هذا العدد من المدنيين. وسيأتي الكلام عليها في محله إن شاء الله.
***
وفي هذا اليوم وهو الرابع من شوال سنة 1404 هجرية توفي الأديب الاُستاذ علي نجل العلّامة الشيخ حسين القديحي القطيفي الكاتب الأديب، والشاعر اللبيب. وكانت وفاته بسوريا، ولكنه نقل إلى مسقط رأسه بلدة القديح من محافظة القطيف حيث وري الثرى بتاريخ 7/ 10/ 1404. ومن شعره (رحمه الله) قصيدة قالها في مرثية المقدس الشيخ فرج العمران المتوفى بتاريخ 22 /3 /1398 هـ، قال فيها:
على روحه فاقرؤوا الفاتحه *** ولا تكثروا عنده النائحه
دعوا روحه بهناً رائحه *** لتنعم في ظل رب مجيدْ
أريحوه لا تنغصوه المبيت *** وقولوا لقبر حواه سموت
أتعلم يا قبر من ذا حويت *** حويت الإمام وبيت القصيدْ
ضممت الذي أوحش المسجدا *** وأبكى الرسول ودين الهدى
حويت الذي كان بحر الندى *** بما ملكته يداه يجودْ
حويت ربيب السجايا الحميده *** حويت رفيق الخصال الرشيده
فغبطتك اليوم فيه شديده *** كشدة حسرتنا في الفقيدْ
لقد هجر الأهل والمعشرا *** لقد ترك الطرس والمنبرا
وآثر قربك فاوفِ القرى *** قراه وحقق له ما يريدْ
ترفق سقيت هطول الغمامْ *** ترفق بمن فيك فهو الإمامْ
وكان إلى الحق أقوى دعامْ *** فأين الدعام وأين العميدْ
أيا بقعة في حنايا الحفائرْ *** سمت شرفاً فيه بين المقابرْ
لقد كان للعلم والدين ناشرْ *** ألا فامنحيه المنام الرغيدْ
وكان يزورك كل خميسْ *** وقر لديك نهار الخميسْ
ليصحب فيك الرفيق الأنيسْ *** ويعتنق الخلد فهو السعيدْ
وداعاً ولست أقول أرجعيه *** فما عاد يرضى بما نحن فيه
وقد عوض الله خيراً عليه *** فلا تحسبنْه الرجوع يريدْ
ولقد ألقاها شاعرها على قبر المقدس المذكور في اليوم الأخير من الفاتحة 25 /3/ 1398، حيث ذهب الأهل والأحباب وكنت معهم إلى زيارة القبر، كما هي العادة المتعارفة، فكان لها وقع كبير في نفوس الزائرين، حتى ارتفعت الأصوات بالنياحة والعويل، فإنا لله وإنا اليه راجعون. رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته؛ إنه سميع مجيب.
_______________
([1]) مستدرك وسائل الشيعة 7: 509/ 8770، 548/ 8857، مسند أحمد 5: 417، 419، صحيح مسلم 3: 169، معرفة السن والآثار 3: 449/ 2621.
([2]) انظر: فتح الوهّاب 1: 215، إعانة الطالبين 2: 303، نيل الأوطار 4: 322 ـ 323، صحيح مسلم بشرح النووي 8: 56.
([3]) أعيان الشيعة 4: 535، 6: 47، تاريخ مدينة دمشق 12: 28، 48: 373.
([5]) انظر الغدير 5: 379 ـ 385.
Related posts
Leave a Comment
You must be logged in to post a comment.