حدث في مثل هذا اليوم ( 4 ربيع الأوّل)

حدث في مثل هذا اليوم ( 4 ربيع الأوّل)

في ليلة اليوم الرابع من شهر ربيع الأول سنة 13 من البعثة خرج النبي (صلى الله عليه وآله) وصاحبه من الغار متوجهين إلى المدينة المنورة، وقد نزل في ذلك قوله تعالى: ﴿إِلا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ العُلْيَا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ([1]). والمعنى: إن لم تنصروا محمداً (صلى الله عليه وآله) فسينصره الله الذي نصره حين كان ثاني اثنين فقط لم يكن معه أنصار، ولا أعوان وذلك (إذ أخرجه الذين كفروا)، وإنما أسند الله سبحانه إخراجه إلى الكفار؛ لأنهم ألجؤوه إلى الخروج عندما تأمروا على قتله فاضطرّ إلى الخروج عنهم (ثاني اثنين) أي أحد اثنين لا ثالث لهما هو وأبو بكر الصديق فقط (إذ هما في الغار) أي في نقب جبل ثور (إذ يقول لصاحبه) وهو أبو بكر الصديق (إن الله معنا).

وإنما قال له ذلك تطييباً لنفسه، وتطميناً له وتسكيناً لقلبه، فقد روى الطبري عن أنس أن أبا بكر عنه قال: بينما أنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الغار وأقدام المشركين فوق رؤوسنا، فقلت: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لو أن أحدهم رفع قدمه لأبصرنا؟ فقال: «يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟». (فأنزل الله سكينته عليه) أي على رسوله (وأيده بجنود لم تروها)، وهم الملائكة و﴿جَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ العُلْيَا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ يعني قاهر لا يغلب، وحكيم لا يعبث. وما أحسن قول البوصيري المتوفى سنة 694 هجرية (رحمه الله):

وما حوى الغار من خير ومن كرم *** وكل طرف من الكفار عنه عمى
الصدق في الغار والصديق لم ير *** ما وهم يقولون ما بالغار من إرم
ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على *** خير البرية لم ينسج ولم يحم
عناية الله أغنت عن مضاعفة *** من الدروع وعن عالٍ من الإطمِ

***

وفيه من سنة 110 هجرية توفيت أختها فاطمة بنت الحسين (عليه السلام)، وهي التي تزوجها ابن عمها الحسن بن الحسن السبط؛ فقد روي أن الحسن بن الحسن خطب إلى عمه الحسين (عليه السلام) إحدى ابنتيه سكينة أو فاطمة، فقال له الحسين (عليه السلام): «أختر أيهما شئت». فاستحيا الحسن بن الحسن (عليه السلام)، ولم يرد جواباً، فقال له الحسين (عليه السلام): «إني قد اخترت لك ابنتي فاطمة فهي أكثر شبهاً بأمي فاطمة (عليها السلام)». ثم زوجه بها.

وقد روي أنه مات قبلها فحزنت عليه حزناً شديداً حتى قيل: إنها ضربت على قبره خيمة وبقيت تقرأ فيها القرآن وتصوم النهار وتقوم الليل إلى مدة سنة كاملة، ثم قالت إلى مواليها: إذا أظلم الليل فقوضوا هذا الفسطاط. فلما قوضوه وانقلبت إلى البيت، سمعت هاتفاً يقول: هل وجدوا من فقدوا؟ فأجابه آخر: بل يئسوا وانقلبوا. رحم الله الجميع برحمته وأسكنهم فسيح جنته.

***

وفي اليوم الرابع من شهر ربيع الأول أو في الخامس منه سنة 117 هجرية توفيت السيدة سكينة بنت الإمام الحسين بالمدينة المنورة.

وسكينة هي التي تجنّى عليها التاريخ تجنياً تعدى فيه كل الحدود، وقد سار الكتَّاب المعاصرون على ذلك الطريق الذي خطّه لهم التاريخ المزعوم دون أي محاكمة ولو بسيطة على الأقل، فقالوا عنها: إنها كانت ممن تغزل فيها عمر بن ربيعة المخزومي المتوفى سنة 93 هجرية، ومن النساء اللاتي كن يغرينه ويرسلن إليه الرسل، ويهيئن له مجلساً معهن ليحدثهن، ويقول فيهن لاهياً متغزلاً.

قالوا: وكان المغنون يقصدونها ويغنون لها، حتى حضر عندها يوماً أربعة من المغنين وهم ابن سريج والعريضي ومعبد وحنين.

وكان هؤلاء الأربعة يومئذٍ أشهر المغنين في دنيا العرب وأعرفهم بصنعة الغناء. قال رواة الحديث: فلما دخلوا، أذنت للناس إذناً عاماً فغصَّت الدار بالناس، وأمرت لهم بطعام فأكلوا ثم طلبوا من حنين أن يغنيهم فغناهم صوته الذي أوله

هلا بكيت على الشباب الذاهب *** وكففت عن ذم المشيب الآيب

فازدحم الناس وصعدوا على السطح، فلما كثروا عليه سقط بهم الرواق على من تحته فسلموا جميعاً إلا المغني حنيناً فإنه مات تحت الهدم، فقالت سكينة: لقد كدر علينا سرورنا.

إلى غير ذلك من الروايات المكذوبة التي لم يكن القصد منها الا تبرير أعمالهم بنسبة أمثالها إلى أهل البيت الطاهر الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. وأنّى لها والغناء وهي حليفة الحزن والبكاء؟ قد أخبر عنها أبوها فقال:

سيطول بعدي يا سكينة فاعلمي *** منك البكاء اذا الحمام دهاني

وقد قيل عنها: إنها ولدت بتاريخ 20 / 7 هـ. رحمها الله برحمته.

***

وفي هذا اليوم بعد ثلاث خلون من ربيع الأول سنة 315 هجرية وكان يوم الاثنين توفي بقم المقدسة أبو علي محمد الأعرج بن أحمد بن موسى المبرقع بن محمد الجواد بن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) الذي إليه تنتهي سلسلة السادات الرضوية في المشهد المقدس. نقل الأمين في (الأعيان) عن كتاب (الشجرة الطيبة) أنه كان ذا فضل كثير، وكان حسن المحاورة والمنظر، فصيحاً عالماً عاقلاً، يضع برقعاً على وجهه كجده موسى المبرقع. رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

***

وفيه من سنة 845 هجرية توفي الملك التاسع من ملوك بني العباس بمصر أبو الفتح داود الملقب بالمعتضد بالله، وتولى بعده أخوة المستكفي. ويقال: ظهر في زمانه رجل بمصر يدعي أنه يصعد إلى السماء، ويشاهد الباري جل وعلا ويكلمه، واعتقده جمع من العوام، فعقد له المعتضد مجلساً، واستتيب فلم يتب، فعلق القاضي قتله على شهادة اثنين بأنه حاضر العقل فشهد جماعة من أهل الطب على أنه مختل العقل، فقيد واُلقي في السجن إلى أن مات.

***

في ظهر يوم السبت 4 /3/ 1186 هجرية توفي العلامة الجليل الشيخ يوسف الدرازي البحراني صاحب الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة وصاحب كتاب الدرة النجفية وكتاب لؤلؤة البحرين وغيرها من الكتب النافعة.

ولما توفي (رحمه الله) بكربلاء المقدسة صلى عليه المحقق السيد محمد باقر البهبهاني المتقدم ذكره بتاريخ 2 / 3 / 1208هـ، والذي ينكر عليه أشد الإنكار وينافره أقوى المنافرة لما بينهما من الخلاف بين طريقتي الأخباريين التي تتمثل في الشيخ يوسف، والأصوليين التي تتمثل في السيد المحقق (رحمهما الله). واجتمع خلف جنازته خلق كثير وجم غفير. ورثاه الشعراء وبكاه العلماء. وكان ممن رثاه السيد محمد الشهير بالزين فقال فيها:

ما عنه رعين بالدما لا تذرف *** وحشاشة بلظى الأسى لا تتلف
واليوم قد أودى الإمام العالم *** العلم التقي أبو المفاخر يوسف
درست مدارس فضله ولكم بها *** كانت معارف دين أحمد تعرف
قامت عليه نوائح من كتبه *** تشكو الظليمة بعده وتأسف
كحدائق العلم التي من زهرها *** كانت أنامل ذي البصائر تقطف
قد غبت عن عين الأنام فكلنا *** يعقوب حزن غاب عنه يوسف
فقضيت واحد ذا الزمان فأرخوا *** قد حن قلب الدين بعدك يوسف

***

وفيه من سنة 1388 هجرية الموافق 1/ 6/ 1968م توفيت «هيلين كيلر» المعجزة الانسانية التي استطاعت بالرغم من عاهاتها الثلاث فهي صماء بكماء عمياء ومع ذلك استطاعت أن تعيش كامرأة، وتدرس في الجامعة، وتقوم بنشاط اجتماعي واسع النطاق، وكانت تتلقى معلوماتها بواسطة وضع بعض أصابعها على شفاه المتكلم فتفهم ما يقول. وتوفيت وعمرها 88. فسبحان الخلاق العليم.

_______________

([1]) التوبة: 40.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top