حدث في مثل هذا اليوم (26 صفر)

حدث في مثل هذا اليوم (26 صفر)

وفي هذا اليوم أو الذي بعده نزل العذاب على قوم صالح (عليه السلام)، فقد روي أنهم لما عقروا الناقة قال لهم صالح (عليه السلام) رحمة بهم وشفقة عليهم: «أدركوا فصيلها؛ فعسى الله أن يرفع عنكم العذاب بسبب وجوده فيكم»([1]). فتبعوه فلم يدركوه، فقال لهم صالح حينئذٍ: ﴿تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ([2]).

قيل: وقال لهم أيضاً: «إن وجوهكم تصبح في اليوم الأول مصفرة، وفي اليوم الثاني محمرة، وفي اليوم الثالث مسودة»([3]). فلما حصل لهم ذلك أيقنوا بالهلاك، فألقوا نفوسهم على الأرض، وجعلوا يقلّبون أبصارهم في السماء لا يدرون من أين يأتيهم العذاب، فأتتهم صيحة من السماء كالصاعقة، فتقطعت قلوبهم في صدورهم، وأصبحوا في ديارهم جاثمين([4]).

أما صالح والذين أمنوا معه فقد نجوا مما نزل بقومهم من العذاب الذي حل بهم بعد ثلاثة أيام من جريمتهم: ﴿فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ([5]).

***

قال أهل التاريخ والسير: إنه لما كان يوم الاثنين لأربع ليالٍ بقين من صفرسنة 11هـ أمر النبي (صلى الله عليه وآله) الناس بالتهيُّؤ لغزو الروم، ولما كان من الغد دعا اُسامة بن زيد فقال له: «سر إلى موضع قتل أبيك، فأوطئهم الخيل؛ فقد وليتك هذا الجيش، فأغر صباحاً على أهل أبنى، وحرق عليهم، وأسرع السير حتى تسبق الأخبار؛ فإن أظفرك الله فأقل اللبث فيهم. وخذ معك الأدلّاء، وقدم العيون والطلائع أمامك»([6]).

فلما كان يوم الأربعاء بدأ الرسول (صلى الله عليه وآله) المرض، فحم وتصدع، ولما أصبح يوم الخميس عقد لاُسامة اللواء بيده، ثم قال له: «اغزُ باسم الله في سبيل الله، فقاتل من كفر بالله». فخرج وعسكر بالجرف، فلم يبقَ أحد من وجوه المهاجرين والأنصار إلّا انتدب في تلك الغزوة إلّا علي بن أبي طالب (عليه السلام)؛ فقد استثناه رسول الله (صلى الله عليه وآله)([7]).

***

وفي اليوم السادس والعشرين من صفر سنة 61 من الهجرة قتلوا محمداً الأصغر وإبراهيم ابني مسلم بن عقيل بالمسيّب، وكانا قد فرّا من الخيام عندما هجمت الخيل عليهم عصر يوم العاشر من المحرم، وعندما وصلا إلى بساتين الكوفة ظفر بهما من جاء بهما إلى ابن زياد، فأودعهما في السجن أكثر من أربعين يوماً، ولما عرفهما السجان واسمه مشكور أطلقهما؛ وبسبب ذلك قتله ابن زياد، فمات شهيداً (رحمه الله).

ولما أطلقهما ظفر بهما رجل من أعوان ابن زياد في بيته، وكانت ظئره قد أضافتهما، فتضرعا إليه وتوسَّلا إليه بجدهما أن يذهب بهما إلى ابن زياد حيين ويجعلاه في حلّ من أمرهما، فأبى عليهما، وقتلهما ورمى بجسديهما في الفرات، وذهب برأسيهما إلى ابن زياد، فيقال: إن ابن زياد سخط عليه حيث لم يأتِ بهما إليه حيين فقتله([8])، لا رحمه الله.

قالوا: وهذان الولدان هما المدفونان بالمسيب، رحمها الله برحمته.

***

وفي هذا اليوم أو الذي بعده من سنة 931 هجرية والموافق تقريباً 23/ 12/ 1524 م توفي الرحالة البرتغالي «فاسكودي جاما» مكتشف طريق رأس الرجاء الصالح، وهو مؤسس مستعمرة موزمبيق، وكان عمره يوم وفاته 55 سنة.

***

وفي هذا اليوم من سنة 1419 هـ توفي حجة الإسلام الشيخ محمد أمين زين الدين عن عمر يزيد على الثمانين؛ فقد كان مولده (رحمه الله) بتاريخ 19/ 8/ 1332 هجرية، وقد خلف الكثير من المؤلفات النافعة ومنها كتاب (العفاف بين السلب والإيجاب) وكتاب (إلى الطليعة المؤمنة) وغير ذلك. وله رسالة عملية جيدة الترتيب، سلسة العبارات. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

وقد قلت فيه (رحمه الله):

سل عنه بين السلب والإيجاب *** سل  عنه الطليعة إنه فيها الطليعه
سل عنه دنيا العاملين *** وسل كتاب الله سل عنه الشريعه
فهو الأمين عليهما
*** وهما بيمناه وديعه

________________________

([1]) مجمع البيان 4: 296، بحار الأنوار 11: 392، تفسير الثعلبي 4: 256 باختلاف عنها.

([2]) هود: 65.

([3]) الكافي 8: 188.

([4]) المصدر نفسه.

([5]) الأعراف: 79.

([6]) بحار الأنوار 21: 410، الطبقات الكبرى 2: 190.

([7]) المصدر نفسه.

([8]) الأمالي (الصدوق): 145ـ 146/ 145.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top