حدث في مثل هذا اليوم (23 ذي الحجة)

حدث في مثل هذا اليوم (23 ذي الحجة)

في هذا اليوم ـ 23/ 12 ـ من سنة 233 هجرية توفي بالمدينة المنورة يحيى بن معين المري البغدادي الحافظ المشهور، صاحب (الجرح والتعديل)، وقد روى عنه الحديث كبار الأئمة، منهم البخاري، ومسلم، وأبو داود، وغيرهم من الحفاظ. وكان بينه وبين الإمام أحمد بن حنبل من الصحبة والإلفة والاشتراك بالاشتغال بعلوم الحديث ما هو مشهور، وكان ينشد كثيراً:

المال يذهب حله وحرامه *** طراً ويبقى في غداً آثامُهُ
ليس التقي بمتّقٍ لإلهه *** حتى يطيب شرابه وطعامُهُ
ويطيب ما يحوي ويكسب كفّه *** ويكون في حسن الحديث كلامُهُ
نطق النبي به لنا عن ربه
*** فعلى النبي صلاته وسلامُهُ

وكان يحيى يحج، فيذهب إلى مكة بعد أن يمر بالمدينة، ثم يرجع إلى المدينة، فلمَّا كان في آخر حجة حجها، خرج من المدينة، ورجع إليها، فأقام بها ثلاثة أيام، ثم خرج منها، فأتى المنزل مع رفقائه، فباتوا، فرأى في النوم هاتفاً يهتف به: يا أبا زكريا أترغب عن جواري؟ فلما أصبح قال لرفقائه: انصرفوا؛ فإني راجع إلى المدينة. فمضوا، ورجع وأقام بالمدينة ثلاثة أيام، ثم مات. وقد رثاه بعض المحدثين فقال:

ذهب العليم بعيب كل محدث *** وبكل مختلف من الإسناد
وبكل وهم في الحديث ومشكل
*** يعيا به علماء كل بلادِ([1])

رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم من سنة 305 هجرية توفي ببغداد أبو موسى سليمان بن محمد بن حامد البغدادي المعروف (بالحامض) ـ لشراسة أخلاقه ـ أخذ النحو عن ثعلب المتوفى ببغداد سنة 291، وجلس مجلسه، وخلفه بعد موته، وصنف كتباً في الأدب وغيره. رحمه الله برحمته.

***

وفي هذا اليوم من سنة 397 هـ توفي أبو القاسم عبد الصمد بن عمر بن محمد الواعظ الذي كان من أهل الزهد والصلاح، الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر. وقد روي عنه أنه جاءه رجل يوماً بمئة دينار، فقال: أنا غني عنها. فقال: فرقها على أصحابك هؤلاء. فقال: ضعها على الأرض. ففعل، فقال عبد الصمد للحاضرين: من احتاج منكم إلى شيء، فليأخذ على قدر حاجته. فأخذ كل منهم على قدر حاجته، حتى لم يبقَ منها شيء، ولم يأخذ منها هو شيئاً. ثم بعد هنيئة جاءه ولده يطلب منه شيئاً، فلم يجد ما يعطيه، وأرسله إلى البقال ليأخذ منه شيئا بالنسيئة. رحمه الله برحمته.

***

في هذا اليوم من سنة 1246 هجرية توفي ببلدة كرمانشاه العلامة الجليل، الشيخ علي نقي ابن الشيخ الأوحد الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي ـ المتوفى بتاريخ 18/ 11 سنة 1241 هـ ـ وقد تلمذ على أبيه، ونال حظاً كبيراً من العلوم العقلية والنقلية. وقد ألف في مختلف العلوم، ومن كتبه النافعة:

1ـ كتاب نهج المحجة في إثبات إمامة الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام).

2 ـ منهاج السالكين في السلوك والأخلاق.

3 ـ مشرق الأنوار في الحكمة.

4 ـ رسالة في تفسير (قاب قوسين).

5 ـ كشكول في مجلدين.

6 ـ ديوان شعر جمعه في حياته، يتضمن مختلف النواحي الشعرية من غزل ونسيب ومدح ورثاء وحكم وفخر وحماسة.

وهو عالم اكثر منه شاعر. ومن شعر ـ رحمه الله ـ قوله:

إني عجبت وكم في الدهر من عجب *** وكم رماني من الأيام بالعطب
أجلت طرفي فلا خلاًّ أواصله *** ولاصديق إليه منتهى حربي
تباعدوا ولكم أبدوا وكم ستروا
*** حقداً وكم صرموا حبلي بلا سبب

وقد دفن بوصية منه في البلدة التي توفي بها ـ كرمان شاه ـ على طريق الزوار الذي يذهبون إلى زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) بكربلاء. وكان ممن يرى عدم جواز نقل الجنائز إلى غير بلد الوفاة. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

في اليوم الثالث والعشرين من هذا الشهر سنة 1359 هجرية توفي العلامة الجليل الشيخ عباس القمي، صاحب الكتب النافعة، ومنها كتاب (سفينة البحار)، وكتاب (الكنى والألقاب)، وغيرهما من الكتب النافعة. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي ليلته ـ وكانت ليلة الجمعة سنة 1387 هجرية ـ توفي الرجل المفضال، الحاج عبد الحسين ابن الحاج يوسف الخباز التاروتي القطيفي ـ رحمه الله ـ وقد شيع بالتشييع الباهر، وصلّى على جنازته الحجة الشيخ فرج العمران ـ المتوفى 22 /3/ 1398 هـ ـ ودفن بجوار قبر الإمام الأواه الشيخ عبد الله المعتوق ـ المتوفى 1 /5/ 1362 هـ ـ من جهة الشرق، وكتبت على قبره الأبيات التي أرّخ موته بها الشيخ فرج العمران المذكور، وهي قوله:

سألت قبراً لأبي محمد الـ *** ـجمال شقّ وله قد خلقا
أين مضى عبدالحسين ومتى *** قضى فخلت قبره قد نطقا
وقال منذ جاء أرخ (موته
*** عبد الحسين بالحسين التحقا)([1])

1387

وقد خلف هذا الفقيد الكريم نعم الخلف لخير سلف، وهو العالم الفاضل، والصالح الكامل، والخطيب الكبير، الشيخ محمد جمال الخباز، الذي ذكره الشيخ فرج في البيت الأول من أبيات التاريخ نفع الله به وأبقاه، وسلمه وكفاه.

___________________

([1]) تاريخ بغداد 14: 190، تاريخ مدينة دمشق 65: 43، تهذيب الكمال 31: 568، الإصابة 1: 113.

([2]) الأزهار الأرجية م5، ج12: 117.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top