حدث في مثل هذا اليوم (21 ذي الحجة)

حدث في مثل هذا اليوم (21 ذي الحجة)

وفي اليوم الواحد والعشرين من شهر ذي الحجة الحرام ـ أو في الثالث عشر منه، أو في السابع والعشرين منه ـ من سنة 132 ـ أو في المحرم، أو في صفر سنة 133 هجرية ـ قتل آخر الملوك الأمويين مروان الحمار الذي ظهرت في أيامه الدعوة الهاشمية على يد أبي مسلم الخراساني وعلى أثرها بويع أبو العباس السفاح بالكوفة يوم الجمعة 13 /4/ 132 هجرية، وجهز عمه عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس حبر الأمة لقتال الأمويين، فالتقى الجمعان بمكان يقال له الزاب من أرض الموصل، واقتتلوا قتالاً شديداً، فانهزم مروان الحمار بعد أن قتل وغرق من عسكره ما لا يحصى، وتبعه عبد الله بن علي، وأمدّه السفاح بعمه الثاني صالح بن علي بن عبد الله بن العباس، فأتى إلى أخيه، وقد نازل دمشق، ففتحها عنوة، وهرب مروان إلى مصر حتى وصل إلى بوصير ـ وهي قرية عند الفيّوم ـ فاستتر في كنيسة هناك، وتبعه صالح بن علي وعلى مقدمته عامر بن عبد الله المزني. فكبسه عامر في الكنيسة ـ وكان يتعشى ـ فوثب عن عشائه، فقتلوه، وقطعوا رأسه، وأخرجوا لسانه من فمه، ورموا به، فجاءت هرة فأكلته، فقال عامر: لو لم يكن في الدنيا عجب إلّا هذا لكفى.

ثم جلس عامر على مائدة مروان، وأكل من عشائه، وتحدث مع ابنته، فقالت ابنته: يا عامر، إن دهراً أنزل مروان عن عرشه، وأقعدك على مائدته حتى تعشيت بعشائه، واستصبحت بمصباحه، ونادمت ابنته قد أبلغ في موعظتك.

فاستحيا عامر وصرفها عنه. قال المسعودي في (مروج الذهب): وكانت مدة ملك بني أمية ألف شهر لا تزيد ولا تنقص؛ لأنهم ملكوا إحدى وتسعين سنة، وسبعة أشهر، وثلاثة عشر يوماً يوضع من ذلك أيام الإمام الحسن (عليه السلام) ـ وهي خمسة أشهر وعشرة أيام ـ (وعلى هذا القول يكون صلح الإمام الحسن (عليه السلام) في أوائل ربيع الأول سنة 41)، وتوضع أيام عبد الله بن الزبير ـ وهي سبع سنين وعشرة أشهر وثلاثة أيام ـ فيصير الباقي بعد ذلك ثلاثاً وثمانين سنة، وأربعة أشهر، وهي ألف شهر لا تزيد ولا تنقص.

قال: وقد ذكر قوم أن تأويل قوله تعالى: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ ما ذكرناه من أيامهم ابتداء بملك معاوية بن أبي سفيان، وانتهاء بملك مروان الحمار ـ المقتول بتاريخ 13/ أو 21 /12/ 132، أو في المحرم أو في صفر سنة 133 هجرية ـ وعلى القول بقتله في المحرم، أو في صفر من سنة 133 كما تقدم يكون تاريخ نهايتهم بحسب حروف الجمَّل (جلَّق) وهو مكان في جنوبي دمشق استوطنه الغساسنة، ثم استوطنه الأمويون، واتخذوه مقراً لملكهم، وقاعدة لسلطانهم. ومن أجل ذلك. قال المؤلف ـ سامحه الله ـ:

ولما انقضت دولة الظالمين *** أتى نص تاريخها (جلَّق)
وجلَّق عاصمة الظالمين *** وقد فارقوها كـ(لم يخلقوا)

فسبحان من لا يزول ملكه، ولا ينتهي سلطانه.

***

وفيه من إحدى السنتين المذكورتين ـ أي 132، أو 133ـ قتل مع مروان الحمار كاتبه عبد الحميد بن يحيى بن سعيد الكاتب الشهير الذي يضرب به المثل في الكتابة، وفي كل فن من فنون العلم والأدب. وهو من أهل الشام، وكان قتلهما بقرية بوصير من أعمال الفيّوم من الديار المصرية ـ كما تقدم ـ ومن الأقوال الجارية على السنة الناس: بدأت الكتابة بعبد الحميد، وختمت بابن العميد. وهو وزير ركن الدولة، والد عضد الدولة، وكان أوحد عصره في الكتابة، وجمع أدوات الرئاسة والوزارة، وتوفي بالمحرم ـ أو في صفر ـ بالري، أو ببغداد سنة 360 هجرية.

ومن أشعاره الحكمية قوله:

آخِ الرجال من الأبا *** عد والأقاربَ لا تقاربْ
إن الأقارب كالعقا
*** رب بل أضرّ من العقاربْ

وحكي عن عبد الحميد الكاتب أنه قال: حفظت سبعين خطبة من خطب الأصلع ـ يعني أميرالمؤمنين (عليه السلام) ـ ففاضت قريحتي. فسلام الله عليك يا أمير المؤمنين، ورحمة الله وبركاته.

***

وفيه من الشهر المذكور سنة 1213 هجرية ـ الموافق 26 /5/ 1799 م ـ ولد أمير شعراء روسيا «پوشكين» الذي يعتبر أحد المؤسسين للأدب الروسي الحديث. وقد توفي في 29 /1/ 1837 م.

***

وفي هذا اليوم ـ 21/ 12 ـ من سنة 1268 هجرية توفي حجة الإسلام الشيخ محمد ابن الشيخ علي ابن الشيخ جعفر ـ صاحب كتاب (كشف الغطاء) ـ النجفي الذي انتهت إليه الرئاسة بعد عمه الشيخ حسن ـ المتوفى بتاريخ 27/ 10/ 1262 هجرية ـ وصار مسموع الكلمة عند الحكام، مطاعاً عند الخاص والعام. ولشعراء عصره فيه أشعار كثيرة مدحاً ورثاءً. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

ومن قول الشيخ عبدالحسين محيي الدين فيه من قصيدة له ـ رحمه الله ـ:

إن الرئاسة أنتُمْ أهلها ولها *** همتم بها مثل ما هامت بكم ولهَا
بني علي وما للأمر غيركُمُ *** ملكتُمُ من أمور الناس أولَها
أخبارها صرحت فيكم وغيرُكُمُ *** تكلَّف النص لما أن تأوّلَها
وما تناضل أهل العلم في شرف *** إلا وكان أبو العباس أفضلَها

رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

***

في هذا اليوم ـ 21/ 12 ـ من سنة 1300 هجرية ـ وكان يوم الأربعاء ـ توفي السيد الميرزا محمود ابن السيد علي نقي ابن السيد جواد ابن السيد مرتضى الحسني الطباطبائي البروجردي. وجده ـ السيد جواد ـ هو أخو السيد محمد مهدي بحر العلوم المتوفى سنة 1212 هـ. في كتاب (الأعيان) عن كتاب (أمل الآمل) أنه كان من أعلام علماء إيران، وكبار رؤساء الزمان، قل نظيره في علو القدر، وعظم الشان، تهابه الملوك والوزراء والحكام، يقيم حدود الله وأحكامه، لم أجد أقوى قلباً منه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يكن في عصرنا أبسط يداً منه في العلماء. جاء في زماننا إلى سامراء للزيارة، ومعه جماعة من خاصته، فرأيته رجلاً وسيماً، بهي المنظر، يعلو وجهه نور وبهاء، عليه آثار السيادة وأنوار العبادة، مع كمال الجلالة والحشمة، وقد ناهز الثمانين. وقد كان عالماً متبحراً في أكثر العلوم الإسلامية، ماهراً في الفقه والحديث والرجال، خبيراً بالأصول والأصوليين. له إلمام بالحكمة، طويل الباع، كثير الإطّلاع، له عدة كتب، ومنها كتاب (المواهب السنية في شرح الدرة الغروية)، وهي منظومة شقيق جده السيد محمد مهدي بحر العلوم ـ المتوفى بتاريخ 1212 ـ ابن السيد الجليل السيد مرتضى بحر العلوم ـ المتوفى سنة 1204 هجرية ـ رحم الله الجميع، برحمته وأسكنهم فسيح جنته.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top