حدث في مثل هذا اليوم (14ربيع الأول)

حدث في مثل هذا اليوم (14ربيع الأول)

قال صاحب كتاب (وقايع الشهور والأيام): وفيه من السنة 3 من الهجرة أرسل النبي (صلى الله عليه وآله) من قتل كعب بن الأشرف اليهودي، وكان قد كبر عليه قَتْلُ من قُتِلَ من قريش ببدر فسار إلى مكة، وحرض على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وبكى على أصحاب بدر. فلما رجع من مكة قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من لي بابن الأشرف؟». فقال محمد بن مسلمة الأنصاري: أنا لك به يا رسول، الله ولكن لابد لنا أن نقول. قال: «قولوا ما بدا لكم».

فخطط ابن مسلمة لقتله خطة رائعة، وألف لتنفيذها فريقاً من المسلمين كان من بينهم أبو نائلة الأخ الرضاعي لكعب بن الأشرف، فخرج أبو نائلة إلى ابن الأشرف وجلسا يتحادثان ويتبادلان الشعر، ثم قال له: يابن الأشرف، إني قد جئتك لحاجة فاكتمها علي. قال: أفعل. فقال: لقد كان قدوم هذا الرجل ـ يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ شؤماً علينا؛ حاربتنا العرب، وقطعت عنا السبل، حتى ضاع العيال، وجهدت البهائم، وأصبحنا لا نجد ما نأكل. فقال ابن الأشرف وقد فرح بما سمع: لقد كنت أخبرتك بهذا يا أخي. فقال أبو نائلة: وإن معي رجالاً من أصحابي على مثل رأيي، وقد أردت أن آتيك بهم ونبتاع منك طعاماً، ونرهنك على ذلك ما يكون لك فيه ثقة. فقال: ترهنونني أبناءكم ونساءكم. فقال: أردت أن تفضحنا وتظهر أمرنا ولكن نرهنك من الحلقة أي من السلاح ما ترضى به. وإنما أراد بذكر الحلقة ألّا ينكر السلاح إذا جاؤوا به، فرضي كعب بذلك، فأخذ منه أبو نائلة موعداً، وخرج من عنده وجاء إلى محمد بن مسلمة فأخبره بما فعل، ومضوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخبروه.

ولما صارت ليلة موعدهم معه مشى معهم النبي (صلى الله عليه وآله) إلى البقيع، ووجهم ودعا لهم، وأقبلوا إلى حصن ابن الأشرف فهتف به أبو نائلة، وكان حديث عهد بعرس، فلما أراد أن يخرج منعته زوجته، وخوفته الخروج في مثل تلك الساعة، فقال: إنما هو أخي أبو نائلة. وخرج إليهم، فقال له أبو نائلة: هل لك أن تتمشى معنا إلى شعب العجوز فنتحدث معك؟ فمشى معهم وهم يتحدثون معه، وجعل أبو نائلة يدخل يده في شعر رأس ابن الأشرف ثم يشمها، ويقول: ما رأيت طيباً كهذا.

وفعل ذلك مراراً حتى اطمأن له ابن الأشرف، ثم قبض على شعر رأسه وقال لأصحابه: اضربوا عدو الله. فضربوه بسيوفهم، وطعنه هو بخنجر في بطنه، فصاح صيحة ووقع هالكاً، لا رحمه الله.

وأصابت الحرث بن أوس بن معاذ بعض أسيافهم، فنزف منه الدم، فحملوه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخبروه بما فعلوا، ففرح بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وبصق على جراحة الحرث بن أوس فبرئت([1])، والحمدلله رب العالمين.

***

في اليوم الرابع عشر من شهر ربيع الأول سنة 64 هجرية هلك يزيد بن معاوية بحوارين من أرض دمشق الشام، وفي ذلك يقول الشاعر:

يا أيها القبر بحوَّارينا *** ضممت شر الناس أجمعينا

ووصل خبر موته إلى الحصين بن نمير ومن معه من الجيش، وهم يحاربون ابن الزبير بمكة كما تقدم ذلك بتاريخ 3/ 3، فهادنوا ابن الزبير ثم انصرفوا عنه.

قال العقّاد: وقد مات يزيد بذات الجنب، وهو لم يتجاوز السابعة والثلاثين، ولعلها إصابة الكبد من الإفراط في اللذات.

***

وفي هذا اليوم من سنة 66 هجرية بدأت دولة المختار الثقفي. وكانت مدة ملكه ثمانية عشر شهراً أولها 14/ 3/ 66، وآخرها 14/ 9/ 67 هجرية، كما سيأتي إن شاء الله بتاريخ 14/ 9 وقد قتل الكثيرين من قتلة الإمام الحسين (عليه السلام)، ومنهم عمر بن سعد وولده حفص كما تقدم في 9/ 3، ومنهم حرملة بن كاهل الأسدي، وشمر بن ذي الجوشن الضبابي، ومنهم ومنهم. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي اليوم الرابع عشر من شهر ربيع الأول سنة 170 هجرية هلك موسى الهادي، وبويع الرشيد، ووُلِد المأمون عبد الله بن هارون الرشيد، وأمه جارية اسمها مراجل. وقد روي في كتاب أخبار الدول للقرماني الدمشقي المتوفى (1019) هجرية أن المأمون مرَّ يوماً على زبيدة أم أخيه الأمين بعده قتله فرآها تحرك شفتيها بشيء من الكلام، ولمَّا لم يفهم كلامها قال لها: يا أماه، أتدعين علي لأني قتلت ولدك، وسلبته ملكه؟ قالت: لا والله يا أميرالمؤمنين. قال: فما الذي قلتيه؟ قالت: يعفيني أميرالمؤمنين.

فأبى وألح عليها إلا أن تخبره، فقالت: قلت: قبح الله الملاحّة. قال: وكيف ذلك؟ قالت: لأني لعبت يوماً مع أبيك بالشطرنج على شرط أن من غلب صاحبه فله حكمه فيه، فغلبني، فحكم علي أن أتجرد من ثيابي وأطوف القصر عريانة، فاستعفيته فلم يعفني، ففعلت ذلك، ثم عاودنا اللعب وأنا حنقة عليه، فغلبته فحكمت عليه بأن ينزل إلى المطبخ ويطأ أقبح جواريه، فاستعفاني من ذلك وبذل لي ما فيه رضا، فأبيت عليه، وأخذت بيده وجئت به إلى المطبخ، فلم أجد جارية أقبح ولا أقذر من أمك مراجل، فحكمت عليه بوطئها، فوطئها، فحملت منه بك، فجرى على ولدي منك ما جرى. فولّى المأمون وهو يقول: قبح الله الملاحّة([3]).

وسيأتي أن وفاة المأمون بتاريخ 17 /7/ 218 هجرية، وهو ابن 48 سنة.

***

وفي هذا اليوم 14 /3/ 407 هجرية شب حريق في المشهد الحسيني الشريف، فتضررت بنايته التي بناها عضد الدولة البويهي المتوفى سنة 372 هجرية، وهي البناية الخامسة للمشهد الشريف.

وقبلها بناية الداعيين الحسن وأخيه محمد بن زيد الحسني في أيام المعتضد العباسي المتوفى سنة 289 هـ.

وقبلها بناية المنتصر بن المتوكل العباسي المتوفى بتاريخ 6 /4/ 248.

قيل: وقبلها بناية المأمون المتوفى 17 /7/ 218 هجرية.

وقبلها بناية المختار المتوفى 14 /9 /67 هجرية.

فلما تضررت البناية الخامسة جدد بنايته الحسن بن فضل الرامهرمزي وزير سلطان الدولة الديلمي المتوفى سنة 412 هجرية، وهي العمارة التي وصفها ابن بطوطة الذي دخل كربلاء سنة 727 هجرية. وقال في وصفها: مدينة كربلاء مدينة صغيرة تحفها حدائق النخل، ويسقيها ماء الفرات، والروضة المقدسة في داخلها، وعلى أبوابها الحجاب والقوَّامة، لا يدخلها أحد إلا بإذنهم، وعلى الأبواب أستار الحرير، وعلى الضريح المقدس قناديل الذهب والفضة.

قيل وبنيت بعد هذه البناية بناية سابعة قام بها السلطان إدريس الأيلكاني، وتاريخها موجود على المحراب القبلي مما يلي الرأس الشريف سنة 767 هجرية، والله سبحانه وتعالى أعلم بحقائق الأمور.

***

وفيه من سنة 639 هـ ولد بالكوفة صالح بن عبد الله بن جعفر بن صالح الأسدي الكوفي المعروف بابن الصباغ. قال عنه صاحب كتاب (معجم المؤلفين): إنه فقيه مشارك في الأدب والشعر والتصوّف. من آثاره المنظومة (الكافية في الفرائض)([4]). وهو غير ابن الصباغ الفقيه الشافعي المتوفى ببغداد سنة 477 هـ، وغير ابن الصباغ المالكي المكي صاحب كتاب (الفصول المهمة في معرفة الأيمة) المتوفى سنة 855 هـ، رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

***

وفيه من سنة 845 هجرية توفي الخليفة التاسع من خلفاء بني العباس بمصر داود بن المتوكل العباسي، وكان قد قارب السبعين، ومدة ملكه نحو إحدى عشرة سنة، وتولى بعده أخوه المستكفي العباسي الذي تقدم أنه توفي بتاريخ 2 /1/ 855 هجرية.

***

وفي هذا اليوم ـ وكان يوم الاثنين ـ 14/ 3 من سنة 552 أو سنة 555 هجرية توفي بمرو أبو الحارث سنجر بن ملك شاه السلجوقي سلطان خراسان وغزنة وما وراء النهر، الذي خطب له بالحرمين والعراقين والشام وغيرها من البلاد، وضربت السكة باسمه. وكان من أعظم الملوك همّة، وأكثرهم عطاء، ولم يزل أمره في ازدياد وسعادة إلى أن ظهرت عليه طائفة من الترك يقال لهم الغز في سنة 548 هجرية، وصارت بينه وبينهم واقعة مشهورة استشهد فيها الفقيه محمد ابن يحيى. وكسروه وانحل نظام ملكه، وأُسر بأيديهم نحو خمس سنين، وتملكوا كل ما تحت يده.

ثم إنه أفلت من الأسر، وعاد إلى خراسان، وجمع إليه أطرافه بمرو، وكاد أن يعود إلى ملكه، ولكن أدركه الأجل فتوفي بالتاريخ المذكور 14 /3/ 552. وكان عمره 81 سنة؛ لأن مولده كان بمدينة سنجر التي سماه أبوه ملك شاه باسمها بتاريخ 25/ 7/ 471 هجرية. وكانت مدة ملكه منها 58 سنة؛ لأنه تملّك المملكة نيابة عن أخيه بركياروق سنة 490 هجرية، ثم استقلّ بالسلطنة سنة 512، وانتزعوا منه الملك سنة 548 هجرية، فسبحان من لا يزول ملكه.

***

وفي هذا اليوم من سنة 1318 هجرية توفي العالم الكبير، والواعظ الشهير، الآقا محمد رضا بن الميرزا علي تقي الهمداني. كان عالماً عارفاً، فقيهاً محدثاً، حكيماً متكلماً، أديباً شاعراً، كريم الأخلاق، مجدداً في ترويج الدين ورفع بدع المضلين. وكان أبوه وجده من أجلّة العلماء. وله عدة مؤلفات نافعة ومنظومات ممتعة. قال الأمين في (الأعيان): وقد رأيته بالنجف الأشرف، وسمعت وعظه بالفارسية، وكان يوضع له منبر في الصحن الشريف ليلاً؛ فيجتمع الناس تحت منبره، وكان له ولد اسمه الميرزا محمد سلك منهاج أبيه، فكان فاضلاً متتبعاً، وواعظاً بليغاً، فكان يحضر منبره بطهران كثير من الناس مع التوجه والرغبة. وقد توفي في طهران سنة 1352 هجرية([5]). وكان عمر المترجم له يوم وفاته (57) سنة فقط، فقد كان مولده بتاريخ 23/ 9/سنة 1261 هجرية، رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

***

في ليلة هذا اليوم من سنة 1381 هجرية توفي العلامة الشيخ محمد حسين ابن الشيخ حسين المتوفى سنة 1322 هـ ابن الشيخ محمد الذي كان موجوداً بتاريخ 29/ 10/ 1311 هجرية ابن الشيخ علي ابن الشيخ أحمد ابن الشيخ حسين بن أحمد بن علي بن عبد الجبار القطيفي المولود في حدود سنة 1300 هجرية. وقد أرخ عام وفاته المقدس الشيخ فرج العمران المتوفى 22/ 3/ 1398، هـ وأشار([6]) إلى أن في تلك الليلة حصل خسوف للقمر، فقال (رحمه الله):

بدر السما عراه خسـ *** ـف ليلة الرابع عشرْ
ليلة سبت هي من *** شهر يلي شهر صفرْ
من ذلك العام الذي
*** أرخ (به غاب القمرْ)

             1381

وقد كان هذا الشيخ من أساتذة الشيخ فرج المذكور في العربية والفقه والمنطق والأصول، رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

***

وفيه من سنة 1392 هـ توفي آية الله الشيخ محمد الكوهستاني المازندراني الذي كانت مائدته لا تخلو من الفقراء لا في ليل ولا في نهار، بل وحتى غير الفقراء فإنهم يأتون من بعيد ومن قريب ليأكلوا من مائدته؛ لأنهم يعتقدون أن الأكل من طعامه من أسباب السعادة والشفاء.

وقد رأى الفاضل الشيخ حبيب الله الواعظي قبل موت هذا الشيخ المبارك بخمس ليالٍ في منامه كأن بدراً كاملاً يقترب من الغروب في المغرب قد تحرك نحو المشرق حتى تغيَّب فيه، فانتبه مرعوباً، وقص رؤياه على العالم الجليل السيد رضا اليزدي، فقال: أظنه إنساناً عظيماً يموت. قال: وبعد أيام قليلة جاءنا نبأ وفاة الشيخ محمد الكوهستاني، وأن جنازته ستنقل من مازندران التي تقع في الغرب من محافظة خراسان إلى خراسان ليواروه في جوار الإمام الرضا (عليه السلام). رحم الله الجميع برحمته.

________________

([1]) بحار الأنوار 20: 10 ـ 11.

([2]) شجرة طوبى 1: 118، مروج الذهب 1: 271، النجوم العوالي 3: 309.

([3]) سمط النجوم العوالي 3: 436.

([4]) معجم المؤلفين 5: 8.

([5]) أعيان الشيعة 9: 281.

([6]) الأزهار الأرجية م4، ج11: 494 ـ 495.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top