حدث في مثل هذا اليوم (13 جمادى الآخرة)

حدث في مثل هذا اليوم (13 جمادى الآخرة)

وفي هذا اليوم من سنة 64 من الهجرة، تُوفّيت أم البنين بنت حزام الكلابية، أُمّ أبي الفضل العباس بن علي وأخوته الثلاثة، وقد استشهدوا جميعاً مع أخيهم الحسين بن علي (عليه السلام) بمعركة كربلاء بتاريخ 10/ 1/ 61 هجرية، وسيأتي أنّ مولدها بتاريخ 7/ 7 بعد الهجرة بخمس سنين على الأرجح، فيكون عمرها يوم وفاتها (59) سنة.

وقد أصبح لهذه المرأة الكريمة مقاماً عالياً في نفوس أتباع أهل البيت (عليهم السلام)، وذلك بسبب ما يُظهر الله لها من الكرامات ويُنجح بها مَن الطلبات لأكثر من توسل بها إلى الله جل وعلا.

وقد روى محمود البديري في كتابه (أم البنين قدوة في التضحية والإيثار) نقلاً عن كتاب (الاختيارات) عن الأعمش، قال: دخلتُ على الإمام زين العابدين (عليه السلام) في الثالث عشر من جمادى الآخرة وكان يوم جمعة، فدخل الفضل ابن العباس بن علي (عليه السلام) وهو باكٍ حزين فقال: لقد ماتت جدّتي أم البنين.

وقد رثاها الخطيب الكبير الشيخ محمد علي اليعقوبي المتوفّى بتاريخ 21 /6/ 1385 هجرية، وقال فيها رحمه الله برحمته وأسكنه فسيح جنته:

وإن أنسَ لا أنسَ أم البنين *** وقد فقدت وِلْدها أجمعا
تنوح عليهم بوادي البقيع *** فيذري الطريد لها الأدمعا
ولم تسْلَ مَن فقدت واحداً *** فكيف بمَن فقدت أربعا

ولما لم أظفر من هذه المرثية بأكثر من ثلاثة هذه الأبيات فقد أتممتها بما يلي:

ولا سيّما مثل أولادها *** فقد بلغوا المنزل الأرفعا
ولا غرو فالأم أم البنين *** ووالدهم مَن سما موضعا
ويوم الطفوف بحد السيوف *** أبان إلى المجد مَن أسرعا
ومَن جاد بالنفس دون الإمام *** وكان إلى ربّه أطوعا
ومَن ذا الذي كان يسقي العيال *** ويطوي على الظمأ الأطلعا
إلى أنْ هوى عند شاطي الفرات *** فخطّ له في العار مضجعا
وأخوته قد مضوا قبله *** فللّه مَن شاهد المصرعا
فنوحِي عليهم فما مثلهم *** نُسِي أو سُلِي فاسكبي الأدمعا
ومَن كان يدعوك أُمَّ البنين *** فقولي له ذهبوا أجمعا
فلا تدعونّي أُمّ البنين *** فدارهم أصبحت بلقعا
أجل هي قالت وكانت تقول *** فيا ليتَ ناعيهم ما نعا
أذاب حشاي وأوهى قواي *** وأذهب عيني والمسمعا
ويا ليته إذ نعاهم إلي *** لسبط رسول الهدى ما نعا
فحينئذٍ لا تسيل الدموع *** عليهم وقلبي لن يجزعا
لكنّه قال في نَعيْه *** على الرمح رأس حسين دعا

رحمهما الله برحمته وأسكنها فسيح جنّته.

***

وفيه من سنة 358 هجرية ولد بهمدان بديع الزمان الهمداني. وقد تقدم أنه توفي بهراة 11 /6 /398 هـ، وقد أربى على الأربعين. ومن شعره في مدح أبي جعفر محمد بن موسى بن محمد بن القاسم بن حمزة بن موسى الكاظم (عليه السلام) قوله:

يا دار منتجع الرسا *** لة بيت مختلف الملائكْ
يابن الفواطم والعوا *** تك والسترائك والأرائكْ
أنا حائك إن لم أكن *** مولى ولائك وابن حائكْ

وقد ذكر الحائك عند الإمام الصادق (عليه السلام)، وأنه ملعون فقال (عليه السلام): «إنما ذلك الذي يحوك الكذب على الله ورسوله (صلى الله عليه وآله)». ومنه قوله:

يا عين جودي للبقيـ *** ـع وزرّعي بدم رغامه
جودي بمذخور الدمو *** ع وأرسلي برداً نظامه
جودي بمشهد كربلا *** ء فوفري مني ذمامه
لرزية قامت بها *** للدين أشراط القيامه
لمضرج بدم النبـ *** ـوة ضارب بيد الإمامه
متقسم بضبا السيو *** ف مجرع منها حمامه
منع الورود وماؤه *** منه على طرف الثمامه
ومقبل كان النبـ *** ـي بلثمة يشفى غرامه
قرع ابن هند بالقضيـ *** ـب عذا به فرط استضامه
وشذا بنعمته عليـ *** ـه وصب بالفضلات جامه([1])

رحمه الله برحمته.

***

وفي هذا اليوم: 13/ 6 /501 هجرية، وُلد بالرقة أبوالمرهف نصر بن منصور النميري الضرير الشاعر، وإنّما لقب بالضرير لأنّه أصابه الجدري وهو في سنة (14) من عمره فأذهب بصره، ومن شعره قوله:

ترى يتألّف الشمل الصديع *** وآمن من زماني ما يروعُ
وتأنس بعد وحشتنا بنجدٍ *** منازلنا القديمة والربوعُ
ذكرت بأيمن العلمين عصراً *** مضى والشمل ملتئم جميعُ
فلم أملك لدمعي ردّ غرب *** وعند الشوق نعصيك الدموعَ
ينازعني إلى الخنساء قلبي *** ودون لقائها بلدٌ شسوع
وأخوف ما أخاف على فؤادي *** إذا ما أنجد البرق اللّموع
لقد حمِّلت من طول التنائي *** عن الأحباب ما لا أستطيع

وتُوفّي يوم الثلاثاء: 28 /4/ 588 هجرية، فعمره يوم وفاته (87) سنة، ودُفن بمقبرة باب حرب ببغداد. رحمه الله برحمته.

***

وفي هذا اليوم من سنة 1322 هجرية تُوفّي العلامة الشيخ محمد ابن الشيخ حمزة التستري الأهوازي الحلّي، المعروف بالملّا، وكان من مواليد سنة 1243، فعمْره (79). وقد أكثر من مراثي الإمام الحسين (عليه السلام) حتى إنّه استقصى الحروف الهجائية مرّتين أو ثلاثاً وكلّها في رثائه (عليه السلام). وقد زاد شعره على خمسين ألف بيت، وفي جملة من قصائده الصدر تاريخ، والعجز تاريخ. ومن أشعاره الوعظية قوله:

يا مَن غدا الشيب له زاجراً *** يذكره والجهل يُنْسيهِ
تطمع من عمرك في رجعةٍ *** وقد مضى أمس بما فيهِ

وكانت وفاته بالحلّة، ولكنّه نُقل إلى النجف ودُفن في وادي السلام، ورثاه كثير من الشعراء فأبدعوا وأجادوا، منهم الشيخ حمادي نوح المتوفّى بتاريخ 23 /2/ 1325، فقد قال في مرثيّته:

اليومَ مجدُ شموس العترة انهدما *** فليستفض وكفّ دمع المشرقين دما

ومنها:

يا عترة المصطفى لم تبقَ جوهرةٌ *** محمّد لم يصفْها فيكم كلّما

رحمهم الله برحمته وأسكنهم فسيح جنّته.

***

وفي هذا اليوم من سنة 1351 هجرية توفي بمصر أمير الشعراء وشاعر الأمراء، أحمد شوقي بن علي بن أحمد شوقي الذي عاش في ظل البيت المالك بمصر، والذي عالج أكثر فنون الشعر مديحاً وغزلاً ورثاء ووصفاً، ثم عالج الأحداث السياسية والاجتماعية في مصر والشرق والعالم الإسلامي، فجرى شعره مجرى المثل. وقد كتب عن شعره وشخصيته كثير من أرباب القلم منهم أمير البيان شكيب أرسلان، والعقاد، والمازني، والنشاشيبي، وعمر فروخ، وغيرهم. وهذه الشوقيات تعطينا أفضل الصور وأوضحها عن شاعريته، فهو صاحب نهج البردة التي مطلعها:

ريم على القاع بين البان والعلمِ *** أحلَّ سفك دمي في الأشهر الحرمِ

وصاحب الهمزية النبوية التي مطلعها:

ولد الهدى فالكائنات ضياءُ *** وفم الزمان تبسُّم وثناءُ

وصاحب ذكرى المولى النبوي الشريف التي مطلعها:

سلوا قلبي غداة سلا وتابا *** لعل على الجمال له عتابا

وهو القائل في مطلع قصيدة التكريم للعلم والمعلم:

قمْ للمعلّم وَفّهِ التبجيلا *** كاد المعلم أن يكون رسولا
أَعَلِمتَ أشرف أو أجل من الذي *** يبني وينشِئ أنفساً وعقولا

وكان شوقي (رحمه الله) ممّن يجلّ أهل البيت (عليهم السلام) ويتفجّع لما أصابهم، فتراه في منظومته الرائعة (دول العرب وعظماء الإسلام) يقول:

هذا الحسين دمه في كربلا *** روّى الثرى لما جرى على ظما
واستُشهد الأقمار أهل بيته *** يهوون في الترب فرادى وثنا

ويقول في قصيدة عنوانها (الحرية الحمراء):

في مهرجان الحق أو يوم الدمِ *** مُهَجٌ من الشهداء لم تتكلَّمِ
يبدو عليها النور نور دمائها *** كدمِ الحسين على هلال مُحَرَّمِ

ويطيب له أن يربط الحوادث بيوم الحسين الذي لا يغيب عن خاطره، فتراه يقول في رثاء الزعيم مصطفى كامل باشا مؤسس الحزب الوطني، والمتوفّى سنة 1908 م/ سنة 1326 هـ:

المشرقان عليك ينتحبانِ *** قاصيهما في مأتمٍ والداني

ومنها:

يرجون نعشك في السناء وفي السنا *** فكأنّما في نعْشك القمرانِ
وكأنّه نعش الحسين بكربلا *** يختال بين بُكاً وبين حَنانِ

ويقول في مسرحيته (مجنون ليلى):

حناينك قيس إلام الذهول *** أفق ساعة من غواشي الخَبَل
صهيل البغال وصوت الحداء *** ورنّة ركب وراء الجَبَلْ
وحادٍ يسوق ركاب الحسين *** يهزّ الجبال إذا ما ارتجَلْ
فقمْ قيس واضرع مع الضارعين *** وأنزل بجنب الحسين الأمل

ويرى البعض أنّ شوقيّاً (رحمه الله) يشير في هذه الأبيات إلى قصة قيس بن ذريح الكناني المتوفّى سنة 70 من الهجرة، الذي أحبّ لبنى بنت الحباب الكعبية، وطلب من أبيه أن يزوّجه بها فأبى عليه، وقال له: بنات عمّك أحقّ بك. واستعان بأمّه على أبيه فلم يجد عندها ما يحب، فأتى إلى الحسين (عليه السلام) وشكا له وجْده بلبنى، وأخبره بموقف أبيه وأمّه، فقال: «أنا أكفيك».

ومشى إلى أبيه وقال: «أقسمتُ عليك إلّا خطبتَ له لبنى». فقال: سمعاً وطاعة لك يابن رسول الله (صلى الله عليه وآله). وخطبها له فتزوّجها ونَعمَ بقربها، ولمّا لم يرزَق منها الولد، وليس لأبيه ولد غيره، طلب منه أبوه أن يتزوّج بغيرها أو يتسرّى عليها لئلّا يموت بدون ولد فيذهب ماله إلى الكلالة، فقال: إنّي لا أستطيع أن أسوءها بشيء، وكانت أُمّه أيضاً قد شقّ عليها أنّ لبنى شغلته عن بعض برّها، فألحّا عليه أن يطلّقها، فطلّقها فجُنّ ومات.

وقيل: إنّه تزوجها بعد ذلك، والقصة مفصّلة ومطولة في كتاب (قصص العرب)([2])، والله سبحانه وتعالى أعلم. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنّته.

***

وفي هذا اليوم من سنة 1415 هجرية تُوفّي آية الله السيد محمد كاظم القزويني صاحب الكتب النافعة، ومنها سلسلة كتبه عن المعصومين (عليهم السلام)، و(النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) من المهد إلى البعثة)، و(النبي الأعظم من البعثة إلى اللحد)، و(الإمام علي من المهد إلى اللحد)، و(فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد)، ولهذا الكتاب عدّة قصص، منها:

أنه& نذر لله إنْ نجا من حكم الإعدام في سجن البعث العراقي الجائر أن يكتب كتاباً عن حياة جدّته فاطمة÷، فتقبّل الله نذره وأُطلق من السجن فكتب هذا الكتاب.

2 ـ يقول أحد الشخصيات اللبنانية: التقيتُ بأستاذة جامعية من أهل تونس، فأخبرتني أنّها عندما قرأتْ هذا الكتاب راجعت مصادره من كتب أهل السنّة فوجدتها صحيحة، فاقتنعت واعتنقت مذهب أهل البيت (عليهم السلام).

3 ـ أنّه& أوصى أن تُدفن معه نسخة من هذا الكتاب دون غيره من الكتب، مع أنّه كتب غيره الكثير، مثل: (الحسين من المهد إلى اللحد)، و(زينب من المهد إلى اللحد)، و(الإمام الجواد من المهد إلى اللحد)، و(الإمام الهادي من المهد إلى اللحد)، و(الإمام العسكري من المهد إلى اللحد)، و(الإمام المهدي من المهد إلى الظهور)، وغيرها من الكتب.

وقد قيل في سبب كتابته هذه الكتب الأربعة الأخيرة: أنّه رأى الإمام الرضا (عليه السلام) في منامه في ليلة جمعة يقول له: اكتب عن الأئمّة الأربعة من بعدي، فامتثل الأمر، وشرع في تأليف هذه الكتب الأربعة. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنّته.

____________

([1]) أدب الطف 2: 201.

([2]) قصص العرب 4: 21.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top