حدث في مثل هذا اليوم (1 رجب)

حدث في مثل هذا اليوم (1 رجب)

قاعدة: رابع هذا الشهر (رجب)، وغرة شهر رمضان، وعيد الأضحى تقع في يوم واحد من الأسبوع في كل عام.

في هذا اليوم وهو اليوم الأول من رجب ركب نوح السفينة، وأركب فيها من كلٍ زوجين اثنين ـ وقيل: إنهم ركبوا السفينة بتاريخ 10 / 7، كما سيأتي إن شاء الله تعالى. وبقي فيها خمسين يوماً، ونزل منها بتاريخ 21 / 8.

***

وفيه من سنة 9 من الهجرة بدأت حركة النبي(صلى الله عليه وآله) للخروج إلى غزوة تبوك، قال ابن إسحاق المتوفى سنة 151 هجرية في سيرته: ثم أقام رسول الله(صلى الله عليه وآله) بالمدينة ما بين ذي الحجة إلى رجب، ثم اتّصل به(صلى الله عليه وآله) نبأ من بلاد الروم أنها تهيّئ جيوشاً لغزو العرب غزواً ينسي النَّاس ذكر العرب وسلطان المسلمين، فندب الناس لغزوهم. وكان(صلى الله عليه وآله) قلّما يخرج إلى غزوة إلّا كنَّى عنها إلّا ما كان من غزوة تبوك فإنه بيّنها للناس لبعد الشقّة وشدة الزمان، وكثرة العدو؛ ولذلك سماها الله سبحانه ساعة العسرة، قال تعالى: ﴿لَقَد تَّابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِمَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ([1])، وذلك لأنهم بعدما هموا بالقعود عادوا إلى رشدهم، وخرجوا مع النبي(صلى الله عليه وآله). وكان من اُولئك النفر أبو خيثمة الأنصاري.

واجتمع للنبي(صلى الله عليه وآله) نحو ثلاثين ألفاً من المسلمين، فخرج بهم مخترقاً الصحراء صوب الشام، وخلّف علي بن أبي طالب(عليه السلام) على المدينة، فأرجف به المنافقين؛ لأن في تخلفه(عليه السلام) إفسادَ ما خططوه؛ فقالوا: ما خلفه إلّا استثقالاً له، وتخففاً منه. فأخذ سلاحه ولحق برسول الله(صلى الله عليه وآله)، فأدركه نازلاً بالجرف، فقال له: «يا رسول الله، زعم المنافقون أنك إنما خلفتني لأنك استثقلتني وتخففت مني». فقال: «كذبوا، ولكن خلفتك لما تركت ورائي، فارجع فاخلفني في أهلي و أهلك، أفلا ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا إنه لا نبي بعدي؟».

قال المفيد(رحمه الله) في (الإرشاد): وقد جعل النبي(صلى الله عليه وآله) لعلي(عليه السلام) بهذا القول كل ما جعله الله لهارون في موسى إلّا ما استثناه العرف من الاُخوّة واستثناه هو(صلى الله عليه وآله) من النبوة([2]). وما أحسن ما قاله بعض الشعراء:

وإذا أراد الله نشر فضيلة  *** طويت أتاح لها لسان حسودِ
لولا اشتعال النار فيما جاورت *** ما كان يعرف طيب عَرف العودِ([3])

فلولا أن هذا القول حصل من المنافقين، لما ظهرت هذه الفضيلة لأمير المؤمنين، فرجع إلى المدينة متوّجاً بهذا التاج الشريف، وراح رسول الله(صلى الله عليه وآله) يواصل السير حتى وصل إلى تبوك، فلم يرَ أثراً لجيش الروم؛ فقد انسحبوا إلى داخل بلادهم خوفاً من جيش المسلمين. وسيأتي الكلام على ذلك إن شاء الله بتاريخ 1 / 8.

***

في اليوم الأول من هذا الشهر الشريف جرت عدة حوادث منها ما جاء في كتاب (المحاضرات) و(أعلام النساء) وغيرهما([4])، قالوا: في يوم السبت غرة رجب سنة 36 هجرية خرجت أم المؤمنين عائشة راجعة من البصرة إلى المدينة، وبعث معها أميرالمؤمنين أخاها محمداً وثلاثين رجلاً وعشرين امرأة من ذوات الدين من عبد القيس وهمدان، وأمرهن أن يلبسن العمائم ويتقلدن السيوف، وقال لهن: «لا تعلمن عائشة أنكن نساء، وكن أنتن اللاتي تلين خدمتها وحملها».

فلما وصلت المدينة قيل لها: كيف رأيت مسيرك؟ فقالت: بخير، والله لقد أعطى علي وأكثر، ولكنه بعث معي رجالاً. فلما قالت ذلك عرفها النسوة أمرهن، فسجدت ثم قالت: ما ازددت والله يابن أبي طالب إلّا كرماً، وددت أني لم أخرج وإن أصابني كيت وكيت من أمور ذكرتها، وإنما قيل لي: تخرجين فتصلحين بين الناس، فكان ما كان.

***

وفيه من سنة 56 هجرية ولد الإمام الباقر(عليه السلام) ابن علي بن الحسين زين العابدين(عليه السلام)، وأمه فاطمة بنت الإمام الحسن الزكي(عليه السلام)، وتكنى أم عبد الله. قيل: وفيه ولد الإمام الصادق سنة 83 هجرية.

روي عن الإمام الباقر أنه قال: «إنها كانت صدّيقة لم يُدرك في آل الحسن(عليه السلام) امرأة مثلها»([5]). فالباقر(عليه السلام) هاشمي من هاشميين، وفاطمي من فاطميين، وأول من اجتمعت له ولادة الإمامين الحسن والحسين(عليهما السلام). وفي كتاب (تذكرة الخواصّ) وغيره([6]) عن المدائني وغيره عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنّه أتى إلى الإمام الباقر(عليه السلام) وقال له: إن رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقرئك السلام. فقيل له: كيف هذا؟ فقال: كنت جالساً عند رسول الله(صلى الله عليه وآله)، والحسين في حجره وهو يناغيه، فقال: «يا جابر يولد له مولود اسمه علي(عليه السلام) إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين زين العابدين؟ فكأني به يتخطى رقاب الناس، ثم يولد له ولد اسمه اسمي وشمائله شمائلي، يبقر العلم بقراً؛ فإن أدركته يا جابر فأقرئه عني السلام». قالوا: ثم كان جابر يأتيه فيحدثه، فربما غلط جابر فيما يحدث به عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) فيرد عليه الإمام الباقر(عليه السلام) ويذكره، فيرجع إلى قوله، ويقول: أشهد أنك قد اُوتيت الحكم صبياً. ومما قاله المؤلف قصيدة في مدح الإمام الباقر(عليه السلام) بمناسبة ذكرى مولده(عليه السلام):

مولد الباقر يا أهل الوفا *** سر قلب المرتضى والمصطفى
وتباشرن عفيفات الذيولْ *** وتهانين وهنين البتولْ
بالذي لقبه الهادي الرسولْ *** باقر العلم وبالعلم كفى
أمه فاطمة بنت الحسنْ *** وأبوه ابن الحسين المؤتمنْ
وبه قد أوضح الله السننْ *** بَقَر العلم وبالعلم كفى
قال فيه المصطفى يا جابرُ *** اسمه اسمي ولعلمي باقرُ
ولأعداء كتابي قاهرُ *** يبقر العلم وبالعلم كفى
فإذا جاء فأبلغه السلامْ *** فهو للأُمة مولى وإمامْ
بعد سبطي وابنه خير الأنامْ *** باقر العلم وبالعلم كفى
وبقيْ جابر يرجو رؤيتهْ *** كطلوع الشمس يرعي طلعتهْ
مذْ رآه لست تدري فرحتهْ *** ضمه أهلاً بنجل المصطفى
لك من جدك يا مولى سلامْ *** قال لي من قبل أن تلقى الحمامْ
سترى الباقر كالبدر التمامْ *** فابلغنه لسلام المصطفى
فبكى الباقر منه فرحا *** ومن العلم سقاه قدحا
وغدا جابر مهما برحا *** يطرق الباب على ابن المصطفى
جابر أنت وهذا الباقرُ *** فاسألنه فهو بحر زاخرُ
واستضئه فهو نور باهر *** وارث كل علوم المصطفى
عاش سبعاً ثم خمسين سنه ***  لم تخامره عن الله سِنه
كل فضل فإليه ومنه *** كيف لا وهو ابن بنت المصطفى
فاهنؤوا اليوم بذكرى المولدِ *** واثبتوا في حب أهل الولدِ
فهُمُ أهل العلا والسؤددِ *** إذ هُمُ آل النبي المصطفى
هم أولو الفضل وأهل البركاتْ *** ولهم في الحشر أعلى الدرجاتْ
فارفعوا أصواتكم بالصلواتْ *** عندما يُذكر آل المصطفى([7])

اللهم صل وسلم على محمد وآل محمد الطيببين الطاهرين.

***

قالوا وفي الليلة الأُولى من هذا الشهر الشريف تستحب زيارة الإمام الحسين(عليه السلام)، ورووا عن الشيخ المفيد المتوفى بتاريخ 4 / 9 / 413هـ (رحمه الله) أنه قال: ومن لم يتمكن من زيارة الحسين(عليه السلام)، فليزر بعض مشاهد الأيمة الطاهرين(عليهم السلام)، ومن لم يتمكن من ذلك فليومِ إليهم بالسلام([8]).

 قالوا: وقد روي في أخبار عديدة زيارة الإمام الرضا(عليه السلام) وأبيه الكاظم(عليه السلام) وولده الجواد(عليه السلام) في رجب بدون تعيين يوم خاص([9]). وفي ذلك يقول الشاعر المشهور عبد الباقي أفندي العمري المتوفى بتاريخ 30 / 5 / 1278 هجرية:

زيارة الكاظمين في رجبِ *** تنقذ يوم اللقا من اللهبِ
تعدل حجاً ووقفة بمنى ***  وعمرة كلها بلا نصبِ
إي وأبي لا يخاف هول غدٍ *** من حازها في الزمان إي وأبي([10])

وفي كتاب (الواعظ) عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنه قال: «يعتمر المعتمر في أي شهور السنة شاء وأفضل العمرة عمرة رجب».

بل قيل: إنه إنما حُرِّم من أجل العمرة كما أن الأشهر الثلاثة إنما حُرِّمت من أجل الحج، فشهر للذهاب، وشهر للإياب، وشهر للأعمال.

***

وجاء في كتاب (التوفيقات الإلهامية في مقارنة التواريخ الهجرية بالسنين الإفرنجية والقبطية) تأليف اللواء محمد مختار باشا، أنّه في غرّة شهر رجب سنة 60 من الهجرة تُوفّي بالشام معاوية بن أبي سفيان وعمره (77) سنة، ومدّة خلافته (19) سنة وشهران ويوم، وقبلها كان أميراً من قِبل الخليفتين عمر وعثمان ما يقارب من عشرين سنة، ولمّا حضره الموت أنشد:

هو الموت لا منجى من الموت والذي *** تحاذر بعد الموت أدهى وأفظعُ([11])

ثمّ قال: «اللهم أَقِلِ العثرة، واعْفُ عن الزلّة، وجدْ بحلمك على جهْل مَن لم يرجُ غيرك، ولم يثق إلّا بك، فإنّك واسع المغفرة، وليس لِذِي خطيئة مهرب إلّا إليك»([12])، ولمّا أزف أمره وحان فراقه أنشأ يقول:

فياليتني لم أعنَ بالملك ساعةً *** ولم أكُ في اللذّات أعشى النواظِرِ
فكنتُ كذِي طمرين عاش ببلغةٍ *** من الدهر حتى زار أهل المقابر([13])

ثمّ مات ودُفن بالشام، وبُنيتْ على قبره قبّةً، ولكن شتّان بين قبره وقبر خصمه أمير المؤمنين(عليه السلام)، ورحم الله الشاعر المعاصر الأستاذ محمد المجذوب حيث يقول:

أينَ القصورُ أبا يزيد ولَهْوُها *** والصافناتُ وزهْوُها والسُؤْدَدْ
أين الدَّهاء نحرت عزّتُه على *** أعتاب دنيا سحرها لا ينفَدُ
آثرتَ فانيها على الحق الذي *** هو لو علمتَ على الزمان مخلّدُ
تلك البهارج قد مضت لسبيلها *** وبقيت وحدَك عبرة تتجدَّدُ
هذا ضريحُك لو بصرتَ ببؤْسِهِ *** لأ سالَ مَدْمعَك المصيرُ الأسْوَدُ
كُتَلٌ من التُرْب المهين بخربةٍ *** سَكَرَ الذبابُ بها فَرَاحَ يُعَرْبِدُ
خفيتْ معالمُها على زوّارها *** فكأنّها في مجهلٍ لا يُقْصَدُ
أأبا يزيد تلك حكمةُ خالقٍ *** تُجلَى على قلب الحكيم فيرشُدُ
أرأيتَ عاقبةَ الجموح ونزوةً *** أودى بِلُبِّك غَيِّها المُتَرَصِّدُ
أغرقتَ بالدنيا فرِحْتَ تشنّها *** حرباً على الحقِّ الصراح وتوقِدُ
تعدو بها ظلْماً على مَن حُبَّه *** دينٌ وبغضتُهُ شَقَاءٌ سَرْمَدُ
علمُ الهدى وإمام كلّ مطهّر *** ومثابةُ العلم الذي لا يُجْحَدُ
ورثتْ شمائله براءةَ أحمد *** فيكاد من برديه يُشْرِق أحمَدُ
وعلوتَ حتى قد جَعلتَ رمامها *** إرثاً لكلّ مُذَمَّم لا يُحْمَدُ
هَتَكَ المحارِمَ واستباح خدورَها *** ومضى بغيرِ هواه لا يتقيَّدُ
فأعادها بعد الهدى عصبيةً *** جهلاء تلتهم النفوسَ وتُفْسِدُ
فكأنّما الإسلامُ سلعةُ تاجرٍ *** وكأنّ أمَّتَهُ لآلِكَ أَعْبَدُ
فاسأل مرابضَ كربلاء ويَثْرِبٍ *** عن تِلْكُمُ النَّار التي لا تُخْمَدُ
عَبَثَاً يُعالج ذو الصلاح فسادَها *** ويطبُّ معْقِلُها الحكيمُ المُرْشِدُ
أين الذي يسلو مواجعَ أحمد *** وجرَاح فاطمةَ التي لا تُضْمَدُ
والزاكيات من الدماء يُريقها *** باغٍ على حَرَمِ النبوَّةِ مُفْسِدُ
والطاهرات فديتهنّ ثواكِلاً *** تَنْثَالُ في عبراتهنَّ الأكبُدُ
والطيِّب من الصغار كأنَّهم *** بيضُ الزنابِقِ قد عداها المَوْرِدُ
تشكو الظماء لظالمينَ أحمَّهم *** حِقْدٌ أناخَ على الجوانِحِ مَوْقِدُ
والذائدين تبعثرتْ أشلاؤهم *** بَدَدَاً فثمَّةَ مِعْصَمٌ وهنا يَدُ
تطأُ السنابِكُ بالطغاةِ أديمَها *** مثل الكتاب مشى عليهِ المُلْحِدُ
فعلى الرمالِ من الاُباة مضرَّجٌ *** وعلى الجيادِ من الهُداةِ مُصَفَّدُ
وعلى الرماحِ بقيةٌ من عابدٍ *** كالشمس ضاوية الصفا والمسجدُ
فلطالمّا حَنَّ الدُّجَى لحنينهِ *** وهنا على زَفَرَاتهِ المتهَجِّدُ
إنْ يجهل الأثماءُ موضعَ قدرهِ *** فَلَقَدْ دَرَاهُ الراكِعون السُجَّدُ
تلكَ الفواجعُ ما تزال طيوفها *** في كلِّ جارحةٍ تُحَسُّ وتُشْهَدُ
ما كان ضَرَّك لوكففتَ شِواظَها *** فسلكتَ نهج الحق وهو مَعَبَّدُ
ولزمتَ ظلَّ أبي ترابٍ وهوِن *** في ظلِّه يُرجى السَّدادُ ويُنْشَدُ
ولو أن فعلتَ لصنت َشرْع محمّدٍ *** وحميتَ مَجْداً قد بناه مُحَمَّدُ
ولعَادَ دينُ اللهِ يَغْمِرُ نُورُه الد *** نيا فلا عبدٌ ولا مُسْتَعْبَدُ
أأبا يزيد وساءَ ذلك عترةً *** ماذا أقول وبابُ سمعِك مُوْصَدُ
قمْ وارْمَقِ النجفَ الشريفَ بنظرةٍ *** يَرتدُّ طَرفُكَ وهو بَاكٍ أرْمَدُ
تلكَ العظامُ أعزّ ربُّك قَدْرَها *** فتكادُ لولا خوف ربّكَ تُعْبَدُ
أبداً تُباكِرُها الوفودُ يَحثُّها *** مِن كلِّ صوبٍ شوقُها المُتَوَقِّدُ
نازعْتَها الدنيا ففزْتَ بِوِرْدِها *** ثمّ انطوى كالحلمِ ذاك المَوْرِدُ
وسعتْ إلى الأخرى فأصبح ذكرُها *** في الخالدين وعَطْفُ ربِّك أَخْلَدُ
أأبا يزيد وتلك آهةُ موجَعٍ *** أفضى إليكَ بها فؤادٌ مُقْصَدُ
أنا لستُ بالقالي ولا أنا شامتٌ *** قلبُ الكريمِ عن الشماتَةِ أَبْعَدُ
هي مهجةٌ حَرّى أذابَ شفافَها *** حِزنٌ على الإسلامِ لم يَكُ يَرمَدُ
أذْكَرْتُها الماضي فهاج دفينَها *** شملٌ لشعبِ المصطفى مُحمَّدُ
فبعثتُه عَتَبَاً وإنْ يكُ قاسياً *** هو مِن ظلوعي زفرةٌ تترَدَّدُ
لم أستطعْ جَلَدَاً على غلْوائِها *** أيّ القلوب على اللظى تتجدَّدُ(

***

وفيه من سنة 110 هجرية توفي بالبصرة الحسن بن يسار البصري (أبو سعيد) التابعي المشهور. كان أبوه يسار مولى لزيد بن ثابت الأنصاري، وأمه خيرة مولاة لأم سلمة. وكان مولده سنة 21 من الهجرة، وربما غابت عنه أمه وتركته عند أم سلمة، فيبكي، فتعطيه أم سلمة ثديها تعلله به إلى أن تجيء اُمّه، فدرّ عليه لبنها، فشرب منه، فيرون أن ما عنده من العلم والعبادة والزهد من ذلك اللبن.

قال ابن أبي الحديد: وهو ممن روي عنه أنه يبغض علياً ويذمّه، ولكن أصحابنا ـ يعني المعتزلة ـ يدفعون ذلك عنه وينكرونه، ويقولون: إنه من محبي علي والمعظمين له([14]). وله مع الحجاج مواقف، وقد سلمه الله من أذاه.

أقول: وقد روي أن من تلك المواقف أنه سأله يوماً عن علي (عليه السلام)، فقال له: ما ترى في أبي تراب؛ أمن أهل الجنة، أم من أهل النار؟ فقال أنا لم أدخلهما فأعرف أهلهما، ولكني أرجوا لعلي أن يكون من أهل الجنة. وذكره ببعض ما هو أهله من السبق إلى الإسلام والجهاد في سبيل الله وغير ذلك، فغضب الحجاج وأراد قتله، وقال: أنسيت قوله تعالى: ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيماً([15]). وعلي قتل المؤمنين بالبصرة وصفين؟

فسكت الحسن البصري ولم يتكلم بشيء، وكان هناك أنس بن مالك فقال: لقد أعوزتني إلى الكلام يا أمير، وذكر حديث الطائر المشوي الذي أهدي إلى الرسول(صلى الله عليه وآله) على رغيفة بيضاء، فوضعه بين يديه وقال: «اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر». قال فجاء علي(عليه السلام) فرددته، ثم عاد رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى الدعاء وعاد علي فرددته، وهكذا الثالثة، فلما أردت أن اُرجعه رفع علي صوته فسمعه رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وأمرني فأدخلته، وسمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: «اللهم وإليَّ، اللهم وإليَّ، اللهم وإليَّ». يعني أن علياً أحب الناس إليك وإلي، فإذا كان علي أحب الناس إلى الله وإلى رسوله ودخل النار، فلمن تكون الجنّة؟

فغضب الحجاج وقال: إنك شيخ قد خرفت، ولولا أن يقال: إني قتلت رجلاً من أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله) لقتلتك([16]).

وقد ذكرت بعض ما جاء عن الحسن البصري في كتاب (رائق الضمير)([17]).

***

وفي اليوم الذي توفي فيه الحسن البصري وهو اليوم 1/7 /110هجرية ولد أبو عبيدة مَعْمَر ـ على وزن جعفر ـ ابن المثنَّى التيمي بالولاء، النحوي البصري الذي قال الجاحظ في حقه: إنه لم يكن في الأرض خارجي ولا جماعي أعلم بجميع العلوم منه([18]). وقال فيه أبو نواس: ذاك أديم طوي على علم([19]).

وقال فيه إسحاق بن إبراهيم النديم الموصلي يخاطب الفضل بن الربيع وزير الدولة العباسية:

عليك أبا عبيدة فاصطنعه *** فإن العلم عند أبي عبيده([20])

وقد ذكر إبن خلكان أن الفضل بن الربيع أرسل إلى أبي عبيدة فدخل عليه وأنشده، فطرب وضحك، ثم دخل رجل في زي الكتاب وله هيئة حسنة، قال: فأجلسه إلى جانبي وقال له: أتعرف هذا؟ فقال: لا. قال: هذا أبو عبيدة علّامة أهل البصرة، أقدمناه لنستفيد من علمه.

فدعا له الرجل ومدحه على فعله، ثم التفت إلي وقال لي: كنت إليك مشتاقاً، وقد سُئلت عن مسألة، أفتأذن لي أن أسألك عنها؟ قلت: هات. فقال: قال الله تعالى: ﴿طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ﴾ وإنما يقع الوعد والوعيد بما قد عرف مثله، وهذا لم يعرف. فقلت إنّما كلم الله العرب على قدر كلامهم، أما سمعت قول امرئ القيس:

أيقتلني والمشرفي مضاجعي *** ومسنونة زرق كأنياب أغوال

وهم لم يروا الغول قط، ولكنه لما كان أمر الغول يهولهم أُوعدوا به. فاستحسن الفضل ذلك واستحسنه السائل.

قال أبو عبيدة: ومن هذه المسألة أزمعت أن أضع كتاباً في القرآن لمثل هذا وأشباهه، فلما رجعت إلى البصرة عملت كتابي الذي سميته (المجاز)([21]).

قالوا: ولم يزل يصنف حتى مات، وتصانيفه تقارب مئتي مصنف، فمنها كتاب(مجاز القرآن الكريم)، وكتاب(غريب القرآن)، وكتاب (معاني القرآن)، وكتاب (غريب الحديث)، وكتاب (الحدود)، وغير ذلك من الكتب النافعة. رحم الله المؤمنين برحمته.

قالوا: ولكنه مع هذا العلم ومع هذا النتاج الطيب لما مات لم يحضر جنازته أحد حتى أكتروا لجنازته من يحملها: لأنه لم يكن أحد يسلم من لسانه([22]).

قال إبن خلكان وكان وسخا ألثغ، مدخول النسب مدخول الدين، يميل إلى مذهب الخوارج، قال أبو حاتم السجستاني: كان أبو عبيدة يكرمني على أني من خوارج سجستان([23]).

وكانت وفاته سنة 209 هجرية أو التي بعدها، أو التي بعدها، أو التي بعدها؛ وبموجب ذلك يكون عمره مئة سنة أو أكثر؛ لأنه لما سئل عن مولده قال: قد سبقني إلى الجواب عن مثل هذا عمر بن أبي ربيعة المخزومي، وقد قيل له: متى ولدت؟ فقال: في الليلة التي استشهد فيها عمر بن الخطاب؛ فأي خير رفع، وأي شر وضع؟ وأنا ولدت في اللية التي مات فيها الحسن البصري، فلينظر هناك. رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

***

في كتاب (أعيان الشيعة) أنّ في أوّل رجب من سنة 138 هجرية تُوفّي أبو إسماعيل أبان بن أبي عيّاش البصري الزاهد، مولى عبد القيس. واسم أبيه ابو عيّاش فيروز، وقيل: دينار([24]).

قال صاحب الأعيان: عن أبان، أنّ الشيخ ذكره في رجاله في أصحاب الأئمة الثلاثة: زين العابدين والباقر والصادق(عليهم السلام). قال: ويَنسب أصحابنا وضع كتاب سليم بن قيس الهلالي إليه، وأنّه كان سبب تعريف أبان هذا الأمر سليم بن قيس حيث طلبه الحجاج ليقتله، لأنّه من أصحاب علي(عليه السلام)، فهرب إلى ناحية من أرض فارس، ولجأ إلى أبان بن عيّاش هذا، فلمّا حضرتْه الوفاة قال لأبان: إن لك عليَّ حقّاً، وقد حضرني الموت، وإنه قد حصل من الأمر بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) كيت وكيت، وأعطاه كتابه، فلم يروِ عن سليم بن قيس أحدٌ من الناس غيره. قال أبان: وقد كان سليم بن قيس شيخاً متعبّداً، له نور يعلوه([25]). رحم الله الجميع برحمته وأسكنهم فسيح جنتّه.

***

وفي هذا اليوم أو الذي بعده أي يوم الخميس لليلة خلت من رجب سنة 199هـ تُوفّي بالكوفة محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن السبط(عليه السلام)، وهو المسمّى بابن طباطبا وصاحب أبي السرايا كما تقدّم، فأقام مكانه أبو السرايا غلاماً أمرداً أحدثاً يُقال له محمد بن محمد بن زيد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليه السلام). وكان أبو السرايا هو الذي يدبّر الأمور، وكما لم تطل مدّة محمد بن إبراهيم طباطبا فإنّ محمداً هذا أيضاً لم تطل مدّته، فتُوفّي سنة: 201 هـ، وقُتل أبو السرايا قبل موته سنة 200 هـ، قتله الحسن بن سهل عامل المأمون على بغداد.

وسيأتي الكلام عن بعض أقارب المذكور المترجم محمد بن إبراهيم، وهو أبو محمد عبد الله بن أحمد بن علي بن الحسن بن إبراهيم طباطبا المتوفّى 4 / 7 / 348 ، وأبو القاسم أحمد بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم طباطبا المتوفّى بمصر بتاريخ 25 / 8 / سنة 345 هـ. رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنّته.

***

وفيه من سنة 363 هجرية تُوفّي بمصر أبو حنيفة النعمان بن أبي عبد الله محمد بن منصور الفقيه الشيعي. كان من أهل العلم والفقه والدين والنبل على ما لا مزيد عليه، وكان في أوّل أمره مالكي المذهب، ثمّ انتقل إلى مذهب الإمامية، وله عدّة تصانيف، منها: كتاب (اختلاف أصول المذاهب)، وكتاب (اختلاف الفقهاء) ينتصر فيه لأهل البيت(عليهم السلام). وتولّى القضاء بمصر في زمان الدولة الفاطمية، وكان أبوه أحد المعمّرين عاش مئة وأربع سنين، وتُوفّي في رجب سنة 351 هجرية، وصلّى عليه ولده أبو حنيفة. ولأبي حنيفة أولاد نجباء، سراة قضاة. رحم الله الجميع برحمته.

***

وفيه من سنة 444 هجرية قُتل معتمد الدولة قرواش بن حسام الدولة العقيلي المقلد صاحب الموصل، الذي أقام في إمارته خمسين سنة. وكان ظريفاً شاعراً وهَّاباً نهَّاباً، وقد وقع بينه وبين أخيه بركة شيء من الشر، فقبض عليه أخوه بركة في سنة 441 هـ وقيَّده وحبسه في الجراحية إحدى قلاع الموصل وتولّى مكانه، ولقَّبَ نفسه بزعيم الدولة، وأقام في الإمارة سنتين وتوفّي في ذي الحجة سنة 443 هجرية، فقام مقامه ابن أخيه أبو المعالي قريش بن بدران، فأول ما فعل قريش أنّه قَتل عمّه قرواشاً في مجلسه بتاريخ:1 / 7 / 444 هجرية ودُفن بتلّ توبة شرقي الموصل، ومن شعره(رحمه الله):

لله دَرّ النائبات فإنّها *** صدأ اللئام وصيقل الأحرارِ
ماكنتُ إلاّ زبرة فطبعنني *** سيفاً وأطلق طرفهنّ غراري([26])

وقُتل قريش على باب أنطاكيّة بتاريخ 15 / 2 / 478 وعمره خمس وأربعون سنة وأشهر. رحم الله الجميع برحمته.

***

وفيه من سنة 1098 هجرية تُوفّي بأصبهان المحقق الخوانساري اُستاذ الحكماء والمتكلّمين، ومربّي الفقهاء والمحدّثين، صاحب المصنّفات النافعة والمؤلّفات الممتعة، منها كتاب (شرح الدروس).

ولد في شهر ذي القعدة سنة 1016، وتُوفّي في 1 / 7 / 1098 هجرية، ودُفن بمقبرة تخت فولاد، وبنى عليه الشاه سليمان الصفوي المتوفّى بتاريخ […] قبّةً عالية. رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنّته.

***

وفي هذا اليوم من سنة 1303 هجرية توفي الشيخ علي ابن الشيخ أحمد السبيتي العاملي الكفري؛ نسبة إلى بلدة «كَفْري» من بلدان جبل عامل. قيل عنه: إنه كان عالماً فاضلاً، ثقة ثبتاً صالحاً. قال السيد الأمين في كتاب (الأعيان): رأيناه، فشاهدنا فيه الزهد والتقوى والصلاح، والمجاهرة بالحق، وكان حسن النادرة، ظريف المعاشرة، له من المؤلفات (الجوهر المجرد في شرح قصيدة علي بك الأسعد) يحتوي على كثير من تاريخ جبل عامل وتراجم جملة من علمائه المتأخرين، وله كتاب (شرح ميمية أبي فراس)، وله رسالة في الرد على فتوى الشيخ نوح الذي حلل فيها دماء الشيعة وأموالهم([27]). وقد قيل عنه: إنه ولد بتاريخ 25 / 12 / 1236هـ؛ وعليه يكون عمره 67. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم: 1 / 7 / من سنة 1331 هجرية تُوفّي الحجة الجليل السيد محمد باقر الطباطبائي الحائري، الذي قال عنه المقدّس الشيخ فرج العمران المتوفّى بتاريخ 22 / 3 / 1398هجرية أنه رأى له(رحمه الله) على هامش ديباجة حاشيته على رسائل المقدّس الشيخ مرتضى الأنصاري المتوفّى بتاريخ 18 / 6 / 1281، تعليقة شريفة تدلّ على أنّ نبيّنا محمداً(صلى الله عليه وآله) أشرف ما خلق الله على الإطلاق، وهي: (والصلاة والسلام الأتّمان الأكملان على فاتحة مصاحف الأكوان وخاتمة صحائف الإمكان).

قال المقدّس الشيخ فرج العمران: وفي هذا الكلام إشارة إلى مقامه(صلى الله عليه وآله) في قوسي الصعود والنزول، وأنّه مبدأ عالم الإمكان ومنتهاه([28]).

صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين وسلّم تسليماً كثيراً.

***

وفي هذا اليوم 1 / 7 في سنة 1346 هجرية ولد الخطيب الكبير، والشاعر الشهير، الحاج الملا عبد الله ابن المرحوم الحاج حمزة المعبر القطيفي الكويكبي؛ نسبة إلى بلدة الكويكب بلدة من بلدان القطيف. و من شعره (حفظه الله) قصيدة قالها في مرثية السيد الشهيد السيد محمد باقر الحكيم المستشهد بتاريخ 1 / 7 / 1424هجرية، وسيأتي الكلام عنه إن شاء الله. ومن تلك القصيدة قوله:

فارقتنا للحور والولدانِ *** ورضا الإله بمقعد وجِنانِ
ومضيت تمرح في الجنان مهنأً *** ولظى الأسى منا بكل جَنانِ

وقد توفي هذا الشاعر الشهير والخطيب الكبير في 4 / 4 / 1439 هـ.

***

وفيه من سنة 1390 هجرية تُوفّي بكربلاء المقدّسة العالم الفاضل الشيخ أحمد السنان ـ المولود بتاريخ 13 / 7 / 1313 هجرية؛ فعمره يوم وفاته (77) سنة تقصر 13 يوماً ـ ابن الحاج عبدالله المتوفّى بتاريخ 9 / 4 / 1350 هجرية، ابن عبد الله بن علي بن عبدالله بن راشد آل سنان.

قال عنه المقدّس الشيخ فرج العمران(رحمه الله): إنّه أحد أساتذته وأحد أساتذة ولده العلّامة الشيخ حسين العمران (مد ظلّه)([29])، وله مؤلّفات، منها: (تاج الجمال لأهل الكمال) ذكر فيه شطراً مهمّاً من علم الجفر وعلم المساحة والأوفاق والقواعد الحسابية في عشر كراريس، وكتاب (سُلَّم الوصول إلى علم الرمل) في أربع كراريس، وله كتاب (منية الطالب في نيل المطالب) في معرفة الحجر والزجاج وجملة من أصباغه، إلى غير ذلك من الكتب، ومن أهمّها كتابه الصغير الذي كتبه في علم الصنعة (الكيمياء)، ذكر فيه كيفية تولّد المولود الكريم الفلسفي وتخلق الحجر المكرم الحكمي من عناصره الأربعة التي أشار إليها مولانا علي(عليه السلام) لما سئل عن الصنعة كما في مناقب ابن شهر آشوب، فقال(عليه السلام): «ما هي إلاّ ماء جامد، وهواء راكد، ونار جائلة وأرض سائلة»([30]). وقال(عليه السلام) عن الكيمياء أيضاً: «من الزئبق الرجراج، والأسرب والزاج، والحديد المزعفر، وزنجار النحاس الأخضر»([31]).

وقد هاجر(رحمه الله) إلى النجف الأشرف قبل وفاته بنحو خمس عشرة سنة، ولازم بحث مولانا السيد أبي القاسم الخوئي المتوفّى بتاريخ 8 / 2 / 1413 هجرية، ولمّا جاءت الليلة الأولى من رجب سنة 1390 هجرية، ذهب إلى كربلاء المقدسة لزيارة الحسين(عليه السلام) المخصوصة بتلك الليلة، ففاجأه القضاء في صباح تلك الليلة بعد صلاة الصبح، وبعد التعقيب في سجدة الشكر في مشهد الإمام الحسين(عليه السلام) كما سمعت من حفيده، فغُسّل وحنّط وكفّن، وصلَّى عليه بكربلاء المقدّسة الأخُ الفاضل الشيخ علي المرهون (دامت بركاته)، وزوَّروه المشهدين الشريفين: مشهدي العباس والحسين(عليهما السلام)، ثمّ شُيّع جثمانه الطاهر إلى النجف الأشرف، ودُفن في الصحن العلوي الشريف قريباً من كيشوان آل شمسة. وقد أرّخ وفاته المقدّس الشيخ فرج العمران (رحمه الله) فقال:

ليلة شرفت من الأزمان *** وعلا شأنها على كيوانِ
هي أولى الشهر المرجّب ذي الفضـ *** ـل عظيم الآلا عظيم الشانِ
ليلة شرفت فأرخ (بها قد *** نودي الشيخ أحمد بن سنانِ)([32])

  (1390)

رحمه الله برحمته وأسكنه فسيح جنّته.

***

وفي اليوم الأول من هذا الشهر، الموافق يوم الجمعة من سنة 1424 هجرية، استشهد آية الله العظمى، ورئيس المجلس الأعلى للثورة العراقية السيد محمد باقر، نجل المرجع الديني الأعلى السيد محسن الطباطبائي الحكيم المتوفّى بتاريخ 27 / 3 / 1390، وذلك بعد خطبته وإمامته للجماهير المؤمنة في صلاة الجمعة، وفي ساعة خروجه من مشهد جدّه أمير المؤمنين(عليه السلام) من الباب الجنوبي المعروف بباب القبلة، حصل الانفجار الغاشم الأثيم، فأودى بحياته مع أكثر من مائة من المؤمنين المصلّين، وجرح منهم أكثر من مائتين. وقد ندّد بهذا الاعتداء الجبان جميع المسلمين وحتى غيرهم من شرق الأرض وغربها: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعمَلِ الظَّالِمُون([33]).

وقد شَيُعتْ بقايا جثمانه ـ الذي لم يحصل الناس منه إلّا على اليسير ـ مئاتُ الآلاف من البشر، فشُيِّع في يوم الأحد بالكاظمين، وفي يوم الاثنين بكربلاء، وفي يوم الثلاثاء في النجف الأشرف حيث مثواه الأخير، وأُقيمتْ له الفواتح في جميع بلدان الشيعة. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته. اللّهمّ لا تحرمنا أجرهم، ولا تضّلنا بعدهم.

_____________________________

([1]) التوبة: 117.

([2]) الإرشاد 1: 156.

([3]) البيتان لأبي تمّام. شرح نهج البلاغة 1: 316.

([4]) الجمل: 221، شجرة طوبى 2: 324.

([5]) بحار الأنوار 46: 215، وفيه من الصادق(عليه السلام).

([6]) بحار الأنوار 46: 226، قريب منه.

([7]) مسارّ الشيعة: 57.

([8]) ولعل ذلك لأن شهر رجب شهر مولد الإمام الجواد(عليه السلام) أولاً، وشهر وفاة الإمام الكاظم(عليه السلام) ثانياً، ولأنه أول الأشهر الحرام ثالثاً.

([9]) الترياق الفاروقي: 141

([10]) حسن الظن بالله (ابن أبي الدنيا): 106، تاريخ مدينة دمشق 59: 227.

([11]) تاريخ مدينة دمشق 59: 227، سير أعلام النبلاء 3: 160، تاريخ الإسلام 4: 317.

([12]) العقد الفريد 3: 195، والبيت لعبد الملك الشاعر من ضمن جملة أبيات، انظر تاريخ الإسلام 6: 142، البداية والنهاية 9: 82.

([13]) علي في الكتاب والسنة والأدب 5:  177 ـ 178، ذكر بعضها.

([14]) شرح نهج ابلاغة 4 : 95،

([15]) النساء: 93.

([16]) الأربعون حديثاً (منتجب الدين): 46 ـ 48.

([17]) رائق الضمير 1: 317.

([18]) انظر: بحار الأنوار 104: 17، تاريخ بغداد 13: 252.

([19]) وفيات الأعيان 2: 100، 5: 238.

([20]) وفيات الأعيان 5: 238.

([21]) تفسير الثعالبي 1: 87، تاريخ بغداد 13: 254، والغريب أنه لم يذكر هذه المسألة في كتابه الذي ألّفه بسببها، وهو كتاب (مجاز القرآن).

([22]) الفهرس (ابن النديم): 59.

([23]) وفيات الأعيان 5: 240.

([24]) أعيان الشيعة 2: 102.

([25]) المصدر نفسه.

([26]) الأنساب 2: 176 ـ 177، اللباب في تهذيب الأنساب (ابن الأثير) 1: 342.

([27]) أعيان الشيعة 8: 803 ـ 804.

([28]) الأزهار الأرجية م3، ج9: 584.

([29]) الأزهار الأرجية م5، ج13: 560.

([30]) مناقب آل أبي طالب (عليه السلام) 1: 329، تفسير الألوسي 20: 119.

([31]) المصدر نفسه، مع تقديم وتأخير في تفسير الآلوسي.

([32]) الأزهار الأرجية م5، ج13: 558.

([33]) الشعراء: 227.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top