حدث في مثل هذا اليوم (5 صفر)
وفي هذا اليوم 5/ 2 من سنة 36 هجرية بعد البيعة لأميرالمؤمنين (عليه السلام) بالخلافة بأربعين يوماً توفّي بالمدائن الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان. وقيل: إنه بقي إلى ما بعد وفاة أميرالمؤمنين (عليه السلام)، وحديثه مع زوجته اُم الهيثم عن مصيبة أميرالمؤمنين مشهور مذكور، والله أعلم بحقائق الاُمور.
***
في اليوم الخامس من هذا الشهر، أو في الذي قبله من سنة 61 هجرية توفّيت بالشام رقية بنت الحسين (عليه السلام). وكانت قد رأت أباها في النوم فانتبهت تطلبه وتبكي، ومازالت كذلك حتى أبكت جميع العيال، فلمّا علم يزيد بذلك أمر أن يذهبوا إليها برأس أبيها، فلمّا رأته مكسّر الثنايا، مخضوب الشيبة بدمه، جعلت تقبله وتقول: من خضّبك بدماك يا أبتاه؟ من كسر ثناياك يا أبتاه؟ من أيتمني على صغر سنّي يا أبتاه؟ ثم وقعت على الأرض والرأس معها، وخمدت حركتها، فقال زين العابدين لعمته: «خذي الرأس عنها». فقالت: دعها تتزود منه، فقال: «يا عمة، إنّ اُختي قد ماتت». فلمّا حرّكوها وإذا هي ميتة، فواروها في قبرها الموجود حالياً بالشام، والذي تقصد زيارته الاُلوف المؤلّفة من محبّي أهل البيت (عليهم السلام). والمصادر التي تدل على وجودها في هذا القبر، والتي تتحدّث عن معجزاتها وكراماتها كثيرة، جعلنا الله من محبي أهل البيت (عليهم السلام).
***
وفي هذا اليوم 5/ 2 من سنة 576 هجرية توفّي بالإسكندرية تورانشاه بن أيوب بن شادي شمس الدولة فخر الدين أمير من الأيوبيين. وهو أخو السلطان صلاح الدين الأيوبي لأبيه، نشأ في دمشق، وسيّره صلاح الدين إلى اليمن، ومعه الاُمراء (بنو رسول) سنة 569 هجرية، فأخضع عصاتها، وعاد منها؛ لأنه كره المقام بها لقلة خيراتها، فاستعفى أخاه صلاح الدين من المقام بها، ورجع إلى الشام سنة 571 هجرية، فاستخلفه صلاح الدين بها، فأقام فيها مدة ثم انتقل إلى مصر سنة 574 هجرية، وما زال بها إلى أن مات بالتاريخ المذكور 5/ 2/ 576 هجرية.
وذكر الزركلي في كتاب (الأعلام) نقلاً عن سبط بن الجوزي أنّه كان أكبر من صلاح الدين، ويرى نفسه أحق بالملك منه، وكانت تبدر منه كلمات في حال سكره، ولذلك أبعده صلاح الدين إلى اليمن فسفك الدماء، ولما عاد أعطاه بعلبك، ثم أبعده إلى الإسكندرية، فعكف بها على اللهو، ولم يحضر حروب أخيه صلاح الدين، إلى أن مات بها بالتاريخ المذكور، فأرسلت شقيقته (ست الشام) بنت أيوب إلى جنازته، ونقلتها إلى الشام فدفنته في مدرستها([1]) التي أنشأتها بظاهر دمشق، فهناك قبره وقبر ولدها حسام الدين عمر بن لاجين المتوفّى قبلها بتاريخ 19/ 9/ 587 هجرية، ثم دفنت معهما هي بتاريخ 16/ 11/ 610 هجرية، رحم الله الجميع برحمته.
وتورانشاه هذا هو غير تورانشاه ابن الملك الصالح ثامن سلاطين بني أيوب وآخرهم، والذي كانت إقامته في حصن كيفا (بديار بكر) نائباً عن أبيه، ولما توفي أبوه سنة 646 هجرية كتمت زوجته (شجرة الدر) المتوفاة بتاريخ 19/ 6/ 655 هجرية موته، واستدعت ولده تورانشاه هذا فجاء إلى مصر، ولبس خلعة السلطان وقاتل الفرنج المحاصرين للمنصورة حينئذٍ، فهزمهم واسترد دمياط، ثم تنكّر لشجرة الدر، فحرّضت عليه المماليك فقتلوه في بلدة (فارسكور) قبل أن يصل إلى القاهرة، وكانت مدة ملكه (40) يوماً فقط، وبقتله انقرضت دولة بني أيوب بمصر، ومدّتها نحو (86) سنة. رحمهم الله برحمته.
***
وفي هذا اليوم من سنة 601 هجرية توفّي ببغداد أبوعلي الحسن بن محمد بن عبدوس الواسطي، الشاعر المشهور، وصلّى عليه بالمدرسة النظامية، ودفن في مشهد الإمام موسى بن جعفر’. وكان أديباً شاعراً فاضلاً، ذا معرفة بالنحو واللغة، ومجيداً في شعره؛ ولذلك اُلحق بشعراء ديوان الناصر لدين الله العباسي المتوفّى 30/ 9/ 622 هجرية، وله في مدحه قصيدة، قال فيها:
فسرت تحملني الآمال طائرةً *** إلى الخليفة أهدي الشعر للسور([2])
رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنّته.
***
وفي هذا اليوم الخامس من صفر، أو العاشر منه، أو الحادي عشر منه من سنة 621 هجرية توفّي بحرَّان ـ وهي مدينة قديمة فيما بين النهرين بتركيا ـ أبو عبدالله محمد بن خضر المسمّى بابن تيمية، الواعظ الحنبلي المشهور. كان عالماً فاضلاً، تفرّد في بلاده بالعلم، وكان المشار إليه في الدين. قدم بغداد وتفقّه بها، ثم رجع إلى حرّان، فكان شيخها وواعظها وخطيبها. وله عدّة مصنفات، منها: (التفسير الكبير) عدّة مجلدات، وكتاب (تخليص المطلب في تلخيص المذهب) فقه، وكتاب (ترغيب المقاصد)، وغيرها من الكتب. ولم يزل أمره جارياً على سداد وصلاح ـ كما يقول ابن خلّكان([3]) ـ إلى أن توفّي بالتاريخ المذكور. رحمه الله برحمته.
وهو غير ابن تيمية المشهور، المسمّى بشيخ الإسلام أحمد بن عبدالحليم الحرّاني المولود بحرّان بتاريخ 10/ 3/ 661 هجرية، والمتوفى سنة 728 هجرية، رحم الله الجميع برحمته.
***
وفي هذا اليوم 5 من شهر صفر سنة 1329 هجرية توفي العالم الفاضل السيد حسن الكشميري الحائري، الذي تخرّج على يد الملا محمد تقي الهراتي، والملا محمد حسين الأردكاني بكربلاء. أمّ الناس في الحضرة الحسينية، وخلّف بكربلاء أولاداً صالحين، رحم الله الجميع، وأسكنهم فسيح جنّته.
***
وفيه أو في الذي قبله من سنة 1374هجرية توفّي في الطريق قادماً من إيران إلى العراق العلامة الجليل الشيخ رضي ابن الحاج علي الصفّار التاروتي القطيفي المولود سنة 1295هجرية، ودفن في الصحن الكاظمي بجوار الإمامين الكاظمين الجوادين (عليهما السلام). وقد أرّخ عام موته المقدّس الشيخ فرج العمران المتوفّى 22/ 3/ 1398 هجرية، فقال:
قضى الرضي نحبه فانتحبتْ *** اُم العلوم وأقامت مأتما
فقم إلى اُم العلوم عزّها *** أرّخ (بفقدها رضي العلما)([4])
1374هـ
وقد خلّف ولدين ذكرين وكريمة واحدة:
1ـ الولد الأول الشيخ حميد المتوفّى بتاريخ 14/ 8/ 1398هجرية، وهو والد الشيخ جعفر.
2ـ الحاج الملا موسى المتوفّى بتاريخ 26/ 1/ 1429 هجرية، وهو والد العالمين العلمين الشيخ حسن، والشيخ محمد، رحم الله الماضين وأيد الباقين.
***
ذكر المقدّس الشيخ فرج العمران المتوفّى بتاريخ 22/ 3/ 1398 هجرية([5]) أنّ في ظهر هذا اليوم 5/2 من سنة 1381 هجرية، وكان في بلدة مشهد لزيارة الإمام الرضا (عليه السلام) جاءه رجل من أهالي بغداد مع ولد له، فقال: عندي مسأله أريد أن أسألك عنها سرّاً. قال (رحمه الله): فقمت معه إلى مكان آخر، وكنا حينئذٍ في الحضرة الرضوية المقدّسة قبل الصلاة، فقال: إن هذا ولدي مريض، وقد تعبت في علاجه في بغداد وغيرها، ولم ينجح العلاج، فقدمت إلى مولانا الإمام الرضا (عليه السلام) مستشفعاً به إلى الله في شفاء ولدي، وفي صبيحة هذا اليوم رأى الولد في منامه الإمام الرضا (عليه السلام) يقول له: «قد ذهب عنك البأس، فالآن زر زيارة الوداع، وانصرف إلى أهلك آمناً، إن شاء الله».
وها هو الولد في صحّة وعافية، فمسألتي إليك أنّه لو لم يتيسّر لنا السفر اليوم، فهل يجوز لنا أن نزور الإمام الرضا (عليه السلام) بعد أمره لنا بالإنصراف؟ قال المقدّس: فأجبته قائلاً: ينبغي لكم أن تبادروا في السفر، فلو تعسّر عليكم ذلك جاز لكم تجديد زيارته (عليه السلام)؛ فإنّ معنى زيارة الوداع أن تكون آخر زيارة.
***
وفي هذا اليوم 5/ 2 من سنة 1382 هجرية توفّي بالنجف الأشرف العلامة المجاهد الشيخ عبدالكريم الجزائري، فنعته إدارة مطبعة القضاء في النجف الأشرف بمزيد من الأسى والأسف؛ فهو علم كبير من أعلام الإسلام، وزعيم من زعمائهم، فشيّع بالتشييع الباهر، وصلّى عليه الإمام الحكيم المتوفّى بتاريخ 27/ 3/ 1390 هجرية، وأبَّنه الخطيب السيّد جواد ابن السيد علي شبر بخطبة رنّانة ذكر فيها ما له من الأيادي البيضاء على الإسلام والمسلمين، وماله من الجهاد المقدّس، والذب عن الحوزة العلمية.
وبعد انتهاء الخطبة رفع السرّ إلى مثواه الأخير في مقبرة آل الجزائري بحي العمارة من النجف الأشرف، (تغمّده الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته).
____________________
([1]) الأعلام 2: 90، وفيه: فدفنته في تربتها.
Related posts
Leave a Comment
You must be logged in to post a comment.