حدث في مثل هذا اليوم (19 محرم الحرام)
في هذا اليوم 19 /1/ 50 من الهجرة دست جعيدة بنت الأشعث الكندي السم لزوجها الإمام الحسن بن علي (عليهما السلام). وكان معاوية قد أغراها على ذلك بمئة ألف درهم، ووعدها أن يزوجها ولده يزيد. فبقي الإمام يجود بنفسه، ويكابد حرارة السم، نحو أربعين يوماً، حتى قضى نحبه بتاريخ 28 /2/ 50 من الهجرة على بعض الروايات، وقيل: إن وفاته كانت بتاريخ 7 /2/ 50 من الهجرة. وإذا كانت مدة مرضه نحو أربعين يوماً؛ كما هو المشهور، فإن دس السم إليه يكون في آخر ذي الحجة، وتكون وفاته 29 / 2. والله سحبانه وتعالى أعلم.
***
وفيه من سنة 366 هجرية توفي ركن الدولة البويهي، أحد الإخوة الثلاثة الذين أسسوا الدولة البويهية في أوائل القرن الرابع الهجري، وهم: عماد الدولة علي بن أبي شجاع الديلمي، وأخوه ركن الدولة الحسن بن أبي شجاع الديلمي، وهو صاحب هذه الترجمة، وأخوهما معز الدولة، وهو أحمد بن أبي شجاع الديلمي. واسم والدهم أبو شجاع بويه الديلمي، وكان فقيراً بائساً، وزيادة على الفقر أنه ماتت زوجته أم هذه الأولاد الثلاثة وهم صغار، ولم يكن له ما يتزوَّج به، فاشتدّ حزنه، وساء حاله، وضاقت به الأرض، فأخذه بعض أقربائه وضمّه إلى عياله.
وفي ذات يوم مر مع أولاده الثلاثة برجل ينادي: منجم ومفسر للأحلام وراقٍ ومطلسم، وكان أبو شجاع قد رأى رؤيا، فجاء إليه، وقصها عليه، وقال: إني رأيت في منامي كأني أبول، فخرجت مني نار عظيمة استطالت وعلت حتى كادت أن تبلغ السماء، ثم صارت ثلاث شعب، وتفرعت عن كل شعبة عدة شعب، فأضاءت الدنيا، ورأيت البلاد والعباد خاضعين لتلك الشعب.
فقال المنجم: هذا منام عظيم لا أفسره إلّا بخلعة، فقال له أبو شجاع: والله لا أملك من الثياب إلا ما على جسدي، فلو أعطيتك إياها بقيت عارياً. قال المنجم: فعشرة دنانير، فقال أبو شجاع: والله لا أملك درهماً ولا ديناراً. فقال له المنجم: اعلم أنه يكون لك ثلاثة أولاد، يملكون في الأرض وما عليها من البلاد والعباد، ويعلو ذكرهم في الآفاق كما علت تلك النار، ويولد منهم ملوك بعدد ما رأيت من تلك الشعب. فقال له: أما تستحي تسخر مني؟ أنا رجل فقير، وأولادي هؤلاء فقراء مساكين بائسين، فكيف يصيرون ملوكاً؟! فقال المنجم: أخبرني بوقت ميلادهم، فلما أخبره جعل يحسب، ثم قبض على يد أكبرهم، وهو عماد الدولة علي بن أبي شجاع، وقال: هذا والله أول من يملك منهم، ثم هذا، وقبض على يد أخيه ركن الدولة الحسن بن أبي شجاع، وهو صاحب هذه الترجمة، ومعه هذا وهو معز الدولة أحمد بن أبي شجاع.
فاغتاظ أبو شجاع، وأمر أولاده أن يضربوا المنجِّم؛ ظناً منه أنه قد أفرط في السخرية به، فضربوه، وهو يقول: اذكروا لي ما قلته لكم إذا قصدتكم وأنتم ملوك. فضحكوا منه، واستخفّوا به.
ولم تمضِ الأيام حتى تحققت الرؤيا، فقد اضطر أبو شجاع لشدة فقره أن يدخل أولاده في الخدمة العسكرية، وسرعان ما ارتقوا بدهائهم ومهارتهم إلى مرتبة القواد والأمراء في الجيش، وكسبوا الناس بحسن المعاملة وبذل المال والمساعدة، فقويت شوكتهم، ولما اطمأنوا إلى قوة شوكتهم ومحبتهم في النفوس خرجوا عن طاعة الحاكم الذي يعملون بأمره، واسمه «مرداويج»، واستقلوا عنه، وفرضوا أنفسهم عليه وعلى غيره من الجيش، فكان أول مَنْ تملَّك منهم الأخ الأكبر الذي ذكره المنجم، وهو عماد الدولة علي بن أبي شجاع بويه الديلمي، وكان ابتداء سلطانه بشيراز سنة 321 هجرية، وامتد ملكهم إلى سنة 447 هجرية، فمدة ملكهم 126سنة، ملك منهم فيها أكثر من تسعة ملوك، أولهم عماد الدولة علي بن أبي شجاع بويه الديلمي، ثم ملك بعده ركن الدولة الحسن بن أبي شجاع([1]).
أما أخوهما الأصغر معز الدولة أحمد بن أبي شجاع، فقد كان أميراً على العراق منذ عهد أخيه عماد الدولة، وتوفي في عهد أخيه ركن الدولة، وكانت مدة إمارته 22 سنة. وملك بعد ركن الدولة ولده عضد الدولة إلى سنة 377 هـ، وملك بعده ولده صمصام الدولة، وتغلب عليه أخوه شرف الدولة إلى سنة 379، وملك بعده ولده بهاء الدولة، ونازعه عماد فخر الدولة وصمصام الدولة، وقتله صمصام الدولة سنة 388، ومات بهاء الدولة سنة 403، وملك بعده سلطان الدولة، وتوفي سنة 415، وملك بعده شرف الدولة إلى سنة 416، وملك بعده جلال الدولة إلى سنة 435، وملك بعده أبو كاليجار بن سلطان الدولة إلى سنة 446، وملك بعده ولده الملك الرحيم، وبه انتهت الدولة البويهية سنة 447 هجرية على يد طغرل بك بن ميكائيل السلجوقي ثاني ملوك السلجوقيين، الذي سيأتي ذكره بتارخ 8/ 9. فسبحان من لا يزول ملكه.
وسيأتي إن شاء الله ذكر كل من نظفر بتاريخ يوم مولده أو وفاته منهم، رحمهم الله.
***
وفي هذا اليوم من سنة 635 هجرية توفي بحلب أبو المحاسن الشَّواء يوسف بن إسماعيل الإمامي، الكوفي الأصل، الحلبي المولد والمنشأ والوفاة. كان أديباً فاضلاً شاعراً، له ديوان شعر كبير يدخل في أربع مجلدات، وكان كثير الملازمة لحلقة الشيخ تاج الدين أبي القاسم أحمد بن هبة الله الجيراني، المتوفى سنة 628 هجرية، والمدفون في سفح جبل جوشن بحلب. قال ابن خلكان، المتوفى 26 /7/ 681 هجرية: وكان بيني وبينه مودة أكيدة، ومؤانسة كثيرة، ولنا اجتماعات عديدة للمذاكرة، وأنشدني كثيراً من شعره، وكان من المغالين في التشيع([2]). قالوا: ومن شعره في المديح:
ضمنت لمن يخاف من العقاب *** إذا والى الوصي أبا ترابِ
يرى في حشره رباً غفوراً *** ومولى شافعاً يوم الحسابِ
فتىً فاق الورى كرماً وبأساً *** عزيز الجار مخضرّ الجنابِ
ترى في السلم منه غيث جود *** وفي يوم الكريهة ليث غابِ
إذا ما سلَّ صارمه لحرب *** أراك البرق في وكف السحابِ
وصي المصطفى وأبو بنيه *** وزوج الطهر من بين الصحابِ
أخو النصّ الجلي بيوم خم *** وذو الفضل المرتل في الكتابِ([3])
رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
***
وفيه من سنة 1392 هجرية توفي بالنجف العلامة الكبير والشاعر الشهير السيد أحمد بن السيد رضا الهندي، المتوفى بتاريخ 22 /5/ 1362 هجرية. كان السيد أحمد من طليعة أدباء النجف الأشرف. ولاغرو؛ فقد كان أبوه يعد شيخ الأدب في العراق، بل في العالم العربي. ومن شعر السيد أحمد المذكور قوله في رثاء الحسين (عليه السلام):
تطلب في العلا مجداً أثيلاً *** فإن طلابه أهدى سبيلا
تأسَّ بسبط أحمد يوم وافى *** يجرِّر للعلا برداً طويلا
فحط بكربلا رحلاً كريماً *** ويا سرعان ما عزم الرحيلا
ولو لم يظمئوه فيقتلوه *** لما أغنى عديدهُمُ فتيلا
فيا حرباً جنتها كف حرب *** فسرّبها وأحزنت الرسولا
وآكلة الكبود تميس بشراً *** وكانت فيه فاطمة ثكولا
إلى آخر القصيدة. وكان مولده سنة 1320 هجرية، فعمره يوم وفاته 72. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
***
وفي هذا اليوم من سنة 1400 هجرية توفي العلامة الكبير؛ والكاتب الشهير، والمفسر القدير، حجة الإسلام ومروّج الأحكام الشيخ محمد جواد مغنية، صاحب كتاب (التفسير الكاشف)، وصاحب كتاب (في ظلال نهج البلاغة)، وصاحب كتاب (فقه الإمام جعفر الصادق (عليه السلام))، وغيرها من الكتب النافعة. وقد كتب عنه الدكتور هادي فضل الله كتاباً أسماه (محمد جواد مغنية فكر وإصلاح)، رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.
***
وفي هذا اليوم 19/ 1 من سنة 1401 هجرية توفي بكربلاء المقدسة حجة الإسلام الشيخ علي ابن الشيخ محمد ابن الشيخ عبدالله آل عيثان الأحسائي، المولود بمدينة (القارة) من مدن الأحساء سنة 1318 هجري؛ وبموجب هذا التاريخ يكون عمره يوم وفاته 83 سنة. وقد دفن في بعض غرف الصحن الحسيني الشريف، فبكت عليه النوائح، وأقيمت له الفواتح، وأبَّنه بعض الأدباء، ورثاه عدة من الشعراء. وممَّن رثاه ابن عمه الشيخ معتوق ابن الحاج عبدالله آل عيثان، المولود سنة 1382 هجرية، فقال في مرثيته:
الشعر أوضح عجزه بجلاءِ *** فالخطب أخرس منطق الشعراءِ
والوجد أصبح في القلوب مخيماً *** حزناً على علاّمة العلماءِ
والعلم أمسى باكياً متوجعاً *** ينعى علياً قائلاً بشجاءِ
قد كنت لي علماً ألوذ بظله *** والدهر أيتمني فيا لبلائي
إلى آخرالقصيدة المشهورة.
ورثاه المقدس الشيخ حسن الجزيري، المتوفى بتاريخ 3 /8/ 1403، بقصيدة قال فيها:
يالخطب نزلا *** كان خطباً جللا
أدهش الناس وأورى *** في القلوب الشعلا
إلى أن قال:
فاسمعوا يا أهل ودي *** فيه تاريخاً حلا
(بدر عيثان علي *** في مقر أفلا)
وأرخ وفاته أيضاً الفاضل السيد عبدالرضي الصافي الموسوي، فقال:
هوى علم من آل عيثان للهدى *** مناراً إذا عم الظلام جحودا
مضى في جنان الخلد أرخ (منبهاً *** علي من الفردوس نال خلودا)
رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.
***
وفي هذا اليوم 19 /من شهر المحرم الحرام سنة 1430، أو الذي بعده، والموافق 17 /يناير سنة 2009، أو الذي بعده، الموافق 18 /يناير سنة 2009 م، على الأصح، توقفت غارات إسرائيل على قطاع غزة بعد أن قصفوها بالطائرات، وضربوها بالدبابات، وألقوا عليها القنابل الحارقة والمواد السامة والكيمياويات المحرمة لمدة ثلاثة وعشرين يوماً، فقتل أكثر من ألف وخمسمئة، أكثرهم من النساء والأطفال والعجزة، وجرح أكثر من أربعة آلاف، وهدمت المساجد والمنازل، وقصفت المستشفيات والمدارس. كل ذلك طمعاً في أن تستسلم غزة، وترفع الراية البيضاء، ولكنها بقيت متمسكة بعزتها، قائمة بمقاومتها، صابرة على كل ما أصابها، صامدة بجهادها، متوكِّلة على ربها، على الرغم من إغلاق المعابر عنها وعليها من كل جهة، لئلا تصل إليها المساعدات الإنسانية والإسعافات الطبية والمواد الغذائية من الدول ذات الإنسانية، وقليل ما هم:
فالمسلمون بمنظر وبمسمع *** لا منكِر منهم ولا متوجِّعُ
إلا الذين هداهُمُ رب السما *** لصراطه فقلوبهم تتوجَّعُ
فـ﴿إنَّا لِله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾.
_________________________
Related posts
Leave a Comment
You must be logged in to post a comment.