حدث في مثل هذا اليوم ( 17 شوال)
تقدم أنه في اليوم الخامس من هذا الشهر سنة 3 من الهجرة أو في الخامس عشر منه ـ وكان يوم الخميس ـ وصل جيش قريش إلى أحد، وفي عصر اليوم السادس منه ـ وقيل: في عصر اليوم السادس عشر منه، وكان يوم جمعة ـ خرج النبي (صلى الله عليه وآله) إلى أحد بعد صلاة الجمعة. وفي صباح اليوم السابع منه ـ وقيل: في صباح يوم السابع عشر منه، وهو هذا اليوم، وكان يوم السبت ـ وقعت معركة أحد التي استشهد فيها حمزة سيد الشهداء (عليه السلام)، وعدد من خيار المسلمين كما تقدم بتاريخ 15/ 10.
***
وفي كتاب (تقويم الشيعة) نقلاً عن كتاب (فيض العلام) للمحدث القمي (رحمه الله) أن في هذا اليوم ـ 17 /10 ـ من سنة 5 من الهجرة صارت واقعة الأحزاب. أقول: ولعل في هذا اليوم كان وصول الأحزاب إلى المدينة؛ لأن بهذا الاحتمال يحصل الجمع بين قول من قال: إن في هذا اليوم صارت واقعة الأحزاب ـ أي بدأت الواقعة ـ وبين قول من قال: إن علياً (عليه السلام) قتل عمروبن عبد ود في اليوم 8 /11/ 5؛ وذلك لأن الأحزاب نازلوا المدينة بضعاً وعشرين يوماً، وفي ضمنها قتل علي (عليه السلام) عمراً. وسيأتي الكلام على ذلك بتاريخ 8/ 11 إن شاء الله.
قال ابن إسحاق (رحمه الله): ولما كان الغد من يوم الأحد لست عشرة ليلة منتصف شوال سنة 3 أذّن مؤذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الناس بطلب العدو، واستنفرهم لمطاردته، وأمر ألّا يخرج معهم الّامن حضر غزوة أحد. أما من لم يخرج معه، أو خرج معه ثم رجع عنه كعبد الله بن اُبيّ بن سلول وأصحابه الذين رجعوا معه ـ وهم نحو ثلاثمئة ـ فلا حاجة له فيهم.
وخرج المسلمون، ولم يخرج معهم غيرهم أحد ممن لم يحضر الغزوة إلّا جابر بن عبد الله الأنصاري الذي استشهد أبوه بالغزوة نفسها؛ فإنه طلب من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يأذن له بالخروج معه، وقال: إن أبي خلفني على سبع أخوات لي، وقال لي: إنه لا ينبغي لي ولا لك أن نترك هؤلاء النسوة ولا رجل فيهن، ولست بالذي أُوثرك بالجهاد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) على نفسي. فتخلفت عليهن. فأذن له رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فخرج معه.
وبلغ النبي (صلى الله عليه وآله) حمراء الأسد ـ وهو موضع على ثمانية أميال من المدينة ـ وكان أبو سفيان وأصحابه حينئذٍ بالروحاء، فمر بهم معبد الخزاعي ـ وكان لا يزال على الشرك ـ فقال: إن محمداً قد خرج يطلبكم في جمع له لم أرَ مثله قط، وقد اجتمع معه من كان قد تخلف عنه، وكلهم أشد ما يكون عليكم حنقاً، ومنكم للثأر طلباً. فلما سمع ذلك أسرع بالمسير إلى مكة بعد أن كان يعزم على الرجوع إلى المدينة؛ رجاء أن ينال من المسلمين أكثر مما نال منهم، ورجع النبي‘ إلى المدينة بعد أن بقي بحمراء الأسد ثلاثة أيام.
***
وفي كتاب (تقويم الشيعة) نقلاً عن كتاب (سفينة البحار) أن في هذا اليوم 17/ 10 من سنة 207 هـ توفي الثقة الجليل أبو الصلت الهروي. واسمه عبد السلام بن صالح الهروي؛ نسبة إلى هراة. قال: وفي إيران قبران ينسبان إليه؛ أحدهما خارج بلدة مشهد، والثاني في بوابة ري قم. والله سبحانه وتعالى أعلم أيهما الأصحّ، وما هو السبب الذي جاء به إلى هنا أو هناك؛ فان المشهور أنه لما أخرجه الإمام الجواد (عليه السلام) من سجن المأمون ببغداد أوصله إلى بيته ببلدة هراة، والله أعلم.
***
وفيه من سنة 257 هجرية دخل صاحب الزنج البصرة، وأوقع بأهلها واقعة هائلة قَتَلَ فيها عدداً كثيراً، وخربت أكثر مباني البصرة. وقد أخبر أمير المؤمنين (عليه السلام) عن ذلك حيث قال (عليه السلام) مخاطباً الأحنف بن قيس التميمي البصري: «كأني به وقد سار بالجيش الذي لا يكون له غبار ولا لجب ـ أي ولا صوت ـ ولا قعقعة لجم، ولا حمحمة خيل، يثيرون الأرض بأقدامهم كأنها أقدام النعام. ويل لسككم العامرة والدور المزخرفة التي لها أجنحة كأجنحة النسور، وخراطيم كخراطيم الفيلة من أولئك الذين لا يندب قتيلهم ـ أي ليس لقتيلهم من يندبه، لأن أكثرهم عبيد وعزاب ـ ولا يفقد غائبهم». أي لكثرتهم. وصاحب الزنج هذا الذي أخبر عنه أميرالمؤمنين (عليه السلام) رجل متلون؛ تارة يزعم أنه علوي، وتارة يزعم أنه عباسي. قيل: والأصح أنه من بني عبد القيس، وأن اُمه أسدية من بني أسد بن خزيمة. وكان أول أمره يعلم الصبيان، ويستميح الناس بسامراء، وبعد سنة 254 هجرية تحرك لطلب الملك، وتنقل إلى البحرين، ومنها إلى الأحساء، ثم إلى البادية. وكلّما غُلب وفشلت دعوته في مكان انتقل إلى آخر، ومازال كذلك حتى انتهى إلى البصرة، وادعى أنه علوي، وأعلن للعبيد أن كل من دخل في طاعته فهو حر.
وكان العبيد في البصرة وما حولها كثيرين، وكانوا يحبون أن ينالوا الحرية، فجعلوا يلتحقون به حتى اجتمع عليه منهم خلق كثير؛ ولذلك سمي صاحب الزنج؛ لأن أكثر أتباعه من الزنوج ـ وهم العبيد ـ فلما اجتمعوا له هجم على البصرة وفعل بها وبأهلها ومباينها ما فعل من الخراب والدمار، كما أخبر اميرالمؤمنين (عليه السلام). وكان ذلك في زمان الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).
في (الدمعة الساكبة) عن محمد بن صالح الخثعمي قال: أردت أن أسأل مولاي الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) عن صاحب الزنج، أهو من العلويين كما يزعم، أم لا؟ فنسيت، فكتب إلي مبتدئاً: «إن صاحب بالزنج ليس منا أهل البيت».
وما زال أمره قائماً إلى أن قتله الموفق العباسي بتاريخ 3/ 2/ 270 من الهجرة بعد أن مضى على حركته أربع عشرة سنة وستة أشهر. وقد تقدم الكلام عنه بتاريخ 3/ 2، فراجع.
***
وفي هذا اليوم ـ 17/ 10 ـ من سنة 1324، أو سنة 1325 هجرية توفي بالنجف الأشرف أبو القاسم ابن السيد معصوم الحسيني الأشكوري الجيلاني؛ نسبة إلى أشكور بلدة من نواحي جيلان. وكان كما قال عنه الأمين في (الأعيان): عالماً فاضلاً، فقيهاً أصولياً، محققاً ثقة، معروفاً بالورع والعدالة. وكان من المدرسين المسلَّم لهم الفضيلة في التدريس بالنجف الأشرف. قال: ومما يدل على تقواه وورعه أنه بعد أن لحقه المرض، وتعطلت بعض حواسّه وقواه أعلن لمقلديه بالعدول عن تقليده؛ لأنه لا يجوز تقليده وهو بهذا الحال. وله مصنفات نافعة. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
Related posts
Leave a Comment
You must be logged in to post a comment.