حدث في مثل هذا اليوم ( 10 شوال )
في اليوم العاشر من شهر شوال سنة 328 هجرية توفي الوزير، والكاتب القدير، والخطاط الشهير محمد بن علي بن الحسين المعروف بابن مقلة الذي يضرب بخطه المثل، حتى قال فيه بعض الشعراء:
خط ابن مقلة من وعَّاه مقلته *** ودت جوارحه لو أصبحت مقلا([1])
وهو الذي نقل الخط الكوفي إلى الخط العربي، وله أخ اسمه الحسن بن علي، خطه أيضاً كخط أخيه حتى إنه يعسر التمييز بينهما من شدة المشابهة. وكان كاتباً أديباً بارعاً توفي سنة 338 (رحمه الله).
ولابن مقلة حكايات في عزله عن الوزارة ونصبه فيها مرة بعد أخرى، فقد استوزره المقتدر العباسي سنة 316 هجرية، ثم عزله ونفاه الى فارس، ثم استوزره القاهر بالله سنة 320، ثم اتهمه بالمؤامرة على قتله فأراد قتله، فاختبأ نحواً من سنة، ثم استوزره الراضي بالله سنة 322، وفي سنة 324 هجرية نقم عليه وسجنه مدة، ثم أطلقه، ثم علم أنه كتب الى أحد الخارجين عليه يطمعه في دخول بغداد، فقبض عليه وقطع يده اليمنى، ثم سجنه إلى أن مات في السجن (رحمه الله). ومن شعره في قطع يمينه قوله:
بعت ديني لهم بدنياي حتى *** حرموني دنياهم بعد ديني
ولقد حطت ما استطعت بجهدي *** حفظ أرواحهم فما حفظوني
ليس بعد اليمين لذة عيش *** يا حياتي بأنت يميني تحبني([2])
***
وفيه من سنة 474 هجرية توفي نور الدولة أبو الأعزّ دبيس بن علي بن مزيد الأسدي أمير بادية الحلة قبل بناء الحلة؛ فإنها بنيت في عهد حفيده صدقة بن منصور بن دبيس بن علي سنة 495. وقد ولي أمارة البادية بعد أبيه المتوفى سنة 408 هجرية، وثارت عليه فتن كثيرة أعانه البساسيري أرسلان بن عبد الله التركي خادم القائم العباسي على قمعها. ولما استتبّ له الأمر حرضه البساسيري على عداء بني العباس وموالاة الفاطميين ملوك مصر في ذلك الوقت ففعل وهاجما بغداد فدخلاها سنة 450 وخطبا فيها للفاطميين ولكن أمرهما لم يطل فإن السلطان طغرل بيك السلجوقي قاتلهما، فهزم دبيسا وقتل البساسيري سنة 451هـ، ثم رضي عن دبيس فأقره على إمارته، فاستمر الى أن توفي.
وكان ممدوح السيرة وقد رثاه كثير من الشعراء، (رحمه الله برحمته). وسيأتي ذكر دبيس بن صدقة بتاريخ 14 /12/ 529 هجرية إن شاء الله تعالى.
***
وفيه ـ أي في العاشر من شهر شوال ـ سنة 1352 توفي العالم الفاضل الشيخ رضي ابن الحاج إبراهيم بن محروس الشويكي القطيفي؛ فالشويكةِ قرية من قرى القطيف؛ ولذلك قال مادحه الحاج الملا حميد ابن الشيخ عبد النبي الربيعي الغروي (رحمه الله):
سعدت شويكة في رضي الشيخ مَن *** دانت له الأدباءُ والفقهاءُ
العالم النحرير والعلم الذي *** من دونه تتصاغر العلماءُ
ذو عفة وملاحة وفصاحة *** وبلاغة لم تحوِها البلغاءُ
وبزهده تتأدب الزهّاد والـ *** ـعبّاد والفضلاءُ والنبلاءُ
راقت شويكة في علاك وهكذا *** بالغيث تفرح مجدب غبراءُ
قال المقدس الشيخ فرج العمران في كتابه (الأزهار): ولهذا الشيخ المقدس الشيخ رضي المحروس& أرجوزة طويلة نظمها في واقعة الشربة التي صدرت في القطيف بين الحضر الشيعة والبادية السنة بتاريخ 18 /5/ 1326، هجرية رأيتها في كشكولة المخطوط بقلمه([3]). أقول: وياليته نقل لنا ولو شيئاً منها؛ فقد ذهب الكشكول بما فيه. وقد ترجم له كتاب (شعراء القطيف) وذكر له قصيدتين، وأرخ عام وفاته المقدس الشيخ فرج العمران المذكور، فقال (رحمه الله):
مضى رضي العلم شيخ التقى *** إلى المقام الأصلح الأرضى
مقعد صدق عند ذي منعة *** مقتدر ما شاءه أمضى
عن ربه كان رضياً كما *** أرخت (عند ربه يُرضى)([4])
ومن بديع ما نقل عنه المقدس الشيخ فرج العمران في كتابه الأزهار أنه اتّفق لهذا الشيخ أنه في بعض سفراته من البحرين الى العراق على المركب، أن أتاه قبطان المركب، فسلم عليه، وسماه باسمه، فتعجب منه وقال له: من عرفك بي. فقال له: أما تعرفني ياشيخ؟ أنا أستاذك في النجف الأشرف، أنا الشيخ محمد الذي درستك الكتاب الفلاني في المكان الفلاني بمحضر فلان وفلان. فقال له: كيف كنت بالأمس بتلك الصفة لابساً للعمامة، وصاحب لحية كبيرة، والآن بهذه الصفة، لابس الكبوس، وحالق اللحية؟ فقال: يا شيخ كل ذلك من استاذي الكبير الانكليزي. فبقى الشيخ متعجباً من ذلك([5]). رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
_________________
([1]) أعيان الشيعة 1: 425، وفيات الأعيان 3: 342.
([2]) سير أعلام النبلاء 15: 227، البداية والنهاية 11: 221. وفيات الأعيان 5: 116، الوافي بالوفيات 4: 82.
([3]) الأزهار الأرجية م5، ج13: 323.
([4]) الأزهار الأرجية م1، ج1: 140، وم5، ج13: 335.
Related posts
Leave a Comment
You must be logged in to post a comment.