حدث في مثل هذا اليوم (22 رجب)
وفي هذا اليوم 22 / 7 أو الذي قبله من سنة 630 هجرية توفي الملك محمد الكامل بن الملك محمد العادل بن أيوب الأيوبي من سلاطين الدولة الأيوبية. كان عارفاً بالأدب، وله شعر، وسمع الحديث ورواه. ولد بمصر، وأعطاه أبوه الديار المصرية كما تقدم ذلك بتاريخ 7 / 6، وتولّاها مستقّلاً بعد وفاة أبيه سنة 615 هجرية، وحسنت سياسته فيها، ثم اتجه إلى توسيع نطاق ملكه فاستولى على حران والرها وسروج والرقة وآمد وحصن كيفا، ثم تملك الديار الشامية، ودخل ابنه الملك المسعود مكة سنة 620 هجرية أخذها من الشريف حسن بن قتادة الحسني. فكانت الخطبة يوم الجمعة باسم الملك الكامل، فدعا له الخطيب باسم مالك مكة وعبيدها، واليمن وزبيدها، ومصر وصعيدها، والشام وصناديدها، والجزيرة ووليدها، سلطان القبلتين، ورب العلامتين، وخادم الحرمين الشريفين، الملك الكامل، وابن الملك العادل، أبي المعالي ناصر الدين محمد بن محمد الأيوبي.
وقد استمر في الملك أربعين سنة نصفها في أيام والده ونصفها بعده، وتوفي بدمشق بالتاريخ المذكور 22 / 7 / 630 هجرية، ودفن بقلعتها، رحمه الله برحمته.
***
وفي هذا اليوم 22 / 7 من سنة 1100 هجرية قتل السيد إبراهيم أو السيد محمد إبراهيم الرضوي متولي الروضة الرضوية المقدسة. وسبب شهادته على ما جاء في كتاب (الأعيان) أن أحد السادة المنتمين إلى السيد المذكور كان قد تزوج بنتاً من آل المختار، فلم يحصل بينهما اتفاق، وكان لبني المختار جاه عظيم وملك واسع، حتى كان الناس يقولون: السماء لله، والأرض لبني المختار. فلما حصل الشر بين الزوجين أظهر بنو المختار العداوة للسلسلة الرضوية، فأطمعوا رجلاً في غاية الحقارة، فضرب المترجم بخنجر في صحن الحضرة المقدسة آخر نهار يوم الخميس 22 / 7 / 1100 هجرية وقت ضرب النقارة (الموسيقي الرضوي) ([1]).
وقد دفن في الصحن العتيق عند حايط إيوان الذهب الشرقي، ونصب عليه لوح كتب فيه ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ ([2]). رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
***
وفيه من سنة 1227 هجرية توفي بالنجف آية الله العظمى الشيخ جعفر ابن الشيخ خضر بن شلال الحلي الجناجي الأصل، النجفي المسكن، صاحب كتاب (كشف الغطاء) الذي لقب به هو ومَن بعده من أسرته؛ لعظمة هذا الكتاب عند العلماء، فقد روي عن الشيخ الأنصاري المتوفى بتاريخ 18 / 6 / 1281هجرية أنه قال فيه: من أتقن القواعد الأصولية التي أودعها الشيخ في كشفه فهو عندي مجتهد.([3])
وكان هذا الشيخ متواضعاً وقوراً، مهيباً مقبولاً عند جميع الطبقات من الناس من الملوك والتجار والسوقة وغيرهم. ومما روي عنه أنه تأخر يوماً عن صلاة الظهر، فلما استيأس الناس منه قاموا يصلون فرادى، وعند ذلك جاء الشيخ، فأنكر عليهم ذلك، وقال: أما فيكم من تثقون به، وتصلون خلفه؟ ثم جاء إلى رجل تاجر معروف بالوثاقة والديانة قائماً يصلي، فوقف خلفه، وأمه في الصلاة. ولما رأى الناس ذلك منه اصطفوا معه خلف ذلك التاجر، وبما أن ذلك التاجر لم يمكنه قطع الصلاة أتمّ فرضه والعرق يتصبب منه، ولما سلم قال: قتلتني يا شيخ بهذا الاقتداء، ما أنا وذاك؟ فقال له الشيخ: و لابد لك أن تصلي بنا العصر فجعل يتضرّع ويبكي ويقول: تريد أن تقتلني؟ فقال له الشيخ: إذا كنت تريد أن أُعفيك من الصلاة، فعليك أن تعطيني كذا من المال. فقال: أعطيك ولا أصلي بك. قال: فلابد من إحضارها قبل الصلاة. فمضى وجاء بها، فقسمها الشيخ على الفقراء، ثم صلى بالناس صلاة العصر.([4])
وله غير ذلك من القصص العجيبة، ومنها أنه سافر إلى إيران فمر بإحدى المدن الشمالية الجميلة والتي كانت قد ظهر فيها الفساد وقلة الصيام والصلاة، فطلب منه بعض المؤمنين أن يصلي بهم جماعة وأن يعظ الناس بعد الصلاة، فصلى بهم، وخطب فيهم، فكان مما قاله في خطبته: إن مدينتكم كالجنة؛ لأن في الجنة قصوراً وبساتين وأشجاراً وأنهاراً وحوراً وولداناً، وكذلك مدينتكم هذه، كما أن الجنة لا تكليف فيها فلا صلاة ولا صيام ولا عبادة، ومدينتكم هذه كذلك غير أن الجنة لا موت فيها، وأنكم تموتون، وعلى الله تقدمون. فكان (رحمه الله) بهذا الأسلوب اللبق قد فتح أفقاً جديداً من آفاق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. رحمه الله برحمته.
***
لقاء الشيخ الآلوسي بالمرجع الكبير الشيخ جعفر
زار الشيخ محمود الآلوسي من كبار علماء العامة صاحب التفسير المشهور، زار ذات يوم المرجع الكبير المقدس الشيخ جعفر الكبير آل كاشف الغطاء في مجلس درسه، فسأل الشيخ الآلوسي الشيخ جعفر: سلمنا بوجود أمر باتباع أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، ولكن لا يوجد نهي عن ترك اتباعه إلى غيره، فما الدليل على الالتزام بالنهي عن ترك اتباعه والنهي عن تقديم أي أحد غير علي (عليه السلام)؟
فأجاب الشيخ جعفر الكبير فوراً وبدون تريث: فهمنا ذلك من قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ﴾([5]).
ومعلوم في اللغة العربية أنه إذا ذكر الاسم الظاهر للشيء، فإذا أريد بعد ذلك الرجوع إليه فيؤتى بالضمير ولا يؤتى بالاسم أو الوصف في الرجوع إليه. وفي الآية ذكر للرسول (صلى الله عليه وآله)، ثم أعقب ذلك بقوله: ﴿عَن نَّفْسِهِ﴾، ولو أراد الله الرسول (صلى الله عليه وآله) لقال: «عنه»، فلماذا قال: ﴿عَن نَّفْسِهِ﴾؟
تحيّر الشيخ الآلوسي وقال: إن قلت: إن القاعدة المذكورة غير صحيحة، فسأبطل جزءاً مهماً وكبيراً من النحو، وبالتبع سأبطل تفسيري لآيات كثيرة جداً لاعتماده على هذه القاعدة، وإن سلمت بصحة القاعدة فالمفروض أن يقال: «عنه» لا: ﴿عَن نَّفْسِهِ﴾.
فطلب من الشيخ جعفر أن يتفضل بتوضيح معنى ﴿عَن نَّفْسِهِ﴾ في الآية المشار إليها.
أجاب الشيخ جعفر: ﴿عَن نَّفْسِهِ﴾ يعني أمير المؤمنين علياً(عليه السلام)، وفي ذلك نهي عن تقديم أي مسلم نفسه على أمير المؤمنين (عليه السلام).
قال الشيخ الآلوسي: من أين استفدت ذلك؟
أجاب الشيخ جعفر: من آية المباهلة: ﴿وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ﴾، حيث جاء النبي (صلى الله عليه وآله) للمباهلة بالزهراء(عليها السلام) ممثلة للنساء، وبالحسنين ممثلين للأولاد، وبعلي(عليه السلام) ممثلاً نفسه (صلى الله عليه وآله).
ففي الآية الأولى نهي عن الرغبة بأنفسهم عن نفسه، وآية المباهلة بينت أن علياً هو نفس الرسول (صلى الله عليه وآله)، فبضم الآيتين معاً نستفيد النهي عن تقديم الإنسان نفسه على علي(عليه السلام).
فقال الشيخ الآلوسي متعجباً مقبلاً يد الشيخ جعفر: كأني لم أقرأ هذه الآية من قبل!
فخرج الشيخ الآلوسي راجعاً إلى بغداد مكتفياً بهذه الفائدة العظيمة.
وبعد أن خرج الشيخ الآلوسي قال بعض تلامذة الشيخ جعفر لأستاذهم: نحن أيضاً لم نسمع منك هذا التفسير للآية رغم حضورنا بحوث تفسيرك.
فأجاب أستاذهم الشيخ جعفر: وأنا مثلكم لم يحضرني هذا الاستدلال من قبل، فقد خطر على بالي للتو.
وهذا شاهد واضح على تسديدات إلهية على يدل أهل البيت (عليهم السلام) لرد شبهة المخالفين تأييداً لأعمدة المذهب وحفظاً لأسس المذهب الحق.
مراجعنا أولياء الله نذروا أنفسهم لله مخلصين، فأصبحوا أهلاً للتسديدات الربانية والتأييدات الإلهية، فرحم الله الماضين منهم وعطر مراقدهم وأيد وأنار براهين الباقين ونصرهم.
ولكن مما يوجد الإشكال على هذه القصة أن الآلوسي توفي بتاريخ 25 /11 / 1270 هجرية، وتوفي الشيخ جعفر المذكور بتاريخ 22 / 7 / 1227 هجرية، وعمّر الآلوسي يومئذ عشر سنين، فلعل المذكور في القصة ولده أو يكون التاريخ فيه خطأ.
***
في هذا اليوم من سنة 1313هـ، والموافق تقريباً 7 / 1 / 1896م أعلن العالم الألماني (ونتغن) عن اكتشاف أشعة اكس التي تستخدم في التصوير الشعاعي. ويذكر أن هذا العالم ولد في ألمانيا 25 / 3 / 1845م، وهو أول من حصل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1901م بسبب اكتشافه هذه الأشعة.
***
وفي هذا اليوم 22 من شهر رجب الحرام سنة 1326 هجرية توفي بالنجف الأشرف فجأة السيد محمد ابن السيد محمد تقي ابن السيد رضا ابن السيد مهدي بحر العلوم، وكان مولده بتاريخ 27 / 1 / 1261 هجرية؛ فعمره يوم وفاته 65 وأشهر. قال عنه الأمين في (الأعيان): إنه كان محققاً مدققاً، عريقاً في الفقه، كثير الممارسة لمسائله، وكان من أجلّاء شرفاء العلويين ونبلائهم، ذا جلال وحشمة ووقار، وهيبة ومكارم أخلاق، وكان مرجعاً للخاصة والعامة في النجف. وقد عيَّنه المشير (رجب باشا) رئيساً للمدرسين لمدارس النجف الأشرف لما عيَّن فيها المدارس الرسمية لإعفاء طلبتها من الخدمة العسكرية، وكان معروفاً بالفضل والفقاهة، وحسن الأخلاق، ولطف العشرة([6]).
وقد ذهب بصره في آخر عمره، ولكنه مع ذلك لم يفتر عن التدريس والتصنيف والتأليف، وقد صنف بعد ذهاب بصره كتاب(بلغة الفقيه) يجمع عدة رسائل، وهو مطبوع، وله كتاب (مناسك الحج)، وغير ذلك. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
***
وفي هذا اليوم من سنة 1332 هجرية توفي عالم البصرة، والزعيم المطاع فيها وفي نواحيها، الذي جمع الله له زعامة الدين والدنيا السيد ناصر ابن السيّد أحمد ابن السيد عبد الصمد الموسوي البحراني البصري الذي ولد بالبحرين سنة 1260، وتوفي بالبصرة 22 / 7 / 1332؛ فعمره (رحمه الله) 72 سنة. حضر درس الشيخ مرتضى الأنصاري (رحمه الله)، فأعجب به وطلب من أبيه إبقاءه في النجف ولو سنتين، ولكنه سافر إلى البصرة بطلب من أهلها؛ فأصبح الشخصية الوحيدة بالبصرة حتى خضع له الوزراء والأمراء، وهابته الملوك والسلاطين، وامتثل أمره القاصي والداني. وكانت الدولة التركية تحترمه غاية الاحترام، فقوله نافذ عندهم، وأمره مطاع لديهم، وكان له توفيق غريب في الزعامة مع أمانة وديانة وعبادة. ومن شعره في جده الحسين (عليه السلام) قوله:
لِمْ لا نجيب وقد وافى بنا الطلب *** وكم نولي ومنا الأمر مقتربُ
ماذا الذي عن طَلاب العزّ يقعدنا *** والخيل فينا وفينا السمر واليلبُ
تأبى عن الذل أعراق لنا طهرت *** فلا تلم على ساحاتها الريبُ
هي المعالي فمن لم يَرْقَ غاربَها *** لم يُجْدِهِ النسب الوضّاح والحسبُ
أكرم بوجه الثرى عن بطنه بدلاً *** إن لم تنل رتبة من دونها الرتبُ
كفاك في ترك عيش الذل موعظة *** يوم الطفوف ففي أبنائه العجبُ
قطب الحروب أتى يطوي السباسب من *** فوق النجائب أدنى سيرها الخببُ
يحمي حمى الدين لا يلوي عزيمته *** فقد النصير ولا تعتاقه النوبُ
وكيف تثني صروف الدهر عزمته *** وهي التي من سناها تكشف الكربُ
إلى آخر القصيدة المذكورة في كتاب (أدب الطف)([7]) للسيد جواد شبر. وسيأتي الكلام على أبيه بتاريخ 5 / 8. رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.
***
وفي هذا اليوم 22 / 7 من سنة 1428هجرية الموافقة ليلة الاثنين توفي في أم الحمام القطيف العبد الصالح المؤمن الطيب الحاج جعفر ابن المرحوم الحاج تركي صالح آل هلال عن عمر يناهز الخمسين، وقد كنت من محبيه ويحبني، وقد قلت في مرثيته هذه الأبيات المتواضعة:
كل يوم أرزا بفقد حبيب *** فمتى يا ترى يكون نصيبي
قد فقدنا عبد العظيم خطيباً *** شاعر المدح والرثا والنسيبِ
وفقدنا السعود في يوم سعدٍ *** وفقدنا أبا الأديب الحبيبِ
وفقدنا المسبّح الفذّ واليوم *** رزئنا بجعفر المحبوبِ
إيه يا جعفر الهلال لماذا *** يا هلالاً فجعتنا بالمغيبِ
ولماذا أفجعت أماً حنونا *** تترجاك في الضحى والغروبِ
كنت عوّدتها القيام بما تهواه *** من واجب ومن مندوبِ
وهِيَ الآن لا تراك مجيباً *** حين تدعوك مالها من مجيب
غير إخوانك الكرام يجيبوها *** ولكن بحسرة ونحيب
واضعين الأكف فوق قلوبٍ *** جرَّحتها آلام فقد الحبيب
وشجاها يتم الصغار فيا ربْ *** اُجبر اليتم في صغار الحبييبِ
بيتامى الحسين أو بيتامى *** صاحب الجسر أنت خير مجيبِ
وقد أردت بعبد العظيم: شقيقي الشيخ عبد العظيم المتوفى بتاريخ 13 / 1 / 1423، وأردت بقولي: «قد فقدت السعود»: الخطيب الحاج الملا سعود الشملاوي المتوفى 20 / 6 / 1425، وأردت بقولي: «وفقدنا أبا الأديب» ابن عمي وابن عمتي الخطيب الملا راضي المرهون 25 / 11 / 1427، وأردت بقولي: «وفقدنا المسبح الفذّ»: الأديب الكامل، التقي الفاضل، أبا نزار المسبّح (19 / 6 / 1427)، وأردت بقولي: «جعفر المحبوب»: صاحب الترجمة.
وقد طلبوا مني أبياتاً لتكتب على قبره، فقلت:
يا قبر جعفر قد ضُمِّنت جوهرة *** كريمة طبت إذ صيّرت مثواها
فهو الذي مرَّ بالدنيا وفارقها *** ما قارف الذنب والأوراد أرضاها
كم صام يوماً وكم أدى نوافله *** وكم ليالٍ له بالذكر أحياها
فافخر به يا ضريحاً ضم جثته *** فإنه كان للرحمن أواها
رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
***
وفي هذا اليوم 22 / 7 / 1431 هجرية، الموافق يوم الأحد توفي بلبنان السيد محمد حسين فضل الله، ودفن في مسجد الحسنين’.
_______________
([5]) التوبة: ١٢٠.
([7]) أدب الطف 8: 251.
Related posts
Leave a Comment
You must be logged in to post a comment.