خطبة الجمعة 30/1/1434هـ – الروابط الاجتماعية
الحمد لله رب العالمين، ديان يوم الدين، خالق الخلائق أجمعين، به نتوكل ونستعين، فهو خير ناصر ومعين، ونصلي ونسلم على خير خلقه أجمعين، نبينا محمد وآله الطاهرين.
عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فإن خير الزاد التقوى، قال سبحانه: إن أكرمكم عند الله أتقاكم.
نامت عيون الخلق عينك لم تنم * رباه فا سمع واستجب لدعائي
أنا من عصيتك فالذنوب تحيطني * وتجوب كالغربان في الأرجائي
وتحيلني مثل الهباء فما عسى * من حيلة أو ينفع استحيائي
هذا أنا أجني الذي زرعت يدي * وإليك أشكو عسرتي وبلائي
فاصفح عن العبد الضعيف وقوه * أودعت عندك يا كريم رجائي
أتردني عن باب جودك سيدي * سجدت إليك بذلة أعضائي
خذني إليك مكبلا بقبائحي * واغفر أزح عن كاهلي أعبائي
قال تعالى: والذين جاؤوا من بعدهم يقولونا ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤف رحيم
المجتمع الإسلامي الذي هو في حقيقته مجتمع يقيم علاقاته على أساس النظام الإسلامي، وهذا المجتمع لاشك إنه مجتمع عقائدي يقوم على أساس الإسلام بما فيه من الروابط بين أفراد الأمة في كل المجالات.
ومن أهم الروابط
أولاً: البنية العقائدية. التي لا تفرق بين الأفراد بسبب اللغة أو اللون أو المذهب. وفي الحديث: (دم المسلم وماله وعرضه حرام) وفي الحديث: (لافضل لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي ولا لأبيض على أسود ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى) وقال تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}.
إنه مجتمع التوحيد، الذي يعني في حركته توحيد الكلمة، ويقوم على الإيمان بالله وتوحيده والإيمان باليوم الآخر. وتقوم كل روابطه على أساس المبادئ الإسلامية، وهو مجتمع شبهه الرسول (ص) بالجسد الواحد: (مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
ومن هنا فإن المجتمع الذي يمارس الخلق غير الإسلامية، بمختلف أنماط ممارساته الوحشية، من القتل والنهب والهدم والاعتداء على الأعراض، فنحن لا نقول بإسلامه؛ لأن الإسلام عقيدة وعمل.
ثانياً: العبادة لله وحده من خلال ممارسة مختلف العبادات الجماعية، كصلاة الجماعة والجمعة والصوم والحج والأعياد، مما يشعر بالألفة والترابط والوحدة الدينية، الأمر الذي يشكل الروابط الاجتماعية، ذات المظهر القوي والعمق الأخوي، الذي يشكل نظام الحياة السليمة، والسلوك الموحد بين المسلمين، والرابطة القوية التي تقوي البنية الاجتماعية، وكل هذا يكفل أمرين مهمين.
الأمر الأول: وحدة السلوك بين أفراد المجتمع.
الأمر الثاني: إزالة الاختلاف بين المسلمين.
ثالثا: الوحدة الثقافية: التي مصدرها القرآن وسنة الرسول (ص) الأمر الذي تكفل للجميع مرجعية متينة وقوية، إنها الثقافة المتحركة، ضمن الموازين والقيم الإسلامية مما يعني التوحيد الفكري الذي يبني الوحدة الاجتماعية المتماسكة برابطة ذات قيمة عظيمة عند جميع المسلمين.
ومن هنا علينا أن نلتفت إلى شيئين
الشيء الأول: الحفاظ على القرآن الكريم وتعاليمه؛ لأنه المقدس الأعظم الذي تعني إهانته إهانة لكل المسلمين، فلا يجوز حرق القرآن ولا التهاون به، ولا مفارقة تعاليمه، لأن ذالك يعتبر من خلق الطغاة والمعاندين.
الشيء الثاني: العناية بسنة الرسول (ص) وأهل بيته الطاهرين، وأن لا تكون الخلافات الفرعية، مدعاة للتكفير ومصادرة الآخرين.
من هنا علينا أن لا نتعامل بالروايات الضعيفة؛ ولا نستدل بها في نقاشاتنا؛ لأنها كفيلة بأن تشغل أذهاننا بالترهات التي لا فائدة منها، كا أن هذا المنهج يفرق الجماعة ويفك أواصر المحبة والوحدة، ولا سبيل إلا الاحترام المتبادل والعودة إلى أهل التخصص في هذا المجال. والحمد لله رب العالمين.
Related posts
Leave a Comment
You must be logged in to post a comment.