نعشٌ تَحملهُ الملائِكة

نعشٌ تَحملهُ الملائِكة*

أَسْلمْتَ رُوحَكَ ..
لا خَوفًا ولا جَزَعا
فَعَمَّ حُزنُكَ هذا الكَونَ .. ما وَسِعا

وعادَ بَيتُكَ مَسكُونًا
بِواعِيَةٍ
ما أعقَبتْ فيهِ إلّا الوَجدَ والوَجَعا

هُناكَ حيثُ تَدَلَّى المَوتُ
وانبَجَسَتْ
عَينُ الدُمُوعِ ، وذا ناعِي الرَحيلِ نَعَى

وحَولَ رُوحِكَ
أجفانٌ وأفئِدةٌ
على فِراقِكَ ذابتْ في الشَجَى قِطَعا

تُديرّ طَرفَكَ
– في رِفقٍ – تّوَدِّعُهُمْ
وأنتَ تقرأُ من أنبائِهِمْ قِطَعا

تُوصِي
وثَغرُكَ بالقُرآنِ .. مُشتَغِلٌ
وفِيكَ قُرآنُ طَهَ .. راحِلًا فُجِعا

فَدَيتُ شَيبَكَ
مَخضُوبًا بِطُهرِ دَمٍ
فأنتَ أعظمُ منْ في فَرضِهِ .. صُرِعا

مُعصَّبٌ ..
وجَبينٌ راشِحٌ عَرَقًا
وصُفرةُ لونُها في وجهِكَ انطَبَعا

وتِلكَ زَينبُ ..
تَبكي .. وهيَ نادبةٌ
وقلبُها يومَ خَرّتْ فوقَكَ انصدَعا

– آااااهٌ لِقلبِكِ ..
يا حَوراءَ فاطمةٍ
لقدْ تَراكَمَ فيهِ الهَمُّ مُنذُ وَعَى _

ورُحتَ تُخبرُ
عن أرزاءِ فاجِعةٍ
كأنّما يَومُ عاشُوراءَ قَد وَقَعا

ها أنتَ تُوصِي بها العَبّاسَ
وهوَ فتًى
كأنتَ .. لو صالَتِ الأبطالُ ما فَزِعا

هذي الودِيعةُ يا عبّاسُ
يا قَمَري
يومَ الطُفوفِ .. وما راءٍ كَمن سَمِعا

– وشَدَّ كَفَّكِ يا حَوراءُ ..
في يَدِهٍ
فكانَ عهدًا على عبّاسِهِ قَطِعا –

وحِينَ أرخَى عليكَ المَوتُ
بُردَتَهُ
ونُورُ رُوحِكَ يا خَيرَ الوَرى سَطَعا

وفارقتْ رُوحُكَ الدُنيا
مُضرّجَةً
كَأنّ نزفَكَ في أثوابِها انطبَعا

ضَجّ المَكانّ بُكاءً
والدُموعَ جرتْ
بِ ” وااااا علِيّاهُ ” .. لمّا نَعشُكَ ارتَفعا

فِداءُ نَعشِكَ
مَحمُولًا بِجُنحِ دُجًى
حُزنًا تَقَدَّمَهُ جِبريلُ .. وافتُجِعا

ما بَينَ يَومَيكَ
يا لَيثَ الوَغَى .. عِظَةٌ
في فَهمِها .. كُلُّ تَفكيرِ الوَرى انقطَعا

فأنتَ أشرفُ مَقتولٍ
بِسَجدَتِهِ
وأنت أَوحدُ من في البَيتِ قد وُضِعا

وأنتَ ما بَينَ ميلادٍ
وخاتِمَةٍ
مَجدٌ لِغيرِ رسُولِ اللهِ .. ما اجتَمَعا

فكانَ فقدّكَ يا مَولايَ
فاجِعةً
وإنّما بكَ قلبُ المُصطفَى فُجِعا

في كُلِّ عامٍ ..
لنا في ” القَدْرِ ” .. واعِيَةٌ
فالمُرتَضَى .. وهوَ في مِحرابِهِ صُرِعا

حسين بن ملّا حسن آل جامع
ليلة شهادة أمير المؤمنين علي(ع)
٢١ من شهر رمضان الحزين ١٤٤٣ ه

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top