غزوة ذات السلاسل
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا﴾.
ذكروا أن أعرابياً جاء إلى النبي‘ فجثا بين يديه وقال له: جئتك لأنصح لك قال وما نصيحتك؟ قال قوم من العرب قد اجتمعوا بوادي الرمل وأجمعوا على أن يبيتوك بالمدينة ووصفهم له فأمرالنبي‘ أن ينادي بالصلاة جامعة فاجتمع المسلمون وصعد المنبر فحمد الله و أثنى عليه ثم قال: «يا أيها الناس إن هذا عدو الله وعدوكم قد عمل على أن يبيتكم فمن لهم» فقام جماعة من أهل الصفة فقالوا نحن نخرج إليهم يا رسول الله فول علينا من شئت فأقرع بينهم فخرجت القرعة على ثمانين رجلاً منهم و من غيرهم فاستدعى عيناً من أصحابه وقال له خذ اللوى وامض إلى بني سليم فإنهم قريب من الحرة فمضى القوم حتى قارب أرضهم وكانت كثيرة الحجارة والشجر وهم ببطن الوادي المنحدر إليه صعب فلماصار إلى الوادي وأراد الانحدار خرجوا إليه فهزموه وقتلوا من المسلمين جماعة فرجع مع بقيتهم فلما قدموا على النبي‘ عقد اللوى لصاحبه وبعثه إليهم فكمنوا له تحت الحجارة والشجر فلما ذهب ليهبط خرجوا إليه فهزموه فساء الرسول‘ ذلك فقال له ابن العاص ابعثني يا رسول الله إليهم فإن الحرب خدعة فلعلي أخدعهم فأنفذه مع جماعة ووصاه فلما صار إلى الوادي خرجوا إليه فهزموه وقتلوا من أصحابه جماعة ومكث رسول الله‘ أياماً يدعوا عليهم ثم دعا أمير المؤمنين× فعقد له راية ثم قال أرسلته كراراً غير فرار ثم رفع يديه فدعا له ما شاء الله وخرج علي بن أبي طالب وخرج رسول الله لتشييعه وبلغ معه إلى مسجد الأحزاب وأنفذ معه فيمن أنفذ أولئك الثلاثة الذين فروا وانهزموا فسار بهم نحو العراق متنكباً للطريق حتى ظنوا أنه يريد بهم غير ذلك الوجه ثم أخذ بهم على محجة غامضة فسار بهم حتى استقبل الوادي من فمه وكان يسير الليل ويمكن النهار فلما قرب من الوادي أمر أصحابه أن يعكموا الخيل حذراً من صهيلها وأوقفهم مكاناً وقال لا تبرحوا فلما رأى عمرو بن العاص ما صنع لم يشك أن الفتح يكون له فقال لصابه أنا أعلم بهذه البلاد من علي وفيها ما هو أشد علينا من بني سليم وهي الضباع والذئاب فإن خرجت علينا خفت أن تقطعنا فكلمه يخل عنا حتى نعل الوادي قال فانطلق فكلمه وأطال فلم يجبه أمير المؤمنين حرفاً واحداً فقال عمرو بن العاص للآخر أنت أقوى عليه فانطلق فخاطبه فصنع به ما صنع بصاحبه فرجع إليهم فأخبرهم أنه لم يجبه فقال ابن العاص أنه لا ينبغي أن نضيع أنفسنا انطلقوا بنا نعلوا الوادي فقال له المسلمون لا والله ما نفعل أمرنا رسول الله‘ أن نسمع لعلي ونطيع فنترك أمره ونطيع لك ونسمع فلم يزالوا كذلك حتى أحس أمير المؤمنين بالفجر فكبس القوم وهم غارون فأمكنه الله تعالى منهم وأنزل على النبي‘ والعاديات ضبحاً فالمغيرات صبحاً إلى آخرها فبشر النبي أصحابه بالفتح وأمرهم أن يستقبلوا أمير المؤمنين× فاستقبلوه والنبي‘ يقدمهم فقاموا له صفين فلما بصر بالنبي ترجل له عن فرسه فقال له النبي اركب فإن الله ورسوله عنك راضيان فبكى أمير المؤمنين× فرحاً فقال له النبي‘ يا علي لو لا أني أشفق أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في المسيح بن مريم لقلت فيك اليوم مقالاً لا تمر بملأ من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك.
Related posts
Leave a Comment
You must be logged in to post a comment.