حدث في مثل هذا اليوم (8 صفر)

حدث في مثل هذا اليوم (8 صفر)

في كتاب (وقايع الشهور والأيام) أنه في اليوم الثامن من هذا الشهر، وكان يوم جمعة دعا أيوب ربّه، فاستجاب له، قال تعالى: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ([1]) .

والمعروف عند المفسّرين أنّ المراد بقوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ﴾ أنّ الله سبحانه أرجع له أولاده الهلكى إلى حياتهم الاُولى، ورزقه أولاداً آخرين نعمة من عنده تعالى، وذكرى للعابدين.

***

قال صاحب الكتاب المذكور: وفيه، قيل: في الخامس والعشرين منه توفّي الصحابي الجليل سلمان المحمدي، الفارسي. وقد اختلفوا في سنة وفاته والأشهر أنّها كانت سنة خمس وثلاثين. أو سنة ست وثلاثين. وقد كان من نسل الملوك من سلالة منوجهر مؤسس الدولة الثانية من دول الفرس، ولكنّه لما سئل عن نسبه أجاب متواضعاً: أبي الإسلام، وأنشد:

أبي الإسلام لا أبَ لي سواه *** إذا افتخروا بقيس أو تميم([2])

وقال: كنت ضالاً فهداني الله بمحمد، وكنت عبداً فأعتقني الله بمحمد، وكنت فقيراً فأغناني الله بمحمد، وكنت وضيعاً فرفعني الله بمحمد (صلى الله عليه وآله)([3]). وصدق سلمان فما الإنسان إلاّ ابن دينه، وقد نسب الحافظ ابن عساكر في تاريخه لأميرالمؤمنين (عليه السلام):

لعمرك ما الإنسان إلاّ ابن دينه *** فلا تترك التقوى اتكالاً على النسبِ
فقد رفع الإسلام سلمان فارسٍ *** وقد وضع الشرك الشريفَ أبا لهبِ([4])

وأي رفعة أكبر من قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيه: «سلمان منا أهل البيت»([5])؟ قال بعض الشعراء:

قيل لي هل مدحت سلمان يوماً *** قلت مدح النبي يغنيه عنا
هل يزيد المديح من قال فيه
*** سيد المرسلين سلمان منا

***

وفي هذا اليوم من الشهر المذكور سنة 233 هجرية عزل المتوكّل وزيره محمد ابن الزيات الذي كان وزيراً له وللخليفتين اللذين قبله، وهما الواثق والمعتصم. وكان كاتباً بليغاً، وشاعراً أديباً، له أشعار رائعة ورسائل فائقة. وسيأتي شيء من أشعاره في حينه. وكان قد اتخذ في أيام وزارته تنوراً من حديد، وفي داخله مسامير قائمة مثل رؤوس المسالّ، وكان يعذّب فيه المصادرين وأرباب الدواوين المطلوبين بالأموال، فكيفما تحرّك الواحد منهم وكزته المسامير، فيجدون من ذلك أشدّ الألم. ولم يسبقه أحد في هذا النوع من التعذيب، فلمّا غضب عليه المتوكّل، وذلك بعد تولّيه بأشهر عزله، وأمر أن يقيّد بخمسة عشر رطلاً من الحديد، وأن يدخل في التنور الذي عمله لتعذيب الآخرين، فأقام في التنور أربعين يوماً ثم مات، فتكون وفاته 18/ 3/ 233هجرية.

***

وفي هذا اليوم 8/ 2/ 1257 هجرية، الموافق 31/ 3/ 1841 ميلادية ولد أحمد عرابي الذي يعدّ من أبرز السياسيين بمصر، وممّن تركت له الحوادث ذكراً في تاريخ مصر الحديث. وهو من قبيلة المحامدة، انتقل جدّهم من بطائح العراق إلى مصر في أواسط القرن السابع للهجرة. وفي مذكراته سلسلة نسبه إلى الحسين×. وتوفّي بمصر سنة 1329 هجرية، الموافق 1911ميلادية. رحمه الله برحمته.

***

وفيه من سنة 1263 هجرية، أو في ليلته ـ وكانت ليلة جمعة ـ أو في العاشر منه توفّي بطهران الشيخ الأجلّ الشيخ جعفر الإسترابادي. ومن لطائف القصص المنقولة عنه أنّه سافر مع جماعة من أصحابه وفيهم رجل من المغرمين به، ومن الملازمين للصلاة معه، فعرضت للشيخ حاجة الإنسان فلم يجد بدّاً من قضائها في الطريق، ولم يكن لديهم ماء، ولم يستطع الانتظار إلى أن يصلوا إلى الماء، فانعزل عن أصحابه وقضى حاجته، وأجّل الطهارة إلى وصوله إلى الماء فتطهّر، ولكنه من ذلك اليوم لم يجد ذلك الرجل في المسجد، فسأل عنه فأخبروه أنّه موجود وليس به سوء، فذهب لزيارته، وسأله عن سبب ترك المسجد، وعدم حضور الصلاة، وبعد الإصرار عليه، قال له: إنّي كنت معتقداً بك غاية الاعتقاد، ولكن لما رأيتك في ذلك اليوم الذي سافرت معك فيه تذهب إلى قضاء حاجتك بدون ماء زال اعتقادي فيك. فتعجّب الشيخ من ذلك غاية التعجّب، ولم يدرِ ماذا يقول له؛ لأنّه يعلم أنّ الماء معدوم، وأنّ ضرار النفس محرّم، فكيف بلغ به سوء الظنّ إلى هذا؟ رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم من سنة 1312 هجرية توفي بقرية بنت جبيل حجّة الإسلام السيد مهدي ابن السيد صالح الطباطبائي الحكيم، والد المرجع الديني الأعلى في زمانه السيد محسن الحكيم المتوفى بتاريخ 27/ 3/ 1390 هجرية. قال عنه الحجّة الشيخ آقا بزرك في كتابه (أعلام الشيعة): إنّه كان مجتهداً، وكريماً، وتقياً ربانياً، مهذباً، بارعاً في العلوم، ولما توفّي بالتاريخ المذكور 8/ 2/ 1312 هجرية بالبلدة المذكورة دفن بها، وقبره الآن مزار يقصده الزائرون، ويتوسّلون به لقضاء حوائجهم.

وآل الحكيم ينسبون إلى الأمير الطبيب السيد علي ابن السيد مراد الطباطبائي الحكيم الذي يقال عنه أنه جاء إلى النجف زائراً مع الشاه عباس الصفوي المتوفّى 24/ 5/ 1038 هجرية، حيث كان طبيباً خاصاً له، وعند وصوله إلى النجف فضّل أن يقيم بها مجاوراً لجدّه أميرالمؤمنين (عليه السلام)، ومتبركاً بخدمة روضته. وقيل: إنه إنما أقام بالنجف الأشرف؛ لما شعر به من حاجة أهل النجف والزائرين إلى طبيب إنساني من نوعه؛ لقلّة الأطباء في ذلك الوقت، فأقام بها. ومنه تسلسلت اُسرة آل الحكيم، فهو الجدّ الخامس للسيد محسن الحكيم، وإنّما لقب بالحكيم؛ لأنّ الطبيب في ذلك الزمان يلقّب بالحكيم. وله في الطبّ مؤلّف نافع يسمّى (المجربات الطبية)، رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنّته.

***

في هذا اليوم 8/ 2/ 1382 هجرية، الموافق بالتقريب 10/ 7/ 1962 ميلادية أُطلق قمر الاتصالات تلستار رقم 1 في مدار إهليلجي ارتفاع نقطة ذروته (3500) ميل، وكان كروي الشكل، ووزنه نحو 170 رطلاً، وقد تم استخدامه لأول بث تلفازي حي بالصوت والصورة فيما بين الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، وقد استمر بالعمل لمدة سبعة أشهر.

***

كرامة في التوسل بصاحب الزمان عليه السلام

في كتاب (القصص العجيبة) للسيد دستغيب قال: كتب لي العالم الكبير السيد محمد تقي الهمداني من أساتذة الحوزة العلمية بقمّ المقدسة، وإمام مسجد الثقافة فيها أنّ في يوم الاثنين 8/ 2/ 1390 هجرية اُصيبت زوجته بذبحة صدرية واُغمي عليها، قال: فذهبت بها إلى المستشفيات، وعالجها الأطباء حتى عجزوا عن شفائها أو تخفيف ما حلّ بها، وبعد أربعة أيام من هذه الحادثة في منتصف الليل ـ وكانت ليلة جمعة ـ ذهبت إلى غرفتي وقرأت شيئاً من القرآن، وبعض أدعية ليلة الجمعة، وتوسلت إلى الله جلّ وعلا بمولانا صاحب العصر والزمان# أن يفرّج عنها، ثم نمت حتى الساعة الرابعة، ثم نهضت لصلاة الصبح فسمعت أصواتاً وحركة غير عادية في الطابق الأسفل من البيت، حيث زوجتي المريضة بالذبحة الصدرية، فنزلت لأنظر ما الخبر، فبادرتني ابنتي الصغيرة، تقول: أبشر يا أبتاه؛ فقد شفيت اُمي، فها هي قد أيقظتنا في الساعة الرابعة، ونادتنا: انهضوا لوداع السيد الجليل، وخرجت هي أيضاً من غرفتها لوداعه.

فأسرعت إليها فوجدتها واقفة في صحن البيت، فلمّا جئت إليها قالت لي: هل أنا في حلم أم في يقظة؟! فقلت لها: بل في يقظة، وقد شفاك الله، فما هي قصتك؟ فقالت: رأيت في النوم أو غيبوبتي سيداً جليلاً شاباً، فأمرني بالنهوض، فقلت له: إني لا أستطيع النهوض، فقال لي: إنك قد شفيت فانهضي، ودعي الدواء والعلاج فإنّه لا حاجة لك فيه. فنهضت وخرجت من غرفتي لوداعه، وها أنا كما ترون في أحسن صحة وعافية، ثم طلبت الطعام وأكلت بحالة طبيعية ببركة الإمام المنتظر#.

***

وفي هذا اليوم من الشهر المذكور من سنة 1395 هجرية، الموافق 13/ 1/ 1946ميلادية توفّيت المرأة العظيمة صفية زغلول زوجة زعيم مصر سعد زغلول، وهي تسمّى في مصر باُم المصريين؛ وذلك لدورها في طرد الإنجليز من مصر، رحمها الله برحمته.

***

وفيه من سنة 1413 هجرية توفّي علم الأعلام، وحجّة الإسلام المرجع الديني الأعلى، رئيس الحوزة العلمية السيد أبو القاسم الخوئي (رحمه الله)، وكان مولده في بلدة (خوي) من بلدان آذربيجان بتاريخ 15/ 7/ 1317 هجرية، فعمره الشريف 95 سنة وأربعة أشهر وثلاثة أيام. وقد صلّى عليه آية الله العظمى السيد علي السيستاني، وعمل بيده في مواراته مع نفر يسير من المؤمنين (جزاهم الله خيراً). وقد كتبوا أبياتاً على قبره الشريف الذي أعدّه لنفسه في الجانب الشمالي من مسجد صلاته وتدريسه (مسجد الخضراء) بالنجف الأشرف للدكتور محمد حسين الصغير:

لما اصطفينا للهدى مضجعاً *** وأصبح الخوئي فيه دفينْ
ومن علي قد دنا موضعاً *** وهكذا عاقبة المتقينْ
نودي فاهتز لها مسمعاً *** إنّا فتحنا لك فتحاً مبينْ
وأنشد التاريخ لمّا دعي
*** (أُزلفت الجنة للمتقينْ)

فما أعظم مصيبتنا فيه، وما أجلّ رزيتنا به، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تضلّنا بعده، فالخوئي وما أدراك ما الخوئي، الذي لغّمت سيارته بالمتفجّرات من أجل القضاء عليه، وبعد أن مشت به السيارة عدّة أمتار اشتعلت فيها النار، وفر السائق وهرب المرافق، وبقي الخوئي في السيارة بضعفه وشيبته وعجزه، وعدم حوله وقوته، وبعد أن احترقت السيارة أو كادت أن تحترق وخمدت النار خرج السيد الخوئي ينفض عباءته لم يصبه شيء.

ولكنه بعد سنين من هذه الحادثة توفي بالتاريخ المذكور 8/ 2/ 1413 هجرية في ظروف غامضة، ودفن تحت رقابة مشدّدة، فلم يحضر جنازته إلاّ نفر قليل من خواصّه. وقد رأى بعض المؤمنين في ليلة وفاة هذا السيد الجليل كأنّ منادياً ينادي: يا ملك الموت رفقاً بروح محمد (صلى الله عليه وآله). فانتبه ذلك الرجل مرعوباً، وقال في نفسه: ما أظنه إلاّ وقد توفّي السيد الخوئي، وبعد صلاة الصبح جاء خبر وفاته، فـ ﴿إنَّا لِله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾.

***

وفيه من سنة 1424 هجرية في نفس مشهد الإمام أميرالمؤمنين (عليه السلام) النجف الأشرف، وبعد مرور إحدى عشرة سنة كاملة على وفاة المقدّس الخوئي& استشهد ولده السيد النجيب السيد عبد المجيد، وقتل معه السيد حيدر الرفاعي ـ قيّم المشهد الشريف ـ فـ ﴿إنَّا لِله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾، رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنّته.

_______________

([1]) الأنبياء: 83 ـ 84.

([2]) نفس الرحمن في فضائل سلمان: 545، أضواء البيان 7: 418.

([3]) روضة الواعظين: 283، الأمالي (الطوسي): 147/ 241.

([4]) تاريخ مدينة دمشق 21: 426، 67: 173، ولم ينسبها هنا.

([5]) عيون أخبار الرضا 2: 70/ 282، المعجم الكبير 6: 213.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top