حدث في مثل هذا اليوم (7 ربيع الأوّل)

حدث في مثل هذا اليوم (7 ربيع الأوّل)

في اليوم السابع من شهر ربيع الأول سنة 1 من الهجرة خرج علي بن أبي طالب (عليه السلام) من مكة متوجهاً إلى المدينة بناء على ما قاله المسعودي والطبري، فقد قالا في باب هجرة النبي (صلى الله عليه وآله): وكان مقام علي بمكة بعد توجهه (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة ثلاثة أيام إلى أن أدى ما أمره رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأدائه، ثم لحق به. وقد قالت بعض التقاويم بوصول علي (عليه السلام) إلى المدينة في اليوم السابع والعشرين من هذا الشهر، ولعل في ذلك اشتباهاً. قال كثيرون: وكان خروجه إلى المدينة بظعينة الفواطم. وروي أن قوماً من قريش لحقوا به ليردوه إلى مكة بظعينته، وقد أدركوه بالقرب من ضجنان الذي قيل: إن بينه وبين مكة خمسة وعشرين ميلاً، وهي لأسلم وهذيل وغاضرة، وكان في القوم الذين لحقوا بعلي (عليه السلام) عبد لبعض رؤساء قريش اسمه جناح يعد بالشجاعة، فأراد من علي (عليه السلام) أن يرد بالظعينة، فأبى فنازله القتال وهو يقول:

خلوا سبيل الجاهد المجاهدِ *** آليت لا أعبد غير الواحدِ

وعلى الرغم من كون جناح فارساً وملتئماً، ومن كون علي÷ راجلاً حاسراً لا يملك من السلاح إلّا سيفه، فقد قتل جناًحا بضربة أرعبت قلوب أصحابه، فتراجعوا عنه وتركوه وشأنه([1]). وسار بالظعينة حتى قدم بها إلى المدينة، قال المؤلف (سامحه الله):

من ذا يبيت على فراش محمد *** ومحمد في الغار وهو غيورُ
إلاّ الذي هو نفسه وعفافه *** كعفافه وجهاده منصورُ
ومن الذي يحمي نساء محمد *** يبري بها وحسامه مشهورُ
إلاّ علي فهو حامي ظعنها *** وحديثه التهليل والتكبيرُ
قطع الجناح فطاح طائر عزّهم
*** فتراجعوا ولواؤهم مكسورُ

***

في السابع من شهر ربيع الأول سنة 342 هجرية توفي بالبصرة أبو القاسم علي بن محمد بن أبي الفهم القاضي التنوخي. ولد بأنطاكية سنة 278 هجرية. وكان عالماً بالنجوم والشعر، والفقه وأصول المعتزلة، ويحفظ من النحو والشعر شيئاً كثيراً. وكان الوزير المهلبي الحسن بن محمد بن هارون المتوفى سنة 352 هجرية يجله ويكرمه، وكان عمره يوم وفاته 64 سنة.

ولما توفي قام مقامه ولده أبوعلي المحسن بن علي التنوخي صاحب كتاب (جامع التواريخ) وكتاب (الفرج بعد الشدة)، وقد تقدم ذكره بتاريخ 25 /1. قال صاحب كتاب (الكنى والألقاب): وهو الذي كان مصاحباً لعضد الدولة، وقد روي عنه أنه قال: كنت يوماً مع عضد الدولة، وقد أراد الخروج إلى همدان، فوقع نظره وهو في طريقه إلى همدان على البناء الذي على قبر النذور، فقال لي: يا قاضي، ما هذا البناء؟ فقلت: هذا مشهد النذور، ولم أقل: قبر النذور؛ مخافة أن يتطير، فاستحسن اللفظ وقال: قد علمت أنه قبر النذور، وإنما أردت شرح أمره. فقلت: هذا قبر عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، وكان بعض الخلفاء أراد قتله خفية، فجعل هناك زبية وسُيّر عليها وهو لا يعلم بها، فوقع فهيل عليه التراب حياً. وشهر بالنذور؛ لأنه لا يكاد ينذر له بشيء إلّا ويصح، ويبلغ الناذر ما يريد.

ثم قال: وأنا أحد من نذر وصحّ مراراً لا أحصيها. فلم يقبل عضد الدولة هذا القول، وقال هذه أشياء تقع اتفاقاً، فيطير بها العوام ويروون فيها الأحاديث الباطلة. قال الوزير: فأمسكت عن الكلام، فلما كان بعد أيام استدعاني، وذكر لي أنه جربه لأمر عظيم ونذر له وصح نذره([2])، رحم الله برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم من الشهر المذكور سنة 413 هجرية توفي أبو الحسن محمد بن طلحة النعالي شيخ من أهل العلم والحديث من الشيعة الإمامية كان معاصراً للخطيب البغدادي، ومشاركاً له في أخذه الحديث عن بعض مشايخه. قال الخطيب: كتبت عنه وكان رافضياً. حدثني عنه أبو القاسم الأزهري أنه ذكر معاوية يوماً فلعنه([3]).

وروى الخطيب المذكور في ترجمة أبي بكر أحمد بن محمد بن صالح التمار عن النعالي المذكور بسنده عن حبشي بن جناده قال: كنت جالساً عند أبي بكر الصديق فقال: من كانت له عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) عِدَة فليقم. فقام رجل فقال: أنا وعدني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بثلاث حثيات من التمر.

فأرسل أبوبكر إلى علي (عليه السلام) من يأتي به، وقال له: يا أبا الحسن، يزعم هذا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعده بثلاث حثيات من التمر، فاحثُها له. فحثاها له علي (عليه السلام)، فقال أبو بكر: عدوّها، فعدوها فوجدوا في كل حثية ستين تمرة لا تزيد واحدة عن الأخرى، قال: فقال أبو بكر: صدق الله ورسوله؛ قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليلة الهجرة ونحن خارجان من الغار نريد المدينة: «كفي وكف علي في العدل سواء»([4]). رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي اليوم السابع من الشهر المذكور أو في التاسع عشر من ربيع الثاني سنة 663 هجرية توفي هولاكو بن تولي خان بن جنكيز خان، الذي هو من أعظم ملوك التتار. وكان حازماً شجاعاً، ذا سطوة عظيمة. وكان على قاعدة أسلافه في عدم التقيد بدين، وقد قتل من الناس ما يزيد على ألف ألف، وملك عراق العرب والعجم والموصل والجزيرة وديار بكر والروم والشام وغيرها، وأباد ملوكها، وأنهى دولة العباسيين بدخوله إلى بغداد سنة 656 هـ. وقد تقدم ذلك بتاريخ 10/ 1.

وقد قيل عنه: إنه أسلم، واختلفوا في سبب إسلامه، فقال بعضهم: إنه أسلم بسبب محمد نصير الدين الطوسي الذي سيأتي بتاريخ 18/ 12. وقال بعضهم: إنه أراد أن يتزوج بنت ملك الكرج التي هي الآن في جمهوريات الاتحاد السوفياتي، تقع في جنوب غربي البلاد شرقي البحر الأسود، فأبت عليه إلّا أن يسلم، فقال: عرفوني ماذا أقول؟ فعرضوا عليه الشهادتين فأقر بهما، وشهد عليه بذلك نصير الدين الطوسي، وفخر الدين المنجم (رحمهما الله). فلما بلغها ذلك رضيت، وتوكل لها نصير الدين الطوسي، وتوكل لهولاكو الفخر المنجم، وعقدوا العقد باسم ماما خاتون بنت الملك داود إيواني ملك الكرج على ثلاثين ألف دينار.

ولما توفي هولاكو نقل إلى قلعة ثلث من أعمال سلماس، وهي منطقة من أذربيجان، فدفن بها، وبني عليه قبة. وكان عمره حينئذٍ ستين سنة، وتولى الملك بعده ولده أبغا، وقيل: أخوه قيلاي، فسبحان من تفرد بالعزّ والبقاء، وقهر عباده بالموت والفناء.

***

وفي هذا اليوم 7 من شهر ربيع الأول سنة 1277 هجرية توفي في النجف الأشرف العلامة الشيخ محمد حسن الشروقي المحتد والمولد، والنجفي المنشأ والمدفن، ودفن في الصحن الشريف في الحجرة الملاصقة لباب المسجد المسمى بمسجد الخضراء الذي يصلي فيه هذا الزمان ويقيم فيه البحث الخارج السيد أبو القاسم الخوئي (رحمه الله). وقد سكّرته حكومة صدام البعثية الخبيثة منذ وفاة هذا المقدس، ولا يزال حتى الآن، وبعد أن قامت الجمهورية الشرعية المنتخبة، ونحن الآن في 15 /4/ 1426 هجرية.

وكان الشيخ المترجم يصلي في ذلك المسجد جماعة، وكان عالماً فاضلاً نقياً زاهداً فقيهاً عابداً، تفقه على يد صاحب (الجواهر) المتوفى بتاريخ 1 /8/ 1266 هجرية، وصاهره على أحد بناته، وأعقب منها أولاداً علماء. رحمهم الله برحمته وأسكنهم فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم من سنة 1388 هجرية توفي العالم الجليل، والموجه الديني الكبير، الشيخ حسين نجل العلامة الشيخ مشكور الحولاوي النجفي. كان شخصية لامعة، وقدوة في الأخلاق والورع والديانة. ولد في شهر رجب من سنة 1313 هجرية، وتوفي بالتاريخ المذكور 7 /3/ 1388 هجرية، وهو في 75 من عمره. وكان يوم وفاته يوماً مشهوداً في النجف، وزحفت الناس أفواجاً أفواجاً لتشييعه، ودفن في الصحن الشريف. وقد أرخ وفاته السيد جواد شبر (رحمه الله) فقال:

أودى حسين فنعاه الهدى *** والعلم يذري مدمعا صيّبا
وحينما  اُلحد في قبره
*** أرخت (عن محرابه غُيبّا)

وله مخلفات علمية نافعة، ومؤلفات جيدة، ومنها رسالة في حديث «من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة»([5]). ونظم اُرجوزة في الزكاة، وأرجوزات في مواليد المعصومين (عليهم السلام) من أولهم إلى آخرهم. أما أرجوزته في حادثة كربلاء، فهي أوسع أراجيزه. وكان يعقد مجلساً في منزله عندما تمر ذكرى أحد المعصومين (عليهم السلام)، فيجتمع الناس من سائر الطبقات ممن يرتاحون إلى سماع أرجوزته بتلك المناسبة؛ لأنه كان يتحرى نظم الصحيح من سيرة ذلك المعصوم (عليه السلام). رحمه الله برحمته. ومن ذلك قوله في مولد الإمام الحسين (عليه السلام):

يا ثالث الأيام من شعبانِ *** أبشر لقد نلت عظيم الشانِ
عم السرور فيك بيت المصطفى *** أتحفهم رب العلا ما أتحفا
فلتهنَ فاطم بما قد ولدت *** فإنها روح الوجود أوجدت
مولده ازدانت به الأفلاكُ *** واستبشرت بنوره الأملاكُ
وزينت لأجله الجنانُ
*** وأطفئت لنوره النيرانُ

رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته؛ إنه رحيم كريم.

________________

([1]) الأمالي (الطوسي): 471.

([2]) الكنى والألقاب 2: 124ـ125.

([3]) تاريخ بغداد 2: 459/ 980.

([4]) تاريخ بغداد 5: 240/ 2703.

([5]) الكافي 5: 9/ 1، ونقل طرفه فقط، مسند أحمد 4: 361.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top